ما هي آثار التغير المناخي على تونس بحلول نهاية القرن ؟

تتضح بمضي السنوات حقيقة لا مفر منها مفادها أن عواقب التغير المناخي حاضرة بالفعل، وأن تونس ليست بأي شكل من الأشكال بمنأى عنه. تعرض إنكفاضة من خلال بيانات مصوّرة توقعات بالأرقام للتغيرات المناخية التي تترصد ببلادنا بحلول نهاية القرن، في حال ما إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
بقلم | 07 نوفمبر 2022 | reading-duration 10 دقائق

متوفر باللغة الفرنسية
موجات حر متزايدة الطول والتكرار، أكثر من 50 درجة مئوية سُجّلت في القيروان في صيف 2021، جفاف غير مسبوق يعرض الأمن الغذائي للبلاد إلى الخطر، حرائق تهدد أكثر المناطق أشجارا واخضرارا، واحتياطيات مائية تتهاوى إلى أدنى مستوياتها... تعتبر تونس في طليعة أكثر البلدان المعرضة لأشد العواقب المناخية، وموقعها على البحر الأبيض المتوسط يجعلها في قلب أحد "النقاط الساخنة" على الكوكب وهو مصطلح يُراد به الأماكن الأكثر تضررا من الاحترار المتسارع، حيث تشهد درجات الحرارة في منطقة المتوسط ارتفاعا أسرع بنسبة 20٪ من بقية أنحاء العالم. 

لعدة سنوات، جاءت تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (GIEC) واضحة وضوح الشمس: التغير المناخي متسارع ومتصاعد بمعدل لم يسبق له مثيل. ولا جدال الآن في كون الأنشطة البشرية هي أصل هذا الاختلال المتسبّب في أحداث مناخية متطرفة أكثر تواترا وحدّة، بدءا من موجات الحر وهطول الأمطار الفيضانية إلى الجفاف وغير ذلك. 

واستنادا إلى التوقعات التي أصدرها المعهد الوطني للرصد الجوي (INM)، تعود إنكفاضة على الاضطرابات المناخية التي تترصّد بتونس بحلول عام 2100. 

السيناريو الذي تم اعتباره هو RCP 8.5، والذي تصفه الهيئة الحكومية الدولية (GIEC) بأنه "مستقبل بدون تنظيم للانبعاثات، مما سيؤدي إلى حوالي 5 درجات مئوية من الاحترار العالمي بحلول نهاية القرن".

هذا السيناريو هو الأكثر تشاؤما من حيث انبعاثات الغازات الدفيئة وهو أيضا الأقرب لوصف النزعة الملحوظة حاليا في العالم. 

تحصلوا وتحصلن على أفضل منشورات إنكفاضة مباشرة على البريد الالكتروني.

اشترك واشتركي في نشرتنا الإخبارية حتى لا تفوتك آخر المقالات !

يمكن إلغاء الاشتراك في أي وقت.

تطور درجات الحرارة السنوية المتوسطة في تونس بحلول نهاية القرن

1990


تفاصيل تطور درجات الحرارة المتوسطة متوفرة حسب كل ولاية

أظهرت الملاحظات على مدى السنوات الأربعين الماضية (1978-2012) اتجاها تصاعديا كبيرا بنحو 2.1 درجة مئوية في الدرجات السنوية المتوسطة والقصوى والدنيا. وتختلف هذه الزيادة باختلاف المناطق، فبحلول عام 2050 مثلا من المتوقع أن يرتفع معدّل درجة الحرارة في تونس بمقدار 1.9 درجة مئوية، أي 10٪ مقارنة بالقيم الحالية، وبمقدار 3.9 درجة مئوية في عام 2100 أي زيادة بنسبة 20٪. في سنة 2100، سيبلغ متوسط درجة الحرارة السنوية لكل ولاية 21 درجة مئوية على أقل تقدير مقارنة بـ 16.5 درجة في عام 1990.

تطور كميات الأمطار التراكمية السنوية في تونس بحلول نهاية القرن

1990


تظهر التوقعات المناخية في جميع أنحاء تونس انخفاضا في هطول الأمطار، بغض النظر عن السيناريو المأخوذ بعين الاعتبار. وباحتساب سيناريو RCP8.5 الأكثر تشاؤما، سيبلغ هذا الانخفاض 22 ملم بحلول عام 2050 أي تدنٍّ بـ 9٪ مقارنة بالقيمة الحالية، وسيبلغ 45 ملم في عام 2100 أي تدن بـ 18٪. سيكون لهذه الانخفاضات تأثير كبير بشكل خاص على النشاط الفلاحي إذ من المتوقع أن ينخفض إنتاج الحبوب بنسبة 40٪ تقريبا، بينما من المحتمل أن تعاني محاصيل الزيتون من انخفاض في مردوديتها بنسبة 32٪. 

تطور عدد الأيام الماطرة المتتالية بحلول نهاية القرن

تفاصيل تطور عدد الأيام الماطرة المتتالية متوفرة حسب كل ولاية

إلى جانب انخفاض كميات الأمطار  تشير التوقعات إلى احتمال حدوث انخفاض في عدد الأيام المتتالية من الأمطار في جميع أنحاء البلاد، ما سيؤدي إلى زيادة في تواتر حالات الجفاف وفي شدتها خصوصا في الجهات الجنوبية للبلاد.

تطور عدد الأيام الجافة المتتالية بحلول نهاية القرن

تفاصيل تطور عدد الأيام الجافة المتتالية متوفرة حسب كل ولاية

الزيادة في عدد الأيام الجافة المتتالية ستؤدي حتما إلى زيادة نوبات الجفاف التي ستؤثر بدورها على مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وتؤدي إلى فقدان خصوبة التربة ورطوبتها وتقدم زحف الصحراء. وستؤدي الضرورة الملحّة لتلبية الاحتياجات من المياه إلى مزيد الضغط على طبقات المياه الجوفية مع ما يرافقه ذلك من مخاطر الإفراط في استغلالها. 

تطور مدة موجات الحر ودرجات الحرارة المتوسطة

تفاصيل تطور مدة موجات الحر متوفرة حسب كل ولاية.

تتنبأ التوقعات المناخية بعدد أكبر من أيام القيظ الشديد. ووفقا لسيناريو RCP8.5 الذي وضعته الهيئة الحكومية الدولية (GIEC) فإن هذه الزيادة قد تبلغ في المتوسط 39 يوما في السنة بحلول عام 2050، و 107 أيام في السنة بحلول 2100 مقارنة بالقيمة الحالية. ويمكن لموجات الحرارة هذه أن تؤدي إلى حوادث خطيرة بل ومميتة على غرار التّجفاف، وتفضي أيضا إلى تفشي الأمراض المرتبطة بالحر وتفاقم خطر الأمراض الموجودة مسبقا. 

وفقا لأحدث تقرير لهيئة GIEC الصادر في أفريل 2022، يتجه العالم إلى احترار بـ 3.2+ درجة مئوية، وليس أمام البشرية سوى مهلة ثلاث سنوات لعكس هذا المنحى. ومن أجل تجنب هذه السيناريوهات الأفظع لا بد من اتخاذ عدة تدابير منها الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة عن طريق التخلي تماما عن استعمال الوقود الأحفوري، والاستثمار في الطاقات المتجددة، ووقف جميع عمليات إزالة الغابات لاستعادة النظم الإيكولوجية الطبيعية، وإنشاء نظم فلاحية مستدامة وعقلانية، وتحقيق كفاءة أفضل في استخدام الطاقة من خلال إعادة التهيئة الحرارية للمباني على سبيل المثال، فضلا عن اقتصاد أكثر رصانة بشكل عام. ويصر الخبراء على مدى خطورة الوضع ووجوب أن تأتي هذه الالتزامات في أقرب الآجال على أمل عكس اتجاه التغير المناخي، أو على أقل تقدير، الحد منه.