جدير بالذكر أن قرارات سعيد حظيت في البداية بتأييد واسع بين صفوف التونسيين.ات الذين خيب آمالهم القادة المنتخَبون على مدى العقد الماضي، لا سيما منهم حزب حركة النهضة الإسلامي. غير أنه منذ تولي قيس سعيد الحكم، غاصت البلاد في أزمة اقتصادية خانقة كان لها تداعيات على الشباب وكبار السن، وعلى الأغنياء والفقراء، على حد السواء، منذرةً بإمكانية تراجع شعبية الرئيس.
في الآونة الأخيرة، حُوكم العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية بسبب انتقادها العلني للدولة أو الجيش. وهي ممارسات قد تدفع التونسيين·ـات إلى التفكير مليا قبل المجاهرة بانتقادات موجهة ضد الحكومة خوفا مما قد يلحقهم من تتبعات قضائية.
ونتيجة لذلك، أصبح تقدير مدى معارضة نظام سعيد أمرا مستعصيا بحكم أن الناس أضحوا يخشون الإجابة على استطلاعات الرأي.
سعيا منهما إلى أخذ هذا التحيز الإحصائي بعين الاعتبار، أجرى عمر ياقوت وروبرت كوبينيك استطلاع رأي إلكتروني دام أسبوعين بين شهريْ جويلية وأوت الفارطيْن بهدف تقييم شعبية قيس سعيد، مع الحرص على استخدام تقنية تشفير لإخفاء هوية المستجوَبين. وتُبرز نتائج هذا الاستطلاع أن 50٪ على الأقل من التونسيين·ـات يعارضون قرار سعيد حل البرلمان. كما أن قرابة 20٪ منهم يخشون التعبير عن معارضتهم لقراراته إذا طُرح عليهم هذا السؤال بشكل مباشر، وهي نسبة تُعتبر مرتفعة للغاية حيث يُستنتج أن واحداً من كل خمسة تونسيين·ـات لا يرغب في الإدلاء برأيه الحقيقي حول كيفية إدارة قيس سعيد لدواليب الدولة.
تحديات استطلاعات الرأي في ظل نظام استبدادي
وفقا للباحثَيْن، يُشكل تجميع آراء المواطنين·ـات حول القضايا السياسية تحديا حتى في الديمقراطيات الراسخة. كما أن استجواب جميع السكان وتصميم أسئلة تعكس آراء متنوعةً هو أمر معقد، خاصة في عصر يتواصل فيه الناس أساسا عبر هواتفهم الذكية. ويزداد الأمر تعقيدا عندما ينشأ لدى الأفراد خوفٌ من احتمال تجسس أطراف أخرى على آرائهم، سواء كانت مؤسسات حكومية أو أشخاصا من محيطهم.
شهدت شركات استطلاع الرأي في تونس على مدار العقد الماضي وإلى حدود تاريخ انقلاب الرئيس، توسعا كبيرا وتولت مشاريع أكثر طموحا على غرار المسوحات الطولية* التي كانت تُنجز بهدف تقييم درجة رضا المواطنين·ـات عن أداء الحكومة بشكل منتظم. وتلعب استطلاعات الرأي هذه دورًا جوهريا في الأنظمة الديمقراطية كونها تساعد السياسيين·ـات على الإلمام بآراء الناس حول السياسات التي يتبعونها ومقترحاتهم.
جدير بالذكر أنه لدى قرار سعيد تعليق عمل البرلمان في صائفة 2021، كان برصيد شركات استطلاع الرأي الناشطة في تونس ما لا يقل عن عشر سنوات من الخبرة حيث نشأت في معظمها إبان ثورة 2011. لكن قليلة هي الأبحاث المجراة منذ ذلك الوقت لتقييم جودة استطلاعات الرأي المنجَزة وتحديد ما إذا كانت الأساليب المستخدَمة فيها تعكس الرأي العام بدقة أم لا.
ولذا، يُعتبر قياس مدى تراجع شعبية قيس سعيد بدقة منذ تاريخ 25 جويلية 2021 مهمة صعبة. إذ وبالرغم من انتشار الشائعات حول هذا التراجع خلال العام الماضي إلا أن الأدلة التي تثبت ذلك بشكل قاطع تبقى نادرة.
أبرز استطلاع للرأي شمل الأسر التونسية في مطلع عام 2022 أن حوالي 90٪ من التونسيين·ـات يؤيدون قرار سعيد حل البرلمان. بينما أشارت إحدى شركات استطلاع الرأي القليلة التي ما زالت في طور النشاط إلى هبوط شعبية رئيس الدولة إلى حوالي 60٪ خلال شهر جوان 2023. وتدل هذه الأرقام، على تراجعها، على دعم قوي لسعيد.
من المهم توضيح أن جميع هذه الاستطلاعات تحتوي على أسئلة مباشرة موجهة للمستجوَبين والمستجوبات دون ضمان الحفاظ على سرية هويتهم باعتبار أنها عادةً ما تتخذ شكل استطلاعات هاتفية أو مقابلات شخصية. ولذا يُعد تفسير نتائج استطلاعات الرأي في ظل الأنظمة الاستبدادية مسعى معقدا كما تؤكد ذلك، مثلا، التكهنات بشأن نسب التأييد الشعبي لبوتين منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وبحسب الباحثَيْن، يكتسي قياس مدى نسبة دعم حكومة سعيد أو معارضتها أهميةً قصوى باعتبار أنه يؤثر بشكل كبير على القرارات السياسية المتّخَذة في تونس.
في صورة تراجع شعبيته، يصبح الرئيس أكثر عرضة للنقد ولتحركات المعارضة. وفي المقابل، في حالة نجاحه في إقناع كافة التونسيين·ـات بحظوته بدعم ثابت لا يتزعزع، قد يتحول هذا الدعم إلى نبوءة محققة لذاتها: فالناس يدعمونه لاعتقادهم أنه مدعوم من قبل الآخرين وهكذا دواليك.
تشفير الأجوبة كوسيلة لتجاوز القمع
يشترط تجميع آراء دقيقة حول الرئيس قيس سعيد ضمان سرية الأجوبة. ولهذه الغاية، استخدم الباحثان نوعًا من التشفير مشابهًا لذلك الذي تلجأ إليه تطبيقات المراسلة المشفرة مثل واتساب (WhatsApp) والتي تستخدم "مفاتيح" عشوائية للحفاظ على سرية الرسائل المتبادَلة.
تم إجراء تجربة أولى لاستطلاع الرأي عبر الإنترنت خلال الفترة الممتدة من 26 جويلية إلى 18 أوت. وضمت العينة الأولى من الاستطلاع 830 تونسيا وتونسية ينتمون إلى كافة ولايات الجمهورية. وطُرح هذا السؤال المباشر حول تجميد نشاط البرلمان على نصف العينة المذكورة:
هل تعارض الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد لتعديل الدستور التونسي وحل البرلمان؟
الإجابة الممكنة تكون إما نعم أو لا.
قد يتردد بعض المشاركين·ـات في الإجابة على هذا السؤال والتعبير عن اختلافهم مع قيس سعيد خوفاً من أن يُكتشَف رأيهم الحقيقي. وقد يذهب ظنهم إلى أن هذا المسح هو ببادرة من الحكومة أو هيئات أخرى، لكن العامل المهم في سياقنا هذا ليس طبيعة الخوف، وإنما وجود هذا الخوف في حد ذاته.
أما بالنسبة للنصف الثاني من العينة، فقد تمت دعوة المشاركين·ـات إلى الإجابة على سؤال عشوائي وهي إحدى الطرق المستعمَلة لتشفير الأجوبة. ولهذا الغرض تم سؤال المشاركين·ـات عن شهر ميلاد أمهاتهم في محاولة لتشفير آرائهم بشأن تصرفات سعيد. ;بدون معرفة تاريخ ميلاد أمهاتهم يكون من المستحيل فك شفرة إجاباتهم.
صيغ هذا السؤال على النحو التالي:
وعيا بمدى حساسية القضايا السياسية في تونس في الوقت الراهن، تمت صياغة هذا السؤال على نحو يمكنك من التعبير عن رأيك مع الحفاظ على خصوصيتك. وبما أننا نجهل تاريخ ميلاد أمك، فإنه يتعذر علينا كذلك معرفة رأيك السياسي بالتحديد.
1. وُلدت أمي في شهر جانفي أو فيفري أو مارس.
2.أعارض الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد لتعديل الدستور التونسي وحل البرلمان.
يُرجى اختيار الإجابة التي تعكس على أفضل وجه صحة هاتين العبارتين:
1.كلا العبارتين صائبتان أو كلتاهما خاطئتان.
2.إحدى العبارتين صائبة.
إذا اتبع المشاركون·ـات التعليمات على الوجه المطلوب، فإنه يمكنهم التعبير عن دعمهم أو معارضتهم لسياسة قيس سعيد دون إمكانية التعرف على ردهم الشخصي، وذلك بفضل إقحام السؤال المتعلق بشهر ميلاد أمهاتهم والذي من شأنه ضمان سرية مصدر الإجابات الفردية. ونتيجة لذلك، يستحيل تحديد ما إذا كان كل مشارك يؤيد قيس سعيد أو يعارضه بالاستناد إلى هذه الإجابات دون غيرها.
غير أنه على الرغم من أن الإجابات الفردية مشفرة، فإنه من الممكن تقدير العدد الإجمالي لمعارضي·ـات رئيس الدولة. حيث لجأ الباحثان إلى بيانات متوفرة مسبقا والتي تشير إلى أن قرابة 25٪ من الناس يُولدون خلال الثلاثي الأول من السنة. ومن خلال استبعاد هذا الضجيج الإحصائي* واستخدام نماذج إحصائية، تمكن الباحثان من التوصل إلى تقدير تقريبي لعدد الأشخاص المعارضين لسعيد.
كما أنه من المهم التنويه بأن عدم ثقة بعض المستجوَبين·ـات في التقنية المستعملة سيؤثر حتما على نتائج استطلاع الرأي التي ستكون متحيزة لصالح قيس سعيد، مما يضمن عدم المبالغة في تقدير عدد معارضيه.
نسبة دعم قيس سعيد لا تتجاوز 50٪ على أقصى تقدير
أتاح المؤلفان النفاذ إلى البيانات الخام وشفرة المصدر المعتمَدة كي يتمكن غيرهم من التثبت من الاستنتاجات المتوصل إليها.
بالنسبة للسؤال المباشر بشأن تأييد إجراءات قيس سعيد، أفاد 30٪ فقط من المستجوَبين·ـات بأنهم يعارضون ما حصل وهو رقم يُعتبر منخفضا نسبيا.
بالنسبة للسؤال المباشر بشأن تأييد إجراءات قيس سعيد، أفاد 30٪ فقط من المستجوَبين·ـات بأنهم يعارضون ما حصل وهو رقم يُعتبر منخفضا نسبيا.
تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم طرح أي سؤال حول درجة رضا المشاركين·ـات عن الأداء الحالي للرئيس. وبالتالي فإن هذه النتائج قد تكون مبالغة في تقدير مدى دعم الرئيس باعتبار أن بعض المشاركين·ـات قد يؤيدون إجراءات 25 جويلية ولكنهم في نفس الوقت غير راضين عن الأداء الحالي للرئيس. لذا يمكن اعتبار هذه التقديرات متحفظة من حيث عدد التونسيين·ـات المعارضين·ـات لقيس سعيد.
هذا ولا يمكن للنتائج الخام المرتبطة بالسؤال العشوائي تحديد ما إذا كان شخص ما يعارض سعيد أم لا. إذ يمكن أن يكون هذا الشخص معارضا بالفعل لسعيد أو أن تكون أمه قد وُلدت خلال الثلاثي الأول من السنة (أي أن تكون كلتا العبارتين صائبتين أو خاطئتين).
ويسمح النموذج الإحصائي الموضَّح في التفاصيل الفنية بتقييم مدى التباين بين الإجابات على كل من السؤال المطروح بصفة مباشرة والصيغة المشفّرة من نفس السؤال. إذ تم إجراء الاستطلاع على مرحلتين: طُرح السؤال المباشر على نصف المشاركين·ـات فحسب، في حين طُرح نفس السؤال في صيغته المشفرة على النصف الآخر. ويعكس الفرق بين إجابات هاتين المجموعتين نسبة الأشخاص الذين قد يترددون في التعبير عن رأيهم صراحة، عندما يُطرح عليهم السؤال بشكل مباشر، بسبب عامل الخوف. يعكس الرسم البياني أدناه هذه النتائج:
تُمثل المساحة الزرقاء أعلاه جملة التقديرات المحتمَلة لنسبة التونسيين·ـات الذين يعارضون انقلاب سعيد ولكن خيروا الامتناع عن التعبير عن ذلك بشكل مباشر.
وتُعتبر هذه القيمة أعلى بكثير مما توقعه الباحثان في البداية، إذ تنبآ في وثيقة سابقة بأن ما بين 5 إلى 10٪ من المواطنين·ـات التونسيين·ـات قد يقعون تحت التأثير ويعلنون عن تأييدهم لإجراءات 25 جويلية. لكن يبدو أن النسبة الأرجح تساوي 20٪، مع احتمالية كبيرة أن تتجاوز 10٪ وأن تصل حتى إلى 30٪.
ومع ذلك، يتعين تفسير هذا الرقم باحتراز لكونه لا يمثل بالضرورة مجموعة الأشخاص المعارضين بشدة لسعيد بل يمكن أن يشمل أولئك الذين لديهم تحفظات إزاءه لكن دون التعبير صراحة عن ميولاتهم. ولذا يجدر اعتبارهم أقلية صامتة تحت ضغط مناخ من الخوف والقمع. ورغم ذلك يصحّ القول بأن هؤلاء الأشخاص غير راضين عن الإجراءات التي اتخذها سعيد، بما في ذلك تجميد عمل البرلمان في سنة 2021.
ويسمح رسم بياني آخر تم إنشاؤه بالاعتماد على نتائج السؤال المشفّر بتقدير العدد الإجمالي لمعارضي·ـات انقلاب سعيد:
تمثل المساحة الحمراء من الرسم البياني أعلاه جميع التقديرات المحتمَلة لعدد الأشخاص المعارضين لانقلاب سعيد، علما وأن النتائج المتصلة بالسؤال العشوائي، على الرغم من كونها أقل دقة، تضمن عدم الكشف عن هوية المشاركين·ـات. وتشير أفضل التقديرات إلى أن هذه النسبة قريبة جدًا من 50٪. غير أنه نظرًا للعشوائية المقحَمة على مستوى السؤال ذي الإجابة المشفرة، هنالك العديد من الإجابات المحتمَلة. وفي المحصلة، يُرجَح أن تتراوح نسبة المعارضة الإجمالية بين 40٪ و 60٪.
كما يُستخلص أنه حتى مع وجود هامش عدم اليقين هذا، فإن عدد الأشخاص الذين عبروا عن معارضتهم لسعيد أعلى بكثير مما يظهره السؤال المباشر.
وبمقارنة الإجابات على السؤال المباشر بالإجابات على السؤال المشفر، يتضح جليا أن نسبة المعارضة المعلَن عنها لسعيد (32٪) تساوي تقريبا نصف ما هي عليه عندما يتم ضمان الحفاظ على سرية هوية المستجوَبين·ـات (50٪). وحتى في حالة الأخذ بعين الاعتبار التباينات المحتمَلة على مستوى العينات المشمولة بالمسح، فمن غير المرجح أن يكون عدد أولئك الذين يخشون من التعبير عن معارضتهم لقيس سعيد دون 10٪ من مجموع السكان.
كما اعتنى الباحثان بمعالجة المشاكل المنجرّة عن استخدام عينة إلكترونية من خلال تعديلها بالاستناد إلى بيانات التعداد العام للسكان، كما هو مفصّل في المدونة التي نشراها. حيث توصلا في نهاية المطاف إلى أن هذا التعديل لا يؤدي إلا إلى اختلافات طفيفة، مع الإشارة إلى أن العينة الإلكترونية تشمل مشاركين·ـات من جميع ولايات الجمهورية مما يجعل منها عينة ممثلة للمجتمع الإحصائي.
من ناحية أخرى، يُبرز استطلاع الرأي المُجرى تباين معارضة سعيد بشكل كبير بين مختلف شرائح المواطنين·ـات. إذ يتعلق أبرز الفروق بالفئة العمرية مع تسجيل اختلافات كبرى بين الشباب وكبار السن.
تقدير نسبة المعارضين·ـات لانقلاب قيس سعيد حسب العمر.
يوضح الرسم البياني أعلاه النسبة المقدَّرة لمعارضي·ـات إجراءات 25 جويلية، موزَّعة حسب الفئات العمرية والتي تتراوح بين مجال 15-19 سنة وأكثر من 80 سنة. وعلى الرغم من الشكوك المحيطة بالبيانات - حيث يمثل كل خط مجال التقديرات المحتمَلة- يبدو أن فئة الشباب تضم عددا أكبر من معارضي·ـات سعيد مقارنة بالأكبر سنا. وتُعزى هذه النزعة إلى عوامل مختلفة بما في ذلك تدهور الوضع الاقتصادي الذي يسبّب قلقا بالغا لدى الفئة الشبابية.
كما يُبرز الاستطلاع اختلاف ردود المستجوَبين·ـات باختلاف نوعهم الاجتماعي. إذ تُشير النتائج إلى أن الذكور أكثر معارضة لسعيد من الإناث، بفارق يقدَّر بـ10٪ بين المجموعتين.
تقدير نسبة المعارضين·ـات لقيس سعيد حسب النوع الاجتماعي.
علاوة على الفوارق المرتبطة بالعمر والنوع الاجتماعي، تكشف الدراسة كذلك عن بعض الاختلافات الطفيفة بين الجهات. إذ تُظهر البيانات أن التباينات بين مختلف الولايات التونسية طفيفة نسبيا، حيث تتراوح المعدلات الوسيطة لمعارضة انقلاب سعيد بين 48,38٪ مسجلة في المهدية و 52,29٪ في ولاية أريانة. وتؤشر هذه التباينات الجهوية الضعيفة نسبيا على مستوى شبه متماثل من المعارضة في مختلف مناطق البلاد مثلما نرى في الرسم أدناه:
تقدير نسبة المعارضين·ـات لانقلاب قيس سعيد حسب الولاية.
يُستخلص من استطلاع الرأي الذي أجراه الباحثان روبرت كوبينيك وعمرو ياقوت أن التونسيين·ـات أضحوا يبدون اعتراضا متزايدا على كيفية إدارة قيس سعيد لدفة الحكم وإن كان عدد كبير منهم لا يجرأ على التعبير عن رأيه علنًا خوفًا من العواقب.
وفي سياق تدهور الظرف الاقتصادي، أصبح الوضع السياسي الراهن شبيها بما كان عليه في فترة حكم الدكتاتور السابق زين العابدين بن علي والتي اقترن فيها شعور عام بالاستياء بإذعان زائف لدولة البوليس.
ومثلما تدلّ على ذلك ثورات الربيع العربي وانهيار الاتحاد السوفياتي، فإن القمع الاستبدادي يمكن أن يؤدي إلى قلب مفاجئ للموازين السياسية يستعصي التنبؤ بها. ولئن كان التكهن بالعواقب السياسية أمرا شديد التعقيد إلا أن الباحثان يؤكدان على أن تونس تجد نفسها اليوم على شفا جولة أخرى من التغيرات السياسية.