منصة إعلامية مستقلة في طليعة الابتكار التحريري
أنشئ حسابك الآن وتمتع بميزات النفاذ الحصري ومختلف الخاصيات المتقدمة التي توفرها لك. تحصّل على عضويتك وساهم في تدعيم استقلاليتنا.
تسجيل الدخولمنذ الانقلاب في 25 جويلية 2021، نددت عدة أحزاب ومنظمات وشخصيات سياسية بمخاطر تصرفات الرئيس ومخالفتها للقانون بعد أن جمد البرلمان خلال العام الماضي، وأوقف العمل بدستور 2014، وحل العديد من المؤسسات على غرار المجلس الأعلى للقضاء أو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وعدل تركيبتها بينما يفترض بها أن تكون مستقلة.
أعرب البعض في أعقاب نشر النص عن مخاوفهم بشأن مشروع الدستور الجديد. يحذر الصادق بلعيد، رئيس اللجنة الاستشارية المسؤولة عن صياغته أن "النص الصادر عن رئاسة الجمهورية يمس من هوية تونس ويفتح الطريق أمام الدكتاتورية". كما رفض العميد السابق لكلية الحقوق النص النهائي رفضا قاطعا، قائلا إن الرئيس أدخل عليه تعديلات كبيرة.
وبينما قررت بعض الهياكل السياسية معارضة مشروع الدستور، أيّدت أخرى رئيس الجمهورية ودستوره وتنظيم الاستفتاء. في المجمل، سجل 148 حزبا وجمعية في حملة الاستفتاء لصالح "نعم" أو "لا". ونُشرت القائمة النهائية من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في 5 جويلية 2022.
في هذا المقال، تجمع إنكفاضة معطيات حول دعوات مختلف الأحزاب وعديد المنظمات الأخرى إلى المقاطعة الصريحة أو التصويت بنعم أو لا على مقترح الدستور.
أحزاب سياسية ممزقة بين التأييد والمقاطعة
اتخذت العديد من الأحزاب السياسية مواقف صريحة إزاء مشروع الدستور والاستفتاء، بما في ذلك تلك الممثلة في البرلمان قبل تجميده ثم حله من قبل قيس سعيد. تنقسم الأحزاب إلى حد كبير بين الدعوة إلى التصويت بـ "نعم" ومقاطعة الاستفتاء.
أعلنت حركة الشعب أنها تساند رئيس الجمهورية من خلال الدعوة إلى التصويت بـ "نعم". وكان قد أيد 15 من نواب ونائبات الحركة في اليوم الموالي لـ25 جويلية التدابير التي اتخذها قيس سعيد. كما حظي مقترح الدستور بتأييد التحالف من أجل تونس وتونس إلى الأمام والتيار الشعبي.
في نفس الموضوع
من جهة الـ "لا"، يشكل حزب آفاق تونس أحد الأحزاب القليلة التي دعت إلى مشاركة واسعة في الاستفتاء والتصويت بـ "لا". وحذر الحزب السياسي من "المنزلقات والانحرافات الخطيرة" في إشارة إلى النص الذي قدمه رئيس الجمهورية.
دعت عدة أحزاب أخرى إلى مقاطعة الاستفتاء الوطني منها حزب النهضة الذي أعرب عن معارضته للاقتراع ويعتبره قرارا "لا شرعيا وغير قانوني نظرا لأنه مبني على انقلاب" مثلما جاء على لسان الناطق باسمها عماد الخميري، خلال مؤتمر صحفي انعقد يوم الخميس 7 جويلية. وكان قد عارض ما لا يقل عن 53 نائبا ونائبة من كتلة النهضة الإجراءات التي اتخذها قيس سعيد في الأيام التي تلت 25 جويلية.
كما اتبع التيار الديمقراطي نفس التمشي، فقد عارض 20 من نوابه ونائباته الرئيس فور اعلانه عن التدابير الاستثنائية العام الماضي، ودعا الحزب إلى مقاطعة التصويت.
ودعا الحزب الدستوري الحر إلى مقاطعة الاستفتاء في بيان نشر على فيسبوك مطالبا فيه بإلغاء الاستفتاء، بالرغم من أن 16 نائبا ونائبة بمن فيهم رئيسة الحزب عبير موسي أيدوا، قبل سنة من ذلك، وبشكل علني اجراءات الرئيس.
وأخيرا، لا يزال قلب تونس وتحيا تونس وهما من مجموعة الأحزاب الأكثر تمثيلا في البرلمان (38 و 14 مقعدا على التوالي) لم يتخذا بعدُ موقفا رسميا من الاستفتاء المقبل.
مشروع دستور يثير قلق منظمات المجتمع المدني
إلى جانب التشكيلات الحزبية، تباينت ردود فعل منظمات أخرى مع نشر مشروع الدستور الجديد. حيث دعا الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (UTAP) إلى مشاركة واسعة في الاستفتاء، مستحضرا "واجبا وطنيا"، دون إعطاء أية تعليمات واضحة للتصويت.
واتخذ الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT)، كبرى المنظمات الشغيلة في البلاد، موقفا مشابها عندما أعلن أنه سيترك "لقواعده حرية التصويت" نظرا "للتنوع" و"التعددية" داخل المنظمة. وكان الاتحاد قد رفض سابقا المشاركة في اللجنة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، التي أُنشئت بموجب مرسوم صادر عن الرئيس في 20 ماي 2022.
في المقابل شارك الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (UTICA) في أعمال اللجنة، ولم يصرح بأية تعليمات للتصويت أو أي صدر عنه أي تفاعل بشأن مقترح الدستور المنشور في 30 جوان.
رفضت العديد من جمعيات المجتمع المدني مشروع دستور قيس سعيد، دون إعطاء تعليمات للتصويت. في بيان مشترك بعنوان " لا لدستور الانفراد بالحكم"، دعت 35 جمعية ومنظمة من بينها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (ATFD) والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين (SNJT) والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES) إلى "سحب" النص معبرة عن "تجنّدها للقيام بكل التحركات المشروعة لتحقيق إصلاحات دستورية تحترم كرامة التونسيات والتونسيين".
نددت المنظمات المذكورة على وجه الخصوص بمشروع دستور "يعكس في إعداده وصياغته وطريقة عرضه توجّها أحاديا انفراديا لرئيس الجمهورية". وحذرت من مخاطر عدم الفصل بين السلطات وانتهاك الحقوق والحريات الفردية.
من ناحيتها أكدت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان (LTDH)، وهي أيضا من الموقعين على البيان، إنها تطالب بسحب النص، عقب عدة أسابيع من الانقسام داخل المنظمة نفسها. يتناقض موقفها هذا مع قبولها المشاركة في "الحوار الوطني" صلب الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة. كما انخرط ائتلاف صمود في حملة "لا" وفق ما تورده القائمة المنشورة من طرف هيئة الانتخابات ودعا إلى التصويت ضد تبني المشروع.
في مقابل ذلك، دعمت جمعيات أخرى مشروع رئيس الجمهورية. حيث سجلت أكثر من عشرين جمعية لصالح "نعم" من مجموع المنظمات المشاركة في حملة الاستفتاء.
انطلقت فترة الحملة وهي المحطة الأخيرة قبل يوم التصويت في 25 جويلية المقبل، وظهرت معها لوحات إعلانية تدعو إلى التصويت بـ "نعم". غير أن ذلك يثير تساؤلات حول دور الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في مراقبة هذه الحملة.