في ديسمبر 2023، وصل أحمد إلى تونس. فلسطيني من غزة، متزوج وأب لثلاثة أطفال: سارة، زينة، وآدم الذي تركه في عمر الشهرين فقط. كان يعيش حياة مستقرة، يعمل أخصائيًا نفسيًا، يحب القراءة والمعرفة، ويؤمن بقيمة الإصغاء والتعافي.
لكن صباح 7 أكتوبر 2023 غيّر كل شيء. الصواريخ التي انطلقت من غزة كانت لحظة الانفصال بين حياة وأخرى. بعدها، لم تعد الأجندة اليومية لأحمد تتعلق بمواعيد علاج مرضى أو خطط مستقبلية، بل بتأمين العلاج لطفلته زينة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة لم تعد تُشبه ما كان.
في الأثناء، بقي وضع أحمد القانوني معلّقًا. منذ أشهر، ينتظر ردًا على طلب لجوء إنساني إلى كندا، في الوقت الذي تلقّى فيه وعودًا بإقامة رسمية في تونس. بين هذين الاحتمالين، لم يكن هناك أي مسار واضح. لا في الأوراق، ولا في متابعة حالته الصحية.
وسط هذا الغموض، بدأ أحمد يلاحظ أن الجهة التي كان يفترض بها دعمه وهي الهلال الأحمر التونسي لم تكن دائمًا على نفس الخطّ معه. وعود كثيرة، تأخيرات متكرّرة، إهمال وتجاوزات جعلته يعيد التفكير في طبيعة العلاقة. في النهاية، قرر أن يوقف تعاونه معها، بعد أن شعر أن انتظاره لم يكن مجرّد مسألة وقت… بل جزء من حلقة أوسع من المماطلة.
اليوم، وبعد أكثر من عام وثلاثة أشهر من إقامته في تونس، لا يزال أحمد يعاني من إصابة لم تُعالج. جلسات المتابعة الطبيّة تتأجل باستمرار، والمواعيد تذوب في مماطلة لا يجد لها تفسيرًا.
إنكفاضة بودكاست هي أول منصة رقمية من نوعها مخصصة كليا للإنتاجات الأصلية للبودكاست في تونس. أطلقها موقع إنكفاضة بالتعاون مع إنكيلاب مخبر البحث الرقمي والتطوير التابع له. في خضم العدد الهائل والمتزايد لإنتاجات البودكاست في العالم (وهي إنتاجات صوتية أصلية متوفرة عند الطلب)، انضمت إنكفاضة للمغامرة سنة 2017 حين انكبّ الفريق على إنتاج أول وثائقي سمعي تونسي يتمثل في غوص غير مسبوق في الكامور : اعتصام في قلب الصحراء. منذ ذلك الحين، ضاعفت إنكفاضة بودكاست إنتاجاتها من وثائقيات وبرامج و مقالات مسموعة مُدمجة على خلفية موسيقية، وقصص أخرى تتناول مواضيع شتى متعلقة بالإشكاليات الراهنة والحالية، في سبيل توفير انغماس أعمق وتجربة بديلة. بالإضافة إلى خصوصية الإنتاجات الأصلية القائمة حصراً على وسائط سمعية، تتبنّى إنكفاضة بودكاست مبادئ وقيم الموقع الأم inkyfada.com المتمثلة في إصدارات ملتزمة ودقيقة وذات جمالية وجودة عاليتيْن. إلى جانب الفريق الدائم، تتعاون إنكفاضة بودكاست عن كثب مع صحفيين وصحفيات وفنانين وفنانات ومصممين ومصممات وموسيقيين وموسيقيات ومختلف صانعي وصانعات المحتوى، قصد تقديم إصدارات متنوعة وفي سبيل دعم الوسط الفني. يكمن الفرق بين البودكاست وبين المحتويات المُذاعة على قنوات الراديو التقليدية خاصة في ما تتخلله من عمل جسيم على الإخراج والمونتاج الأشبه بالتقنيات السينماتوغرافية. هذا بالإضافة لكونها موجهة للاستعمال على شبكة الإنترنت ومتوفرة للتحميل المجاني والاستماع عند الطلب. إنتاجات إنكفاضة بودكاست تقدم للمرة الأولى كذلك ترجمات تحتيّة متوفرة باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية لكل المحتويات السمعية المحكيّة أغلبها باللهجة التونسية، أو باللغة التي تـ·يخيرها المتدخلة أو المتدخّل.