قبيل القيام بغلق تلك الصفحات، قام فايسبوك بإخطار مخبر البحوث الرقمية DFR Lab التابع لمجموعة التفكير الأمريكية ATLANTIC COUNCIL، شريك فايسبوك في تعقب وتحليل مثل هذه النشاطات، وذلك لتمكينه من تسجيل القسم الأكبر من المضامين المستهدفة بالتحليل والتتبع. هكذا وبالتعاون مع مخبر البحوث الرقمية، تمكنت إنكفاضة من الولوج إلى محتويات الصفحات المتعلقة بتونس.
إجمالا، تم رصد أحد عشر صفحة تونسية، من بينها "فضائح تونسLes scandales de Tunisie"، "صوت تونس La voix tunisienne"، " الكل إلا الشاهد Tout sauf Chahed"، "فدينا من السياسة والسياسيين Marre des politiques et des politiciens"، وأيضا "طفيليات تونس les parasites de Tunis". جل تلك الصفحات استهدفت مباشرة العديد من الشخصيات التونسية، لكن شخصا واحدا بقي خارج دائرة النقد، بل استفاد من مضامين إيجابية، فيما يمكن أن يشبه مقدمة لحملة انتخابية معلنة.
جانفي 2019.. انطلاق الحملة
في 17 جانفي 2019، تم بعث صفحة "L es parasites de Tunis" (طفيليات تونس) على موقع فايسبوك. كانت تُدار من قبل خمسة مشرفين ومشرفات موجودين في تونس. يُوجد في صورة الغلاف، رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد والدكتاتور السابق زين العابدين بن علي، وقد وضعت على الصورة كلمة "parasites de Tunis" (طفيليات تونس) ورسم لجمجمة، مما يعطي فكرة عن المحتوى.
تعرّضت حكومة يوسف الشاهد إلى نقد الشديد من قبل هذه الصفحة. فخلال أربعة أشهر، تم نشر 44 منشورا شهدت حوالي 167.000 تفاعل (بين إعجاب وتعليق ومشاركة). وتعلّقت المنشورات أساسا بفساد حكومة الشاهد وعدم قدرتها على التصرف في الشأن العام، كما شمل النقد أيضا الباجي قائد السبسي ومهدي جمعة وقيادات حزب النهضة.
يوم غلقها في 15 ماي 2019 ، كانت الصفحة تجمع 37.000 مشترك ومشتركة وكانت تعطي نوعا من المصداقية لرئيس الجمهورية السابق، منصف المرزوقي وتحتفي بالقيادات السابقة لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية مثل سامية عبو وعماد الدايمي، خاصة عندما يُدلون بتصريحات تنتقد الحكومة الحالية. كما تقوم الصفحة بمهاجمة النظام السابق ونشر مقالات متعلقة بالعدالة الانتقالية.
لكن وعلى رغم توجه هذه الصفحة إلى إطراء أنصار الحركات المتفرعة عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، فإنها سعت في الوقت نفسه لتلميع صورة قناة نسمة، فقد قدمت هذه القناة التلفزية الخاصة على أنها وسيلة إعلامية معارضة لدكتاتورية بن علي، كما أنها ندّدت بقرار غلقها في أفريل 2019.
"قناة نسمة تعارض بن علي في ديسمبر 2010"
يوم 17 جانفي 2019، تم بعث صفحة أخرى باسم "La voix tunisienne" (الصوت التونسي). ويوم 15 ماي كانت تحتوي على أكثر من 24.000 مشارك ومشاركة. ولكن للأسف، لم تتمكن انكفاضة من الإطلاع سوى على المنشورات الأخيرة لهذه الصفحة قبل حذفها من قبل محرك غوغل.
ومن بين خمسة منشورات تم الاطلاع عليها، ظهرت ثلاثة فيديوهات تعارض كلّها غلق قناة نسمة، حظي كل واحد منها بما يقارب 2000 إلى 3000 تفاعل (إعجاب وتعليق). كما قامت صفحة "La voix tunisienne" عشية حذفها بانتقاد حالة المؤسسات في تونس ومستوى الفساد فيها والتهديدات التي تمس الديمقراطية، قبل أن تطرح سؤالا أخيرا:
"ألا يمكن القيام بتحوير جذري للحكومة والتوجه نحو تنصيب مرشح جديد يكون أن أقرب لهموم التونسيين؟ ما رأيكم؟"
ملايين التفاعلات
في الشهر الموالي، ما بين 7 و27 فيفري، تم بعث خمس صفحات أخرى وهي "Tout sauf Chahed"، و"فدّينا من السياسة والسياسيين" و" تونس Tunis 24" و" منظمة من أجل الحقوق والديمقراطية في المغرب Organisation pour le droit et la démocratie au Maghreb" و"حبي تونس Tunisie mon amour"، وقد حظيت هذه الصفحات بـ240.000 مشارك ومشاركة في أقل من ثلاثة أشهر.
في حين تم بعث الصفحات الأربعة المتبقية خلال شهر مارس، وهي "الإنسان لأخيه الإنسان"، صفحة ذات أغراض إنسانية وصفحات "توقفوا عن التضليل والكذب في تونس Stop à la désinformation et aux mensonges Tunisie " و"الثورة إلى القمامة" و"فضائح تونس". وقد تمكنت هذه الصفحات خلال شهرين من جمع 200.000 متابع.
بُعثت الصفحات الإحدى عشر المسيئة بين 17 جانفي و12 مارس 2019 وقد جمعت ما يقارب500.000 متابع.
يوم 15 ماي، وصل عدد المتابعين إلى 9083 لصفحة "منظمة من أجل الحقوق والديمقراطية في المغرب Organisation pour le droit et la démocratie au Maghreb" و104.268 لصفحة "فضائح تونس"، والتي عرفت تطورا ملحوظا في عدد المتابعين لها خلال شهرين فقط من بعثها يوم 12 مارس 2019.