يوم 16 أفريل 2022. غرقت ناقلة نفطية تدعى "اكسيلو Xelo" على بعد بضعة كيلومترات من ميناء قابس. وحسب ما جاء في شهادات أفراد طاقمها الذين تم انقاذهم، اعتُقد أن كمية تبلغ 750 طنا من المحروقات تقبع في قلب السفينة وتوشك أن تتسرب منها إلى البحر في أي
لحظة. كارثة إضافية تزداد إلى قائمة الكوارث البيئية التي تناوبت بلا هوادة على هذه المنطقة المنكوبة.
اتبعت فرق ميناء قابس البروتوكولات الموضوعة للحد من المخاطر وعاضدتها في ذلك قوات إيطالية. ولكن لم تمض سوى بضعة أيام حتى أعلن الجيش عن تفادي الكارثة وأنه يرجّح أن تكون الناقلة سفينة تهريب ولا يملأ بطنها سوى ماء البحر.
تحوم حول هذه القصة علامات استفهام كثيرة. فُتح بحث وتم الاحتفاظ بطاقم السفينة. ولكن وراء هذا الحدث الذي احتكر كل انتباه وسائل الإعلام، يواصل صيادو قابس معاناتهم من التلوث الذي يتسبب فيه المجمع الكيميائي منذ سنوات طويلة.
يثير مرأى اللترات القليلة التي تسربت من حطام السفينة تخوّف عدد من صيادي خليج قابس. ولكن آخرين غيرهم قد فقدوا الأمل فى حالة البحر منذ زمن، وتحديدا منذ شرع المجمع الكيميائي في إلقاء آلاف الأمتار المكعبة من مادة الفوسفوجيبس الممزوجة بمياه عذبة في البحر.
وفي الوقت ذاته، تتراكم النفايات على الشواطئ وتتضاءل الثروات البحرية في الأعماق بفعل الصيد المفرط... وخليج قابس أمام خطر محدق.
في يوم 16 أفريل 2022، غرقت الناقلة اكسيلو Xelo في عرض خليج قابس وتسرب منها وقود قد يكون صادرا من المحرك، ولكن تم احتواؤه بعجالة بواسطة حواجز. قابس، 19 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
غرقت سفينة "اكسيلو" في ظروف مشبوهة. إذ يبدو أن السفينة قد غيرت اسمها مؤخرا بعد أن كان "ليمان" وهناك أدلة وافرة تشير إلى أنها كانت سفينة تهريب. قابس، 19 أفريل 2022.تصوير مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
يقفز بحار من ميناء قابس في الماء لمساعدة زملائه على تركيب حاجز أمان حول الحطام لتفادي تسرب نفطي. ظل البحّار يسبح في ماء لا تتعدى حرارته 18 درجة مائوية لما يقارب الساعة. قابس، 19 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
تسرب بعض الوقود من حطام السفينة إلى ماء البحر على الرغم من الحاجز الذي تم وضعه لتطويقه. يراقب فتحي وهو صياد من المنطقة، هذه الظاهرة. غنوش، 20 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
يراقب عارف، وهو صياد أيضا، الطبقة الرقيقة من النفط التي طفت على سطح البحر بعد غرق السفينة اكسيلو. غنوش، 20 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
عاد طاقم مركب "فتحية" لتوه إلى ميناء قابس بعد رحلة صيد في عرض البحر أين شاهدوا بقع بترول ناجمة عن غرق السفينة. "نحن سعداء بما اصطدناه اليوم، ولكن عملنا عموما هو عمل شاق للغاية"، الواعر، صياد. قابس، 21 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
يحمل صياد على كتفه صندوقين ملآنين بالسلطعون الملقب بـ "داعش البحر" إلى الشاطئ، وهو نوع جديد غزا المنطقة. يتميز "داعش" بقدرته على قطع شباك الصيد والإضرار بالحبار والكروفيت (الجمبري) التي تصبح فيما بعد غير قابلة للبيع. ولكن اليوم، قرر الصيادون صيده وتمكنوا بذلك من تحويله إلى مصدر دخل. غنوش، 20 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
يمتهن فتحي الصيد منذ نعومة أظافره، وهو يتأسف اليوم لما آلت إليه حال الثروة البحرية. "في السابق، كانت هناك وفرة من الأسماك، ولكنها ما فتئت تتضاءل سنة بعد سنة". غنوش، 20 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
التلوث الشديد ليس ظاهرة غريبة عن خليج قابس - بغرق السفينة أو بدونه - خصوصا منذ أن بدأ المجمع الكيميائي التونسي تحويل الفسفاط في المنطقة في السبعينات. تنبعث الروائح الشنيعة لعدة كيلومترات حول الميناء الكيميائي والتنفس هنا في هذا الجو ليس أمرا هينا. قابس، 19 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
يتم تصريف 42,000 متر مكعب من الفوسفوجيبس الممزوج بالمياه العذبة بشكل يومي من قبل المجمع الكيميائي التونسي في البحر، وفقا لجمعية حماية الأراضي الرطبة بالجنوب التونسي. قابس، 20 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
شواطئ قابس التي كانت في وقت ما بيضاء، اكتست اليوم بوشاح من السواد وأضحت محمّلة إلى حد التخمة بالفوسفوجيبس. "لو قمت بإجراء تحاليل هنا، ستجد بالتأكيد شيئا من الرمل في أكوام الفسفاط هذه"، يقول أحد البحارة بنبرة ساخرة. كل هذا التلوث له عظيم الأثر على التنوع البيولوجي. قابس، 21 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
كشأن البحر، يمس التلوث أيضا من النباتات والتربة، إذ اكتُشفت رواسب ملوثات مخزنة في أوراق وفروع الأشجار في المنطقة. على بعد بضعة كيلومترات من غنوش، يجتاح الجفاف واحة قابس، الواحة الساحلية الفريدة من نوعها والوحيدة في البحر الأبيض المتوسط، تحت وطأة المجمع الكيميائي. غنوش، 20 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
أكوام تعلوها أكوام من النفايات على شواطئ خليج قابس. قابس، 20 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
ينهمك عمار وزملاؤه في فرز شباك الصيد الخاصة بهم في ميناء قابس. قابس، 21 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.
يجتهد منجي وهو أحد ريّاس ميناء قابس في تصليح شباكه قائلا بأسف: "لم نترك لأطفالنا شيئا. أراد آباؤنا أن نصبح صيادين ولكننا اليوم لا نريد أن يخطو أطفالنا على آثارنا". قابس، 21 أفريل 2022. عدسة: مورغان فيرتز / هانز لوكاس.