تعرض وثائق أخرى مسربة فحوى اجتماعات سرية بالتفصيل، كاشفة اعتماد الشرطة الصينية لمنظومة ممتدّة تجمع وتحلل البيانات وتعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي، على حد تعبير الحكومة. تقوم الشرطة عبر هذه التقنية بتحديد واختيار فئات كاملة من سكان سنجان ليتمّ احتجازهم/ـنّ.
يقوم كتيّب بعنوان "البرقية" بتعليم موظّفي/ـات المعتقل كيفية إفشال محاولات الهروب والحفاظ على سرية أماكن الاحتجاز ويقدّم أساليباً للتلقين العقائدي ويحدّد طرق القضاء على الأوبئة... تذهب التعليمات إلى حدّ تفصيل توقيت السماح للمعتقلين/ـات برؤية أقاربهم/ـنّ أو حتى استخدام المرحاض. تصف هذه الوثيقة المؤرّخة في عام 2017، كيفيّة عمل نظام "النقاط" الذي يقوم على فرض عقوبات على المعتقلين/ـات أو منحهم/ـنّ مكافآت بناءً على سلوكهم/ـنّ.
يكشف هذا الدليل أنّه من المفترض أن يستمرّ الاحتجاز لمدة عام على الأقل. لكن شهادات لمعتقلين/ـات سابقين/ـات تشير إلى أنّ بعضهم/ـنّ تمّ إطلاق سراحهم/ـنّ في وقت مبكّر.
تبيّن تقارير الاجتماعات السرية امتداد منصة الذكاء الاصطناعي ومساعيها. الغرض من نظام المراقبة هو توقّع حدوث الجرائم وذلك بالاستناد حصرا إلى نتائج يتمّ الحصول عليها من خلال الخوارزميات. تدلّ هذه المنصة المستخدمة في العمليات العسكرية والأمنية، وفقًا للخبراء/الخبيرات،
على قوة التكنولوجيا في تنظيم انتهاكات حقوق الإنسان على مستوى صناعي.
تكشف "تسريبات الصين" عن كميات كبيرة من المعطيات الشخصية يتمّ جمعها من خلال عمليات تفتيش يدوي دون أمر قضائي، وبواسطة كاميرات التعرف الوجهي وغيرها من الوسائل، بهدف تحديد المرشّحين/ـات للاعتقال. سمحت هذه الطريقة بالإبلاغ عن مئات الآلاف من الأشخاص لمجرّد استخدامهم/ـنّ بعض التطبيقات الرائجة على هواتفهم/ـنّ.
تتضمّن الوثائق أيضًا توجيهات صريحة تدعو إلى اعتقال الأويغور من حاملي/ـات الجنسيات الأجنبية وإلى مراقبة الأويغور أصيلي/ـات مقاطعة سنجان المقيمين/ـات في الخارج. وقد قامت حكومات استبدادية أخرى بالتنسيق مع سفارات الصين وقنصلياتها في الخارج لترحيل البعض من هؤلاء من بلدان إقامتهم/ـنّ إلى الصين.
داخل معسكرات الاعتقال
تمثّل "تسريبات الصين" تطورا مهمّا في الوعي الدولي بأكبر اعتقال جماعي لأقلية عرقية-دينية منذ الحرب العالمية الثانية. خلال العامين الماضيين، كشفت تقارير تستند إلى شهادات لمعتقلين/ـات سابقين/ـات ومصادر غير رسمية أخرى وصور الأقمار الصناعية، نظام معسكرات في مقاطعة سنجان، تديره الحكومة وله من الحجم ما يكفي لاحتواء ما لا يقلّ عن مليون شخص.
تؤكّد هذه الوثائق الخطوط العريضة لبرنامج شامل لتجميع المعطيات ورصد كامل المنطقة ومراقبتها. مؤخرا، سلّط مقال لصحيفة نيويورك تايمز الضوء على تاريخ إعداد المعسكرات.
لأوّل مرة وبفضل "تسريبات الصين"، تكشف الوثائق عن طريقة العمل الداخلي للمعسكرات وقسوة ظروف العيش وراء الأسيجة، إضافة إلى التعليمات اللا-إنسانية التي تنظّم الحياة اليوميّة للمعتقلين/ـات. تشكّل تقارير الاجتماعات الإخبارية أيضًا أوّل تسريب لوثائق حكومية سرية حول أنشطة المراقبة الجماعية وأنشطة "الشرطة الوقائية".
في هذا الخصوص صرّح أدريان زينز، الباحث في الدراسات الصينية لدى المنظمة التذكارية لضحايا الشيوعية في واشنطن: "هذا يبيّن فعلا أنه، ومنذ البداية، كانت لدى الحكومة الصينية خطة لعسكرة مراكز التدريب المهني، واحتجاز المتدرّبين/ـات في مبيتاتهم/ـنّ والاحتفاظ بهم/ـنّ هناك لمدة عام على الأقل. هذه الوثائق تعود إلى عام 2017 وهذا أمر في غاية الأهمية لأنّ حملة إعادة التأهيل بدأت في هذا التاريخ".
وردّا على أسئلة صحيفة الجارديان -شريكة الاتحاد الدولي للمحققين/ـات الصحفيين/ـات- حول المعسكرات وبرنامج المراقبة، وصفت الحكومة الصينية الوثائق المسربّة بأنّها "محض افتراء وتضليل إعلامي". وصرّح المكتب الصحفي لسفارتها في بريطانيا في بيان صدر في نهاية نوفمبر 2019 أنّه "أولاً، لا وجود لمراكز اعتقال في سنجان ولا توجد إلاّ مراكز تعليم وتكوين مهني أُنشئت لمكافحة الإرهاب".
وقد تضمّن البيان أنّ "سنجان مقاطعة صينية هادئة ومزدهرة وفي غاية الجمال. لكن لم يكن الأمر كذلك قبل ثلاث سنوات، فقد تحوّلت إلى ساحة معركة، حيث وقعت الآلاف من الحوادث الإرهابية في سنجان بين عامي 1990 و2016 مخلّفة آلاف الضحايا من الأبرياء. بالتالي، ارتفعت أصوات سكان سنجان لمطالبة الحكومة باتّخاذ إجراءات حاسمة لحل هذه المشكلة. ومنذ اتّخاذ التدابير اللازمة، لم يتكرّر حادث إرهابي واحد في السنوات الثلاث الماضية، وأصبحت سنجان مرة أخرى منطقة مزدهرة وجميلة ومسالمة. إنّ التدابير الوقائية ليست لها علاقة بالقضاء على الجماعات الدينية، فالحرية الدينية يتمّ احترامها بالكامل في سنجان".
كاميرات مراقبة خارج مسجد قرية في يانجيزار ، سنجان. يوجد عدد كبير جدّا من الكاميرات المماثلة في جميع أنحاء المنطقة. حقوق الملكية: كراغ بيكر / الاتحاد الدولي للصحفيين/ـات الاستقصائيين/ـات / وكالة فرانس براس / Getty Images
ويضيف البيان "ثانيا، يتلقّى المتدربون/ـات دروسا مختلفة في مراكز التعليم والتكوين المهني، والحرية الشخصية للمتدربين/ـات مكفولة بالكامل".
"لغة المندرين تُستخدم على نطاق واسع في الصين، وبالتالي يتمّ تدريسها كواحدة من الموادّ في المراكز. يكتسب المتدربون/ـات أيضًا مهارات مهنية ومعارف قانونية تسمح لهم/ـنّ بكسب رزقهم/ـنّ بفضل مهنة خاصة بهم/ـنّ. هذا هو الهدف الرئيسي من بعث هذه المراكز. يحقّ للمتدربين/ـات العودة إلى ديارهم/ـنّ بانتظام وطلب إجازة لرعاية أطفالهم/ـنّ. وعندما يُشارك زوجان في التكوين، تُعهد رعاية أطفالهم/ـنّ القاصرين/ـات إلى أفراد الأسرة عادة، وتساعدهم/ـنّ في ذلك الحكومة المحلية. لقد كُلّلت هذه الإجراءات بالنجاح وأصبحت سنجان أكثر أمانًا. ففي العام الماضي زاد عدد السياح بنسبة 40٪ وزاد الناتج الإجمالي المحلي بأكثر من 6٪".
ثمّ يُختم البيان بالقول: "ثالثًا، لا وجود لمستندات أو أوامر من هذا القبيل تتعلّق بما يسمّى "معسكرات الاعتقال". هناك العديد من الوثائق الرسمية في الصين تعدّ بمثابة مرجع لوسائل الإعلام الصينية والأجنبية الراغبة في الحصول على مزيد المعلومات حول مراكز التدريب والتعليم المهني. فعلى سبيل المثال، تم نشر سبع ورقات بيضاء من قبل مكتب الإعلام بمجلس الدولة".
تم التحقق من صحّة وثائق "تسريبات الصين" من قِبل لُغويّين/ـات وخبراء/خبيرات، من بينهم جيمس مولفينون، مدير إدماج المعلومات في SOS International LLC، وهو مزوّد معلومات وتقنيات معلوماتيّة لدى العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية. ووفقًا لهذا الاخصّائي في مجال التعرّف على صحة الوثائق الصادرة عن الحكومة الصينية، فإنّ هذه الوثائق المكتوبة باللغة المندرينية "أصلية" ومطابقة بنسبة 100٪ لجميع نماذج الوثائق الرسميّة [التي تسنّى له أن يطّلع عليها]".
اجتمع أكثر من 75 صحفيا/ـة من الاتحاد الدولي للمحققين/ـات الصحفيين/ـات و17 منظمة إعلامية شريكة من 14 دولة لنشر هذه الوثائق والإبلاغ عن أهميّتها.
تتضمّن وثائق "التسريبات الصينية":
- دليلا توجيهيا، أو ما يسمّى "البرقية"، وتتأّلف من تسع صفحات مكتوبة باللغة المندرينية، تحتوي على أكثر من عشرين توجيها يخصّ إدارة المعسكر. يعود تاريخ هذه الوثائق إلى نوفمبر 2017، أي بعد بضعة أشهر من تركيز هذه المعتقلات.
- أربعة تقارير باللغة المندرينية عن اجتماعات إعلامية تسمّى "نشرات" وتقدّم نصائحا بشأن الاستخدام اليومي لمنصة العمليات المشتركة المتكاملة (Integrated Joint Operations Platform)، وهو برنامج المراقبة الجماعية و"الشرطة الوقائية" الذي يحلّل المعطيات الشخصية لسكّان سنجان. وقد تمّ الكشف عن وجود نظام المراقبة هذا للعلن من قبل هيومن رايتس ووتش في 2018.
كلّ هذه الوثائق تحمل عبارة "سرّية" وهي المستوى الثاني من تصنيف السرية الصينية المتكوّن من ثلاثة مستويات. تمّت المصادقة على هذا الدليل من طرف تشو هايلون شخصيّا، نائب أمين الحزب الشيوعي في سنجان ومسؤول أمني رفيع في الجهة.
تمّ توزيع النشرات على الشرطة ومسؤولي/ـات الحزب المحليّين/ـات المشرفين/ات على المسألة الأمنية. وقد امتنع تشو هايلون عن الردّ على الأسئلة المرسلة إليه عن طريق عنوان الاتصال لدى الصحافة الدولية الصينية. كما فشلت محاولات الاتصال عبر الفاكس في سنجان.
- وثيقة إدانة مكتوبة باللغة الأويغورية صادرة عن محكمة جنائية إقليمية تصف بالتفصيل الادّعاءات ضد رجل من الأويغور مسجون بتهمة التحريض على "الكراهية العرقية" و"الأفكار المتطرفة". تشير الادعاءات إلى أفعال بسيطة على ما يبدو مثل مطالبة زملائه/زميلاته في العمل بعدم استعمال كلام بذيء وعدم مشاهدة البرامج الإباحية. لم يتمّ تصنيف الوثيقة كوثيقة سريّة، ولكن في نظام سياسي غير شفاف، نادراً ما يمكن الاطّلاع على الوثائق القانونية بسنجان.
الأويغور مجموعة إثنية مستهدفة
الأويغور هم/ـنّ مجموعة مسلمة يتحدّث أغلبهم/ـنّ لغة تركية خاصة بهم/ـنّ. عاشوا/ـن في المنطقة القاحلة في آسيا الوسطى التي تُسمّى اليوم سنجان لأكثر من 1000 عام. وقد اعتنقوا/ـن الإسلام إثر احتكاكهم/ـنّ بالتجار المسلمين/ـات.
يواجه الأويغور منذ فترة طويلة التهميش الاقتصادي والتمييز السياسي. فهذه الأقلية الإثنية تعدّ اليوم حوالي 11 مليون شخص من إجماليّ 1.4 مليار نسمة يعود أصل 92٪ منهم/ـنّ إلى سلالة هان.
يعيش معظم الصينيين/ـات الأويغور في سنجان، وهي منطقة جبلية وصحراوية بالأساس تقع في أقصى الشمال الغربي للبلاد. تخضع المنطقة للسيطرة الصينية منذ القرن الثامن عشر وهي تتمتّع نظريّا بالحكم الذاتي وتضمّ أيضًا الكازاخستانيين/ـات والطاجيك ومسلمي/ـات الهوي وعددا كبيرا من السكان الهان.
كثّف الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال السنوات الأخيرة حملته الوطنية الداعية لتبنّى عقيدة الحزب الشيوعي ونمط هان الثقافي. أمّا الأويغور، كأقلية دينية وعرقية، فيتمّ تمييزهم/ـنّ بصفة متزايدة.
يحدث أحيانًا أن تتحوّل التوتّرات الموجودة بين الأويغور والحكومة من جهة وبين الأويغور وسكّان المنطقة من الصينيين/ـات الهان إلى أحداث عنف. ففي عام 2009، وقعت أحداث تمرّد من الأويغور في أورومتشي عاصمة سنجان، مما تسبّب في مقتل ما يقارب 200 شخص، معظمهم/ـنّ من الصينيين/ـات الهان. وانطلاقا من عام 2013، نفّذ الأويغور سلسلة من الهجمات القاتلة ضد المدنيين/ـات في العديد من المدن الصينية، ممّا أسفر عن مقتل العشرات من الناس. وأعلنت جماعة أويغورية إسلامية مسؤوليتها عن هجوم واحد على الأقل. كما انضمّ العشرات من الأويغور في الخارج إلى الدولة الإسلامية.
اتّسم رد فعل بكين بشراسة متزايدة. ألقت العاصمة اللّوم على تطرّف الأويغور الإسلامي ونزعتهم/ـنّ الانفصالية وفرضت قيودا صارمة على الممارسات الدينية في المنطقة فحظرت اللحيّ والعديد من أشكال الصلاة الإسلامية وبعض الملابس الدينية، خاصة البرقع والنقاب.
في عام 2017، أمر شي جين بينغ، بهدف الحد من إمكانيات التعبير عن التنوع الثقافي والسياسي والديني، بإطلاق حملة سرية للاحتجاز الجماعي والإدماج القسري في سنجان. ووفقا لشهود عيان وحسب التقارير الصحفية، فقد لوحظ اختفاء أعداد كبيرة من الناس في المنطقة. وبدأت الإشاعات تروج حول وجود مراكز اعتقال سرية. في بعض القرى في جنوب سنجان، وحسب معلومات تمّ الكشف عنها لاحقًا، أُمرت الشرطة باعتقال حوالي 40٪ من السكان الراشدين/ـات.
صرّحت تورسوناي ضيافون، وهي أويغورية تبلغ من العمر 40 عاما وتعيش حاليا في كازاخستان، بعد أن قضّت 11 شهرا بمعسكر في سنجان: "في تلك الفترة كان السكان يعيشـ•و•ن رعبا حقيقيا. عندما يلتقي الناس بعضهم/ـنّ البعض، كانوا/ـنّ يشعر•و•ن بالرعب. والكلام الوحيد الذي كنّا نتبادله هو: "آه، أنت لا تزالـ/ـين هنا!"، تمّ إلقاء القبض على شخص على الأقلّ في جميع العائلات، وأحيانًا على العائلة كلّها".
في تصريح لها مع صحيفة لوموند الفرنسية، (إعلام شريك بالاتحاد الدولي للمحققين/ـات الصحفيين/ـات)، قالت تورسوناي في شهر نوفمبر: "اعتقلوا/ـن أخي الأكبر في فيفري 2018 ثمّ أخي الأصغر بعد عشرة أيام. علمت أنّ دوري سيأتي قريبا". في 10 مارس 2018، تمّ نقلها إلى أحد المعسكرات.
حاولت الحكومة الصينية الحفاظ على سرية وجود هذه المعتقلات. ولكن منذ نهاية عام 2017، كشف صحفيون/ـات وأكاديميون/ـات وباحثون/ـات -باعتماد صور الأقمار الصناعية والوثائق حول عمليات الاستحواذ الحكومية والشهادات- عن وجود مراكز احتجاز محاطة بأسوار وأبراج مراقبة وكذلك عن تركيب أنظمة إنذار جديدة مخصصة للمراقبة الجماعية.
في أكتوبر 2018، بعد أن أثبتت صور الأقمار الصناعية والشهادات صحّة هذه المعلومات، اعترف حاكم سنجان، شهرات ذاكر، بوجود نظام أطلق عليه اسم "المؤسّسات التعليمية والتدريبية". تهدف هذه المؤسّسات حسب تصريحاته لإزالة التطرف عمّن يُشتبه فيهم/ـنّ وفي توجّهاتهم/ـنّ الإرهابية أو المتطرّفة.
في ورقة بيضاء رسمية نُشرت في أوت، أعلنت الحكومة أنّ "مراكز التعليم والتدريب المهني"حققت نجاحًا كبيرًا وأنّ غياب الهجمات الإرهابية في سنجان في السنوات الثلاث الماضية كان نتيجة لهذه السياسة.
تتناقض تسريبات الصين بشكل قاطع مع التوصيف الرسمي للحكومة الصينية بأنّ هذه المعسكرات هي عبارة عن برامج اجتماعية خيرية تقدّم "تدريبًا مهنيًا مع الإقامة" ووجبات "مجانية". فالوثائق تبيّن أنّ الهدف الرئيسي من هذه الحملة هو التحويل العقائدي للأشخاص الذين/اللاتي يجب القبض عليهم/ـنّ في جميع الظروف، ما لم يتمّ استبعاد الشكوك حولهم/ـنّ.
استراتيجية "اللغة المزدوجة"
تحتوي "البرقية" الطويلة -التي تحمل في أعلاها اسم تشو هايلون والكلمة الصينية "ji mi" التي تعني "سرية"- على خطة رئيسية بها عشرات التوجيهات المرقّمة التي توضّح كيفية تنظيم هذا الاعتقال الجماعي. وقد تمّ نشرها تحت عنوان "آراء حول العمل على تعزيز مراكز التدريب المهني وتوحيدها" من قبل لجنة الشؤون السياسية والقانونية لمنطقة سنجان ذاتية الحكم، عن لجنة الحزب الشيوعي المسؤولة عن التدابير الأمنية في المنطقة.
من خلال أسلوب الكتابة الذي يجمع بين اللغة المعتادة للبيروقراطيين/ـات الصينيين/ـات ولغة مزدوجة من النوع "الأورويلي"، تصف هذه "البرقية" بشكل منهجي إدارة الاستراحات لدخول الحمّام، وتحدّد شروط السماح برؤية الأقارب وتصف المعتقلين/ـات بـ"الطلبة/الطالبات" الملزمين/ـات بالحصول على شهادة تخرّجهم/ـنّ.
يشدّد الدليل على أنّه يجب على الموظفين/ـات "منع عمليّات الهروب" ويوصي باستخدام مراكز الحراسة والدوريات والمراقبة بالفيديو والإنذارات وجميع التدابير الأمنية المستعملة عادة في السجون. ويجب أن تحمل أبواب المبيتات قفلا مزدوجا "لإدارة أنشطة "الطلبة/الطالبات" والتحكم فيها بشكل صارم من أجل منع عمليّات الهروب أثناء الدروس والوجبات واستراحات الحمّام والاستحمام والعلاج الطبي والزيارات العائلية وما إلى ذلك".
لا يُسمح لـ"الطلبة/الطالبات" بمغادرة المعسكرات إلاّ "لأسباب تتعلّق بالمرض أو لظروف خاصة أخرى". ويقوم أفراد المعسكر "بمرافقتهم/ـنّ ومراقبتهم/ـنّ والتحكم فيهم/ـنّ" أثناء غيابهم/ـنّ.
تتضمّن البرقية أيضًا بندًا -لا يتمُ تطبيقه دائمًا وفقًا لبعض المحتجزين/ـات السابقين/ـات- يخصّ وجوب بقاء المحتجزين/ـات في المعسكرات لمدة عام على الأقل.
يكشف الدليل عن وجود نظام للتحكم السلوكي داخل المعسكرات بناءً على نظام النقاط. وهو يستند إلى تقييم "التحوّل الأيديولوجي، ودراسة السجناء/ـات وتدريبهم/ـنّ، فضلاً عن مدى انضباطهم/ـنّ". يساعد نظام العقوبة والمكافآت على تحديد إن كان يُسمح للمعتقلين/ـات بالتواصل مع عائلاتهم/ـنّ ومتى يمكن إطلاق سراحهم/ـنّ، من بين أشياء أخرى.
يصف الدليل أيضًا نظامًا متكوّنا من ثلاث مستويات يصنّف المحتجزين/ـات وفقًا لدرجة التأمين المطلوبة: "صارم جدًا" أو "صارم" أو "عاديّ".
تحتوي التعليمات على أحكام تتعلّق بصحّة المعتقلين/ـات ورفاههم/ـنّ البدني، بما في ذلك توجيهات تفيد بأن مسؤولي/ـات المخيّم "يجب ألاّ يسمحوا/ـن أبداً بحدوث وفيات غير طبيعية". يُطلب من الموظّفين/ـات الحفاظ على مستوى معيّن من النظافة ومنع ظهور الأمراض والتأكّد من قدرة مرافق المخيّم على مقاومة الحرائق والزلازل. "بالنسبة لمراكز التدريب التي تضمّ أكثر من ألف شخص، يجب تعيين موظفين/ـات خاصين/ـات لتحليل سلامة الأغذية والصرف الصحي والوقاية من الأوبئة".
يطلب الدليل من الموظفين/ـات "التأكّد من أنّ الطلبة/الطالبات يجرون/ين محادثة هاتفية مع أقاربهم/ـنّ مرة واحدة على الأقل في الأسبوع ومكالمة فيديو مرة واحدة على الأقل في الشهر، لطمأنة عائلاتهم/ـنّ لكي يشعروا/ـن بالأمان".
تشير شهادة المعتقلين/ـات السابقين/ـات أنّه قد تمّ تجاهل هذه القاعدة كثيرا. في شهر فيفري من العام الفارط، أطلق أويغوريون/ـات خارج الصين صحبة نشطاء/ـات حملة على تويتر تطالب الحكومة الصينية بتقديم معلومات عن أقاربهم/ـنّ المفقودين/ـات.
A Uighur businessman in Istanbul Asks CCP :where are my five children ?
— Tahir imin (@Uighurian) February 22, 2019
住在土耳其伊斯坦布尔的维吾尔商人亚森江呐喊:中共:告诉我!我的五个孩子在哪里?
İstanbul'da yaşıyan Uygur iş adamı Yasinjan Çin hükümetine soriyor :Ey Cin:beş çocukum nerde ?
@UighurT@hrw@metoouyghur pic.twitter.com/AZdi9ad2b6
بالرغم من وجود تعليمات حول الصحة والسلامة، فإنّ العديد من شهود العيان يؤكّد•و•ن أنّ عددًا غير معروف من المعتقلين/ـات ماتوا/ـن في المعسكرات بسبب سوء الأحوال المعيشية ونقص الرعاية الطبية. خلال جلسة استماع في نوفمبر 2018، أخبرت ميهريجول تورسون، وهي أويغورية من سنجان تعيش حاليا في الولايات المتحدة، لجنةً أمريكيةً أنها كانت شاهدة على موت تسع نساء في مثل هذه الظروف أثناء احتجازهن.
كما أفاد العديد من المعتقلين/ـات السابقين/ـات بأّنهم/ـنّ ضحايا أو شهود على حوادث تعذيب وغيرها من الانتهاكات بما في ذلك الضرب والتعذيب باستخدام الماء والاغتصاب.
صرّح ساراجول ساوتباي، وهو معتقل سابق مُنح اللجوء في السويد، لصحيفة هآرتس الإسرائيلية في أكتوبر: "تمّ إعدام بعض السجناء/ـات شنقا على الحائط أو ضربا بالهراوات الكهربائية. بعض السجناء/ـات اضطرّوا/ين للجلوس على كرسي مسامير. رأيت أشخاصًا عائدين/ـات من هذه الغرفة تغطّيهم/ـنّ الدماء. عاد•ت بعضهم/ـنّ دون أظافر".
تشمل "المذكّرة" أيضًا قسما خاصا بـ"تعليم الآداب". يُطلب من موظّفي/ـات المعسكر إعطاء تعليمات في مجالات مثل "الآداب" و"الطاعة" و"السلوك الودي" و"تغيير الملابس بانتظام". قال دارين بايلر، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة واشنطن والمتخصّص في الثقافة الأويغورية، إنّ فكرة تعليم البالغين/ـات كيفية الاغتسال وكيفيّة تكوين صداقات تنبع من اعتقاد منتشر بين الصينيين/ـات الهان بأنّ الأويغور "متخلّفون/ـات". "إنّه يشبه الخطاب حول وحشية "الآخر" الذي يجب عليك أن تعلّمه الحضارة. لقد أصبح هذا الخطاب فعليّا في سنجان".
معسكرات في المصنع
تعمل السلطات الصينية على إظهار ما أسموه سياسات "الحد من الفقر" في سنجان. فوفقًا للسلطات الصينية، يتمثّل الهدف من هذه المراكز في اكتساب الأويغور مهارات مهنية جديدة تمكّنهم/ـنّ من العمل في قطاعات أخرى غير القطاع الفلاحيّ وبالتالي تحسين مستوى معيشتهم/ـنّ.
ولكن في الحقيقة، اكتشفـ•ـت الصحفيون/ـات والباحثون/ـات نظامًا ضخما يقوم على العمل القسري في جميع أنحاء المنطقة، في مجال صنع النسيج وغيرها من السلع الاستهلاكية.
وترد في الدليل أحكامٌ تخصّ المعتقلين/ـات السابقين/ـات: "يتمّ إرسال جميع المتدرّبين/ـات الذين/اللاتي أكملوا/ـن تدريبهم/ـنّ الأوليّ إلى تدريب مكثّف من 3 إلى 6 أشهر لتحسين مهاراتهم/ـنّ المهنية. يجب على جميع المحافظات أن تقوم بتهيئة أماكن ووسائل معيّنة لخلق بيئة مناسبة لاحتضان التدريب المكثّف للمتدربين/ـات".
في قسم بعنوان "خدمات التوظيف"، يطلب الكتيّب من مسؤولي/ـات المعسكر تطبيق سياسة تسمّى "تحصل المجموعة على شهادة، تجد المجموعة وظيفة"، ممّا يوحي بأنّ أولئك الذين أنهوا/ـين تدريبهم/ـنّ يتمّ إرسالهم/ـنّ إلى مكان ما للعمل.
أخيرًا، يكلّف الدليل مراكز الشرطة والمكاتب القضائية المحلية بتوفير "متابعة ومساعدة تعليمية" للمعتقلين/ـات السابقين/ـات بعد تعيينهم/ـنّ في مركز عمل. ويذكر أنّه بعد إطلاق سراحهم/ـنّ، "يجب على المتدرّبين/ـات البقاء تحت المراقبة لمدة عام". وبالتالي تؤكّد هذه التوجيهات المعلومات التي تفيد بأنّ المعتقلين/ـات يتمّ إرسالهم/ـنّ من المعسكرات إلى أماكن عمل تحت مراقبة الشرطة المستمرة.
يقول أدريان زانز في تقرير صدر في جويلية 2019: "يتم نقل هذه الأقليات إلى بيئات عمل وتدريب مغلقة وخاضعة لإشراف الدولة وسيطرتها، تسهّل تلقينهم/ـنّ عقائديا بشكل مستمرّ".
الاعتقال باعتماد الخوارزميات
تعطي محاضر الاجتماعات فكرة مخيفة عن طريقة عمل منصة العمليات المشتركة المتكاملة. يجمع هذا النظام كميات هائلة من المعلومات الشخصية عن المواطنين/ـات انطلاقا من مصادر متنوعة ثم ينطلق الذكاء الاصطناعي من هذه البيانات لتحديد قائمات طويلة من المشتبه فيهم/ـنّ.
حسب هيومن رايتس ووتش، المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، فإنّ مصادر المعلومات تشمل عددا لا متناهيا من نقاط التفتيش في سنجان، وكاميرات الدوائر المغلقة مع تقنية التعرّف على ملامح الوجه، وبرمجيات التجسّس التي يُأمر الأويغور بتحميلها في هواتفهم/ـنّ وأجهزة "Wifi-Fi sniffers" التي تجمع بيانات تمكّن من التعرّف على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر وحتى مراقبة عمليات تسلّم الطرود. وقد كشفت هيومن رايتس ووتش أنّ الشرطة وبقية السلطات تستخدم تطبيقة جوال لفحص سوابق الأفراد والتواصل مع منصة العمليات المشتركة المتكاملة لحظة بلحظة.
وقال جيمس مولفينون: "لقد تبنّى/ـت الصينيون/ـات نموذجًا للشرطة يؤمنـ•و•ن فيه أنه باستخدام بيانات قد تمّ جمعها على نطاق واسع بواسطة الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي، يمكنهم/ـنّ التنبؤُ مسبقًا بالمكان الذي قد تحدث فيه الحوادث وتحديدُ الأشخاص الذين/اللاتي يُرجّح أن يقوموا/ـن بأفعال مناهضة للنظام. ثم يطارد•و•ن هؤلاء الأشخاص".
بالنسبة لجيمس مولفينون، فإنّ منصة العمليات المشتركة المتكاملة ليست مجرد منصة "توقّع جرائم"، بل يصفها كأداة "للتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي والرقابة والسيطرة"، تستبدل الحكم الإنساني بالذكاء الاصطناعي وتعمل "كعقل إلكتروني" في صميم الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية المتقدمة في الصين.
يواصل جيمس مولفينون قائلا: "مثل هذه الأنظمة ترفع المسؤولية عن الأشخاص المسؤولين/ـات عن تنفيذها وهو ما يخلق إطار سياسات قابل لأن يتدهور، مؤدّية بالتالي إلى نتائج كارثية.
يقوم البرنامج بجمع البيانات وتحليلها دون أيّ اعتبارٍ لحماية الخصوصية. فقد تمّ الاشتباه بأشخاص والإبلاغ عنهم/ـنّ اعتمادا على معايير غير مؤذية، مثل الصلاة اليومية أو السفر إلى الخارج أو الاستخدام المتكرّر للباب الخلفي لمنازلهم/ـنّ.
مثل هذا المناخ من المراقبة له تأثير نفسي واضح على السكّان، أقوى ربّما من أثر جمع البيانات في حد ذاتها. فوجود كاميرات التعرف على الوجه في كل ركن من أركان الشوارع ونقاط التفتيش الكثيرة وشبكات المخبرين/ـات قد خلق انطباعا بأنّ الدولة بتواجدها الكلّي والشامل في كل مكان، تراقب الحياة اليومية للأشخاص وتفحص أدقّ خصوصياتهم/ـنّ. ومع تزايد عدد اختفاءات الجيران حسب خوارزميات مجهولة، أصبحت سنجان تعيش في رعب دائم.
وقدّ صرّحت سامانثا هوفمان، المحلّلة بمعهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي التي تشتغل في بحوثها على السيطرة الاجتماعية للصين من خلال جمع البيانات، أنّ الطابع العشوائي لتحقيقات منصة العمليات المشتركة المتكاملة ليس خللا بل هو أحد خصائصها.
تقول سامانثا هوفمان: "هكذا يعمل إرهاب الدولة. جزء من الخوف الذي يخلقه يتأتّى من كونك لا تعلم/ـين متى ستصبحـ/ـين مشتبها/ـة به/ـها".
تركّز نشرات "تسريبات الصين" الأربع التي حصل عليها الاتحاد الدولي للمحققين/ـات الصحفيين/ـات والمتكوّنة من إحدى عشرة صفحة، على تفاصيل تنفيذ منصة العمليات المشتركة المتكاملة. يتمّ تفصيل المشاكل المختلفة للمنصة واقتراح حلول متنوّعة لها. بتاريخ جوان 2017، تحمل هذه النشرات عنوان "نشرة الأساسيات اليومية لمنصة العمليات المشتركة المتكاملة" وأرقام 2 و9 و14 و20 وذلك بتاريخ جوان 2017.
على سبيل المثال، تقدّم "النشرة 14" تعليمات حول كيفية إجراء التحقيقات وإدارة الاعتقالات الجماعية انطلاقا من قائمة طويلة للمشتبه بهم/ـنّ صادرة عن منصة العمليات المشتركة المتكاملة. ففي جوان 2017 وخلال سبعة أيام، تمّ رسميا إيقاف 706 أشخاص واقتياد أكثر من 15000 من سكان سنجان إلى المعتقلات من قبل موظّفي/ـات الأمن.
ووفقًا للنشرة ذاتها، فقد أدرجت منصة العمليات المشتركة المتكاملة أسماء 25000 "شخص مشتبها/ـة به/ـها" خلال نفس الأسبوع. ما يُفسّر هذا الفرق العددي هو أنّ عددا منهم/ـنّ قد تعذّر تحديد مواقعهم/ـنّ في حين أنّ البعض متوفّون/ـات ولكن لازالت بطاقات هويتّهم/ـنّ تُستخدم من قبل أشخاص آخرين/ـات، إلخ. وتشير النشرة إلى أنّ بعض الطلبة/الطالبات والمسؤولين/ـات الحكوميين/ـات كان من "الصعب التعامل معهم/ـنّ".
حصلت هيومن رايتس ووتش في العام الماضي على نسخة من تطبيقة منصة العمليات المشتركة المتكاملة للهاتف المحمول وقامت بدراستها لفهم كيفية استخدامها من قبل الشرطة ونوع البيانات التي يتمّ جمعها. اكتشفت المنظّمة أنّ التطبيقة تشجّع موظّفي/ـات الأمن على إدخال معلومات مفصّلة حول جميع الأشخاص الذين/اللاتي قاموا/ـن باستجوابهم/ـنّ: الطول وفصيلة الدم واللوحة المنجمية ومستوى التعليم والمهنة والرحلات التي قاموا/ـن بها مؤخّرا وحتى رفع عدد العدادات الكهربائية المنزلية وأكثر من ذلك بكثير. تعتمد منصة العمليات المشتركة المتكاملة بعد ذلك على خوارزمية، مجهولة إلى الآن، لإنشاء قائمات بالأشخاص المشتبه فيهم/ـنّ.
تعتبر مايا وانغ وهي باحثة في هيومن رايتس ووتش حول الصين أنّ هدف منصة العمليات المشتركة المتكاملة يتجاوز بكثير مجرد تحديد المرشّحين/ـات للاعتقال. فالغرض منها هو فحص كامل المتساكنين/ـات بدقّة شديدة للكشف عن السلوكيات والمعتقدات التي تعتبرها الحكومة مشبوهة، بما في ذلك علامات التعلّق القوي بالعقيدة الإسلامية أو بالهوية الأويغورية. "إنها آلية لفحص سوابق الأفراد، تُضاف إليها القدرة على مراقبة الناس في كل مكان".
Inse موظفو/ـات الأمن يقومـ•و•ن بدورية في كاشغار في غرب سنجان. حقوق الملكية: كريج بيكر / وكالة فرانس براس / الاتحاد الدولي للمحققين/ـات الصحفيين/ـات / Getty Images rt your caption
أسلوب يتمّ اعتماده في الخارج
تقدّم المؤسسات الإخبارية منذ عامين تقارير مثيرة للقلق بشكل متزايد حول الجهود التي تبذلها الصين لإنهاء تنقّل الأويغور واستهداف الأفراد الذين/اللاتي يعيشـ•و•ن في الخارج.
ذكرت وسائل الإعلام في نوفمبر 2016 أنّ السلطات قد صادرت جوازات سفر السكان المسلمين/ـات في سنجان. وفي جويلية 2017، قامت مصر، بناءً على طلب من الصين، بترحيل ما لا يقلّ عن 12 طالبًا/ـة من الأويغور يدرسـ•و•ن بجامعة الأزهر وهو معهد مشهور للدراسات الدينية، واحتجزت عشرات الآخرين/ـات. ثمّ في أوائل عام 2018، أفاد الأويغور القاطنون/ـات بالخارج أنّ مكاتب الأمن في سنجان تقوم بشكل منهجي بجمع معلومات شخصية مفصلة عنهم/ـنّ من أفراد الأسرة الذين يعيشـ•و•ن في المنطقة.
تكشف "النشرة 2" أنّ هذه الإجراءات هي جزء من مبادرة سياسية واسعة. تهتمّ هذه النشرة المؤلّفة من صفحتين ونصف والمؤرّخة في 16 جوان 2017، بالأويغور المقيمين/ـات أو الذين/اللاتي أقاموا/ـن في بلدان أخرى. وهي تصنّف الأويغور الصينيين/ـات الذين/اللاتي يعيشـون/يعشن في الخارج وفقًا لمنطقتهم/ـنّ الأصلية في سنجان وتطلب من المسؤولين/ـات جمع معلومات شخصية عنهم/ـنّ. والهدف، وفقًا للنشرة، هو تحديد "أولئك الذين/اللاتي ما زالوا/ـن خارج البلاد والذين/اللاتي لا يمكن استبعاد شبهات الإرهاب التي تحوم حولهم/ـنّ". عند عودتهم/ـنّ إلى الصين، "يجب إدراج هؤلاء الأشخاص في نظام للتعليم والتدريب".
تطلب النشرة من السلطات اتّخاذ خطوات لترحيل أي شخص تخلّى/ـت أو "ألغى/ـت" جنسيته/ـها الصينية. وتضيف النشرة أنّه "بالنسبة لأولئك الذين/اللاتي لم يُلغوا/ـين جنسيتهم/ـنّ بعد وتحوم حولهم/ـنّ شبهات إرهاب، فينبغي أولاً إلحاقهم/ـنّ بمركز تدريب وتعليم وحملهم/ـنّ على إجراء اختبارات".
تأمر "النشرة 20" مسؤولي/ـات الأمن المحليين/ـات بفحص جميع مستخدمي/ـات تطبيقة "Zapya" للهاتف المحمول في سنجان -أي ما يقارب مليونَي شخص- للتحقق من انتمائهم/ـنّ للدولة الإسلامية أو غيرها من المنظمات الإرهابية.
يُشار في جميع وثائق تسريبات الصين إلى التهديدات "الإرهابية" و"التطرّف" كسبب للاعتقال لكن لا توجد وثيقة تحدّد معنى هذه المصطلحات. ذكرت وسائل إعلامية أنّ الاعتقالات تستهدف أحيانا المثقّفين/ـات والأويغور الذين/اللاتي تربطهم/ـنّ صلات ببلدان أجنبية وأشخاص متدينين/ـات بشكل علني، لكن تم القبض على كثيرين/ـات آخرين/ـات خارج هذه التصنيفات. يقول الخبراء/الخبيرات أنّ الحملة لا تستهدف سلوكًا محددًا فقط بل مجموعة عرقية ودينية بأكملها.
ممّا يثير القلق أيضا هو أنّ "النشرة 2" تسلّط الضوء على دور السفارات والقنصليات الصينية في جمع المعلومات التي تُوجّه إلى إلى منصّة العمليات المشتركة المتكاملة. تم وضع قائمة تضمّ أكثر من 4000 شخص تقدّموا/ـن بطلبات للحصول على تأشيرات أو "لاستبدال وثائق الهوية بالسفارات أو القنصليات الصينية في الخارج". تتضمن النشرة تعليمات بالتحقيق مع هؤلاء الأشخاص ثمّ اعتقالهم/ـنّ "ما إن عبَروا/ن الحدود" إلى الصين.
ذكرت وسائل الإعلام أنّ مواطنين/ـات أجانب/أجنبيات كانوا/ـنّ من بين المحتجزين/ـات في المخيمات. تُظهر "النشرة رقم 2" أن وجودهم/ـنّ في المعسكرات لم يكن عرضيًا بل كان وفقا لهدف سياسي محدّد.
تشير هذه "النشرة 2" إلى أنّ القائمة التي أنشأتها منصة العمليات المشتركة المتكاملة تحتوي على أكثر من 1500 شخص من سنجان "حصلوا/ـن على جنسية أجنبية وطلبوا/ـن أيضًا الحصول على تأشيرات صينية". مستوى التفاصيل المقدمة من منصة العمليات المشتركة المتكاملة مذهل. وقد ثبت أنّ 75 من بين هؤلاء الأشخاص كانوا/ـنّ متواجدين/ـات في الصين وقامت المنصّة بتوزيعهم/ـنّ وفقًا لجنسيتهم/ـنّ: "26 تركيًا/ـة و23 أستراليًا/ـة و3 أمريكيين/ـات و5 سويديين/ـات ونيوزيلنديـ•ـتـ•ـان وهولنديًا/ـة و3 أوزبكيين/ـات وبريطانيـ•ـتـ•ـان و5 كنديين/ـات و3 فنلنديين/ـات وفرنسيًا/ـة وقيرغيزيًا/ـة". الموظفون/ـات المدنيون/ـات مسؤولون/ـات عن إيجاد أكبر عدد من هؤلاء الأفراد والتقصّي حولهم/ـنّ دون قلق إزاء التداعيات الدبلوماسية التي قد تنجم عن وضع هؤلاء المواطنين/ـات الأجانب/الأجنبيات في معتقلات لا تخضع للنظام القضائي الرسمي.
الصلاة ومعارضة البورنوغرافيا، "فكر متطرف"
أُخذت الوثيقة النهائية -وهي ليست مصنّفة سرية ولكن نادراً ما يُمكن الاطّلاع عليها من خارج دوائر الحكومة الصينية- من ملفّ قضية قانونية يعود تاريخها إلى عام 2018. وقد وقعت القضية في النيابة العامة الشعبية لجهة كاكيليك في جنوب سنجان. تفصّل هذه الوثيقة المكتوبة باللغة الأويغورية الاتّهامات الموجّهة ضدّ رجل من الأويغور تم إيقافه في أوت 2017 ثمّ سجنه رسميًا في الشهر الموالي بسبب "التحريض على الفكر المتطرف". وبعد ثمانية أشهر، وُجّهت إليه تهمة "التحريض على الكراهية العرقية والتمييز العرقي".
تمثّل هذه القضية مثالا عن كيفيّة تجريم النظام القضائي الصيني لأشكال التعبير السائدة للعقيدة الإسلامية. طلب الرجل من زملائه/زميلاته تجنب مشاهدة البرامج الإباحية وإقامة الصلاة وعدم الاختلاط بالذين/اللاتي لا يؤدّون/ين الصلاة، بما في ذلك "الكفار/الكافرات الصينيين/ـات الهان". من قدّموا/ـن شهاداتهم/ـنّ حول الجرائم المزعومة كانوا/ـنّ زملائه/زميلاته في العمل ممّن تحدّث معهم/ـنّ، وهم/ـنّ يحملـ•و•ن أسماء أويغورية.
تشير وثيقة المحكمة إلى أنّ محامي المتّهم قد طلب عفو المحكمة مستندا لكون مرتكب الجريمة ليست له سوابق ولكونه "عرضة للتأثير السلبي ولارتكاب الجرائم بسبب انخفاض مستواه المعرفي القانوني وضعف تعليمه".
حُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.