النتائج الأولية وضعت المترشّحيْن المنتظريْن في مقدّمة الترتيب مانحة ايّاهما بطاقتيْ العبور الى الدور الثاني: الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس حاز المرتبة الأولى بفارق طفيف عن الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي يليهما في المرتبة الثالثة زعيم الجبهة الشعبية حمّة الهمامي فيما آلت المرتبة الرابعة الى مرشّح تيار المحبّة الهاشمي الحامدي يليه في المرتبة الخامسة مرشّح الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي (حسب التوقّعات الأوّلية آنذاك كان الرياحي في المرتبة الرابعة).
طيلة يوم كامل، واكب فريق انكيفادا، بالصّور، جملة المترشّحين الخمسة داخل مقرّات خلايا المتابعة الخاصّة بحملاتهم. النتائج وضعت المرأة الوحيد المترشحة للرئاسية في ذيل الترتيب.
انطلق اليوم الانتخابي بطيئا ما أعطى انطباعا أوّليا بأنّ الناخبين لن يتنقّلوا الى مكاتب الاقتراع من أجل الادلاء بأصواتهم.
الفترة الصباحية
المترشّحون، من جهتهم، لم يتأخّروا في التوجّه الى مكاتب الاقتراع من أجل الانتخاب. الباجي قائد السبسي مرشّح نداء تونس، كان من بين المترشّحين الأوائل الذّين أدلوا بأصواتهم حيث توجّه الى مكتب الاقتراع الراجع له بالنظر بضاحية سكرة من أجل التصويت مع تمام الساعة الثامنة والنصف صباحا مرفوقا بحراسة أمنية مقرّبة ومُحاطا عدد كبير من الصحافيين والمواطنين.
مرشّح الجبهة الشعبية والمناضل الحقوقي حمّة الهمامي فقد امتزجت أجواء الاقتراع لديه بلمسة من العواطف والأحاسيس ما خلق مناخا غير مسبوق نظرا لوجود زوجته، المحامية والمناضلة الحقوقية، راضية النصراوي الى جانبه حيث تبادلا العناق بعد الخروج من مكتب الاقتراع أمام عدسات المصوّرين.
كلثوم كنّو، هي الأخرى، أدلت بصوتها في مكتب كاراباكا بمنفلوري بالعاصمة، وسط أجواء عائلية مُحاطة بزوجها وأبنائها وعدد من الصحفيين بالاضافة الى طاقم الحراسة اللصيقة الذّي لم يفارقها للحظة.
الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي أدلى بصوته في أحد مكاتب الاقتراع بمدينة حمّام سوسة في منتصف النهار، ليلتحق سريعا بفريق حملته المتمركز بمقرّ خلية المتابعة بوسط مدينة أريانة بالعاصمة.
سليم الرياحي، مرشّح الاتحاد الوطني الحر، لم يتسنّ له التصويت في الدور الأوّل من الانتخابات الرئاسية نظرا الى أنّه مسجّل بالدائرة الانتخابية بلندن، وقد حبّذ البقاء في تونس لمتابعة سير العملية الانتخابية عن كثب، ليلتحق لاحقا بفريق حملته المتمركز بمقرّ خلية المتابعة بضاحية البحيرة 2.
الثانية ظهرا
سليم الرياحي التحق بعد الظّهر، حوالي الساعة الثانية والنصف، بمقرّ خلية المتابعة بضاحية البحيرة 2 لمتابعة سير العملية الانتخابية من خلال جملة الاتصالات الهاتفية والتقارير التي يرفعها بانتظام ملاحظو الحزب انطلاقا من مختلف مكاتب الاقتراع في شتّى جهات البلاد. ووفق مدير الحملة الانتخابية فانّ الحزب عيّن حوالي 11 ألف ملاحظ. داخل مقرّ خلية المتابعة التابع لحملة الرياحي يوجد فريق للاتّصال يتكوّن من نحو 30 عنصرا أغلبهم من النساء. سليم الرياحي صرّح ل”انكيفادا” انّه في حال حيازته المرتبة الثالثة سيعتبر ذلك أمرا مشرّفا.
مقرّ خلية المتابعة الخاص بحملة الباجي قائد السبسي يتوزّع على طابقين مترابطين يوجدان بعامرة بضاحية البحيرة. فريق من شباب الحزب ظلّ يشتغل طيلة اليوم حيث انقسم بدوره الى ثلاث مجموعات: واحدة للأمور القانونية وأخرى للاتّصال وثالثة لمتاعبة سير عملية الاقتراع بالخارج، علما أنّ العنصر النسائي كان حاضرا بكثافة في كل المجموعات. مع منتصف النهار، بدأ محسن مرزوق مدير حملة قائد السبسي وحافظ السبسي نجل مرشّح النداء يشعران بالقلق جرّاء الضّعف المسجّل في نسب المشاركة الصباحية في الانتخابات ما دفع بهما لدعوة مناضلي الحزب لتكثيف اتّصالاتهم من أجل حثّ المتعاطفين مع قائد السبسي للتوجّه بكثافة الى صناديق الاقتراع والتصويت لصالحه. النتائج الأوّلية والأرقام الصادرة عن شركات سبر الآراء وضعت مرشّح النداء في مقدّمة الترتيب الّا أنّ حسم المعركة الرئاسية منذ الدّور الأوّل تلوح مهمّة مستحيلة.
مقرّ خليّة المتابعة الخاصّ بمرشّح الجبهة الشعبية حمّة الهمامي تمّ تركيزه باحدى القاعات بنزل أفريكا الكائن بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة. عدد كبير من شباب الجبهة وماضليها اشتغل طيلة اليوم في متابعة العملية الانتخابية من خلال التوزّع على ثلاث مجموعات: واحدة تُعنى بالشؤون القانونية وأخرى بالاتّصال وثالثة تنكبّ على جمع الملاحظات والتقارير التي تصدر تباعا عن ملاحظي الجبهة في مختلف مكاتب الاقتراع. حمّة الهمامي التحق بالمقرّ خلال السهرة.
في مقرّ خلية المتابعة بأريانة، اشتغل فريق حملة المنصف المرزوقي طيلة ساعات اليوم تحدوه قناعة راسخة بأنّ “الرئيس المرزوقي سوف يواجه رئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي خلال الدّور الثاني” وفق تعبيرهم.
المترشّحة المستقلّة كلثوم كنّو التحقت بمقرّ خلية المتابعة الخاص بحملتها خلال الحصّة المسائية علما أنّ المقرّ كان بمثابة هبة حيث وُضعَ على ذمّتها مجانا من قبل أحد المتعاطفين معها. “كلّ شيء مجانيّ في هذه الحملة” وفق ما أكّدته مديرة حملة كنّو. من جهته واصل فريق الحملة قليلُ العدد التواصل مع عدد من الملاحظين في الميدان من أجل الاستفسار عن مجريات سير العملية الانتخابية في شتّى جهات البلاد.
مرّت نسبة المشاركة في الانتخابات من 11،8 خلال الساعة الحادية عشر صباحا الى 53،73 مع تمام الرابعة والنصف مساء وفق المعطيات الرسمية الصادرة عن الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.
السادسة مساء
مدير حملة الباجي قائد السبسي عقد مؤتمرا صحفيا بمقرّ حركة نداء تونس ليعلن أنّ مرشّح الحزب حصد أعلى نسبة من الأصوات ليحوُزَ المرتبة الأولى. قبل ذلك بقليل كان الباجي قائد السبسي قد أدّى زيارة خاطفة الى مرقرّ متابعة الحملة بضاحية البحيرة من أجل شكر فريق العمل وحثّه على الانطلاق منذ اللحظة في الاعداد للدور الثاني. الباجي قائد السبسي تفادى، في المقابل، الادلاء بأيّ تصريحات صحفية.
عدنان منصّر، مدير حملة المرزوقي، عقد مؤتمرا صحفيا مع تمام الساعة السابعة ليعلن أنّ المرزوقي احتلّ المرتبة الثانية بفارق طفيف (من 2 الى 4 نقاط) بينه وبين الباجي قائد السبسي متّهما أنصار هذا الأخير بارتكاب عدّة تجاوزات ومحذّرا من امكانية التلاعب بالنتائج أثناء الفرز(ذكر دائرة سوسة مثالا)، داعيا في السياق ذاته ملاحظي حملة المرزوقي الى التحلّي بالحذر واليقظة. منصر غادر قاعة المؤتمر تاركا خلفه جوّا من التشكيك في نتائج الاقتراع، في حين انّ أرقامه التي تقدّم بها تستند هي ايضا الى نتائج سبر الآراء التي يمنع القانون الانتخابي التصريح بها والتي وضع بعضها المنصف المرزوقي في المرتبة الثانية بفارق 26 بالمائة عن الأولى (نتائج 3C etudes ). عدنان منصر لطّف نسبيّا من تصريحاته خلال مروره في أحد برامج قناة الحوار التونسي.
المنصف المرزوقي يتدخّل من أجل الدّعوة الى الوفاق وتوجيه طلب الى منافسه المباشر الباجي قائد السّبسي للقيام بمناظرة ثانية لمناقشة نقاط برنامجيهما الانتخابي على الملء.
حمّة الهمّامي، مرشّح الجبهة الشعبية، يصنع المفاجأة باحتلاله المرتبة الثالثة ب 9،5 بالمائة استنادا الى النتائج الصادرة عن شركة سيقما كونساي لسبر الآراء (النسبة الرسمية التي أعلنتها هيئة الانتخابات لاحقا هي 7،82). مع حوالي الساعة العاشرة ليلا أدلى حمّة الهمامي بتصريح صحفي في الغرض.
بعض التوقعات الاولية لشركات سبر الاراء وضعت سليم الرياحي، رئيس الاتحاد الوطني الحر في المرتبة الرابعة، ما دفع بالناطق الرسمي للحزب يوسف الجويني لتنظيم مؤتمر صحفي خلال السهرة للتصريح بأنّ سليم الرياحي حاز المرتبة الثالثة وفق دراسة أنجزتها شركة خاصّة لسبر الآراء لحساب الاتحاد الوطني الحر.
بعد الانتهاء من فرز أكثر من ثلثيْ بطاقات الانتخاب حصل الباجي قائد السبسي على نحو 39،46 بالمائة من مُجمل الأصوات، يليه في الترتيب الرئيس المنتهية ولايته بنسبة 33،43 بالمائة. وحاز حمّة الهمامي المرتبة الثالثة بنسبة 7،82 بالمائة يليه الهاشمي الحامدي مرشّح تيّار المحبّة ب 5،75 بالمائة ليحوز سليم الرياحي المرتبة الخامسة بنسبة 5،55 بالمائة من الأصوات. كلثوم كنّو، المرأة الوحيدة المترشّحة للرئاسية، حازت نسبة 0،58 بالمائة.
الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات أعلنت أنّ نسبة المشاركة العامة في الانتخابات بلغت في تونس 64،4 بالمائة في حين ناهزت في الخارج نحو 29،8 بالمائة علما أنّ دائرة تطاوين سجّلت أعلى نسبة مشاركة بنسبة 73،21 بالمائة مع تسجيل أدنى نسبة مشاركة في جندوبة ب 52،81 بالمائة. وللاشارة فانّ الانتخابات التشريعية التي انتظمت قبل شهر من الرئاسية كانت قد سجّلت نسبة مشاركة تقدّر ب 69 بالمائة.