سياسة الإفلات من العقاب: عندما يصبح الموت على يد البوليس أمرا عاديا

ثلاثة رجال. ثلاثة موتى .. أنور السكرافي، خمسي اليفرني وعمر العبيدي. هؤلاء الأشخاص هم من بين القائمة اللامتناهية لضحايا القمع البولسي. قامت وزارة الداخلية بشكل ممنهج بتزييف الوقائع لتبرئة رجالها. والى حدّ الآن ما تزال عائلات الضحايا تنتظر تحقيق عدالة لا تأت أبدا.
بقلم | 03 أوت 2018 | reading-duration 3 دقائق

متوفر باللغة الفرنسية
في مارس 2018، أمضت عديد المنظمات عريضة لتحثّ الحكومة على وضع حد لإفلات البوليس من العقاب. هذا النداء جاء بعد وقت قليل من الإحتجاجات الاجتماعية العديدة ضد المصادقة على قانون المالية في جانفي 2018، حيث لم تتردد قوات الأمن في استغلال نفوذها لقمع الأهالي. 

رغم هذه العريضة، فإنّ الوضع لم يتغير. يوم 5 ماي 2018 ، تعرّض شقيقان للضرب من قبل شرطة ضاحية رادس عندما كانا عائدين إلى منزلهما بعد الخروج من مقابلة كرة سلة. تهاطلت عليهما ضربات الهراوات وتم اقتلاع شعرهما على مدى عدة دقائق بلا انقطاع. ولم يتوقف ذلك، إلا عندما أُغمي على أحدهما فقررت الشرطة أخذهما إلى مركز الأمن بتهمة المشاركة في عمليات الشغب. مشهد العنف، الذي تم تصويره من قبل إحدى الجارات، تم تداوله بكثرة على وسائل التواصل الإجتماعي. تمنّيا بفضل هذا الدليل، أن يقع تحقيق العدالة. ولكن بعد شهرين، لم يقع الإستماع إلى أحد في هذه القضية ولم يتم تحديد المعتدين. 

أنور السكرافي، خمسي اليفرني وعمر العبيدي لم يحالفهم الحظّ للنجاة من شبح الموت. فملفّاتهم ما تزال ترقد في رفوف المحاكم في انتظار حكم القضاء رغم أنّ الملفات تتشابه .. كلّهم ضحايا جبروت قوّات الأمن.

عمر العبيدي

عمر العبيدي، مشجع شاب للنادي الإفريقي، توفي غرقا في محيط ملعب رادس، بعد أن تمت ملاحقته من قبل الشرطة. لم يتم العثور على جثته إلا في اليوم الموالي للوفاة. شقيقه لا يتوقف عن تكرار القول بأنه سمع أعوان الشرطة يقولون للشاب وهو يطلب النجدة خلال غرقه "تعلّم عوم" أي "تعّلم السباحة". من جهته، أكّد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، خليفة الشيباني، بشكل سريع بعد الحادثة، أنه وقع فتح تحقيق ضد مجهول لمعرفة ظروف الوفاة وتحديد المسؤوليات.

بعد أشهر من وفاة عمر العبيدي، يتواصل ببطئ التحقيق حول ظروف الوفاة. يوم 14 ماي، تمّ سماع 14 شرطيا بمقتضى الفصل 217 من المجلة الجزائية والفصول 1 و2 من القانون عدد 48 لسنة 1996. هذه الفصول القانونية تحدد العقوبات بالنسبة لتهم "القتل العمد" و "عدم تقديم المساعدة لشخص في خطر".

بحسب محامي الضحية، غازي المرابط، فقد تمّ سماع بعض أعوان الشرطة "أما الباقون فقد تم توجيه الاستدعاءات لهم". ويضيف الأستاذ المرابط قوله "لقد تم الإستماع إلى كل الشهود، ولكن لم تتم المكافحة إلى حد الآن مع أعوان الشرطة".

وبالرغم من ذلك، فإنه لم يتم إلى حد الآن إعداد تقرير الطب الشرعي. يوم غرة أفريل 2018، أي غداة الأحداث، تم تحرير تقرير أولي للطب الشرعي يؤكّد وجود "آثار عنف" على جسد عمر العبيدي، دون أن يُعطي تفاصيل حول مصدرها.

"ربما هي أثار العصا، ولكن يمكن أن تكون أيضا آثار جرح أو أورام دموية قديمة"، يُبيّن المحامي.

ويضيف الأستاذ غازي المرابط شارحا، "بعد وقت قليل، تم تحرير تقرير آخر للطب الشرعي يثبت وجود ورم دموي عند الفخذ، ولكن لم يصدر إلى حد الآن التقرير النهائي للطب الشرعي".

يوم المباراة

يوم السبت 31 مارس 2018، كان يوم مباراة كرة القدم بين النادي الإفريقي ونادي أولمبيك مدنين في ملعب رادس. كما في كل مباراة، توافد الشباب بكثرة على الملعب لتشجيع أنديتهم حيث ارتفعت الأغاني من حناجر المشجّعين في كل مكان. جاء عمر العبيدي ليشجع فريقه المفضّل، النادي الإفريقي. ورغم أن عمره لم يتجاوز 19 سنة، فإنه تعوّد على الذهاب إلى ملعب رادس.

بعد نهاية المباراة، بقي الشاب يتنزّه مع بعض الأصدقاء رفقة أخيه حول الملعب. في حين تواصلت خارج الملعب الإشتباكات التي انطلقت خلال المباراة بين مجموعتين من مشجعي النادي الافريقي. حاول عمر العبيدي أن يفرّ من أعوان الشرطة الذين بدؤوا بملاحقة المشجعين، إلا أنه وجد نفسه محاصرا بعد دقائق قليلة. كان أمامه وادي يعرف تحت اسم "واد مليان" ووراءه أعوان البوليس. تردّد، ثم استدار نحو قوات الأمن وقال لهم انه لا يجيد السباحة. كان شقيقه حاضرا في ذلك الوقت وهو يؤكد أنه سمع أحد أعوان الشرطة يقول لعمر: "هيّا تعلّم السباحة، اقفز (في الماء)!"

لم يتمّ انتشال جثة عمر العبيدي، إلا في الغد. بعض المشجعين أكّدوا أنهم قاموا بتصوير الحادثة. ولكن عند التفطن إليهم من قبل الشرطة، تم إجبارهم تحت التهديد على محو ما قاموا بتصويره.

في نهاية شهر جويلية، أفاد شاهدان بأنهما تعرّفا على أحد أعوان الشرطة خلال اختبار التعرّف على المشتبه بهم، رغم أنهم كانوا يغطّون وجوههم يوم الحادثة. يخشى غازي المرابط، محامي الدفاع، أن يُخفّف هذا المعطى (غطاء الوجه) من الأهمية التي من الممكن أن يمنحها القاضي لهذه الأقوال. ورغم الإجراءات القضائية التي قامت بها عائلة الضحية، الّا أنّه لم يتمّ توجيه الاتّهام الى أيّ شخص إلى حدّ الآن.

خمسي اليفرني

القمع البوليسي لا يتركّز فقط حول الملاعب، فالعديد من التجاوزات تمت أيضا في إطار قمع المظاهرات. قبل أشهر من حادثة العبيدي، نزل العديد من الأشخاص إلى الشارع للتظاهر ضد غلاء الأسعار والمصادقة على قانون المالية في جانفي 2018. حصل ذلك أيضا في جهة طبربة الواقعة على أطراف ولاية منوبة، في ضواحي العاصمة. خلال المظاهرات، حصلت تصادمات بين أعوان الشرطة والأهالي.

خمسي اليفرني، كان ضمن المتظاهرين، وقد فارق الحياة في المستشفى بعد أن دهسته سيارة الشرطة. لم تعترف وزارة الداخلية بحقيقة الحادثة التي تم تصويرها من قبل المحتجين. بعد ستة أشهر، وإلى اليوم، مازال التحقيق يراوح مكانه دون اعطاء أيّ تفسير لظروف الوفاة والمتسبّبين فيها.

تقرير الطب الشرعي الذي لم يطلبه أحد

دقائق قليلة بعد إعلان الوفاة، وقبل القيام بتشريح الجثة، أصدرت وزارة الداخلية بلاغا جاء فيه أن الرجل، مصاب بالربو، وأنه توفي على إثر نوبة تسبب فيها الغاز المسيل للدموع.

"سارعت وزارة الداخلية لإصدار بلاغ لم يستند إلى أية قاعدة علمية. لا يمكن القول، في الدقائق الأولى، انّ المصاب توفي مختقنا أو لسبب آخر"، حسبما أفاد به مصدر مطلع على الملف، مضيفا "وحده تقرير الطب الشرعي قادر على إثبات ذلك".

في وزارة الصحة، كان من المستحيل الحصول على معلومات إضافية. حسب شكري النفطي، المكلف بالإعلام، فإنّ وزارة الداخلية أعلنت نفسها الجهة الوحيدة المخوّل لها التصريح حول هذه القضية. "وزارة الداخلية أرادت تهدئة الوضع وتجنّب أي نوع من التصريحات التي قد تُعقّد المسألة". هكذا برّر النفطي.

تؤكد الأستاذة سوسن، محامية عائلة خمسي اليفرني، أنها "تنتظر تقرير الطب الشرعي، لكنه لم يجهز بعد". وعلى ما يبدو فانّ "التقرير معطّل، منذ شهر جانفي، في مستشفى شارل نيكول"، حسب تعبيرها. من جهته، أفاد الطبيب الشرعي، منصف حمدون، بأنه تم تسليم تقرير أولي للطب الشرعي. في الأثناء، تم أخذ عينات جديدة، والقيام بتحاليل، لكنّ النتائج لم تُعطَ بعد. ومن دونها، لا يمكن إصدار التقرير النهائي للطب الشرعي وتقديمه إلى النيابة العمومية، وهو ما يعطّل سير الإجراءات القضائية.

سياسة إتصالية كاذبة

كان خمسي اليفرني يبلغ من العمر 46 سنة. توفي مساء 8 جانفي 2018، في حيّه بطبربة. في مناخ من الانتفاضة الشعبية، كانت السلطات تحاول التعتيم على القضية. لكنّ كل الشهود الموجودين، كرّروا الرواية ذاتها للأحداث: سيارة دهسته أمام محل لبيع البيتزا في الحي. ولكن قليلين منهم تجرؤوا على الإدلاء بشهادتهم بشكل علني، خوفا من أعمال انتقامية.

"كنت موجودا في عين المكان حينما صدمته سيارة الشرطة مرتين من الأمام ومن الخلف، أمام أعين العشرات من المتظاهرين الذين كانوا موجودين"، يفسر بشار، جار المرحوم. تدخّل المتظاهرون والشهود سريعا لنقل خمسي اليفرني، الملقى على الأرض، لإبعاده عن الغاز المسيل للدموع وعن دخان العجلات المطاطية المشتعلة. "حاولنا إنقاذه".

"هنا في طبربة، لن يقول لك أحد غير ذلك ! لا يوجد سوى وزارة الداخلية التي تقول أنه مات مختنقا. حادث السيارة موجود وهنا تكمن كل الحقيقة !".

عشية الوفاة، تم نشر فيديو على الفايسبوك، يُظهر الرجل ملقى على الأرض وورم دموي في ظهره. فيديو آخر تم نشره في الغد، يُظهر من بعيد سيارة شرطة تصدم رجلا، مؤكدة رواية المتظاهرين.

خليفة الشيباني، الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية، صرّح، عندما كان يشغل هذه الوظيفة أثناء الأحداث، أنّ "الفيديو مفبرك"، والحال أنّه اعترف في الوقت ذاته أنّه لم يقم أصلا بعرض الفيديو على الاختبار للتحقّق من صدقيّته.

الشيباني أكد أن جسد الضحية لا يحمل أية آثار عنف. وقد تمّت احالة القضية إلى فرقة البحث في قضايا الاجرام، في المقابل لم تقم وزارة الداخلية بفتح تحقيق داخلي ولم تُسائل المشتبه به. "نعم لم يتم الإستماع إلى الشرطي الذي كان يقود السيارة"، المتورط في وفاة خمسي اليفرني، حسب الشيباني.

"سواء أردنا ذلك أو لم نرد، فلن نخرج إلى وسائل الإعلام لنقول اننا قتلنا هذا الشخص أو ذاك"، هكذا علّق الناطق الرسمي، مضيفا "هدفنا هو حماية أعواننا. وعلى القضاء أن يبحث عن الحقيقة ويبرزها للعموم".

بالنسبة الى بشار، جار الضحية، فإنّ موقف الحكومة هو "المشكل الحقيقي للدولة التونسية". "كان من الممكن أن يقولوا أنهم دهسوه عن طريق الخطأ!". يتعجّب بشار مضيفا "هذا يحدث في مثل هذه المواقف ومن الممكن فهمه!"

ويؤكد بشّار أيضا أنّ نظرية الإختناق التي قدّمتها وزارة الداخلية لا يمكن أن تستقيم: "هذا هراء و كذب! خمسي اليفرني كان عامل طلاء، وهذا تأكيد كاف بأنّه لم يكن يعاني الربو أو أي مرض تنفسي آخر".

"هذه شهادتي من أجل الحقيقة، وسأقولها حتى أمام القاضي! لا أخاف من قول ذلك أمام القاضي! لست خائفا من الشرطة، هذه هي شهادتي للتاريخ حول حقيقة موت خمسي".

عامل الطلاء لم يفارق الحياة في مكان المظاهرات، ولكن في مستشفى طبربة، أين تم أخذه بسيارة الإسعاف لتقديم الإسعافات اللازمة له. هناك، طمأن أحد أعوان الحرس الوطني شقيق الضحية أنّ أخاه "اختنق بالغاز، ولا خوف عليه...".

لكن المتظاهر وصل إلى المستشفى في حالة حرجة. وكان جسمه يحمل آثار أورام دموية في الظهر. أحد الأطباء قال لفرد من العائلة انّ أحد أضلع خمسي اليفرني كان مكسورا. هتان المعلومتان كانتا غائبتين في البلاغ الصحفي للسلطات.

أنور السكرافي

يوم 22 ماي 2017، في منطقة الكامور من بولاية تطاوين، توفي أنور السكرافي بعد أن دهسته سيارة الحرس الوطني. كان موجودا صحبة الكثير من الشبان أمثاله حول الصمّام للمطالبة بالشّغل. ولم يكن قد تجاوز 23 سنة من العمر. بعد أكثر من سنة من حادثة الوفاة المؤلمة، مازال التحقيق يراوح مكانه.

تسبّبت هذه الحادثة الأليمة في اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات، دفعت الحكومة لإبرام اتفاق مع المعتصمين لتهدئة الوضع.

لم تغير إحالة قضية أنور السكرافي إلى القضاء العسكري في الوضع شيئا. ورغم تحوّل ضابط من الجيش في تطاوين إلى عين المكان للقيام بالتحقيق، فإنه لم يتم إتهام أحد بموت الشاب. 

يقول خليفة ابن عمّ الضحيّة شارحا "لقد قام ضابط من الجيش بجهة تطاوين بالإستماع لنا، كما استمع إلى عسكريين، وأخذ الصور". في السياق ذاته، تمّ الإستماع لأحد المسؤولين عن الحادثة بصفته شاهدا رغم أنه كان يدير العمليات يوم 22 ماي 2017، يوم وفاة أنور السكرافي. وبتاريخ 17 اكتوبر 2017، انعقدت جلسات استماع ولكن إلى حد الآن لم تثبت أية تهمة. من جهتها، لم تقدّم المؤسسة العسكرية أية توضيحات بشأن مآل القضيّة.

بالنسبة الى محامي الضحية، الأستاذ محمد شلغوم، "لم يحدث أي شيء آخر عدا ذلك في التحقيق". لا توجد إلى حد الآن لا تهمة ولا مسؤولون. يبدو أنّ القضية معطّلة بسبب الفصل 31 من مجلّة الإجراءات الجزائية، هذا الفصل يساهم في إبطاء عمل الجهاز القضائي من خلال التأكيد على ضرورة جمع المعلومات والاستعانة بقاضي تحقيق عسكري. في حالة أنور السكرافي، فإنّ الفيديو الذي صوّره أحد الشهود كان كافيا. من جهته يعتبر محامي الضحيّة أنّه من الضروري، تحديد العدد الدقيق للسيارات المشابهة لتلك التي دهست الشاب ليتم، بعد ذلك، التعرف على سائقيها في ذلك اليوم. بعد "إضاعة الوقت" في جمع المعلومات حسب ما يقتضيه هذا الفصل القانوني، فإنّ حاكم التحقيق العسكري، فتح أخيرا تحقيقا ضد مجهول.

"لا نعرف شيئا عن القضية"، يؤكد أحد أقارب أنور السكرافي، مضيفا "نريد من الدولة أن تعطينا إجابة واضحة، في أقرب الآجال".

قتله الحرس الوطني

"لم يكن يوم 22 ماي يوما عاديا"، يتذكر أنيس السعدي، الكاتب العام للحرس الوطني في تطاوين. في ذلك اليوم، تم اختراق الحركة الإحتجاجية للتلاعب بها. قبل الحادثة بيوم، راجت العديد من الأخبار الكاذبة على وسائل التواصل الإجتماعي حول اعتزام وحدات الحرس الوطني التدخّل لإخلاء المعتصمين أينما كانوا باستعمال الكلاب خلال تجمّع 22 ماي. "تم تسريب هذه الإشاعات بهدف تصعيد الأزمة في المنطقة"، يوضّح السعدي.

يومها، كان أنور السكرافي موجودا في عين المكان صحبة معتصمين آخرين. اخترقت سيارة الحرس الوطني الجموع بسرعة كبيرة ودهسته. توفّي في نفس اليوم، بعمر 23 سنة.

مباشرة، أصدرت وزارة الداخلية بلاغا. ونظّم الناطق باسمها في ذلك الوقت، ياسر مصباح، ندوة صحفية في القصبة. خلال نقاشه مع الصحفيين، بيّن مصباح أنّ أنور السكرافي تمّ دهسه بالفعل من قبل سيارة للحرس الوطني، وأنّ السيارة تراجعت إلى الوراء لتفادي المحتجين الذين اعتدوا عليها من الأمام. فبالنسبة لوزارة الداخلية، جاءت هذه الوفاة بشكل عرضي.

صوّر العديد من الأشخاص ما حصل بهواتفهم الجوالة وأكدوا رواية أخرى مختلفة عن رواية وزارة الداخلية. "لقد طلبنا فتح تحقيق وسنقبل بنتائجه"، يفسّر أنيس السعدي، الكاتب العام للحرس الوطني بتطاوين.

من جهته، قلّل خليفة الشيباني، الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية من أهمية الحدث قائلا: "ليس مهمّا معرفة كيف توفي السكرافي، سواء عبر دهسه أثناء تقدّم السيارة إلى الأمام أو تراجعها إلى الخلف، الأهم هو أنه لم تكن هناك نيّة لقتله".

لم أقم إلا بإعطاء الرواية الرسمية لوزارة الداخلية، يصرّ الشيباني، مواصلا التقليل من أهمية ما حدث، قائلا: "لست حاكم تحقيق ولا قاضي. مهمتي ليست التأكد من صحة الفيديوهات ولا أريد مشاهدتها أصلا. هذا دور القضاء. بالنسبة الي، كنت أقوم بعملي وتصريحاتي ليست مقدسة. قد أكون أخطأت في بعض النقاط، ولكن في كل الأحوال كان يجب أن أصرّح بما صرّحت به".

هذه القضايا تعكس بشكل واضح حقيقة وجود سياسة إفلات من العقاب بالنسبة إلى البوليس. حالات الوفاة الثلاث السابق الاشارة اليها، كانت قد حظيت باهتمام كبير من قبل الناس خاصة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، مع ذلك لم يتمّ توجيه الاتّهام الى أيّ عنصر من قوات الأمن الى حدّ الآن.

ما انفكّت وزارة الداخلية تنشر بشكل ممنهج بلاغات بعد سقوط كل ضحية جديدة. ولا تتوانى عن نشر معلومات كاذبة للتعتيم على القضية وتهدئة الأهالي. ومع ذلك، فإنها غير مؤهلة لإعلام الرأي العام بهذه الحالات. ولكن بفعلها هذا، فإنّ وزارة الداخلية تمارس ضغطا على كل من يحاول استجلاء الحقيقة حول هذه القضايا. في المقابل فانّ القضاء بطيء كما أنّ ذاكرة الناس قصيرة.