بعد إصابتها في القصف، لم تكن رحلة زوجة هشام نحو التعافي محصورة في الألم الجسدي. فقدانها لستة من أبنائها وحماتها ترك فراغًا لم يملأه العلاج، ولا جلسات الأطباء. عُرضت على مختصّين نفسيين في تونس، لكن جروح الذاكرة لا تُخاط بسهولة.
ندى، ابنة هشام، حملت أثر القصف في جسدها، ثم ظهرت تداعياته في نفسيتها. مع تدهور حالتها، انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث خضعت لعملية جراحية معقّدة. كانت أشبه بمحاولة إعادة رسم الطريق أمام ساقٍ كادت تُفقد إلى الأبد. العملية نجحت، واليوم تبدأ مرحلة إعادة التأهيل. جسدها يستعيد توازنه، والخطوة الأولى عادت ممكنة.
ترافقها والدتها، التي بدت متماسكة، وكأنها تتجنّب الانهيار كي لا تنهار ابنتها أولًا. كلتاهما تحاولان البناء وسط الركام، لكن بعيدًا عن هشام.
في المقابل، هشام ما زال في تونس. وضعه القانوني مُعلّق، لا يسمح له بالعمل، ولا بالمغادرة، ولا حتى باللحاق بعائلته. كمن علق بين بابين مغلقين، ينتظر تحرّكًا من جهة لا يعرف إن كانت ستُفتح له يومًا. يعيش على مساعدات محدودة من الهلال الأحمر، بينما تتآكل قدرته على الفعل، ويضيق الهامش أمامه كل يوم.
في هذا الجزء من الحكاية، نرصد مسارات متباينة لعائلة شتّتها القصف، وتركها الواقع معلّقة بين النجاة… والتعليق الطويل.
إنكفاضة بودكاست هي أول منصة رقمية من نوعها مخصصة كليا للإنتاجات الأصلية للبودكاست في تونس. أطلقها موقع إنكفاضة بالتعاون مع إنكيلاب مخبر البحث الرقمي والتطوير التابع له. في خضم العدد الهائل والمتزايد لإنتاجات البودكاست في العالم (وهي إنتاجات صوتية أصلية متوفرة عند الطلب)، انضمت إنكفاضة للمغامرة سنة 2017 حين انكبّ الفريق على إنتاج أول وثائقي سمعي تونسي يتمثل في غوص غير مسبوق في الكامور : اعتصام في قلب الصحراء. منذ ذلك الحين، ضاعفت إنكفاضة بودكاست إنتاجاتها من وثائقيات وبرامج و مقالات مسموعة مُدمجة على خلفية موسيقية، وقصص أخرى تتناول مواضيع شتى متعلقة بالإشكاليات الراهنة والحالية، في سبيل توفير انغماس أعمق وتجربة بديلة. بالإضافة إلى خصوصية الإنتاجات الأصلية القائمة حصراً على وسائط سمعية، تتبنّى إنكفاضة بودكاست مبادئ وقيم الموقع الأم inkyfada.com المتمثلة في إصدارات ملتزمة ودقيقة وذات جمالية وجودة عاليتيْن. إلى جانب الفريق الدائم، تتعاون إنكفاضة بودكاست عن كثب مع صحفيين وصحفيات وفنانين وفنانات ومصممين ومصممات وموسيقيين وموسيقيات ومختلف صانعي وصانعات المحتوى، قصد تقديم إصدارات متنوعة وفي سبيل دعم الوسط الفني. يكمن الفرق بين البودكاست وبين المحتويات المُذاعة على قنوات الراديو التقليدية خاصة في ما تتخلله من عمل جسيم على الإخراج والمونتاج الأشبه بالتقنيات السينماتوغرافية. هذا بالإضافة لكونها موجهة للاستعمال على شبكة الإنترنت ومتوفرة للتحميل المجاني والاستماع عند الطلب. إنتاجات إنكفاضة بودكاست تقدم للمرة الأولى كذلك ترجمات تحتيّة متوفرة باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية لكل المحتويات السمعية المحكيّة أغلبها باللهجة التونسية، أو باللغة التي تـ·يخيرها المتدخلة أو المتدخّل.