قرّرت هؤلاء الطّالبات مقاطعة دروس الأستاذ أيمن حسن منذ يوم 2 ديسمبر 2019. أما هو فاِستمرّ في المجيئ إلى دار المعلّمين العليا وتقديم الدّروس. رغم أنّ التشكيات الأولى من التحرّش بدار المعلمين بتونس تعود إلى سنة 2017، ورغم الشكايات التي قُدّمت ضدّه في المدرسة العليا للأساتذة بليون في السنة الجامعية 2007-2008 حين كان طالبا، فإنّه لم يتمّ اتّخاذ أيّ إجراء لحماية الطّالبات.
أستاذ محرج
منذ السنة الجامعية 2017-2018 وجدت تسع طالبات، في سنّ العشرين، أنّ أستاذهنّ يتصرّف بطريقة مضايِقة. وقدّمت عدّة طالبات من هذه الدّفعة المتكوّنة أساسا من الإناث، شهاداتٍ عن تعاليقَ صادرة عن الأستاذ تتعلّق بحياتهنّ الخاصّة.
"في عيد ميلادي، أراد أن يأخذ معي صورة أمام بقيّة القسم ففاجأني بقُبلة تكاد تُلامس شفَتيّ". وكان ذلك دون إذن منها. "كان يقرُص خُدودنا، ويتلمّس شعرنا إذا مرّ بين الصّفوف". وأعربت الطّالبات عن إحساسهنّ بالاحراج داخل القسم.
"ينظُر إلى أرجُلِنا بطريقة مُضايقة، وينظر بتدقيق إذا لبسنا تنّورة أو قميصًا كاشفًا للصّدر أو إذا وضعنا أحمر شفاه أو طلاء أظافر".
منذ الشّهر الثّاني من هذه السّنة، قرّرت الطالبات أن يحمين أنفسهنّ من نظرات الأستاذ الوقِحة. فلا ملابس أنثوية كاشفة ولا عطر بعد ذلك.
حَكَيْنَ أنّه كان يناديهنّ بـ"عزيزتي" وأنّه كان يُطنِب في تحليل الإيحاءات الجنسيّة في النّصوص حتّى وإن لم يستدع الأمر تحليلا. "ما إن يغلق باب القسم حتى يبدأ المهرجان"، هكذا لخّصت إحدى الطّالبات.
تقول نادية* وهي أستاذة، أن ثمّة طالبات يبُحنَ لها باستمرار. "أحيانا يتّصل بهنّ بعد منتصف اللّيل ويقترح أن يرافقهنّ بعد الدّرس".
"أثناء الدّرس، كان يُجنسِن كلّ شيء (أي يصل كل شيء بالجنس)"، هكذا حكت إحداهنّ. وقالت نادية أيضا أنّها استطاعت أن تستمع لتسجيل لأحد دروسه فصُدِمت من قوله وهو يحلّل إحدى قصائد بودلير: "تبّا، لقد ابتلّت". وقالت أن الإيحاء الجنسي موجود في النصوص ولكن هناك أساليب مستساغة في التحليل.
حسب الطّالبات، ليست هذه المرّة الأولى التي يتصرف فيها الأستاذ بهذه الطريقة. يُقال أنه منذ وصوله إلى دار المعلمين العليا سنة 2013، "هناك مشاكل بينه وبين الطّالبات"، حسب أستاذة أخرى.
وقفة احتجاجية في دار المعلمين العليا بتونس يوم 2 ديسمبر 2019: كُتِب على اللافتة المعلّقة في الوسط: "لكي أنجَحَ، لا أحتاج إلى يدٍ تُربّتُ على كتفي، لا أحتاج إلى وصاية أبويّة، لا أحتاج إلى فضل من أحد ولا أحتاج إلى من يدقّق النّظر في رجليّ!"
دار المعلمين العليا لا تأخذ القضيّة على محمل الجدّ
لم ينقض شهران على العودة الجامعية، حتى اشتكت الطّالبات من الوضعيّة إلى الإدارة. التجأن حينها إلى المدير الحبيب البقلوطي الذي أُحيل اليوم إلى التقاعد. فطلب منهنّ كتابة تقرير مُفصّل عن أفعال أيمن حسن.
في 28 نوفمبر 2017، قدّمت إليه الطالبات التّسع تقريرا، فأقنعهنّ أنه هو الشخص الوحيد الذي يجب أن يحظى بثقتهنّ وأقنعهنّ بعدم الحديث عن الموضوع. هكذا قالت الطّالبات. وعدهنّ بأن يقرُص أُذُن الأستاذ.
في هذه الرسالة -التي استطاعت إنكفاضة معاينتها- تصِف الطّالبات كيف أنّ أيمن حسن لا يضيّع الفرصة بأن يلتصق بالطاولات فيتلمّسهنّ وكيف أنه يسمح لنفسه بأن يُصدر تعليقات على لباسهنّ وعلى طريقة تزيّنهنّ وكيف يطلق عليهنّ صفات مثل "العاهرة".
يحكين أنّه وضع يده ذات مرّة على رأس فتاة مُحجّبة وقال لها أنّه من المُؤسف أنها مُحجّبة وأنّ هذا لن يجعلها تنجح في امتحان التبريز. كان يتّصل بالطالبات خارج أوقات الدّرس، في ساعة متأخّرة من الليل، فيسأل إذا كانت صورته على فيسبوك قد أعجبتهنّ.
تقرير طالبات دار المعلمين بتونس يصِفن فيه أفعال الأستاذ أيمن حسن في القسم. وأكّدن أنهن قدّمن التقرير إلى المدير في 28 نوفمبر 2017.
بعد مقابلتهنّ مع المدير، عبّرت الطّالبات لأستاذتهنّ نادية عن قلقهنّ بسبب عدم رغبة المدير في اتخاذ الإجراءات اللازمة.
في إحدى مُحادثتهنّ، قالت إحدى الطّالبات أن المدير الحبيب البقلوطي نصحَهنّ بأن يدّعين اللامبالاة في المدّة التي تبقّت من السّنة.
قال أنّهن إذا فعلن شيئا فإن أيمن حسن سيمنحهنّ أعدادًا سيّئة، وهذا يشكّل خطرًا على مكانتهنّ في دار المعلّمين.
"ليس لنا الحقّ في الرسوب في دار المعلمين العليا، أي أنّ كل سنة هي رهان كبير بالنّسبة إلينا"، كما قالت إحدى الطّالبات.
مقتطف من مُحادثة دارت بين نادية وطالبة تحكي فيه كيف صارت المقابلة مع المدير في نوفمبر 2017.
وفي النهاية، القرار الوحيد الذي اتُّخذ هو تقليص ساعات الدّروس لأيمن حسن مع هذا الفريق في السداسي الثاني. ساعتان بدلَ ستّ ساعات. لن تتعمّق الإدارة في التّحقيق ولن تبحث في التفاصيل. وكان من المستحيل التّثبّت في الأمر مع إدارة دار المعلمين العليا.
مقطع ثان بين نادية وطالبة في جانفي 2018 يتحدّثن فيه عن تغيير جدول الأوقات.
اتّصلت إنكِفاضة بالحبيب البقلوطي فأنكر القضيّة إنكارًا وأكّد أنه لم يرَ هذا التّقرير المزعوم قطّ وكذّب أنه وراء قرار تغيير جدول الأوقات. وأكّد أنّ مثل هذه الإجراءات يتّخذها قسم الفرنسيّة وأنّه لم يتلقّ أيّ معلومة أخرى.
أمام صمت الإدارة، لزمت الطّالبات الصّمت أيضا واستحملن دروس السّداسي الثاني وتصرّفات أيمن حسن المُضايِقة. والأكثر من ذلك أنّه التجأ إلى التّهكّم وكان إذا قام بأيّ فعل يُلحقُهُ بـ"هل ستكتُبن ذلك في التّقرير؟". في السّنة الموالية، لم يلتق الأستاذ بذلك الفريق من الطّالبات. وظلّ هذا الفريق مقتنعا بأنّ الدّفعات القادمة ستتعرّض للاعتداءات نفسها.
#أنا_زادة يعيد إثارة القضيّة
في أكتوبر 2019، على إثر نشر صور النّائب بمجلس نواب الشعب وهو يستمني أمام تلميذة بمعهد، بدأت عديد النّساء بسرد حالات التّحرش الجنسي الذي تعرّضن لَه بطريقة علنيّة. هذه الموجة من الشّهادات هي التي شكّلت التحرّك #أنا_زادة الذي تحرّرت كلمات الضحايا من خلاله.
في نفس الموضوع
أعاد هذا الحِراك وانفجار الهاشتاغ إثارة قضيّة أيمن حسن. في 5 نوفمبر، قدّمت فتاة شهادةً دون أن تكشف عن هويّتها في المجموعة الفيسبوكية #أنا_زادة، تقول أنّها تعرّضت للتحرّش من قبل أستاذ في دار المعلمين العليا بتونس. اتّصلت إنكِفاضة بسُميّة التي سردت أحداثًا تعود إلى سنة 2014 حين كانت قاصرا وتلميذة بالمعهد.
مهتمّة بالشأن الأدبي وبأعمال أيمن حسن، الذي سبق له ونشر دواوين شعر. حضرت ذات يوم حفل توقيع كتابٍ له، فوَعَدها بأن يُقدّم لها نصائحَ حول مُختلف التخصّصات الأدبية المتواجدة خاصة بدار المعلمين. لم تمض بضعة أيّام على لقائهما حتّى صار يراسلها بطريقة مستمرّة ويتفاعل مع كلّ صورها على فيسبوك. أحسّت سميّة أن الأمور بدأت تخرج عن نصابها حين طلَب منها صُورًا لقدميها حتّى يقوم ببحثه المورفولوجي المزعوم.
حين نشرت سميّة شهادتها بطَريقة لا إسميّة، قام بعض الأشخاص بكشف هويّة الأستاذ في تعاليق على فيسبوك. وروت فتيات أخريات أحداثا مشابهة، من بينهنّ طالبات بدار المعلّمين أكّدن أنّهنّ تلقّيْنَ الطّلَبَ نفسَه من الأستاذ أيمن حسن.
استطاعت إنكفاضة أن تعاين عدّة نُسَخ من هذه الرّسالة التي أرسلت للطّالبات. وكان الأستاذ في كلّ مرّة يطلب الشّيء نفسه: "اختلقت نظريّةً تمكّن من تحليل الشّخصية من خلال تحليل مورفولوجي للأقدام. الأمر جدّي. تحصّلت على نتائج مهمّة. هل بإمكانكِ أن تبعثي لي صورتين أو ثلاثة لقدميك بها الأصابع والراحتان؟".
هذه صورة لرسالة كان قد بعثها أيمن حسن لعدّة طالبات لطلب صور لأقدامهن
"إنّه أستاذ معروف ونحن نثق به بالتّأكيد. لذلك لم نجد طلَبَه غريبا"، هكذا قالت إحدى الطالبات.
ولكنّ إجابة أيمن حسن كانت مُضايِقة وغيرَ مقبولة: "كان بإمكانك أن تبذُلي جهدا أكبر. الأمر ليس على هذه الغاية من الإباحيّة". ولم تتلقّ أي من الطّالبات أيّ نتيجة للبحث.
إنّ القضيّة لا تتعلق فقط بطالبات دار المعلمين العليا، ففي 26 نوفمبر، أدلت عبير كرافة بشهادة مفادُها أنها كانت باحثة في ENS ليون حيث كان أيمن حسَن طالب دكتوراه بفضل برنامج تبادل جامعي. لِمستحقّات بحثها، اقترحت عليهِ مقابلةً مهنيّة في مقهى. تقول: "كنّا نتناقش، ثمّ أصبح اجتياحيّا بسرعة، وإذ به يُقبّلني بطريقة مفاجئة".
صدّته عبير وانتهى الأمر. "كنت في سنّ الثامنة والعشرين، ولم يكن لهُ أيّ سلطةٍ عليّ، لذلك لم أخف منه". هذا ما تعتقده حين تفكّر في الأمر اليومَ. لم تكن هي الوحيدة التي ندّدت بتصرفات أيمن حسن في ENS ليون. قُدّمت ضدّه عدّة شكايات أخرى، منها شكاية في الاغتصاب.
شكاية في الاغتصاب بليون يتِمّ الاحتفاظ بها
"منذ 10 سنوات، كان هذا المفترس يفعل الشيء نفسه في ENS ليون حيثُ كنتُ". لم يهدأ غضَبُ لاياليا فيرون بعدُ. حين رأت موجة التّنديد بتونس، أدلت الباحثة والطّالبة السّابقة بليون بشهادة علنيّة حول تجاوزات أيمن حسَن.
J’exprime ma solidarité publique avec les étudiantes de l’Ecole Normale Supérieure de Tunis qui dénoncent le harcèlement, les agressions sexuelles et les viols présumés d’Aymen Hacen, professeur à l'ENS Tunis.#EnaZeda #MeToo #Moiaussi
— Laélia Véron (@Laelia_Ve) December 11, 2019
⬇️
غردت لاياليا فيرون على تويتر : "أعبّر عن تضامني مع طالبات دار المعلمين العليا بتونس اللّواتي يندّدن بالتحرش والعنف الجنسي والاغتصاب الذي يتعرّضن لهُ من طرف الأستاذ أيمن حسن بدار المعلّمين".
"كنت شريكتَهُ في السّكن في مدرسة المعلّمين العليا بليون حين كنت في العشرين. أعرف شخصين يتّهمانه بالاغتصاب وباعتداءات جنسية أخرى". حكت لاياليا حين اتصلت بها انكفاضة أنّ ذات ليلة، كان أيمن حسن مع فتاة في غرفته، فسمعت صُراخا أفزعها. في الغد، التقت مع الفتاة المعنيّة، فكشفت لها عن آثار ضرب على مستوى الرّقَبة، كدليل على اعتداء جسدي تعرّضت له في الليلة الماضية.
قالت لاياليا أن الطالبة "تحصّلت على شهادة طبية تُقِرّ بأنها تعاني من أزمة نفسيّة كبيرة وأنها تحمل آثارَ عنف جسدي". وأكّدت أن شكاية تقدّمت ضدّه وأنّ مكافحة صارت بين الفتاة وأيمن حسن في قسم الشرطة.
أكّدت المدرسة العليا للأساتذة بليون هذه المعلومات في إيمايل بُعِثَ لإنكفاضة بموافقة الضّحية. قالت فيرونيك كاست من مكتب الإدارة أنّها راجعت الأرشيف وتحدّثت مع "شهود عيان" حتى تُعيد تركيب الأحداث:
"في أكتوبر 2007، تلقّت ENS ليون للآداب والعلوم الإنسانية تشكّيات خطِرة فيها اتهامات ضدّ أيمن حسن بالتحرش والاغتصاب. نُقِلت إحدى الضحايا إلى قسم الطب الاستعجالي بسبب جروح وآثار ضرب وصدمة نفسيّة، وقد تقدّمت بعدها بشكاية إلى الشرطة. قامت إدارة المؤسسة باستدعاء أيمن حسن وطردِه من مبيت المدرسة حيث صارت أحداث القصّة. كما دعت الإدارةُ المشتكِيات وعبّرت لهن عن مساندتها لهُنّ، وكذلك الأساتذة والزملاء. صارت مواجهة بين الضحية والمُعتدي المزعوم بقسم الشرطة، وقرّر وكيل النيابة وقْفَ الأبحاث.
لا تعتقد لاياليا أن التحقيق أخِذَ على محمل الجدّ. "فلم نُسأَل لا أنا ولا الشريكة الثانية في السكن عن الأحداث رغم أننا كنّا حاضرات على عين المكان".
حسب لاياليا، تم الاحتفاظ بالشكوى لنقصٍ في الأدلّة. وهذه الوضعية تتكرّر في فرنسا. فحسب احصائيات وزارة الدّفاع، فإنّ 76٪ من الأبحاث في قضايا الاغتصاب تُحفظ.
كما أكّد جون ماري ڤلايز، أحد المشرفين على أطروحة أيمن حسن وقتها، وقد اتّصلت به إنكِفاضة، أنّ القضيّة قد وصلت إلى إدارة الـENS وأنّ المدير آنذاك السيد أوليفيي فارون، قد تابع القضية وتمّ أخذ القرارات اللازمة: أي طرد أيمن حسن من المبيت. ويعتقد هو الآخر أنّه كان من المفروض عدم الاحتفاظ بالقضيّة، بل كان عليها أن تتخذ منحى آخر. قال مشيرًا إلى التّحركات الحالية ضد العنف المسلّط على النساء: "اليوم، لا تسير الأمور على الشاكلة نفسها".
حسب الأشخاص الذين اتّصلت بهم إنكفاضة والذين كانوا شهودًا، فإنّ المدرسة قامت فعلا بطرد أيمن حسن من إقامته. "وقد تمّت محاسبتُهُ بطريقة تنظيميّة، من أبرز نتائجها أنه طُرِد من إقامته. ومن الممكن أن يكون قد تمّ إيواءه خارج المدرسة بليون"، حسب شهادة طالب كان يجاوره في المبيت.
"رغم هذا الإقصاء، استمرّ أيمن حسن في المجيء إلى المدرسة. كان يأتي ليتواصل مع المسؤولين في الإدارة. وبما أنّه كان مطرودا من المبيت وممنوعا من الاقتراب من الضحيّة، كنتُ أدعوه ليستريح في غرفتي"، هكذا قال الطّالب نفسُه.
"استمرّ في التدريس والمجيء إلى المركّب الجامعي والتردّد على الكافيتيريا بعضا من الوقت بعد القضيّة، حيث كان يلتقي مع ضحاياه صدفَةً"، أكّدت لاياليا.
احتجاج الطالبات بدار المعلمين العليا، 2 ديسمبر 2019
تحرّكات آتت أُكلَها
"لزِمنا الصّمت طيلة سنة، والآن نتكلّم". إنّ سبب صمت طالبات دار المعلّمين العليا بتونس هو خوفُهُنّ من أن لا يتمّ تصديقهنّ، ومن أن يضغط المتّهم عليهنّ وهو الذي كان ذا سمعة حسنة في الوسط الأدَبي كما يقُول.
قرّرن إذا، منذ نوفمبر 2019، استئناف المعركة. فاِجتمعن وتنظّمن لجمع أدلّة تُدينُه وللاتّصال بطالباته الجدد.
"كان إذا بالَغ في التّلميح إلى الجنس عندما يشرح القصائد ووجدنا ذلك مُبَالَغًا فيهِ، ينعتنا بالمُحافِظات"، هكذا فسّرت إحداهنّ. ورَوَت طالبة أخرى: "ذات مرة، كنت مُنحنيةً أتحدّث إلى صديقة، فجاءني ومرّر يديه على شعري حتّى أسفل ظهري، فُصُدِمت واِنتابني خوفٌ شديدٌ".
في 7 نوفمبر، تحدّثن إلى المُدير الجديد، عثمان الحسناوي، الذي عُيّن في مارس 2019، وحَكَيْن له أن سبقَ واشتكَين إلى المدير الأسبَق في 2017. صدقهنّ وأخَذ الأمر على محمل الجدّ ولكنه أكّد عدم عثوره على التقرير الذي قُدّم سابقا.
كان من المفروض أن يتواجد التقرير في الأرشيف. كان يجب الاتصال بمكتب الضبط، فهو المكلّف بأرشفة المطالب التي تُقدّم إلى المدير. لكن هذا الأخير استلم التقرير بنفسِه ورفض أن يدخل للأرشيف. "إذا كان المدير هو نفسه قد طلب منّا تقريرا مكتوبا، فلماذا كنّا نذهب إلى مكتب الضّبط؟"، تساءلت إحدى الطّالبات.
هذه المرّة، قدّمن تقريرا جديدا بمساعدة من السيد عثمان الحسناوي مباشرة إلى رئاسة الجامعة. أمضت عليه سبع وأربعون طالبة. لم يكُنَّ قد تعرّضن كلَّهن إلى التحرش ولكنّهن يُساندن رفيقاتهنّ. في 12 نوفمبر، استقبلهنّ رئيس الجامعة الحبيب سيدهم، وفي اليوم الموالي استدعى أيمن حسن.
يقول رئيس الجامعة: "شرحنا له الوضعيّة وقدّمنا لهُ الاتّهامات الموجّهة ضدّه فأنكرها واحتجّ بأنّ أسلوبه في التّدريس يجمع بين الإمتاع والإفادة". قال أيضا أن الإدارة قد عيّنت لجنة كي تحقق في الأمر.
معلّقات أعدّتها طالبات دار المعلّمين العليا بتونس للوقفة الاحتجاجية يوم 2 ديسمبر يندّدن من خلالها بالتحرّش الجنسي الذي تعرّضن لهُ.
على إثر التشكيات وعمليات الحشد، قرّر رئيس الجامعة إيقاف أيمن حسن عن التّدريس يوم 26 ديسمبر حتّى ينتهي التّحقيق. وتمّ إيداع الملف لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وهذه أوّل مرّة يُتّخَذُ فيها إجراءٌ مماثل. أماّ الطّالبات فقد قاطعن دروس أيمن حسن منذ 2 ديسمبر، بموافقة ومساندة من المدير. في اليوم نفسه، نظّمن وقفةً داخل المؤسسة شعارها "لا للتحرش في دار المعلمين العليا". حاولت إنكفاضة الاتّصال بأيمن حسن لمرّات عدّة، لكنّه لم يستَجب.
"إنّ العثور على هذا الشخص، على هذه الحكايات، بعد عشر سنين تقريبًا، أمر صعب (...) ولكنّها فرصة، ليس للانتقام، ولكن للإصلاح رُبّما". كتَبت لاياليا فيرون على فيسبوك.
بدأت طالبات دار المعلّمين يحصدن فعلاً ثمار تحرّكاتهن وعزمهنّ. ورغم سماعهنّ أنه قدّم شكوى في الثّلبِ ضدّهنّ، فإنّ ثقتهنّ في أنفسهنّ لم تخرّ. قبل إيقافه عن التّدريس، كان قد تمّ إعفاء أيمن حسن من عدّة تظاهرات مثل ملتقى شعري بالمرسى ومهرجان الشّعر بـ"كامبار" في فرنسا. "أمّا الآن، سنحارب حتّى النّهاية"، جزمت طالبات دار المعلمين.