وفقا لشهادة ماتيو، تتم "تهدئة" المحتجزين من خلال الاستخدام الاعتباطي والمفرط للمؤثرات العقلية*. بل حتى أن مديري المراكز يقتصدون بذلك في نفقاتهم نظرا لأن العقاقير المخدرة رخيصة بالمقارنة مع "الطعام الذي قد يحتاجه شخص نشط والذي يكلف الكثير من المال". وتظهر المعطيات الحديثة التي تحصّلت عليها مجلة آلتريكونوميا الإيطالية بالتعاون مع إنكفاضة، خطورة هذه الظاهرة المنتشرة في جميع مراكز البلاد. معظم المهاجرين والمهاجرات المعنيين هم من التونسيين الذين يواجهون احتمالية إعادة ترحيلهم بموجب مذكرة تفاهم موقعة بين البلدين في عام 2011 حصلت إنكفاضة على نسخة منها.
يصف ماتيو مراكز الترحيل بأنها "آلات طرد" أين "تضمحلّ قيمة الإنسان أمام المال". فلا عجب إذاً في مدى تمسّك حكومة جورجيا ميلوني اليمينية المتطرفة بها علما أن قانون المالية الأخير ينص على تخصيص مبلغ إضافي قدره 42.5 مليون أورو لمزيد توسيع الشبكة المتكونة من تسعة مراكز بحلول عام 2025. كما ينص المرسوم المتعلق بالهجرة المعتمد في مارس 2023 في إيطاليا على تبسيط الإجراءات قصد بناء مراكز ترحيل جديدة بحساب مركز واحد على الأقل لكل منطقة.
يُحتجز الأشخاص من أصل أجنبي في مراكز الترحيل في انتظار طردهم إلى بلدانهم بسبب وضعياتهم اللانظامية على الأراضي الإيطالية. وقد يتواصل الاحتجاز لمدة أقصاها 90 يوما (يمكن تمديدها لمدة 30 يوما أخرى في حالات معيّنة). ولا يطال الترحيل فعليّا سوى أقلية من المهاجرين المحتجزين في هذه المراكز بينما يتم إطلاق سراح البقية في نهاية المطاف.
أُطلقت هذه المبادرة تحسبا لزيادة عمليات ترحيل المهاجرين الذين يصلون إلى الشواطئ الإيطالية، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد المهاجرين المنطلقين من تونس أولئك القادمين من ليبيا. ووفقا لوكالة إيطالية، فقد وفد 24,383 شخصا إلى لامبيدوزا منذ بداية العام مقارنة بـ 2,201 في الفترة نفسها من العام الماضي.
واعتبارا من أوت 2022، شكّل التونسيون 65٪ من المحتجزين في مراكز الترحيل الإيطالية. علما وأن هذه النسبة لم تقلّ أبدا عن 27٪ بين عامي 2021 و 2022.
نسبة المهاجرين·ـات التونسيين المحتجزين في مراكز الترحيل
يوسف، ضحية منظومة "لا إنسانية"
يوسف هو شاب ثلاثيني أصيل قفصة، وهو يعرف هذه المنظومة حق المعرفة. أمضى الشاب عشر سنوات في البحث عن طريقة لكسب لقمة العيش في تونس بلا جدوى. يروي الشاب "اشتغلت في وظائف وقتية لأستقيت لكن لم تدم أي منها. تخرجت قبل الثورة ببضعة أشهر وتحصلت على شهادة في علوم الكمبيوتر والرياضيات. اعتقدت أنه يمكنني العثور على وظيفة بعد دراستي، لكن جيلنا لا يحظى بأي فرص"، ويضيف "لم أجد عملا مستقرا منذ أكثر من عشر سنوات".
الحل الوحيد في نظر يوسف كان المغادرة بشكل نظامي والعثور على عمل في أوروبا ولكن نظرا للصعوبة المتزايدة في الحصول على تأشيرة شنغن فإن ذلك لم يكن خيارا متاحا. قرر الشاب في نوفمبر 2020 المخاطرة بحياته وعبور البحر في خضم جائحة كوفيد-19، فانطلق من ميناء صفاقس على متن زورق كبير يبلغ طوله ثمانية أمتار مع "عشرة شبان تونسيين وخمسين آخرين من بلدان جنوب الصحراء". في رحلة دامت اثنتي عشرة ساعة وصلوا على إثرها إلى لامبيدوزا. قصة يوسف شبيهة بقصص العديد من الشباب التونسيين الذين ذهبوا إلى إيطاليا فاحتُجزوا في مراكز الترحيل فيها قبل أن يتم طردهم إلى خانة البداية، بلدهم الأصلي.
بمجرد وصوله إلى إيطاليا لم يسعه الوقت حتى للبحث عن عمل ووجد نفسه محتجزا على الفور. مر يوسف بعدة مراكز ترحيل: أولا تورينو في شمال غرب إيطاليا، ثم روما وأخيرا بوتنزا في جنوب شبه الجزيرة. "عندما دخلت إلى مركز الترحيل بتورينو افتكّوا كافة أمتعتي وهاتفي الذي لم أستعده سوى بعد ثلاثة أشهر."
"شعرت وكأنني في سجن".
وجد الشاب نفسه عالقا - في خضم أزمة الكوفيد - في غرفة مع ستة أشخاص آخرين. ويتذكر الشاب طبيبا كثيرا ما كان المحتجزون يلجأون إليه عند الحاجة "وكنا ننتظر يومين أو ثلاثة للحصول على موعد".
يؤكد يوسف بأنه شاهد عقاقير مخدّرة كثيرة تمر عبر مراكز الترحيل بما في ذلك "الكثير من الترامادول وخاصة تافور، وهو عقار يفرط في استخدامه الجميع كي يناموا نظرا للظروف". لكن أكثر الذكريات إيلاما في ذهنه هي تلك المتعلقة بمركز تورينو المغلق حاليا:
"شاهدت محاولة انتحار قام بها شاب تونسي صب على نفسه جل مطهر وحاول إضرام النار في جسده بعدما بلغ به اليأس مبلغه. فكرة الموت دائمة الحضور ولهذا السبب يتم تعاطي الأدوية بكميات كبيرة".
بعد طرده من إيطاليا، لم يكن أمام يوسف خيار سوى العودة إلى قفصة. لكن تجربته العنيفة في الاعتقال الإداري ثم ترحيله إلى الوطن لم تثبّط عزيمته في المغادرة مجددا وهو ما يطمح إلى فعله بمجرد أن يجمع المبلغ اللازم لذلك.
مؤثرات عقلية تُشترى بكميات مهولة
تؤكد المعطيات التي تحصلت عليها آلتريكونوميا و إنكفاضة شهادتيْ يوسف و ماتيو، حيث تشير إلى أن نسبة كبيرة من الأدوية المشتراة من قبل مراكز الترحيل هي في الحقيقة مؤثرات عقلية وتمثل 10٪ على الأقل من نفقات كل مركز، بل وتبلغ لوحدها 44٪ من نفقات مركز روما.
ولمقارنة هذه النفقات مع مؤسسات أخرى غير مراكز الترحيل، طلبنا نفس المعلومات من المركز الصحي للمهاجرين (Isi) في فرتشيلّي وهو مرفق عمومي في إقليم بيمُنتي مسؤولٌ عن توفير الرعاية الصحية الأولية للأشخاص في وضعيات لانظامية في إيطاليا ممن لا تشملهم المنظومة الصحية الوطنية. ويستقبل المرفق المذكور عددا من النزلاء مماثلا للمحتجزين في مراكز الترحيل من حيث الأعمار (15 إلى 45 سنة) والأصل والوضعية الإدارية.
يمثل الإنفاق على المؤثرات العقلية في مركز فرتشيلّي 0.6 في المائة فقط من مجموع الميزانية المخصصة للصحة، أي أقل 70 مرة مما هو عليه في مركز الترحيل بروما والحال أن الأخير يستوعب عددا من النزلاء أقل بثلاثة أضعاف مقارنة بمركز فرتشيلّي.
من ناحية أخرى، تظهر البيانات التي جمعتها جمعية الدراسات القانونية حول الهجرة (ASGI) وجمعية Naga بشأن الأدوية التي اقتناها مركز ميلانو بين أكتوبر 2021 وفيفري 2022 أنه وفي غضون خمسة أشهر، مثلت المؤثرات العقلية أكثر من 60٪ من مجموع النفقات الدوائية.
في نفس الموضوع
"لم تكن هناك أية موافقة مستنيرة"
نصيب المؤثرات العقلية من نفقات مراكز الترحيل ليس الأمر الوحيد الذي يطرح إشكالية، حيث تثير أنواع العقاقير المستخدمة شكوكا كثيرة.
"في مراكز الترحيل، على عكس السجون مثلا، لا يُعهد بالرعاية الصحية إلى الأطباء أو المختصين العاملين في المنظومة الصحية الوطنية، ولكن إلى عملة يوظفهم مديرو المراكز، وقد ثبت أن دورهم الرقابي غير كاف أو حتى غائب تماما" يقول نيكولا كوكّو، وهو طبيب وخبير في الاحتجاز الإداري.
يتكون نصف المؤثرات العقلية التي تم شراؤها من طرف مركز ميلانو بين أكتوبر 2021 وفيفري 2022 من أقراص ريفوتريل Rivotril، وهو دواء مرخص له من قبل وكالة الأدوية الإيطالية (Aifa) كمضاد للصرع، ولكنه يُستخدم على نطاق واسع كمسكّن ويتطلّب استخدامه وصفة طبية.
ومع ذلك، فإن المعطيات تظهر أن ثمانية محتجزين فقط في المركز المذكور خضعوا بالفعل لفحوصات بين أكتوبر 2021 وديسمبر 2022. وعلاوة على ذلك، فإن استخدام العقار لغير الغرض المرصود له من قبل وكالة الأدوية لا ينبغي أن يتم إلا بموافقة مستنيرة من الشخص المعني بالأمر.
يروي ماتيو "طلبوا مني أنا العامل البسيط إعطاء الدواء. لطالما رفضت لأنني لست طبيبا ولا ممرضا. الأصغر سنا لا يعرفون حتى ما هو، ولم يُطلب من المحتجزين تقديم موافقتهم المستنيرة بشأن العقاقير التي تُوزّع عليهم".
البنزوديازيبينات، مضادّات القلق، مضادات الاكتئاب* ... كلّها تُستخدم في حالات اضطرابات القلق أو الأرق الشديد ووتشتريها مراكز الترحيل بحساب المئات وحتى الآلاف. يقول الدكتور كوكّو: "غالبا ما يكون استخدام المؤثرات العقلية في مراكز الترحيل اعتباطيا ومفرطا فيه ولا يُقصد من استعمالها توفير الرعاية للمحتجزين، مما يساهم في تفاقم الأمراض في أماكن الاحتجاز.
ليس غريبا إذاً أن سوء استخدام هذه الأنواع من العقاقير تنتج عنه عواقب قاتلة. في جانفي 2023، انطلقت محاكمةٌ على خلفية وفاة مهاجر من جورجيا، فاختانغ إنوكيدزه، ذو الـ 37 عاما والذي كان محتجزا في أحد مراكز الترحيل. وقد أثبت تشريح جثته بحسب ما ذكرته صحيفة دوماني اليومية الإيطالية أن سبب الوفاة يعود لاحتباس السوائل في رئتيه ودماغه جراء خلطة من العقاقير المخدّرة. بعد بضعة أشهر من ذلك، في 20 جويلية 2020 بالتحديد، توفي الألباني أورجيست توريا البالغ من العمر 28 عاما بسبب جرعة زائدة من عقار الميثادون وهو نوع من الأفيونات.
أوضاع يرثى لها
من الممكن أيضا تكوين فكرة عن مدى الألم الذي يعاني منه المحتجزون في مراكز الترحيل عن طريق حساب الكميات الكبيرة المشتراة من الباراسيتامول ومسكنات الألم وواقيات المعدة ومضادات الألم المعوي. ومثال من بين أمثلة عديدة على ذلك هو حصول مركز الترحيل بروما على 154.500 قرص من عقار بوسكوبان Buscopan في غضون خمس سنوات، لما مجموعه 4200 محتجزاً، أي بحساب متوسط 36 حبة لكل شخص في حين أن دورة استخدام الدواء تنص على 15 حبة كحد أقصى.
يُفترض بطواقم العمل الذين تستعين بهم هيئات إدارة مراكز الترحيل تقييم الحالة الصحية للمحتجزين وتحديد ما إذا كانت ثمة حاجة إلى توفير عيادات إضافية. ويؤكد ذلك كراس الشروط الذي يؤطر العقود المتعلقة بإدارة مراكز الترحيل الإيطالية والذي ينص على أن المركز "يضمن، في كل حال من الأحوال، إجراء الفحص الطبي عند الدخول، وتوفير الأدوية عند الاقتضاء".
ولكن كراس الشروط والأمر الجديد المتعلّق بكيفية تشغيل المراكز - الصادر عن إدارة الحريات المدنية والهجرة التابعة لوزارة الداخلية الإيطالية بتاريخ 19 ماي 2022 - لا يوضحان بالتفصيل كيفية إعطاء هذه العقاقير ولا يحددان الجهة المسؤولة عن اقتنائها.
وبالتالي يرتجل كل مركز ممارساته الخاصة، لا سيما في ظل وجود - أو عدم وجود - بروتوكولات مع وكالة الصحة المحلية، وهي المرفق العمومي الذي يُفترض به تتبع الوصفات الدوائية في هذه المراكز. غياب التفاهم بين هذه الأطراف يؤدي حتما إلى غياب الشفافية، حيث تقول محافظة ميلانو على سبيل المثال إن "الأدوية المشتراة يتم وصفها من قبل الطاقم الصحي عبر تعمير استمارة تابعة للخدمة الصحية الوطنية التي تغطي بدورها تكاليف الوصفات".
ومن جهتهم، يجادل موظفو وكالة الصحة المحلية بأن أطباء مراكز الترحيل بإمكانهم استخدام دفتر الوصفات الطبية الإقليمي لطلب العديد من الخدمات الطبية "ما عدا لوصف الأدوية لمواطنين أجانب في وضع غير نظامي"، مذكرين على وجه التحديد بوجود اتفاقية بينهم وبين المحافظة.
وحتى لو تم توفير الأدوية بشكل صائب، تظل المشكلة تكمن في مدى تضارب وضعية الاحتجاز مع الأمراض التي يعاني منها المهاجرون المحتجزون، والذين لا يجب أن يدخلوا مراكز الترحيل إلا بعد خضوعهم "لفحص لتقييم القدرة على العيش داخل مجموعة مضيّقة". كما ينبغي أن يتم إجراء هذا الفحص دائما من قبل طبيب تابع للسلطة الصحية المحلية أو المستشفى.
ووفقا للأمر المذكور الصادر في ماي 2022، يهدف الفحص إلى استبعاد مخاطر "الأمراض المعدية والاضطرابات النفسية والأمراض التنكسية الحادة أو المزمنة التي لا يمكن أن تتلقى العلاج المناسب في حالة الاحتجاز الجماعي".
لكن وجود مضادات الذهان أو مضادات الصرع أو الكريمات والمواد الهلامية التي تعالج الجرب، على سبيل المثال، في قوائم الشراء التي تحرّرها مراكز الترحيل، يشهد على عدم الامتثال للقانون المذكور. كما توزع المراكز علاوة على ذلك أدوية أخرى مخصصة لعلاج الفصام أو الاضطراب الثنائي القطب.
وفقا لماوريتسيو فيليو، وهو محام في تورينو مختص في الاحتجاز الإداري وعضو جمعية الدراسات القانونية حول الهجرة، فإن "هناك تناقضاً كبيراً" بين حقيقة شراء أدوية من هذا القبيل واحتجاز أشخاص في وضعيات ضعف.
في ماكومير من مقاطعة نيورو بسردينيا، تشير الشركة التي تدير مركز الترحيل أرس إيطاليا Ors Italia في رسالة وجهتها إلى المحافظة بتاريخ 9 سبتمبر 2020 وتحصلت آلتريكونوميا على نسخة منها، إلى أن "مجموعة المحتجزين تشمل أشخاص يعانون عدة مشاكل : إدمان المخدرات، أشخاص ذوو تشخيص مزدوج [أي إدمان المخدرات وأمراض نفسية]، ومرضى يعانون من أمراض جلدية، وغير ذلك".
هذا ما تؤكده المصلحة الإقليمية للإدمان المرضيّ (Serd) التي زودتنا بخطط العلاج للسنوات الثلاث الماضية، والتي تظهر أن الميثادون موجود في نفقات مركز الترحيل في تورينو بحوالي 1150 أورو على مدى أربع سنوات.
يخلص المحامي فيليو إلى أنه "لا يمكن إعطاء هذه الأدوية على أساس حياة مجتمعية "طبيعية" ولكن يجب "معايرتها" وفقا لخصوصية هذه المراكز". ويضرب مثالا عن مركز تورينو أين "كان سبعة أشخاص ينامون في غرفة مساحتها 35 مترا مربعا قبل إغلاقه المؤقت في بداية مارس 2023".
انعدام الشفافية
الافتقار إلى الشفافية هو فرع من فروع المشكلة أيضا. تصرّ وكالة الصحة المحلية في مقاطعة بوتنزا (باسليكاتي، جنوب إيطاليا) على أن مركز بالازو سان جيرفازيو بالمنطقة، والذي تديره شركة إنجيل إيطاليا Engel Italia، قد أنفق 34 يورو فقط على الأدوية في سنة 2022 وهو رقم ظل على حاله منذ سنة 2018. كما لم يتم تسجيل أي وجود للمؤثرات العقلية أو مضادات الذهان في قوائم الشراءات الدوائية.
غير أن الأطباء العاملين داخل نفس المركز يؤكدون "الاستخدام المكثف للمؤثرات العقلية (ريفوتريل وأنسيولين) على المحتجزين" مثلما يورد تقرير بتاريخ جوان 2022 صادر عن جمعية الدراسات الحقوقية حول الهجرة Asgi.
وهو سيناريو يتكرر كذلك في مركز ترحيل غراديكا ديسونزو في مقاطعة غوريزيا (شمال شرق إيطاليا)، والذي كان محلّ تحقيق قضائي في وقت ما.
تؤكد العواقب المأساوية لهذه المنظومة، على غرار وفاة فاختانغ إينوكيدزه وأورجيست توريا، الحاجة الملحة إلى تسليط الضوء على تعاطي المؤثرات العقلية في هذه المراكز وإتاحة هذه المعطيات للعموم. إذ كان من المستحيل مثلا الحصول على معلومات من المراكز الموجودة في برينديزي و باري (بولية) وتراباني (صقلية).
أما من جانب السلطات، فإن هذه المشكلة أبعد ما تكون عن أن تتصدر قائمة أولوياتها، حيث وصف وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي - بكثير من التبسيط - مراكز الترحيل في بلاده بأنها "غير مستساغة". جاء ذلك في منتصف شهر مارس 2023 خلال إحدى زياراته المتكررة إلى تونس باسم "مكافحة الهجرة غير النظامية"، بالتوازي مع إعلانه عن الترفيع في عدد المراكز.
بدأت بعض المحاكم توجّه اهتمامها إلى هذه المسألة، مثلما وقع في ميلانو موفى شهر جانفي 2023، عندما لم توافق القاضية إيلينا كلينداني على تمديد احتجاز شاب يبلغ من العمر 19 ربيعا، محبوس لمدة خمسة أشهر، لأن "كل يوم إضافي من الاحتجاز يؤدي إلى تدهور تدريجي للصحة النفسية والجسدية دون تقديم رعاية طبية مخصوصة لها باستثناء العلاج الدوائي". ووفقا للقاضية فإن صحة الشاب "من المرجح أن تتدهور أكثر بسبب الحالة النفسية التي يفرزها التقييد المطول للحرية الشخصية". من نافلة القول إذاً أن الأمر ليس مجرد وضعية "غير مستساغة".