ما الذي تجب معرفته عن الإجراءات الضريبية الجديدة في مشروع قانون المالية لسنة 2021؟

  تقدّم إنكفاضة عبر رسوم بيانية أهم الفصول والإجراءات الضريبية الجديدة وكيف أمالت الحكومة التونسيّة كفّة الضرائب نحو الأفراد، لتقدّم لاحقا نظرة فاحصة على أهمّ الموارد الجبائية خلال الـ10 سنوات الماضية.  
بقلم | 02 نوفمبر 2020 | reading-duration 8 دقائق

متوفر باللغة الفرنسية
تخطّت نسبة الانكماش الاقتصادي في تونس، بحلول النصف الثاني من هذا العام، 20% وقفزت نسبة البطالة من 15 إلى 18%. مؤشرات اقتصادية "غير مسبوقة" -كما وصفها البنك المركزي-* ألقت بظلالها على توجهات الحكومة في صياغة مشروع قانون المالية لسنة 2021.  فما هي أهم ملامح هذه التوجهات في المشروع المقترح؟

تقدّم وزارة المالية نصّ المشروع على أنه يندرج ضمن جهود الحكومة لمواصلة الإصلاحات الجبائية ودفع الاستثمار، كما تقرّ بأنها  تسعى من ورائه إلى اتخاذ إجراءات وفرض تعديلات جديدة لضخّ موارد إضافية لفائدة ميزانية الدولة. 

يتأتّى مصدر هذه الموارد وفق مشروع قانون المالية لسنة 2021**، من الضرائب الجديدة على بعض المواد الاستهلاكيّة، على غرار ترفيع الضّريبة على استهلاك المشروبات الكحولية والمنتجات البترولية والمواد الطاقية والسكّر، علاوة على فرض أداءات على ألعاب الرهان. 

ففي الوقت الذي يتّم فيه الضغط أكثر على الأشخاص دون تفرقة على أساس مستويات المداخيل والموارد، أرخت الحكومة يدها عن الشركات عبر تخفيض مهمّ في الضرائب على الأرباح بلغ 7 نقاط كاملة. وتقترح الحكومة  في الفصل 21 من مشروع القانون تخفيض 20% في معلوم الإستهلاك لدراجات الكواد واليخوت والمراكب الترفيهية، واضعة ذلك ضمن تمكين مؤسسات التنشيط السياحي ودعم القدرة التنافسية للمؤسسات المحلية المصنعة لهذه التجهيزات.

يأتي الفصل الـ16 ليمنح إعفاءً للشركات التي لا يتجاوز  رقم معاملاتها السنوي خال من الأداءات 400 مليون دينار -عوضا عن 20 مليون دينار-، من تقديم الوثائق المبررة لسياسة أسعار التحويل. ويشمل هذا التنصيص كل التحويلات، سواء مع مؤسسة أو عدة مؤسسات مقيمة أو مستقرة بالخارج شرط أن لا تتجاوز قيمتها 100 ألف دينار خالية من الأداءات.

ووفق هذا الفصل فسيتمّ التخلي عن واجب التصريح للشركات التي تنتمي لذات المجمع والمقيمة في تونس وبخصوص أسعار تحويل لا تتجاوز أو تساوي 100 ألف دينار، بعد أن تمّ تغيير عبارة "شركات أخرى" الواردة في مجلة الضريبة في هذا الصدد بحصرها في الشركات المقيمة أو المستقرّة في الخارج.

المداخيل الجبائية بين 2010 و2020

ق.م : قانون ماليّة، ويعتبر قانونا للمالية قانون المالية للسنة، قانون المالية التعديلي و قانون غلق الميزانية. و  يقتصر قانون المالية على الأحكام المتعلقة بموارد الدولة وتكاليفها دون سواها
ق.م.ت : قانون ماليّة تكميلي  وهو يأتي لينقح قانون المالية التعديلي لنفس السنة.

عرفت المداخيل الجبائية التونسية خلال العشر سنوات الأخيرة ارتفاعا متواصلا، إذ ارتفعت من حوالي 13،5 مليار دينار سنة 2010 إلى أكثر  من 31 مليار دينار وفق قانون المالية لسنة 2021. وتأتي أهم المداخيل الجبائية من الأداء على الدخل والضريبة على الشركات والأداء على القيمة المضافة ومعلوم الإستهلاك.

في المقابل لم تشهد أي مداخيل ضريبية انخفاضا طيلة هذه السنوات عدا الضريبة المفروضة على الشركات إذ انخفضت سنة 2016 إلى 1633,9 مليون دينار  مقابل حوالي 2734 مليون دينار في السنة التي سبقتها، و2434 مليون دينار سنة 2010.

  في ذات السياق يُظهر الإنفوغرافيك كيف تراجعت مداخيل الضرائب المفروضة على الشركات خلال سنة 2016، حيث صيغ القانون حينها لتوفير 3388 مليون دينار، قبل أن يتمّ تعديل ذلك في قانون المالية التكميل لتنخفض إلى حدود 1765 مليون دينار  وليتمّ في النهاية تعبئة 1633.9 مليون دينار فقط. وهو ما يعني تراجعا بـحوالي 1100 مليون عن سنة السابقة أي 2015.

من جهة أخرى تواصل الإرتفاع السريع لعائدات الضريبة على الدخل، إذ تضاعف حوالي أربع مرّات بين 2010 و 2021. وقد صاحبه تقريبا في هذا الارتفاع الأداء على القيمة المضافة الذي ارتفع من حوالي 3750 مليون دينار في 2010 إلى 8975 مليون دينار سنة 2020. وقد قفز هذا الأداء بين 2018 و2020 بحوالي 3291 مليون دينار.

وتضاعفت مداخيل الأداء على الإستهلاك، والذي يتعلق أساسا باستهلاك مواد باهضة أو مضرّة بالصحّة، بين 2010 و2020 لتبلغ 3157 مليون دينار حاليا، بعد أن كانت في حدود 1563 مليون دينار في السنة المرجع أي 2010. 

تركيبة المداخيل الجبائية بين 2010 و 2020

  ق.م : قانون ماليّة يقتصر قانون المالية على الأحكام المتعلقة بموارد الدولة وتكاليفها دون سواها
ق.م.ت : قانون الماليّة التكميلي وينقح خلال السنة قانون المالية للسنة عينها فقط..

يوضح الإنفوغرافيك في الأعلى كيف بقيت تركيبة المداخيل الجبائية هي ذاتها بين 2010 و2020، فيما تغيّرت الحصص في المنظومة الجبائية التونسيّة التي باتت تعوّل على الضريبة على الدخل كمورد جبائي أوّل بنسبة 30%، وفق قانون المالية لسنة 2020 في حين لم تكن تتجاوز  حصّتها سنة 2010 الـ20%. ما يعني إرتفاعا بـ10 نقاط كاملة، في حين تراجعت حصص الموارد الجبائية الأخرى بنسب متفاوتة.

في المقابل تكشف لنا حركة الأرقام كذلك كيف ظلت سياسات التعبئة الجبائية متساهلة مع الشركات، إذ تراجعت حصّتها من المداخيل الجبائية بسبع نقاط كاملة، وتحديدا 19،2% إلى 12،6% بين 2010 و2020. 

على نحو عام يبدو التعويل على المساهمة الفرديّة في الموارد الجبائية طاغيا على سياسات الحكومات المتعاقبة في هذا الصدد. وعلى نحو خاصّ، تمثل حاليّا الضريبة على الدخل والأداء على القيمة المضافة رافعة الميزانية الحكومية التي يتأتّى ثلثاها من المداخيل الجبائية، في الوقت الذي ترتهن تقريبا ربع الميزانية إلى الاقتراض الداخلي والخارجي بأكثر من 11 مليار دينار سنة 2020، والذي قُدّر في مشروع المالية لسنة 2021 بـ15،7 مليار دينار.