ملاحظة: صورة الواجهة هي عمل فني رقمي من وحي الخيال ولا يعبّر عن الواقع ولا يزعم أنه يصوّر أو يمثّل أو يلمّح إلى أي من الوقائع أو الأطراف المعنية بالملف.
من هو ريان الخلفي؟
ريان الخلفي (19 عامًا)، تلميذ في السنة الثالثة علوم، وُضع في السجن المدني ببنزرت منذ ثلاثة أسابيع بتهمة حيازة مادة مخدرة بنية الاستهلاك. وفقًا لرواية عائلته، أراد إيجاد عمل كون وضعية عائلته المادية صعبة، وكان في مقابلة لدى أحد المصانع عندما انتابه ارتباك واعترف تلقائيًا بحيازته "قطعة زطلة". أعلمت إدارة الشركة الشرطة، فوقع تحرير محضر وعُرض على النيابة ثم أُودع بسجن بنزرت.
من "حالة طبيعية" إلى "حالة غير عادية"
22 أفريل – مثُل أمام المحكمة في حالة طبيعية وعبّر عن ندمه. طلبت محاميته الإفراج عنه لصغر سنه ونقاوة سوابقه مستشهدة ببطاقة أعداده، ورغم أن القاضية بدت لها متعاطفة إلا أن مطلب الإفراج رُفض.
29 أفريل – زارته عائلته ولاحظت أنه غير قادر على التعرف عليهم، يتحدث بكلام "خيالي"، ويظهر عليه ازرقاق شديد حول العينين.
2 ماي – زارته محاميته رحاب السماعلي ولاحظت عليه:
• 3 خطوط أفقية متتابعة على الظهر (تشبه آثار شحطات)
• حروق في كف اليد اليسرى (كأنها من سيجارة)
• أثر ضربة كبيرة ومستطيلة على الذراع الأيمن
• زلع في كف اليد اليمنى
• كان متشنجا، ويلقي النظر إلى السجّان الواقف عند الباب، ويقول كلاما غير متناسق من بينه أن
"الوطواط" (كنية لشخص ما) هو الذي ضربه، وأخذ يكرر:
"أنا راجل والظلم حرام.. كلنا أولاد تسعة.. نحب نموت"، ثم شرع في ترتيل القرآن.
حاولت المحامية مقابلة مدير السجن أو من يمثله أو المسؤول عن شؤون المساجين فرفضوا قطعا. أحد الأعوان قال لها أنهم "قاموا بتصوير رأسه والقيام بفحوصات، وتمت برمجة موعد له في مستشفى الرازي".
في نفس الموضوع
تسلسل إجرائي مثير للتعجّب
الجمعة 2 ماي – المحامية تقدم شكاية (عدد 29 في دفتر شكايات التعذيب) إلى النيابة طالبت فيها:
• عرضه على وكيل الجمهورية
• فحص طبي عاجل قبل اختفاء الآثار
• فتح تحقيق في ملابسات ما حدث
تقول المحامية أن وكيل الجمهورية وعدها بإصدار "بطاقة إخراج" من السجن لمعاينته وجمع أقاويله، وإن لم يكن ذلك ممكنا يعرضه على طبيب بإذن من النيابة.
المحامية قامت بإشعار الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، ثم نشرت
تدوينتها التي أثارت القضية.
وزارة العدل تقول أنه تم إخراج السجين وعرضه على ممثل النيابة الذي تبين له عدم وجود آثار عنف.
السبت 3 ماي – وزارة العدل تفتح بحثا تحقيقيا انتقل على إثره قاضي التحقيق وممثل النيابة مرة أخرى إلى السجن، رغم أن الأخير "لم يعاين أي علامات" في المرة الأولى. انتهوا مرة أخرى إلى عدم وجود مؤشرات على تعذيب ريان.
انتقل وفد عن رابطة حقوق الإنسان رفقة طبيب إلى السجن لمعاينة ريان فقيل لهم أنه تم نقله إلى مستشفى الرازي، دون إعلام عائلته أو محاميته.
الأحد 4 ماي – وزارة العدل تصدر بيانا تنفي فيه تعرض ريان للتعذيب وتهدد بمقاضاة "ناشري الادعاءات المغلوطة".
هيئة المحامين تتعجب مما تعتبره تناقضات في رواية وزارة العدل، أهمها:
• عدم عرض ريان على الطب الشرعي مباشرة
• فتح بحث تحقيقي رغم نفيها وجود علامات تعذيب
• إصدارها بيانا تنشر فيه معطيات إلى الرأي العام تخص بحثا تحقيقيا جارياً قبل ختمه، في
"خرق لمبدأ سرية التحقيق، ودون سماع لسان الدفاع واتمام الاجراءات القانونية كافة".
الاثنين 5 ماي – انتقلت المحامية رفقة رئيس فرع هيئة المحامين ببنزرت إلى محكمة بنزرت للتثبت من مآل شكايتها. تروي:
• طلب وكيل الجمهورية دخول رئيس الفرع على انفراد، وقال له أنه اتخذ قراره وأحال البحث إلى قاضية التحقيق بالمكتب الثالث.
• قاضية التحقيق بالمكتب الثالث نفت توصلها بشكاية بت فيها وكيل الجمهورية، وأكدت أن ما بلغها هو فقط مراسلة من إدارة السجون لفتح بحث تحقيقي ضد مجهول.
• عادت المحامية إلى وكيل الجمهورية فقال لها وفق روايتها:
"أنا اتخذت قراري في وقته ولن أعلمك به وسوف نهاتفك". اندهشت المحامية ووصفت ذلك بـ
"تغييب كامل لحق الدفاع".
• مُنعت أم ريان من زيارته في مستشفى الرازي دون أي تبرير، رغم حصولها على ترخيص وعلم مدير السجن.
انتقل وفد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في نفس اليوم إلى مستشفى الرازي لزيارته.
في نفس الموضوع
نقاط استفهام
• ما صرّح به عون السجون يوم 2 ماي للمحامية عن "القيام بتصوير رأسه [أي ريان] والقيام بفحوصات وبرمجة موعد في الرازي"، هل يعني ذلك ثبوت اعتداء منذ البداية؟
• لماذا لم يُعرض ريان مباشرة على الطب الشرعي فور تقديم شكاية التعذيب من قبل المحامية، رغم أن ذلك إجراء قانوني معتاد ومنطقي؟
• لماذا فُتح بحث تحقيقي وانتقل قاضي التحقيق لمعاينة ريان مرة أخرى، رغم أن ممثل النيابة لم يعاين علامات تعذيب في المرة الأولى؟ أَلم يكن الأجدر حفظ الشكاية "لتجرّد التهمة"؟
• لماذا رفض وكيل الجمهورية إعلام المحامية بمآل شكايتها في حين أنها "أول من له الحق في ذلك" وفق روايتها؟
• لماذا تنشر وزارة العدل معطيات إلى الرأي العام عن بحث تحقيقي جارٍ قبل ختمه؟
• لماذا تُمنع أم ريان من زيارته في المستشفى رغم أن لها ترخيص زيارة وهي مرفوقة بالمحامية؟
• تواجد ريان بالمستشفى منذ يوم السبت 3 ماي تحت المراقبة الطبية الدائمة هل هو مؤشر على خطورة حالته؟
ما التالي ؟
شادي الطريفي، عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، يوضح لإنكفاضة الإجراءات المتخذة:
تنتظر العائلة والمحامية تقريرين:
• عن رابطة حقوق الإنسان (زيارتها لريان يوم 5 ماي في مستشفى الرازي)
• عن المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب (تقريرها يستغرق 14 يومًا حسب البروتوكول المعمول به بينها وبين إدارة السجون)