خلف هذه النتيجة الساحقة، جذبت نسبة المشاركة أيضا اهتماما كثيفا، إذ لم يقبل على صناديق الاقتراع سوى 27.54٪ من المسجلين والمسجلات في القوائم الانتخابية. في اليوم الموالي نشرت الهيئة العليا أرقاما جديدة تظهر ارتفاعا في نسبة المشاركة إلى 30.5٪ بإضافة بلغت 371,109 ورقة اقتراع إلى إجمالي عدد الأوراق المعلن عنها سابقا، كما نشرت التفاصيل حسب الولايات قبل أن تسارع إلى تصحيحها بعد 24 ساعة في منشور جديد.
منصة إعلامية مستقلة في طليعة الابتكار التحريري
أنشئ حسابك الآن وتمتع بميزات النفاذ الحصري ومختلف الخاصيات المتقدمة التي توفرها لك. تحصّل على عضويتك وساهم في تدعيم استقلاليتنا.
تسجيل الدخولبالاعتماد على هذه المعطيات، تنشر إنكفاضة عدة رسوم بيانية من أجل فهم ما هو على المحك في نتائج الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد.
71.9٪ من المسجلين·ـات لم يصوتوا بـ"نعم"
يرى قيس سعيد في نتائج الاستفتاء نجاحا إذ تم قبول دستوره الجديد من قبل 94.6٪ من الناخبين والناخبات وهي نتيجة مبهرة لا شك، لكنها لا تعكس كل السلوك الانتخابي للمسجلين والمسجلات في قوائم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. بينما في الواقع لا تُحتسب في النتائج بين "نعم" و "لا" سوى الأصوات المدلى.
العزوف عن التصويت لا يدخل في حساب النتائج ومع ذلك فإن غالبية الناخبين·ـات المسجلين لم يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، سواء بنيّة مقاطعة الانتخابات الذي دعت له عدة أحزاب سياسية أو لغير ذلك من الأسباب. وفي المجمل امتنع 69.4٪ من المسجلين·ـات عن التصويت.
على العكس من ذلك إذا احتسبنا العزوف عن التصويت في الاعتبار عند حساب نتائج الاستفتاء فإن 28.1٪ فقط من الناخبين·ـات المسجلين·ـات صوتوا لصالح الـ"نعم"، ما يعني بدوره أن 71.9٪ من المسجلين·ـات في القوائم الانتخابية لم يصوتوا لصالح مشروع قيس سعيد الدستوري.
لا يتم احتساب الأصوات البيضاء في حساب نسب الـ"نعم" و الـ"لا" التي لا تتعدى 1.99٪ من الأصوات المصرح بها. وأخيرا تمثل الأوراق الملغاة أقلية بـ 17،000 ورقة.
نسبة المشاركة مفتاح الاقتراع
في حين كان فوز "نعم" أمرا منتظرا كانت نسبة المشاركة على العكس من ذلك معطىً مفقودا. دعت أحزاب سياسية عديدة إلى مقاطعة الاستفتاء منها حزب النهضة صاحب الأغلبية التمثيلية في البرلمان قبل تجميده فدل ذلك عن إمكانية نسبة عزوف شديدة. الاستفتاء لم يستوجب نصابا قانونيا (الحد الأدنى من الإقبال على التصويت لاعتباره صحيحا) وبلغت نسبة المشاركة فيه 30.5٪، وهي الأدنى بين جميع العمليات الانتخابية التي أجريت منذ عام 2011. حتى ذلك الحين كانت الانتخابات البلدية لعام 2018 تستحوذ على هذا اللقب حيث شارك فيها 35.6٪ فقط من المسجلين·ـات.
قبل الانتخابات، اتخذت الهيئة قرارا بتسجيل كل من بلغوا سن الانتخاب آليا في قوائمها، ليقفز المجموع إلى 9،278،541 شخصا وهو أكبر عدد من المسجلين منذ الثورة، تليه انتخابات المجلس الوطني التأسيسي لعام 2011 التي سجل فيها 8،289،924 مواطنا ومواطنة.
من المهم أيضا في تحليل نسبة المشاركة إيلاء النظر إلى العدد الإجمالي للناخبين، حيث شارك ما مجموعه 2،830،094 شخصا في الاقتراع يوم الاثنين 25 جويلية 2022. بهذه البيانات نرى أن الاستفتاء ليس العملية الانتخابية ذات الإقبال الأدنى بل يأتي في المرتبة الثانية بعد الانتخابات البلدية لعام 2018 ويقارب الانتخابات التشريعية الأخيرة لسنة 2019 التي جمعت 2،946،628 ناخبا·ـة.
شبه بين النتائج التي أحرزها المشروع الدستوري لقيس سعيد ونتائج انتخابه رئيسا
مع انخفاض نسبة المشاركة وكذلك العدد الإجمالي للناخبين·ـات إلا أن قيس سعيد جذب عددا من الأنصار لمشروعه مقارب جدا للعدد الذي أوصله إلى سدة الرئاسة في الدور الثاني من رئاسية 2019 لما فاز بنسبة 72.7٪ من الأصوات المدلى بها.
تفاصيل اقتراع 25 جويلية على مدار اليوم وفي جميع أنحاء البلاد
بمناسبة الاستفتاء على مشروع الدستور، اتخذت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قرارا بتمديد وقت مراكز الاقتراع حتى الساعة العاشرة مساء، باستثناء تلك الواقعة في الخارج وتعمل وفقا لجداولها الزمنية المخصوصة، وكذلك بعض مراكز الاقتراع على التراب الوطني التي أغلقت مسبقا.
خلال اليوم قدمت الهيئة تقديرات الإقبال على التصويت بشكل دوري مما أتاح إجراء مقارنات مع السنوات السابقة التي تتوفر بشأنها معلومات مشابهة.
نشرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتاريخ يوم 27 جويلية 2022 معطيات حسب الولايات تسمح باستجلال الدينامية الجهوية. تتراوح نسبة المشاركة بكل ولاية بين 38.6٪ في المنستير حيث تنقّل أكبر عدد من المواطنين إلى الصناديق، و11.1٪ في تطاوين حيث لوحظ أكبر عزوف عن التصويت.
ولاية المنستير التي سجلت أعلى نسبة مشاركة هي الثانية من حيث نسبة الأصوات بـ"نعم" بينما على العكس من ذلك تعد تطاوين نسبة المشاركة الأقل وأعلى نسبة "لا". وعلى غرار تطاوين سجلت ولاية مدنين المجاورة لها ثاني أدنى معدل مشاركة بـ17.6٪ وكذلك ثالث أعلى معدل "لا" بـ7.1٪.
جدال حول النتائج
شابت النتائج الأولى حسب الولايات التي نشرتها في 26 جويلية هيئة الانتخابات أخطاء جسيمة وعدم اتساق مثلما رصد ذلك العديد من المراقبين·ـات على شبكات التواصل الاجتماعي. وفي اليوم الموالي نشرت الهيئة أرقاما جديدة وأكدت على "صحتها" هذه المرة.
وكان نائب رئيس الهيئة ماهر الجديدي قد أعلن عن إقالة عمر بوستة مدير ديوان مجلس الهيئة وكذلك عدد من المسؤولين عن غرفة العمليات والمنسقة الجهوية لولاية بن عروس.
وأمام هذا الاختلال أعربت العديد من المنظمات عن شكوكها حيال النتائج وطالبت منظمة مراقبون بنشر النتائج حسب مراكز الاقتراع في شكل ملف إكسل. كما أفادت منظمة "أنا يقظ" بأنها رصدت مخالفات في 25 من أصل 33 دائرة انتخابية داعيةً إلى إعادة فرز الأصوات.
وأشارت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى أن النتائج المنشورة كانت "أولية وقابلة للطعن أمام الجهة القضائية المختصة التي لها وحدها حق البت في صحتها".