في فلسطين، كفاح من أجل المعلومة

منذ بداية القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، كان الصحفيون والصحفيات من أوائل الحاضرين في خط المواجهة أين قُتل العديد منهم. في ذات الوقت وفي بقية أنحاء العالم، أخذت آلة الإعلام تدور بجنون لإفراز أخبار مزيفة بلغت حتى أكبر وسائل الإعلام. وفي قلب الأزمة، بدأ صراع فعليّ يشتد على ساحة المعلومة.
بقلم | 20 أكتوبر 2023 | reading-duration 15 دقيقة

متوفر باللغة الفرنسيةالإنجليزية
"لا يوجد مكان أستطيع أن أصفه بأنه آمن، ولكنني أحاول البقاء على قيد الحياة". تحاول الصحفية ذات الـ 22 ربيعا، بلستيا العقاد، نقل الوضع على شبكات التواصل الاجتماعي بقدر الإمكان بالتوازي مع هروبها من القصف الإسرائيلي لقطاع غزة: "بالكاد أستطيع القيام بعملي في ظل هذه الظروف".

منذ يوم 7 أكتوبر 2023 بدأت إسرائيل تقصف بلا هوادة قطاع غزة الخاضع لحصارها منذ سنة 2007. وكان الهجوم الذي تم الإعلان عنه انتقاما لتوغل حماس الذي خلف 1,300 قتيل و 150 رهينة من الإسرائيليين، موجها ضد غزة بأكملها وقد أسفر عن استشهاد أكثر من 2,000 فلسطيني وفلسطينية إلى حد الساعة.

على الأرض، يقف الصحفيون على خط المواجهة لإيصال صورة عن الوضع، أحيانا على حساب أرواحهم. وبالفعل فقد قُتل 14 صحفيا في حين يعيش البقية بشكل مباشر عواقب الهجومات من انقطاع للتيار الكهربائي ونقص في المياه والغذاء ونزوح قسري. وبالتوازي مع ذلك تتفشى المعلومات الزائفة في وسائل الإعلام وعلى شبكة الإنترنت، وتتجه أصابع الاتهام نحو العديد من القنوات والوكالات لتغطيتها الإعلامية المتحيزة.

مقتل 14 صحفيا وصحفية خلال 11 يوما

يوم 11 أكتوبر. في طليعة موكب جنائزي، يلوّح رجال في الهواء بسترات واقية من الرصاص تغطيها الدماء. حروفٌ تحوّل لونها إلى الأحمر تبرز بوضوح مكوّنة كلمة "صحافة" بالإنقليزية. وخلفهم، يحمل الموكب جثامين الصحفيين ملفوفة في أكفان بيضاء تعلو كلّا منها خوذة زرقاء تظهر عليها نفس الكلمة، "صحافة".

الضحايا هم: سعيد الطويل، رئيس تحرير موقع الخامسة للأنباء، ومحمد صبح وهشام النواجحة وكلاهما من وكالة خبر الفلسطينية، قُتلوا في اليوم السابق خلال قصف إسرائيلي استهدف، وفقا لعدة مصادر، على وجه التحديد  مبنىً كان يضم عدة صحفيين.

ترك سعيد الطويل رسالة أخيرة في شكل فيديو تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيها: "لقد أرسلوا للتو تحذيرا بأن مبنى هيجي سيتم قصفه. تم إخلاء المنطقة بالكامل". ووفقا لشهادة صحفي آخر كان متواجدا على عين المكان فقد أصابت الغارة في نهاية المطاف مبنى آخر كان أقرب بكثير من المكان الذي يتواجد فيه الصحفيون. وكانت مقراتهم تقع على بعد ثلاثة مبان من ذلك الذي تلقى التحذير الإسرائيلي.

منذ بداية الصراع، بلغ مجموع المستشهدين من الصحفيين والصحفيات في قطاع غزة 14 وفق لجنة حماية الصحفيين، وبينما قُتل معظمهم أثناء تغطيتهم للقصف قُتل آخرون في صفتهم المدنية داخل منازلهم بعدما أصابها القصف.

يتم استهداف الصحافة عمداً

تسبب هجوم جدّ في يوم 13 أكتوبر على الحدود الجنوبية للبنان في وقوع المزيد من الضحايا منهم عصام عبد الله مصور الفيديو لوكالة رويترز الذي أُصيب بصاروخ إسرائيلي ومعه ستة أشخاص آخرين على الأقل.

"ما زلت في المستشفى وفي جسدي الكثير من آثار الشظايا والآلام، وفي قلبي الشظيّة الأكبر خسارة زميل عزيز"، تروي كارمن جوخَدار، المراسلة بقناة الجزيرة والتي أصيبت هي الأخرى في الهجوم الذي أودى بحياة عصام عبد الله.

ووفقا لعدة مصادر فقد كانت مجموعة الصحفيين·ـات بارزة بوضوح. ففي قصة نشرتها كريستينا عاصي إحدى الصحفيات المصابات على إنستغرام يظهر الصحفيون·ـات وهم يرتدون سترات صحفية في حين لم يكونوا قريبين من أية منشأة عسكرية.

الترجمة: يرجى مشاركة هذا الفيديو على نطاق واسع استباقا لأي رواية إسرائيلية كاذبة. يظهر هنا صحفيون ومصورون في ما يفترض أن تكون منطقة محايدة وآمنة، على مرأى ومسمع من كاميرات المراقبة الإسرائيلية والطائرات بدون طيار. أصيب معظم الموجودين·ـات في الفيديو واستُشهد عصام عبد الله. كانوا على تلة محايدة وليس في منطقة قتال أو بالقرب من أي أفراد مسلحين!   

تقول ياسمين أسعد الصحفية في الشرق نيوز - بلومبرغ لإنكفاضة إن "هناك توترا مستمرا يرافقنا. ولحماية أنفسنا نحاول انتقاء مناطق شبه آمنة نؤمن من خلالها التغطية، كما ننقل الأخبار أيضا من أماكن بعيدة قليلا عن المناطق الحدودية الجنوبية والشمالية". غير أن ذلك لم يكن كافيا مثلما تشهد على ذلك وفاة عصام عبد الله. وتتابع الصحفية بالقول: "كصحفيين يتم اعتراضنا على الأرض من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية (الشرطة والجيش) ويهاجمنا المستوطنون أيضا. من الواضح أن هناك رغبة في استهداف الصحفيين ومنعهم من تغطية ما يحدث، كما أنهم يراقبون ما نقوله في تدخلاتنا أو تصريحاتنا الحية". 

إلى جانب خطر التعرض للقصف، تذكر شهادات عديدة لمراسلين ومراسلات تعرضهم لتهجم الشرطة أو الجيش أو المستوطنين الإسرائيليين. كما يظهر مقطع فيديو من التلفزيون العربي أحد صحفييهم، أحمد الدراوشة، خلال نقله تقريرا عن أعمال الجيش الإسرائيلي وهو يتعرض للإساءة اللفظية باللغة العبرية والتهديد المباشر من قبل مسؤول أمني إسرائيلي يصرخ في وجهه قائلا: "من الأفضل أن تقول أشياء إيجابية هل تفهم؟! يجب تصفية كل المنتمين إلى حماس، هل هذا واضح؟ ويل لك إذا لم تقل الحقيقة !" وبذهاب الأمنيّ بقي أحمد دراوشة صامتا لهنيهة أمام أسئلة زميله ثم قال: "الشرطة الإسرائيلية تراقب ما نقوله وهذا الرجل جاء نحوي وهو يصرخ ويتوعّد".

ولم يلبث الشرطي أن عاد مرة أخرى ليتوجه بالحديث هذه المرة مباشرة إلى الكاميرا:

"سوف نحوّل غزة إلى غبار ! غبار !" وهو يكرر كلامه عدة مرات بينما وجهه ممتد على كامل مساحة الشاشة.

الأخبار المزيفة والانحياز الإعلامي

وبينما يعمل الصحفيون في ظروف صعبة في الميدان، تلقت التغطية الإعلامية الدولية نصيبها من التنديد، سواء بسبب نشر معلومات كاذبة أو بسبب التغطية الصحفية المتحيزة، الأمر الذي أسفر عن استقالة عدد من الصحفيين·ـات منهم عاملون في قناة CNews الفرنسية على سبيل المثال.

من جهته صرح بسام بونني مراسل بي بي سي في شمال أفريقيا بتاريخ 18 أكتوبر: "تقدمت صباح اليوم باستقالتي من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لما يحتمه عليّ الضمير المهني"

طالت الانتقادات بي بي سي منذ بداية الصراع بسبب خطها التحريري الذي اعتُبر مؤيدا لإسرائيل. وفي 16 أكتوبر، اضطرت القناة إلى تقديم اعتذارها عن وصف مظاهرة لدعم فلسطين جمعت 150 ألف شخص بأنها داعمة لحماس. 

وفي حدث جد في الآونة الأخيرة، أشار أحد الصحفيين ردا على أسئلة القراء إلى أن أنفاق حماس (التي يشار إليها عادة باسم "مترو حماس") ربما تم بناؤها تحت المدارس والمستشفيات. ولم تكد تمضي 24 ساعة حتى تعرض مستشفى الأهلي العربي المعمداني في وسط غزة للقصف. فربط مستخدمو الإنترنت على الفور بين الحدثين واتهموا بي بي سي بالتواطؤ مما يدل على تلاشي ثقتهم في القناة البريطانية.

وفي 14 أكتوبر، ألقت مجموعة العمل الفلسطيني (Palestine Action) الطلاء الأحمر على واجهة مقر بي بي سي "في صورة ترمز إلى تواطئ الوكالة مع الإبادة الجماعية". وأصدرت بيانا تتهم فيه وسائل الإعلام بـ "دعوة الفلسطينيين فقط عندما يُقتل الإسرائيليون دون اعتبار للفلسطينيين الذين تقتلهم إسرائيل" وبإخراج الصراع من سياقه، وعدم الإبلاغ عن "الأكاذيب العنصرية التي تنقلها وسائل الإعلام الدولية بما في ذلك مزاعم الاغتصاب الجماعي وقطع رؤوس الأطفال".

وفي 10 أكتوبر، زعمت نيكول زيديك من قناة آي 24 نيوز (i24 News) أنها شهدت فظائع ورأت أطفالا مقطوعي الرأس بأم عينيها. سرعان ما انقضّت الآلة الإعلامية على هذه القصة ووظفها الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه في تصريح له حيث ادعى أنه شاهد "صورا مؤكدة لإرهابيين يقطعون رؤوس الأطفال". لاحقا أصدر البيت الأبيض توضيحا بأن الرئيس لم ير مثل هذه الصور وأنه كان يعتمد على تقارير إعلامية وتعليقات المتحدث الإسرائيلي تال هاينريش. 

أظهرت تقارير لاحقة أن هذه المعلومات جاءت من تقرير عسكري إسرائيلي واحد، وقد أكدها رئيس الوزراء الإسرائيلي والمتحدث باسمه والتقطتها سي إن إن، إحدى كبريات القنوات الإخبارية الأمريكية، قبل أن تصل إلى أعلى مستويات الإدارة الأمريكية.

على موقع X (تويتر سابقا)، بيّن مارك أوين جونز الأستاذ الباحث في استراتيجيات القمع السياسي والتحكم في المعلومات، أنه على المنصة وحدها "ولّدت معلومة قتل 40 رضيعا ما لا يقل عن 44 مليون ظهور و 300.000 إعجاب وأكثر من 100.000 إعادة نشر. ومن بين الدعاة الرئيسيين للقصة نجد @i24NEWS_EN و @Israel وقد استندت القصة إلى تقرير نقلته @Nicole_Zedek".

كتب رامي الخوري – وهو باحث في الجامعة الأميركية ببيروت، وصحفي ومؤلف يتمتع بخبرة 50 عاما في تغطية أخبار الشرق الأوسط – في مقال رأي نشره على موقع قناة الجزيرة أنه "ومع ذلك فقد وقع الضرر وأثّر انتشار المعلومات الكاذبة كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي على أذهان ملايين الناس حول العالم من خلال تعزيز خطوط الصدع والمواجهات الأيديولوجية أو الثقافية الموجودة بالفعل من قبل".

الإسرائيليون يُقتلون وأما الفلسطينيون فـيموتون

وعدا عن مشكلة الأخبار المزيفة، تلعب الطريقة التي يتم بها نشر المعلومات وصياغتها دورا حاسما في تصوير الصراع. إذ اختارت العديد من وسائل الإعلام استخدام مصطلحات من قبيل "تديرها حماس" أو "تسيطر عليها حماس" عند تغطية الهجمات الأخيرة في غزة. كما أن هناك اختيارا واضحا عند ذكر الخسائر في الأرواح من خلال التمييز بين الفلسطينيين الذين "يموتون"، ببساطة، والإسرائيليين الذين "يُقتلون".

وقد طالت الانتقادات التي وجهها مستخدمو الإنترنت والخبراء المتمرسون في تغطية هذا النوع من الأخبار وسائل الإعلام لاستخدامها هذه اللغة التي تحطّ من الذات الإنسانية. يوضح كريس ماكغريل، وهو مراسل سابق غطى الإبادة الجماعية في رواندا، أن "اللغة اللاإنسانية الصادرة عن إسرائيل وبعض مؤيديها في الخارج تشبه تلك التي سمعناها في أوقات أخرى وفي أماكن أخرى، وهو أمر يخلق مناخا سانحا لارتكاب جرائم شنيعة".

الترجمة: مات أكثر من 500 شخص في غزة بعد أن شنت إسرائيل غارات جوية انتقامية واسعة النطاق، وفقا لوزارة الصحة في غزة. وقُتل أكثر من 700 شخص في إسرائيل منذ أن شنت حماس هجماتها يوم السبت

هذا الخطاب هو أيضا جزء من مناخ تقوم فيه وسائل الإعلام بعزل الصراع والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عن سياقهما التاريخي. يقول المحلل السياسي علي مراد لدرج ميديا إن "المجتمع الفلسطيني هو من المجتمعات الأخيرة في العالم الخاضعة للاستعمار والفصل العنصري"، متابعاً: "إذا كان العالم الغربي يريد إنكار هذه الحقيقة... يستطيع أن ينكرها ويتجاهلها ويتمسك فقط بالرواية الإسرائيلية ولكن هذا الأمر لن يثني الشعب الفلسطيني".

من جهتها تقول الكاتبة سارزة ياسمين "إن التقارير الصحفية غير الموضوعة في سياقها التاريخي ضارة لأنها تخدش سطح عقود من المقاومة والتطهير العرقي وحالات الطوارئ والمظالم التي دبرها الاحتلال. وفي حين أنه من المهم إضفاء الطابع الإنساني على المعاناة على كلا الجانبين، فمن الضروري التنويه بأن وضع المُحتل ووضع من يحتله لا يتشابهان".

وكان عالم السياسة الفرنسي جوليان سالينغ قد أشار في سنة 2014 إلى أن المعاملة "المتوازنة" بين إسرائيل وفلسطين تؤدي بالضرورة إلى تحيزات صحفية بالنظر إلى الوضع السياسي المحلي، بالإضافة إلى كونها تتناقض مع القانون الدولي الذي يعرّف تصرفات إسرائيل على أنها تصرفات قوة احتلاليّة. 

حظر الظل والرقابة الخبيثة

إلى جانب التغطية المنحازة التي تقوم وسائل الإعلام التقليدية، كان الوصول إلى المعلومات على الشبكات الاجتماعية أيضا قضية رئيسية منذ بداية التفجيرات. حيث سرعان ما لاحظ العديد من المستخدمين·ـات أن عدد "المشاهدات" قد انخفض بشكل كبير على حساباتهم وتداولوا لقطات شاشة تظهر أرقاما كانت تفوق 5000 مشاهدة قد تناقصت إلى أقل من 100 كلما كان المحتوى مؤيدا لفلسطين.

أثار هذا الشكل الجديد من الرقابة من قبل منصات مثل ميتا التي تدير فايسبوك و انستغرام غضب مستعملي ومستعملات الإنترنت. وبادر العديد من منشئي·ـات المحتوى بشرح هذه التقنية المعروفة باسم "حظر الظل أو الشادوبانينغ" ومشاركة استراتيجيات مختلفة للالتفاف حولها من قبيل "ها هي ذا صورة عشوائية لكلب" ؛ "لا تنشر لمدة 24 ساعة" …

أمثلة عن لقطات شاشة تم إرسالها إلى إنكفاضة من مستعمل منصة انستغرام تظهر أعدادا متضائلة من المشاهدات على منشورات "ستوري" حول فلسطين.

في يوم 12 أكتوبر، فتحت المفوضية الأوروبية تحقيقا ضد منصة X بناء على شبهات لنشرها "معلومات كاذبة" و "محتوى عنيف يمجد الإرهاب" و "خطاب كراهية". كما دعت اللجنة ميتا و إكس إلى "الامتثال لالتزامهما القانوني بمنع انتشار المحتوى الخطير المتعلق بحماس".

ثم في يوم 19 أكتوبر، فتحت المفوضية تحقيقا آخر ضد ميتا مطالبةً إياها بـ "تقديم مزيد من المعلومات حول التدابير التي اتخذتها للامتثال للالتزامات المتعلقة بتقييم المخاطر وتدابير التخفيف لحماية نزاهة الانتخابات، بما في ذلك في أعقاب هجمات حماس الإرهابية على إسرائيل. يتعلق هذا على وجه الخصوص بنشر وتضخيم المحتوى غير القانوني والمعلومات المضللة"، وضد تيك توك "لتوفير مزيد من المعلومات حول التدابير التي اتخذتها للامتثال للالتزامات المتعلقة بتقييم المخاطر وتدابير التخفيف لمكافحة نشر المحتويات غير القانونية ولا سيما نشر المحتوى الإرهابي والعنيف وخطابات الكراهية فضلا عن الانتشار المزعوم للمعلومات المضللة".

في الواقع، ما نراه على المنصات التي تديرها ميتا ( فيسبوك و إنستغرام) ما هو إلا رقابة على المنشورات التي تظهر الدعم للشعب الفلسطيني أو مشاركة الصور ومقاطع الفيديو لما يحدث في غزة. هذه الرقابة لم تبرز من خلال "حظر الظل" فحسب وإنما أيضا من خلال تعليق بعض الحسابات الناشطة ومنعها من النشر أو التعليق لمدة 24 ساعة أو أكثر. 

وفقا لـ "حملة" (7amleh)، وهي منظمة فلسطينية تعنى بالحقوق الرقمية، فقد اشتكى مئات الأشخاص من حذف منشوراتهم المتعلقة بالحرب. غير أن هذا التوجه أبعد من أن يكون مستجدا كما يشير إلى ذلك مؤسس المجموعة ومديرها، نديم ناشف في تصريحه للغارديان:

"إنه توجه تتخذه ميتا في أوقات الأزمات وقد شهدنا زيادة كبيرة في عدد الفلسطينيين وحلفائهم الذين أبلغوا عن وصول محدود لمنشوراتهم وأخطاء في المحتوى الذي يتناول الأزمة المستمرة في فلسطين".

وتقول نفس المنظمة أنها أحصت أكثر من 19,000 منشور باللغة العبرية تتضمن محتويات تحرض على الكراهية ضد الفلسطينيين. 

وبينما تتكثف التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون والصحفيات على ساحة الحرب، وتشتد مكنة التغطية الإعلامية الدولية المنحازة، يبلغ الوضع في غزة أزمة إنسانية وُصفت بالإبادة الجماعية في ضوء القصف المستمر ورفض وقف إطلاق النار من قبل القوى العالمية الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وضعٌ يزيد تأزما بسبب التلاعب المتزايد بالمعلومات في وسائل الإعلام التقليدية وعلى الشبكات الاجتماعية.

على الرغم من ذلك، يواصل الصحفيون والصحفيات تأدية عملهم على الميدان في وجه الأخطار من أجل توثيق ما يشهدونه من فظائع ولنقل المعلومات الحية التي تم التحقق منها. في مساء يوم 18 أكتوبر، وبينما كانت منطقة مستشفى القدس تتعرض لهجمات متكررة، كان الصحفي معتز عزايزة يغطي الحدث على الهواء مباشرة مرددا لمستمعيه: "ادعوا لي بأن أظل على قيد الحياة".