يقدّم مشروع القانون بنص بابه الأوّل “أحكام عامة” و بنص و ثيقة “شرح الأسباب” المصاحبة له بأنّه يهدف الى “حماية أعوان القوات المسلحة من الاعتداءات التي تهدد سلامتهم و حياتهم و ذلك ضمانا لاستقرار المجتمع بأسره”. المعنيون بمصطلح “القوات المسلحة” هم الأعوان حاملي السلاح التابعين للجيش و قوات الأمن الداخلي و الديوانة و يشمل مجال الحماية الأعوان أنفسهم و عائلاتهم و ممتلكاتهم و المقرات و المنشآت و التجهيزات الموضوعة تحت تصرفهم و “أسرارالأمن الوطني”.
بعيدا عن التجاذبات و التوظيف السياسي, و هما ما يميّز النقاش الدائر حاليا حول ثنائية الحريّة و الأمن و حول كل القوانين المقترحة في علاقة بالمنظومة الأمنيّة, خطورة مشروع القانون المقترح تقتضي قراءة نقدية قانونيّة و حقوقيّة له.
جمّعنا أيضا, في إطار هذا العمل, عددا من ردود الأفعال و التعليقات من شخصيات معنيّة بمشروع القانون اتّصلنا بها للغرض.
جدليّة الفراغ التشريعي و حماية الامنيين – هل كنّا بحاجة لهذا القانون؟
لئن كانت ضرورة حماية الأمنيين و العسكريين قانونيا و إداريا محل إجماع (أو يسهل الإجماع عليها), فإن السؤال المشروع طرحه هو “هل يوجد فعلا فراغ قانوني في تونس بشأن حماية حملة السلاح؟” و “هل نحن فعلا بحاجة لسن قانون جديد لهذا الغرض؟”
لا تشكو المنظومة القانونية التونسية من أي فراغ تشريعي مثل ما يدّعيه المدافعون على هذا القانون, حيث يحمي القانون بالفعل كل أعوان القوات المسلحة في تونس و موظفي الدولة بصفة عامة.
سن مثل هذا القانون ليس ضروريّا بالأساس لأنّه توجد قوانين عدّة تجرّم الإعتداء على موظّفي و أعوان الدولة.
الترسانة القانونيّة التونسيّة, بعد تراكمات عقود منذ عهد الحماية الفرنسيّة, تحتوي على عدد كبير من القوانين التي تعنى بالشّأن الأمني و منها :
- القانون عدد 4 لسنة 1969 و المؤرّخ في 27 جانفي 1969.
- القانون الأساسي عدد 70 لسنة 1982 و المؤرخ في 6 أوت 1982 المتعلّق بضبط القانون الأساسي العام لقوّات الأمن الدّاخلي.
- القانون عدد 46 لسنة 2005 و المؤرخ في 6 جوان 2005 المتعلّق بالمصادقة على إعادة تنظيم بعض أحكام المجلّة الجنائية و تنظيمها و صياغتها و منها الفصول 125 و 126 و 127 و 128 التي تجرّم فعل “هضم جانب موظّف”.
- الأمر عدد 784 لسنة 1984 المؤرخ في 30 أفريل 1984 المتعلّق بضبط النظام الأساسي الخاص بإطارات و أعوان الأمن و الشرطة.
- الأمر عدد 406 لسنة 1972 المؤرخ في 21 ديسمبر 1972 المتعلّق بضبط النظام الأساسي الخاص بأعوان الحرس الوطني.
- الأمر عدد 250 لسنة 1975 المؤرخ في 25 أفريل 1975 المتعلّق بضبط النظام الأساسي الخاص بأعوان الحماية المدنية.
- الأمر 220 لسنة 1973 المؤرخ في 19 ماي 1973 المتعلّق بضبط النظام الأساسي الخاص بأعوان السجون و الإصلاح.
- المرسوم 69 من مجلّة المرافعات و العقوبات العسكريّة.
- المرسوم عدد 70 لسنة 2011 المؤرخ في 29 جويلية 2011 المتعلّق بالنظام الأساسي العام للعسكريين.
اللائحة (و هي غير حصريّة) السابق تقديمها هي جزء من القوانين و الأوامر التي تنظّم أو تحمي العمل الأمني و تحتوي جميعها على تشريعات تجرّم و تعاقب بشدّة الأفعال الإجراميّة التي تستهدف أعوان الأمن و الجيش.
فلماذا لم تقدّم الحكومة مقترحات تنقيح لهذه القوانين عوض طرح مشروع قانون جديد؟
الجدال الحاصل حاليّا يذكّرنا بقضيّة حمل السّلاح خارج أوقات العمل حيث طالبت نقابات الأمن الداخلي منذ مدّة ليست ببعيدة بمنح أعوان الأمن الحق في حمل السلاح خارج أوقات العمل للدفاع عن النفس و الحال أن المنشور عدد 39 لسنة 2003 و المؤرخ في 3 أكتوبر 2003 و المتعلّق بالأسلحة الإدارية و الذخيرة يمكنهم بالفعل من ذلك و لا يتوقّف الأمر فيه الّا على قرار وزير الداخليّة دون العودة لأي جهة أخرى حيث يخوّل الباب الثاني من المنشور لوزير الداخليّة تمكين أعوان الأمن من حمل أسلحتهم الفرديّة بإعلان حالة اليقظة أو الإستنفار بمجرّد قرار كتابي منه.
يجدر التنويه أنّ المنشور 39 لسنة 2003 غير منشور مثله مثل عدد كبير من القوانين و المناشير و الأوامر و المراسيم التي تعنى بالشّأن الأمني.
ألم يكن من الأجدر و الأولى البدأ بنشر كل هذه النّصوص القانونيّة لنقيّم معا و بطريقة شفّافة التّرسانة التشريعية التونسية في علاقة بالمجال الأمني قبل اللّجوء إلى سن قوانين أخرى؟
قراءة نقدية قانونية و حقوقيّة
نظريّا و مبدئيا, سن أو تفعيل قوانين من هذا النوع ليس من قبيل “البدعة التونسيّة” و مشروعيّة وجودها ليست مثار الجدل ولا سبب تنديد أطراف عديدة به. لكن مطالعة فصوله العشرين تكفي لفهم خطورة هذا النص من الناحيتين الحقوقية و القانونيّة.
وجود هذا النوع من القوانين ليس بدعة و معمول به في أعتى الديموقراطيات, ما نطلبه و هذا القانون ليس فيه تعارض مع مبادئ حقوق الانسان.
مفاهيم فضفاضة يغيب عن تعريفها الوضوح :
يدرج هذا النص جملة من المفاهيم دون تعريفها أو بالاكتفاء بتقديمها بتعريفات عامة تترك المجال مفتوحا أكثر من اللازم للتأويل و التكييف.
يعرّف الفصل الرابع من نص مشروع القانون أسرار الأمن الوطني على أنّها “جميع المعلومات و المعطيات و الوثائق المتعلّقة بالأمن الوطني” وهو تعريف عمومي تنقصه الدقّة و التحديد كما يجعل مفهوم السريّة (حسب صياغة النص) يشمل جميع الوثائق الحكوميّة و الوثائق أو المعطيات التي تشمل وزارات السيادة. التعريف لا يستثني حتى الوثائق أو المعطيات المتحصّل عليها بصفة رسميّة.
يخضع مشروع هذا القانون بنص فصله السابع التصوير أو مسك أدوات تصوير أو الأجهزة الهاتفيّة أو آلات التسجيل أو أي تجهيزات استقبال اذاعي و تلفزي في “مواقع العمليات الأمنية” الى ترخيص مسبق و لكن دون أي تعريف دقيق لما يمكن اعتباره عمليات أمنية تستوجب السريّة مما يسحب المفهوم على عمليات تفريق المظاهرات أو حتّى تأمينها و عمليات التتبّع و المراقبة التي لا يمكن أصلا العلم بحدوثها لسريّتها و غيرها من العمليات التي يعد منع تصويرها دون ترخيص حقا بديهيّا.
يمتد اخضاع التصوير الى ترخيص الى حد العربات التابعة للوحدات الأمنيّة دون تحديد ليشمل المفهوم العربات المدنيّة التي تخلو من أي اشارة ظاهرة مما يجعل من مجرّد حمل آلة تصوير في أي مكان جريمة موجبة للعقوية.
يجرّم الفصل 12 من مشروع هذا القانون تحقير القوّات المسلّحة دون اضافة أي تعريف دقيق لمفهوم التحقير ليترك المجال مفتوحا لاعتبار أي تعبير نقدي للقوات المسلحة شكلا من أشكال التحقير.
الجانب الأخطر في صياغة تعريف هذه المفاهيم هو اقصاء السلطة التشريعيّة و الغاء رقابتها و غيرها من المؤسسات الدستوريّة و ترك سلطة التقدير لوزير الداخليّة.
يجعل هذا القانون قوّات الأمن فوق أي نقد مشروع بإدراج مفاهيم عامة و فضفاضة مثل “التحقير” هذا في إطار تغيب فيه آليات جديّة للمراقبة و في ضرف تعم فيه عقليّة الإفلات من العقاب.
عقوبات موغلة في التشدّد و التوسّع و سالبة للحريّة :
المطالع لنص فصول هذا القانون يلاحظ أن كل العقوبات المقرّرة هي عقوبات شديدة و سالبة للحريّة دون أدنى استثناء. و ايغالا في التشدّد, يستبعد الفصل 9 تطبيق أحكام الفصل 53 من المجلّة الجزائيّة الذي يترك للقاضي مجالا للاجتهاد لتخفيف العقوبة درجة أو درجتين حسب حيثيات الملف.
لا يحترم هذا القانون توجيهات الفصل 49 من الدستور التونسي الذي يحدّد التقييد المقبول للحريّات كما يذهب إلى تشريع عقوبات قاسية و لا تتماشى مع الجرائم.
مشروع القانون يراجع بالتشديد عقوبات مدرجة بالفعل في قوانين موجودة و جاري بها العمل :
مشروع القانون يشدّد في عقوبة جريمة الحق العام المتعلّقة بالدخول عنوة لمحل الغير لتشمل التجهيزات و العربات و الآليات البريّة و البحريّة و الجويّة و الاراضي المسيجّة و غير المسيّجة بمجرّد و جود علامة ظاهرة.
يقر الفصل 136 من المجلّة الجزائيّة عقوبة لجريمة تعطيل الخدمة في حين يذهب الفصل 11 من مشروع هذا القانون الى تجريم حتى السير العادي للعمل, و بأي وجه من الأوجه, بالمؤسسات و المنشآت التابعة للقوات المسلحة دون تعريف دقيق لمصطلح “السير العادي” و لا كيفيّة التعطيل.
يحوّل نص الفصل 13 من مشروع هذا القانون جريمة الاضرار عمدا بملك الغير من مجرّد جنحة كما ورد في الفصل 304 من المجلّة الجزائيّة الى جريمة عقوبتها السجن مدى الحياة.
يحوّل الفصل 15 جريمة التهديد و هي جنحة بسيطة حسب الفصل 222 من المجلّة الجزائيّة الى جريمة موجبة لعقوبة ب5 سنوات اذا كان المستهدف عون أمن أو قرينه أو أحد أصوله أو أحد فروعه أو أي شخص تحت كفالته القانونيّة و ذلك لمجرّد صفته. هذا المستوى من الحماية لا تتمتّع به عائلات نواّب الشعب المنتخبون أو رئيس الجمهوريّة نفسه.
تجاوز لحريّة الصحافة و التعبير :
ينسف تعريف “أسرار الأمن الوطني” الوارد في الفصل الرابع و تحديد عقوبة سجنيّة لذلك بنص الفصلين الخامس و السادس أبسط مقوّمات حريّة العمل الصحفي و يلغي امكانيّة الولوج للمعلومة و كلاهما حقوق دستوريّة.
الغياب التام لأي تعريف لمفهوم التحقير يجعل من أي عمل صحفي أو تعبير عن رأي يعتبر نقديّا ضد القوّات المسلّحة جريمة عقوبتها السجن مدة عامين و خطيّة ماليّة قدرها 10,000 دينار.
اخضاع التصوير لترخيص مسبّق و فرض التراخيص على النشر حتى في حال وجود ترخيص للتصوير هو تقنين واضح للرقابة.
يتعارض هذا القانون مع عدّة فصول من الدستور التونسي مثل الفصل 31 حول حريّة التعبير و الفصل 32 حول حق الولوج للمعلومة.
إعفاء الأمنيين من أي مسؤولية جزائيّة :
أحد أخطر نقاط هذا القانون هو ما ورد في الفصل 18 من الغاء كامل لأي مسؤوليّة جزائيّة قد تترتّب عن قتل عون لمن وجد في الوضعيات التي نص عليها هذا القانون في فصوله 13 و 14 و 16.
الفصل يتعارض في جوهره مع آليّة التدرّج في استعمال القوّة التي ينص عليها و يحددها القانون عدد 4 لسنة 1969. القانون عدد 4 و رغم شدّته لم يصل الى حد الغاء المسؤوليّة في حال سقوط قتلى. للتذكير فإن القانون عدد 4 نفسه محل جدل حقوقي يتواصل منذ ما قبل الثورة.
هذا القانون خطير جدا و يعد بكل بساطة تقنينا للجرائم الأمنيّة فصوله تتعدّى بشكل صارخ على أبسط الحقوق الدستوريّة للمواطنين و الصحفيين كما أنّه يغذّي عقيدة للافلات من العقاب (و هو الحال بالفعل حتى قبل هذا القانون).
يتعلّق الأمر بقانون تحصين لقوّات الأمن أكثر منه حماية لها حيث ينحو نص هذا المشروع الى تعزيز الغاء المسؤوليّة الجزائية التي من المفروض أن تترتّب عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.
وثيقة أمميّة للتبرير؟
تستند المشروعيّة الحقوقية و المبدئيّة لهذا القانون, حسب وثيقة شرح الأسباب, الى وثيقة المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوّة و الأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين المعتمدة في مؤتمرها الثامن لمنع الجريمة و معاملة المجرمين بهافانا (كوبا) سنة 1990.
الوثيقة, في ديباجتها, تعتبر أن الاعتداء على أعوان الأمن هو اعتداء على استقرار المجتمع بأسره وتعتبر أيضا أن لقوات الأمن دورا حيويّا في حماية الحق في الحياة و في حماية حريات و سلامة الأشخاص.
وثيقة شرح لأسباب تقدّم هذا المشروع استنادا الى مبدأ أن سلامة المجتمع من سلامة قوات حفظ الأمن و هو مبدأ مدرج بالفعل بالوثيقة و لكنّهم تجاهلوا المبادئ التالية و الواردة في نفس الوثيقة الأمميّة في الفصول التالية :
- الفصل الأوّل : ضرورة التّأكيد على الجوانب الإنسانيّة و الأخلاقية في استعمال القوّة و حول جعل إجراءات استخدام القوّة خاضعة دوما للرّقابة.
- الفصل الثالث : إلزاميّة تسليط رقابة صارمة على استخدام الأسلحة من طرف قوّات حفظ الأمن.
- الفصل السابع : تجريم أي استخدام عشوائي أو غير مبرّر للقوّة أو السلاح.
- الفصل الثامن : إلغاء مشروعيّة استغلال الظروف السياسيّة أو الأمنيّة الإستثنائيّة لتبرير العنف أو الإفلات من الرّقابة أو العقاب. هذا الفصل بالتحديد صيغ ردا و دحرا لنظريات الأمن مقابل الحريّة في أوقات الحرب و كافحة الإرهاب.
- الفصل الحادي عشر : إلزام سلطات الإشراف بإيجاد قواعد واضحة لاستخدام القوّة.
- الفصل الرابع و العشرون : تحميل المسؤولين المسؤوليّة في حال علمهم أو اشرافهم أو حتّى في حال فرضيّة علمهم بحكم مهامم بتجاوزات أرتكبت من طرف منظوريهم في علاقة باستخدام القوة و السلاح.
- الفصل السادس و العشرون : منع الأمنيين بالتذرّع بالتعليمات و الأوامر للإفلات من المحاسبة و الذي يؤكّد على تحمّلهم لتبعات تطبيق تلك الأوامر و على تحمّل المسؤولين لتبعات الأوامر نفسها.
استند مقترحو هذا المشروع على هذه الوثيقة الأمميّة فقط لتبرير من لم يكونوا بحاجة لتبريره و هو مبدأ حماية الأمنيين و تجاهلوا كل ما ورد في نفس الوثيقة من مبادئ و يا ليتهم أخذوا بها فعلا كما تتدّعي وثيقة شرح الأسباب التي قدّموها.
ماذا لو مر القانون؟ محاكي (Simulateur) “يوم عادي”
أخترنا مجموعة من الأنشطة “العاديّة” التي يمارسها كل من المواطن و الصّحفي و الأمني نفسه بشكل يومي و حاولنا تكييف الأحكام الممكنة بطريقة قصوى مستغّلين في ذلك مجالات التأويل الواسعة التي يتركها نص هذا القانون. المحاكي مبرمج على هذا الأساس و نتيجة الأحكام (العقوبة السجنيّة و الغرامة الماليّة)معلّلة بنص القانون نفسه.
المحاكي يستند على الفصول التالية من مشروع القانون :
الفصل 5 :
يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام و بخطيّة قدرها خمسون ألف دينار كل شخص له الصفة في استعمال أو مسك أو تداول أو حفظ سر من أسرار الأمن الوطني على معنى الفصل 4 من هذا القانون, تعمد حسب الحال إما اختلاسه أو إتلافه أو إفشاؤه أو تغييره بأي وجه كان و مهما كانت الوسيلة أو مكن الغير عمدا أو عن تقصير من النفاذ إليه أو إتلافه أو الاستيلاء عليه أو اختلاسه أو نسخه بأي وجه كان و مهما كانت الوسيلة. و تضاعف العقوبة إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها بالفقرة الأولى من هذا الفصل بمقابل.
الفصل 6 :
يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام و بخطية قدرها خمسون ألف دينار كل شخص ليست له صفة في مسك أو استعمال أو حفظ أو تداول سر من أسرار الأمن الوطني على معنى الفصل 4 من هذا القانون, تعمد بحسب الحال إما الإستيلاء عليه أو النفاذ إليه أو الإطلاع عليه أو إتلافه أو نسخه أو إفشاؤه أو تغييره. و تضاعف العقوبة إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها بالفقرة الأولى من هذا الفصل بمقابل.
الفصل 7 :
يخضع لترخيص مسبق من السلطة المختصة كل استعمال لآلات التصوير و التصوير السينمائي و الأجهزة الهاتفية و آلات التسجيل و أجهزة الاستقبال الإذاعي أو التلفزي داخل المنشآت الأمنية أو العسكرية أو في مواقع العمليات الأمنية أو العسكرية أو العربات أو على متن الوحدات البحرية أو الجوية التابعة للقوات المسلحة. كما يخضع لترخيص مسبق من السلطة المختصة كل نشر أو إحالة للأفلام أو الصور أو التسجيلات المصورة أو الصوتية التي تتم داخل المنشآت الأمنية أو العسكرية أو في مواقع العمليات الأمنية أو العسكرية أو بالعربات أو على متن الوحدات البحرية أو الجوية التابعة للقوات المسلحة.
الفصل 8 :
يعاقب بالسجن من شهرين إلى سنتين كل من تعمد مخالفة أحكام الفصل 7 من هذا القانون. و المحاولة موجبة للعقاب.
الفصل 11 :
يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام و بخطية قدرها خمسة عشر ألف دينار كل من تعمد, بقصد الإضرار بالأمن العام, تعطيل السير العادي للمصالح و المؤسسات و المنشآت التابعة للقوات المسلحة بأي وجه من الوجوه.
الفصل 12 :
يعاقب بالسجن مدة عامين و بخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من تعمد تحقير القوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام.
الفصل 13 :
يعاقب بالسجن بقية العمر كل من تعمد حرق أو هدم مقر أو مخزت أسلحة أو ذخيرة أو حرق أو تحطيم عربة أو آلية للقوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام. و يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام و بخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من تعمد الاستيلاء على أسلحة أو ذخيرة أو تجهيزات أو معدّات أمنية مهما كان نوعها أو وثائق أو أشياء أخرى بعهدة للقوات المسلحة, أو إتلافها قصد الإضرار بالأمن العام.
الفصل 15 :
يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام و بخطية قدرها خمسة و عشرون ألف دينار كل من هدد بارتكاب جناية أو جنحة في حق عون من أعوان القوات المسلحة أثناء مباشرته لوظيفته أو بمناسبتها أو هدد قرينه أو أحد أصوله أو فروعه أو أحدا ممن هم في كفالته قانونا, و ذلك بسبب أدائه لمهامه أو لمجرد صفته. و تضاعف العقوبة إذا كان القصد من التهديد إجبار عون القوات المسلحة على القيام بفعل من علائق وظيفته أو مهمته أو تركه على أن يتجاوز سلطته.
تعليقات و ردود أفعال
أول ردود الأفعال عن مشروع قانون زجر الإعتداء على القوات المسلّحة وردت عن نقابة الصحفيين التونسيين. النقابة عبّرت على لسان رئيسها ناجي البغوري عن تنديدها و رفضها لمشروع القانون و اعتبرت مجرّد اقتراحه عملا عدائيّا يستهدف حريّة الصحافة و مجمل الحريّات المكتسبة و المنصوص عليها دستوريّا. نقابة الصحفيين بادرت الى دعوة المجتمع المدني الى التصدّي للقانون و المطالبة بسحبه.
هذا القانون انقلاب على المسار الديموقراطي في تونس و نحن نرفضه و نطالب بسحبه وهو لا يمس فقط الصحفيين بل الجميع و قد بدأنا بالفعل بالتحرّك لتجميع صف المجتمع المدني ثم التوجّه للتفاعل مع نواب الشعب كما لن نقبل بمروره و كل سبل النضال مطروحة.
موقف نقابة الصحفيين يدعمه عدد من الحقوقيين و ناشطي المجتمع المدني التونسي :
هذا القانون هو محاولة بائسة لحرمان الأجيال القادمة من حقّها في النضال من أجل حقوقها و كان من المفروض مراجعة القوانين الجائرة الحالية و لكن عوض ذلك يأتون بمشروع قانون أسوء من الموجود. هذا القانون يجب سحبه كليّا.
منظمة هيومن رايتس واتش تعتبر أنّ هذا القانون قمعي و يشكّل خطرا حقيقيّا على الحقوق و الحريات في تونس اذا تمّت المصادقة عليه.ننشط الآن في نطاق مبادرة غير رسميّة للمنظمات الدولية تهدف للتحرك المشترك ضد هذا القانون. من و اجب المجتمع المدني عدم السماح بمرور قوانين قامعة للحريّات و الإتحاد للتصدّي لها.
قابل معضم السياسيون الجدل القائم حول مشروع القانون بنوع من التحفّظ و السّلبيّة و برّر بعضهم, مثل نور الدين البحيري الذي اتصلنا به, ذلك بعدم بدء المداولات حوله و بعدم اتخاذ مواقف رسميّة منه بعد. لكن هذا لم يمنع بعض النوّاب من التعبير لنا عن مواقف واضحة من المشروع :
حماية الأمنيين و العسكريين, و هم في الخط الأول للدفاع عن تونس و في مواجهة الأرهاب, واجب علينا و لكن حمايتهم تكون أولا بتحسين علاقتهم بأبناء الشعب و بتوفير الامكانيات اللازمة لهم ثم تأتي القوانين. النص الحالي لمشروع هذا القانون يترك المجال مفتوحا لارتكاب تجاوزات ضد حقوق الانسان و بالتالي وجب مراجعته و تنقيحه.
دعم القوات المسلّحة و حمايتها لا يكون بهذه الطريقة. أنا أدعم المبدأ لكن ليس بهكذا قوانين. هذا رأيي و يشاركني فيه معضم من تحدّثت معهم فيه من البرلمانيين بمن فيهم أعضاء كتلة حركة النهضة. التوجّه العام بين النوّاب هو تنقيح هذا النص, عن نفسي أرفضه بصيغته الحالية.على الحكومة أن تتحمّل مسؤولياتها أمام مجلس نواب الشعب لتقديمها مشروع قانون من هذا النوع, لا يمكنهم فقط سحبه كأن شيئا لم يكن.