في مطلع شهر نوفمبر الماضي، أعلنت القاهرة عن بدء إجلاء الرعايا الأجانب ومزدوجي·ـات الجنسية من غزة عبر معبر رفح، بعد تعطّل تواصل منذ بداية الحرب يوم 7 أكتوبر.
تم تحديد آلية ترسل من خلالها الحكومات قوائم بأسماء رعاياها في غزة إلى الجانب المصري الذي ينقل بدوره القائمة إلى إدارة المعبر بعد موافقة الجانب الإسرائيلي.
كما تم تحديد آلية منفصلة لإجلاء حاملي·ـات الجوازات المصرية أو الفلسطينيين·ـات الحاملين للوثيقة المصرية للاجئين والمتواجدين بغزة. غير أن سماح* التي أرادت إخراج شقيقتها وأطفالها من غزة لم تنجح معها هذه الآلية، إلى أن تناهت إلى مسامعها أخبار من خرجوا بعد "دفع أموال للتنسيق". أدركت سماح أنه «لازم ندفع رشوة علشان تنزل أسامينا في الكشوفات».
"التنسيق" في هذه الحالة يُراد به "الرشوة" التي غايتها إضافة الأسماء المسموح لها بالعبور.
وصل سعر التنسيق لحملة الجوازات المصرية حتى منتصف جانفي 650 دولار لمن هم فوق 16 سنة، و325 دولار لمن دون ذلك.
يختلف الوضع بالنسبة للفلسطينيين وذلك بسبب عدم وجود آلية رسمية لخروجهم. لطيف* مثلا، وهو فلسطيني يعيش في الإمارات، تمكن من إخراج زوجته وحماته المصريتين، وعجز عن إخراج أمه وإخوته الفلسطينيين. في مطلع شهر جانفي، طلب مندوبو "التنسيق" في غزة 11 ألف دولار لكل شخص (أي 33 ألف في الجملة) لإخراجهم، لا لشيء إلا لأنهم فلسطينيون لا يحملون جوازا آخر. علما أن الأسعار المفروضة على خروج الفلسطينيين بدأت بـ5 آلاف دولار في نوفمبر ولم تتوقف عن الارتفاع.
في ضوء هذه الأسعار الفاحشة المفروضة على خروج الفلسطينيين، تشير الشهادات التي تحصل عليها موقع مدى مصر إلى أن كثيرين من ذوي النفوذ والصلات في مصر اغتنموا الفرصة ليصبحوا "منسقين" ويحصلوا على "قطعة من كعكة التنسيق" من خلال استخدام صلاتهم لإضافة أسماء الفلسطينيين·ـات إلى قوائم المسموح لهم بالخروج.
استمر الوضع على ذلك الحال إلى أن تدخلت شركة "هلا" المملوكة للعرجاني للسيطرة على فوضى "التنسيق".
تسعيرة التنسيق عبر شركة "هلا" بالنسبة للفلسطينيين بلغت خمسة آلاف دولار لمن تجاوز عمره 16 سنة و 2500 دولار لمن هم دون ذلك. بينما التسعيرة للتنسيق بالنسبة للجواز المصري ظلت عند حدود 650 دولار وبالنسبة لحاملي الوثيقة المصرية للاجئين 1200 دولار.
تغيرت طبيعة قوائم من يُسمح لهم بالخروج، وفي المعبر صارت تُعلّق ثلاث قوائم: "الرعايا الأجانب" و "الخارجية" و "قائمة هلا" وبذلك استقر بيزنس التنسيق عند شركة العرجاني.
مثال عن قائمة تنسيق شركة "هلا"
لم تقتصر سيطرة العرجاني على معبر رفح عند "تنسيق" عبور الأشخاص، بل تجاوزته إلى وضع يدها على بيزنس المساعدات والبضائع بالكامل، واستحوذت على مسؤوليات الهلال الأحمر المصري في نقل وشحن المساعدات وتركت له فقط الاستلام والمعاينة.
يقول مصدر إداري بمعبر رفح، أن أول شاحنة وقود دخلت إلى غزة بعد الحرب يوم 14 نوفمبر، لم يدم مكوثها على الجانب الفلسطيني ربع ساعة قبل أن تخرج ولم تفرغ حمولتها بعد، وتم تأجيل دخولها إلى اليوم الموالي ريثما يتم تعليق لافتات شركة "أبناء سيناء" على جوانب الشاحنة وإدخالها مرة ثانية. شركة "أبناء سيناء" هذه تابعة هي أيضا للعرجاني.
امتدت سيطرة الشركة كذلك إلى إدخال البضائع التجارية التي ستُباع في القطاع.
بدأ دخول البضائع بعد اندلاع الحرب في شهر ديسمبر. وفي 18 جانفي أوقفت مصر دخول البضائع بناءً على طلب إسرائيلي. استمر هذا الإيقاف حتى الأسبوع الأول من فيفري حين شرعت شاحنات "أبناء سيناء" مرة أخرى في الدخول محمّلة بالبضائع. وبذلك استقر للعرجاني بيزنس البضائع إلى جانب المساعدات والتنسيقات.
فمن هو إبراهيم العرجاني؟ للتعرف على تاريخ هذا الطريد السابق للعدالة، والذي تحوّل في غضون بضع سنوات إلى قائد كتيبة من القبائل، وأحد أكبر رجال الأعمال في مصر ، وصاحب الأمر والنهي في شبه جزيرة سيناء، ندعوك إلى قراءة التحقيق المنشور على موقع مدى مصر في نسخته الكاملة عبر الرابط أسفله.