"كنت بالفعل مقيما في تونس ولكنني أردت الاستقرار بدبي للعمل مع مستشارين مقيمين بها. (...) كنت أمام خياريْن: إما شركة بدبي (الباهظة) وإما رأس الخيمة (الأرخص)".
فسّر زياد ميلاد، في اتصال جمعه بانكفاضة، دوافعه لفتح شركة أوفشور برأس الخيمة في الإمارات العربية المتحدة. فمنذ عدة سنوات، ازدادت جاذبية هذه الدويْلة لدى الساعين لإنشاء هذا النوع من الشركات بفضل قوانينها غير الشفافة وغياب الضرائب على الشركات الأوفشور فيها، الأمر الذي منح هذه الإمارة الضئيلة كافة ميزات الجنة الضريبية.
في نفس الموضوع
بوريغ Poreg المحدودة، شركة زياد ميلاد غير المقيمة
تم إنشاء الشركة عبر مكتب "إس إف إم SFM لخدمات الشركات" في دبي باتباع تركيبة كلاسيكية، فبعد تسجيلها في جنة ضريبية، تولّى مكتب SFM تعيين شخص صوري مقيم بمالطا في منصب مدير لها.
باتصال إنكفاضة به، اعترف ميلاد مباشرة بوجود هذه الشركة موضحا أن "الهدف كان إحداث شركة استشارية بالخارج ولكنها لم تعمل يوما" مضيفا أن "الجميع كانوا منجذبين إلى دبي وأشباهها (...). ولكننا لم نكن في منطق الجنات الضريبية هذا، رغم أنه من السهل أكثر التعاقد مع مستشارين أجنبيين هناك والقيام بمهمات في الشرق الأوسط (...) وفي نهاية المطاف، لم يتم القيام بأي شيء !".
زياد ميلاد هو محامٍ وإطار سابق صلب حزب التكتل واشتغل كمدير حملة مصطفى كمال النابلي الانتخابية في 2014 قبل أن يسحب هذا الأخير ترشحه قبيل الاقتراع. ويختص ميلاد في مجال الحقوق الرقمية ويعمل على مسائل تتعلق بالتنظيم مع عدد من شركات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كما ترأّس في سنة 2016 لجنة صياغة المجلة الرقمية في وزارة تكنولوجيات المعلومات والاقتصاد الرقمي.
لم تسمح المستندات التي تحصّلت عليها إنكفاضة باستجلاء الأنشطة المحتملة لشركة Poreg أو إمكانية وجود حسابات بنكية لها. وفي المقابل يؤكد زياد ميلاد أن "الشركة لم تشتغل وليس لها رقم أعمال ولا أموال ولا أي شيء". إذ كان مشروعه الأوّلي يتلخّص في تكوين فريق من المستشارين والمستشارات الأجنبيين العاملين في مجال تنظيم الاتصالات.
شركة "خاملة"
يوم 20 سبتمبر 2018، اتصل مكتب SFM بزياد ميلاد قصد تجديد خدماته السنوية للفترة الممتدة من أكتوبر 2018 إلى سبتمبر 2019. ولكن المكتب سرعان ما أتبع ذلك بـ"إعلام إغلاق شركة" في "مراسلته الإلكترونية التالية" لعدم الخلاص. "هذا بالضبط ما كنت أريد" يقول زياد ميلاد لإنكفاضة، "لم أرد [خلاص هذه الفاتورة حتى] تُحلّ هذه الشركة التي ظلت خاملة (دون أرقام ولا مستحقات ولا أموال ولا نشاط ولا حساب بنكي)".
وتؤكد الوثائق التي اطلعت عليها إنكفاضة أن زياد ميلاد امتنع عن سداد هذه الفاتورة الأخيرة فقط، علما أنه بين سنتي 2015 و 2018، تم تجديد خدمات مكتب SFM سنوياً دون ذكر أي مستحقات غير مستخلصة. "أبقيناها [أي الشركة] على قيد الحياة"، يعلّق ميلاد.
وعلاوة على ذلك، يؤكد ميلاد أنه كان مقيما في تونس في فترة إحداث الشركة، وبالتالي كان يفترض عليه التصريح بفتحها واستعمالها بالخارج حسب ما تنص عليه القوانين التونسية. كما لا ينفي مخالفته للإجراءات معترفا بـ"إهماله"، ويضيف: "كنت مقيما في تونس ولكنني أردت الاستقرار بدبي للعمل مع مستشارين مقيمين بها. ثم إنه قيل لي أن امتلاك شركة يسهّل الحصول على بطاقة إقامة بدبي. فكنت أمام خياريْن: إما شركة بدبي (الباهظة) وإما رأس الخيمة (الأرخص) وكلتاهما إمارة تابعة للإمارات العربية المتحدة وقيل لي أن لا فرق بينهما. ولكن لم ير المشروع النور ولم أذهب هناك ولم تشتغل الشركة. انتهت القصة".