#أوراق_باندورا

أوراق باندورا | طوفان من البيانات "الأوفشور"

كم زاخر من البيانات غير المتجانسة وخليط من الملفّات بصيغة PDF وأخرى صوتية، ومقتطفات من رسائل إلكترونية وجداول بيانات انهمك في تحليلها مئات الصحفيين المشاركين في تحقيق أوراق باندورا.
بقلم | 13 أكتوبر 2021 | reading-duration 15 دقيقة

متوفر باللغة الفرنسية
تكشف هذه المجموعة الضخمة من البيانات البالغ حجمها 2,94 تيرابايت النقاب عن الأسرار المالية العالمية للصفوة الثرية وشخصيات سياسية ومشاهير وحتى لبعض الأسماء المجهولة. وقد لجأ هؤلاء الأشخاص إلى الملاذات الضريبية لإخفاء معاملاتهم البنكية متسترين وراء نظام يتسم بغياب الشفافية ويمهد طريقاً سالكاً نحو التهرب الجبائي.

نعد من بين هذه الشخصيات أكثر من 330 سياسيًا وسياسية و 130 مليارديرًا و مليارديرة (مذكورين في تصنيف فوربس)، فضلاً عن عدد من المتحيلين ومروجي المخدرات وأفراد عائلات ملكية وزعماء أو زعيمات جماعات دينية من جميع أرجاء العالم.

عمل الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ICIJ على قدم وساق لأكثر من سنة بأكملها من أجل تجميع قرابة 11,9 مليون وثيقة - كُنّيت بأوراق باندورا - وترتيبها وتحليلها. ويستند هذا المشروع إلى ثلاث ركائز هي: الصحفيون والتكنولوجيا والوقت.

ما هي أوراق باندورا؟

يُعتبر التحقيق الاستقصائي أوراق باندورا أكبر تعاون صحفي من نوعه في تاريخ المهنة، حيث شمل أكثر من 600 صحفي وصحفية ينتمون إلى 150 وسيلة إعلامية من 117 دولة.

ويرتكز التحقيق على وثائق سرية تم تسريبها من قبل 14 مقدم خدمات متخصصة في مالية "الأوفشور" وموجهة للأثرياء، سواء أَكانوا أفرادا أو شركات، الراغبين في تكوين شركات صورية أو صناديق استئمانية أو مؤسسات أو كيانات أخرى في ولايات قضائية تحظى بنظام ضريبي مخفف أو يكاد ينعدم. وتسمح هذه الكيانات لمالكيها بإخفاء هوياتهم الحقيقية على العموم وأحيانًا حتى على السلطات التشريعية. وفي كثير من الأحيان، يساعدهم مقدمو الخدمات على فتح حسابات بنكية في بلدان تحظى بتشريعات مالية متساهلة. 

وشارك الاتحاد الصحفي الـ2,94 تيرابايت من البيانات المسربة التي تمكن من النفاذ إليها مع شركاء إعلاميين من جميع أنحاء العالم تحت أشكال مختلفة: مستندات نصية وصور ورسائل إلكترونية وجداول بيانات… 

تتضمن الوثائق قدرا غير مسبوق من المعلومات حول "المستفيدين الحقيقيين" لمؤسسات مسجلة في الجزر العذراء البريطانية والسيشيل وهونغ كونغ وبليز وبنما وولاية داكوتا الجنوبية الأمريكية والعديد من الولايات القضائية السرية الأخرى.

كما تضم معلومات عن المساهمين·ـات في هذه المؤسسات ومسيريها أو مسيراتها وزعمائها. وتوجه هذه التّسريبات كذلك أصابع الاتهام صوب شخصيات عامة معروفة بثرائها، وتُدين أسماء مجهولة لا تقع في رقعة الاهتمام العام كأصحاب شركات صغرى وأطباء وغيرهم من الأشخاص الميسورين. 

وبينما يعود بعضها إلى السبعينات، فإن معظم الوثائق التي انكب الاتحاد على تحليلها تم إحداثها بين سنتي 1996 و 2020. وهي تغطي مسائل واسعة النطاق: تكوين شركات صورية ومؤسسات وصناديق استئمانية، إلى جانب المرور عبر هذه الشركات بقصد اقتناء عقارات ويخوت وطائرات خاصة وعقود تأمين على الحياة أو إنجاز استثمارات وإجراء تحويلات بنكية أو التخطيط للتصرف في التركات ومسائل أخرى متعلقة بالميراث، علاوة على التهرب الضريبي من خلال تركيبات مالية معقدة. وجدير بالذكر أن بعض الوثائق مرتبطة كذلك بجرائم مالية، لا سيما منها تبييض الأموال. 

تحصلوا وتحصلن على أفضل منشورات إنكفاضة مباشرة على البريد الالكتروني.

اشترك واشتركي في نشرتنا الإخبارية حتى لا تفوتك آخر المقالات !

يمكن إلغاء الاشتراك في أي وقت.

علامَ تحتوي أوراق باندورا؟

نال التسريب من أكثر من 330 رجل وامرأة سياسة من ما يزيد عن 90 دولة ومنطقة. وكان هؤلاء قد لجؤوا إلى شركات اتخذت من الجنان الضريبية مقرا لها بغرض اقتناء عقارات أو توظيف الأموال في صناديق استئمانية أو الاستحواذ على شركات وأصول أخرى، دون الكشف عن هوياتهم في بعض الأحيان. 

كما يكشف تحقيق أوراق باندورا عن كيفية عمل البنوك ومكاتب المحاماة بشكل وثيق مع مقدمي الخدمات "الأوفشور" لتصميم هياكل مؤسسية معقدة. وتُبرز البيانات أن مقدمي الخدمات ليسوا دائمًا على علم بهوية عملائهم وعميلاتهم، على الرغم من الالتزامات المحمولة عليهم قانونا بالحرص على تفادي التعامل مع أشخاص متورطين في معاملات مشبوهة. 

علاوة على ذلك، يكشف التحقيق عن كيفية استفادة مقدمي الخدمات الاستئمانية في الولايات المتحدة من القوانين المعمول بها في بعض الولايات والتي تكرس مبدأ سرية المعاملات وتساعد العملاء الأثرياء من الأجانب على إخفاء ثرواتهم للتهرب من الضرائب في بلدانهم الأصلية. 

في أي صيغة وردت إلينا البيانات؟

من بين الـ11,9 مليون وثيقة، كان أكثر من النصف (أي حوالي 6 ,4 مليون) في شكل مستندات نصية، بما في ذلك أكثر من 4 ملايين ملف بصيغة PDF، يحتوي بعضها على أكثر من 10.000 صفحة. وتشمل هذه المستندات جوازات سفر وكشوف حسابات بنكية وتصاريح جبائية وسجلات تأسيس شركات وعقودا عقارية واستبيانات حول العناية الواجبة. كما تتضمن البيانات المسربة أكثر من 4,1 مليون مستند في شكل صور ورسائل إلكترونية. وفي المقابل، تمثل جداول البيانات 4٪ من الحجم الجملي للمستندات أو ما يقارب 467.000 ملفا إضافة إلى عروض شرائح وملفات صوتية ومقاطع فيديو. 

فيمَ يختلف هذا التسريب عن سابقيه؟

صدرت معطيات أوراق باندورا عن 14 مزودًا من مقدمي الخدمات في 38 ولاية قضائية على أقل تقدير. وجدير بالتذكير أن تحقيق أوراق بنما لسنة 2016 استند إلى 11,5 مليون وثيقة يبلغ حجمها 2,6 تيرابايت من البيانات متأتية من مصدر وحيد ألا وهو مكتب المحاماة "موساك فونسيكا Mossack Fonseca" الذي تم حله منذ آنذاك. كما أن تحقيق أوراق بارادايس (أوراق الجنة) الذي هز الرأي العام في سنة 2017 اعتمد على تسريب 1,4 تيرابايت تضم أكثر من 13,4 مليون ملف مصدرها مسدي الخدمات القانونية الخارجية "أبليبي Appleby" إلى جانب المزود "آزياسيتي تراست Asiaciti Trust" المنتصب في سنغافورة والسجلات الحكومية للشركات في 19 ولاية قضائية. 

في هذه المرة، جمّع الاتحاد الصحفي معلومات حول أكثر من 27.000 شركة و 29.000 مستفيد حقيقي من 11 مزودًا مختلفًا، وهو ما يمثل أكثر من ضعف العدد الذي كشف عنه تحقيق أوراق بنما. 

كما تكشف أوراق باندورا عن ضلوع العديد من رجال ونساء السياسة وكبار المسؤولين الحكوميين في أنشطة "أوفشور"، أي ما يفوق ضعفي عدد المتورطين في تحقيق أوراق بنما. 

نجد من بين أكثر من 330 سياسيًا ومسؤولًا حكوميا كشفت عنهم أوراق باندورا، 35 رأس دولة سابقًا أو حاليا.

وعلاوة على ذلك، تتضمن الوثائق المسربة معلومات حول ولايات قضائية لم يحقق الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بشأنها من ذي قبل أو تلك التي لم تكن تتوفر حولها سوى بيانات شحيحة، مثل بليز وقبرص وداكوتا الجنوبية. 

وتمّ تسجيل جميع الكيانات القانونية المذكورة في الملفات الصادرة عن ستة من مقدمي الخدمات - الشركات والمؤسسات والصناديق الاستئمانية – خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1971 و 2018. وتُبرز البيانات حالات نقل النشاط من ولاية قضائية إلى أخرى، سواء من قبل مقدمي الخدمات أو العملاء والعميلات، في أعقاب التحقيقات السابقة والتنقيحات التشريعية المنجرّة عنها. 

كيف تمّ استكشاف الملفات؟

بادر الصحفيون، سعيا منهم إلى استكشاف المعلومات الواردة في أوراق باندورا وتحليلها، بتحديد الملفات المتضمنة لمعلومات حول الملكية الفعلية موزعة حسب الشركة والولاية القضائية وبترتيبها على هذا الأساس. وتجدر الإشارة إلى أن البيانات الواردة من كل مزود تطلبت تمشيا مختلفا بغرض تحليلها. 

في حالة تقديم البيانات في شكل جداول بيانات، قام الصحفيون بدمجها صلب جدول بيانات رئيسي بعد إزالة المدخلات المكررة. وأما بالنسبة للملفات المحالة بصيغة PDF وللوثائق، فقد لجأ الاتحاد إلى استخدام لغات برمجة – على غرار "بايثون" Python- لاستخراج البيانات وهيكلتها بصفة آلية بقدر المستطاع. 

في الحالات الأكثر تعقيدًا، تم اللجوء إلى التعلم الآلي إلى جانب أدوات أخرى، بما في ذلك البرمجيات مثل Fonduer و Scikit-Learn بغرض تحديد صيغ معينة وفصلها عن المستندات الأطول. 

في بعض الحالات، كانت استمارات مقدمي الخدمات مكتوبة بخط اليد، ما أجبر الصحفيين على استخراج المعلومات يدويا.

وبادر الاتحاد الصحفي بمقارنة المعلومات الواردة في الوثائق المسربة مع مجموعات من البيانات الأخرى بهدف ضبط البيانات الكفيلة بتشكيل موضوع مقالات محتملة: قوائم العقوبات والتسريبات الشبيهة السابقة والسجلات العامة للشركات وقوائم أباطرة وسائل الإعلام والمليارديرات والقوائم العامة للقادة السياسيين. 

علاوة على ذلك، أحدث "أس. في .تي SVT"، الشريك السويدي للاتحاد الصحفي، جداول بيانات تحتوي على معطيات مقتطفة من جوازات السفر التي ضمتها أوراق باندورا. 

وشارك الاتحاد الملفات مع مراسليه الإعلاميين باستخدام "مشاركة البيانات" (Datashare) وهي عبارة عن أداة بحث وتحليل آمنة طورها فريقه الفني. وساعدت وظيفة البحث في حزمة بيانات التي يخولها Datashare الصحفيين على ربط بعض الشخصيات العامة بالبيانات. 

يحتوي التسريب على وثائق روتينية يجمعها مقدمو الخدمات بغرض التحقق المسبق - مقالات صحفية وإدخالات على مستوى ويكيبيديا ومعلومات مصدرها مزود البيانات المالية "وورلد تشيك World-Check". ولكن لا تُثبت هذه الوثائق بالضرورة إخفاء شخص ما لثروته في ولاية قضائية سرية. وقد استخدم الاتحاد آليات التعلم الآلي للإشارة إلى هذه الملفات في Datashare، ما سمح للصحفيين باستبعادها في بحوثهم. 

وتبادل الـ150 شريكا إعلاميا المرتبطين بالمشروع النصائح والأدلة والمعلومات الوجيهة الأخرى باستخدام I-Hub وهي منصة تحتوي على شبكة تواصل اجتماعي وخدمة رسائل آمنتين. وطوال مدة المشروع، نظم الاتحاد الصحفي دورات تدريبية مكثفة لفائدة الشركاء حول استعمال مختلف هذه التقنيات لاستجلاء البيانات الموضوعة على ذمتهم واستغلالها والإلمام بها على أحسن وجه. 

ما هي البيانات المعنية بالبحث وكيف تم تحليلها؟

بعد ضبط قائمة الوثائق المتضمنة لمعلومات حول أصحاب الشركات غير المقيمة وتبويبها حسب المزود، وحّد الاتحاد الصحفي هذه البيانات صلب قاعدة بيانات مركزية، مما سمح بتوفير مجموعة موحدة من المعطيات حول المستفيدين الحقيقيين للشركات في ولايات قضائية مختلفة. 

وبعد فرز البيانات حسب مدى جدواها، حدد الصحفيون المعلومات الرئيسية، مثل جنسية المالك وبلد الإقامة ومكان الولادة. ومكن ذلك من حصر قرابة 3.700 شركة تسدي خدماتها لأكثر من 4.400 مستفيدا روسي الجنسية، بما في ذلك 46 أوليغارشيّا. وتجدر الإشارة إلى أن الجنسية الروسية تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد العملاء والعميلات الوارد ذكرهم. 

كما حقق الاتحاد حول اللجوء إلى الصناديق الاستئمانية الأمريكية بفضل استعمال طرق مختلفة كعمليات البحث بالكلمات الرئيسية وإقامة الصلة مع البيانات العامة. 

خول ذلك بتحديد أكثر من 2.000 صندوق استئماني منتصب في الولايات المتحدة أو محدث فيها بين سنتي 2000 و 2019، علما وأن غالبيتها مسجلة في ولاية داكوتا الجنوبية. قاد ذلك إلى اكتشاف تعاملات الصناديق مع أشخاص ينتمون إلى 40 دولة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة. وقد كشف الاتحاد عن أصول في صناديق استئمانية منفردة تتراوح قيمتها بين 67.000 و 165 مليون دولار تمت حيازتها بين سنتي 2000 و 2019. كما تُشير المعطيات إلى أن القيمة الإجمالية للأصول بحوزة الصناديق الاستئمانية الأمريكية تفوق المليار دولار. وتشمل هذه الأصول عقارات أمريكية وحسابات بنكية مفتوحة في بنما وسويسرا ولوكسمبورغ وبورتوريكو وجزر الباهاما وغيرها من البلدان. 

وبهدف التحري حول الصناديق الاستئمانية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، قام الاتحاد بتجميع معلومات حول باعثيها والمستفيدين والأصول التي في حوزتها، كل ذلك يدويا. وتمكن الصحفيون بالتالي من تحديد وتجميع البيانات ذات الصلة بالصناديق الاستئمانية في 15 ولاية أمريكية، علاوة على مقاطعة كولومبيا. 

إضافة إلى ذلك، استخدم الاتحاد ووسائل الإعلام الشريكة عمليات البحث بالكلمات الرئيسية لتحديد هوية السياسيين عبر استغلال المعلومات التي تضمنتها جوازات السفر لتسهيل التعرف عليهم. 

ثم استغل الصحفيون وثائق عامة للتحقق من التفاصيل المرتبطة بالشركات والتأكد من أن الأشخاص الواردة أسماؤهم في البيانات هم بالفعل نفس القادة السياسيين الذين تم تحديدهم تحت هذه الأسماء مع استبعاد أولئك الذين تبين عدم تطابق أسمائهم. نذكر من بين المصادر التي وقع اللجوء إليها في البحث قاعدة بيانات Dow Jones Risk and Compliance و Sayari و Nexis و OpenCorporates وسجلات الملكية الأمريكية والبريطانية والسجلات العامة للشركات. 

إثر ذلك، جُمعت البيانات وصُنفت في جدول بيانات قبل إخضاعها إلى جولتين من عمليات التحقق من صحة الوقائع. هذا ويمكن الاطلاع على البيانات المجمعة حول السياسيين في الملفات الشخصية لقسم "Power Players". 

ثم بادر الاتحاد بمقارنة قوائم المليارديرات الصادرة عن مجلة فوربس بالذين ورد ذكرهم في أوراق باندورا. واتضح أن أكثر من 130 منهم يمتلكون شركات في ملاذات ضريبية. وقُدر إجمالي ثروة 100 من هؤلاء المليارديرات بأكثر من 600 مليار دولار في سنة 2021. 

وانكب الصحفيون على تحليل 109 تقارير تُعرف بما يسمى تقارير الأنشطة المشبوهة والمحالة إلى السلطات المالية من قبل مكتب المحاماة البنمي "آليمان، كورديو، قاليندو و لِي (تُختصر في آلكوغال)" وتبين أن 87 استمارة من استمارات مكافحة غسيل الأموال لم يقع تحريرها إلا بعد الكشف علنا عن هويات عملاء وعميلات المكتب المدانين. 

بالإضافة إلى ذلك، انكب الاتحاد الصحفي على تحليل البيانات المفتوحة لعدة آلاف من الملفات الشخصية للموظفين ليكتشف أن أكثر من 220 محاميًا شريكا في مكتب "بيكر ماكنزي Baker McKenzie" الناشط في 35 دولة، سبق وأن تقلدوا مناصب حكومية صلب إدارات عدلية ومكاتب ضرائب ودواوين رؤساء دول والمفوضية الأوروبية. 

كما أُجريت بحوث وتحاليل لاستكشاف الدور الذي يلعبه النظام المالي "الأوفشور" في طمر القطع الفنية المنهوبة والآثار القديمة التي تسعى سلطات مختلف البلدان إلى استعادتها. 

أخيرًا، كشف تحقيق أوراق باندورا عن أكثر من 500 شركة ناشطة في الجزر العذراء البريطانية كانت عميلة سابقة لـ"موساك فونسيكا"، مكتب المحاماة في قلب فضيحة أوراق بنما، قبل نقل أنشطتها إلى مقدمي خدمات آخرين منتصبين في الجزر العذراء البريطانية. 

كما وقعت مطابقة الشركات البنمية الوارد ذكرها في أوراق بنما مع البيانات المتاحة لسجلات الشركات البنمية بفضل اللجوء إلى OpenCorporates. وتبين أن ما لا يقل عن 113 شركة بادرت بتغيير ممثليها القانونيين ونقلت أعمالها إلى "آلكوغال" خلال الفترة الفاصلة بين 3 أفريل 2016 و 2020. كما تمكن الاتحاد، بالتعاون مع فريق "ميامي هيرالد Miami Herald"، من حصر 759 شركة منتصبة في الجزر العذراء البريطانية كانت تنوي اللجوء إلى "ترايدنت تراست Trident Trust" في إطار ما يسمى بـ"مشروع موسفون (اختصارا لموساك فونسيكا)". 

ما هي الحصة من النظام "الأوفشور" الكلي التي تكشف عنها أوراق باندورا؟

يوفر تحقيق أوراق باندورا لمحة شاملة حول الولايات القضائية ومقدمي الخدمات "الأوفشور" بيد أن البيانات تبقى منقوصة. 

كما تختلف جودة هذه البيانات باختلاف مزوديها، ففي بعض الحالات، لا تتضمن البيانات المتعلقة بالشركات معلومات حول الولاية القضائية المسجلة فيها أو حول الفترة التي ثبت فيها ارتباط شخص ما بشركة معينة أو حول الوسطاء. ورغم هذا النقص المسجل، توفر البيانات معلومات هامة عن المالكين، وفي بعض الحالات، حول المعاملات وتفاصيل مالية أخرى. 

ويمثل مقدمو الخدمات الأربعة عشر جزءًا من نظام خدمات "أوفشور" ممتد الأطراف ينشط في جميع أرجاء العالم. ولذا، يصعب تقدير حصة هذه البيانات التي تناولناها بالتحليل، وهي على الأرجح لا تمثل سوى جزءا صغيرا منه. 

فعلى سبيل المثال، في الجزر العذراء البريطانية، تعاطى ستة من مقدمي الخدمات، أي حوالي نصف إجمالي مقدمي الخدمات الذين تطرقت إليهم أوراق باندورا، نشاط وكيل مسجل. وفي المجمل، يتعاطى نفس هذا النشاط ما لا يقل عن 101 شركة، وفقا للجنة الخدمات المالية التابعة للجزر العذراء البريطانية. واعتبارًا من مارس 2021، ناهز عدد الشركات الناشطة 370.000 شركة، أي بمعدل اثنتي عشرة شركة لكل ساكن في هذه الدولة الجزرية الصغيرة. 

لماذا يفوق عدد المستفيدين النهائيين في أوراق باندورا أولئك الذين كشفت عنهم التسريبات السابقة؟

يتأتى جزء هام من المعلومات حول المستفيدين الحقيقيين المذكورين في أوراق باندورا من التقارير التي ولّدها مزودو نظام البحث الآمن حول المستفيدين الحقيقيين (Beneficial Ownership Secure Search System أو BOSS) التابع للجزر العذراء البريطانية والمحدث في أعقاب نشر أوراق بنما سنة 2016، علما وأن هذه المعلومات غير متاحة للعموم.

جدير بالتذكير أن القانون الصادر في الجزر العذراء البريطانية سنة 2017 يجبر مقدمي الخدمات على إبلاغ السلطات بهوية المالكين الحقيقيين للشركات المسجلة على أراضيها. وسمح التسريب بالكشف عن العديد من الوثائق المتضمنة لهذه المعلومات.

ما سبب ارتفاع عدد زعماء العالم والسياسيين المتورطين؟

يتأتى السواد الأعظم من السياسيين والمسؤولين الحكوميين، الحاليين أو السابقين، الذين كُشف عنهم من الوثائق المقدمة من قبل مكتبي "آلكوغال" و "تريدانت تراست". وغالبية شركاتهم مسجلة في الجزر العذراء البريطانية وبنما. وتُشير المعطيات حول الملكية الحقيقية التي تمكن الاتحاد الدولي للصحفيّين الاستقصائيين من هيكلتها إلى أن حوالي نصف الشركات مرتبطة بمكتب "آلكوغال". ومن بين مؤسسي هذا المكتب البنمي العديد من رجال السياسة، بمن في ذلك سفير بنمي سابق لدى الولايات المتحدة. 

ما سبب ارتفاع عدد المستفيدين الحقيقيين الروس والأمريكيين اللاتينيين؟

يتعامل بعض مقدمي الخدمات مع نسبة عالية من العملاء الروس حسب تموقعهم والولايات القضائية التي يمارسون فيها نشاطهم، كقبرص على سبيل المثال، والجنسية الروسية هي الغالبة بحسب البيانات المسربة.

إذ تُشير أوراق باندورا إلى أن أكثر من 30٪ من الشركات المنتفعة بخدمات كل من "Demetrios A. Demetriades LLC" أو "DadLaw" مقدم الخدمات المنتصب بقبرص، لها مستفيد حقيقي أو أكثر من جنسية روسية. وبالمثل، فإن ما يفوق 40٪ من الشركات المنتفعة من خدمات مجمع "Alpha Consulting Group" المنتصب بالسيشيل، تعد مواطنا روسيا واحدا على الأقل من بين مستفيديها الحقيقيين. كما تُعتبر شركتا "آلكوغال" و "Fidelity Corporate Services Limited" من بين مقدمي الخدمات الأكثر تعاملا مع حرفاء وحريفات من جنسية روسية. 

كما أن جزءا كبيرا آخر من المستفيدين الحقيقيين هم أصيلو أمريكا اللاتينية بحسب البيانات. إذ ينحدر أكثر من 90 من أصل 330 سياسيا ومسؤولا حكوميا مدرجين في البيانات من قارة أمريكا اللاتينية. وتتصدر كل من الأرجنتين والبرازيل وفنزويلا قائمة البلدان من حيث عدد المستفيدين. ووفقا للتسريبات، تستحوذ شركة "آلكوغال" على نسبة كبيرة من العملاء والعميلات أصيلي أمريكا اللاتينية.

ماذا عن المواطنين الأمريكيين والشركات متعددة الجنسيات؟

عندما يتعلق الأمر بتكوين شركات صورية ومؤسسات وصناديق استئمانية "أوفشور"، تلجأ الأطراف ذات الاحتياجات المتنوعة من مختلف أرجاء العالم إلى انتقاء عدة مقدمي خدمات وولايات قضائية.

تغطي أوراق باندورا عددًا كبيرًا من مقدمي الخدمات، وإن غاب تمثيل العديد من الولايات القضائية في البيانات. 

في التحقيقات السابقة التي قادها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، بما في ذلك أوراق بارادايس في عام 2017، تسربت المعطيات من "أبليبي" وهو مكتب محاماة مرموق يعمل لصالح كبرى الشركات، الأمر الذي يفسر تضمن البيانات للمزيد من الوثائق المتعلقة بالشركات متعددة الجنسيات. وتُعتبر برمودا وجزر كايمان جنانا ضريبية شائعة لدى الشركات ومن بين الولايات القضائية التي تكرر ذكرها في الوثائق المسربة. 

أما في ما يهم المواطنين الأمريكيين، فقد تم حصر أكثر من 700 شركة يرتبط مستفيدوها الحقيقيون بالولايات المتحدة. كما تُعد الجنسية الأمريكية من بين الـ20 جنسية الأكثر تمثيلا في البيانات. 

وفي المقابل، تُعد روسيا والمملكة المتحدة والأرجنتين والصين والبرازيل من بين البلدان التي تستحوذ على نصيب الأسد من حيث عدد المستفيدين الحقيقيين الذين تم حصرهم في أوراق باندورا. وعلى وجه المقارنة، كان للمواطنين الأمريكيين حضور نسبي أكبر في أوراق بارادايس.