في تونس كما في أي مكان آخر من هذا العالم، يُعتبر الزواج لدى الكثيرين·ـات محطة لا محيد عنها في سبيل تحقيق الذات. ومن أجل الاحتفاء بهذا الاتحاد لا يُدّخر جهد لإنجاح حفل الزفاف. كلّ شيء يهون من أجل أن تكون هذه اللحظة الفانية على مستوى النتيجة المأمولة لما سيأتي بعدها، ومن أجل تخليدها إلى الأبد.
لجعل هذه الأعراس ذكرياتٍ لا تمحى، من عادة العائلات دعوة مصور·ة: "إنه عنصر لا غنى عنه في الأعراس" يقول أمين لندلسي المراسل الفوتوغرافي، معترفاً أيضا بأن "وجود الجانب الشخصي من التصوير الفوتوغرافي أقلّ فعلا، إذ نحن في دينامية استهلاكية متزايدة التسارع، وبذلك أصبح مصوّر الزفاف يُعتبر مقدّم خدمات مثله كمثل الطباخ أو العوّادة أو باقي المتدخلين".
يرى أمين في ذلك أحد الأسباب التي تجعل تصوير الأفراح يعاني من صورة سلبية. يقول أن "هناك دلالة في عالمنا الفوتوغرافي، خصوصا في تونس، تجعل من الأمر كما لو أن صفة مصور حفلات الزفاف شتيمة".
لا يرى أمين لهذه الصورة القاسية تبريرا، بل على العكس من ذلك، يقدّر المصور هذا التمرين الذي اضطلع به عدة مرات. "إنه لشرف لي أن أصور زفاف واقتران شخصين!". كما يشير إلى الضغط الكبير الذي تمثله هذه المهمة: "نحن ملزمون برسم هذه اللحظة في صور، سواء أكان السعر 100 دينار أو 10.000 دينار. والأسوأ هو عندما تفشل في ذلك، إنها كارثة"، يقول المراسل ضاحكاً.
بالرغم من أن هذه السلسلة تتمحور حول الزواج، وأن المصوّر قد تلقى أجرا لقاء خدماته في عدد من حفلات الزفاف، إلا أنه لا يعتبر أو يصف نفسه بأنه مصور أفراح، فأمين لندلسي امتهن بالأساس التصوير الصحفي. في جانفي 2011، عمل على تخليد أحداث الثورة التونسية. وفي وقت لاحق، تعاون مع وكالة أسوشيتد برس ثم وكالة الأناضول، وغطى المظاهرات والأحداث السياسية والأخبار التونسية عموما حتى قرر ذات يوم التخلي عن هذه المهنة بعد فصله عن عمله. يقول: "ينقل المراسل الحياة كما هي، لكن الحياة أصبحت عسيرة" مشيرا إلى المنصب الذي كان يشغله.
يستحضر المصور أنه في ذلك الوقت كان "يبحث عن مشاعر". في عطلة نهاية الأسبوع الموالية لفصله من عمله، ذهب إلى حفل زفاف أحد أقاربه. "قضيت ثلاثة أيام مع شاب مقبل على الزواج"، ومن هناك، أدار ظهره للأحداث الخطرة التي كان يتقفاها في الماضي ليركز على الجوانب الإيجابية للحياة بما فيها الزواج. "لم أر سوى المفاجآت" يقول أمين وملؤه حنين إلى الماضي.
بدأ من ثمّ مشروعا شخصيا بالتوازي مع انغماسه في صور التقطها في أعراس سابقة، ملقيا عليها نظرة شخصية معدّلة ومشبعة بتجاربه الماضية كمصور صحفي، حتى أنه صار يتحدث عن "روبرتاج الزفاف". أضحت الأفراح وكل ما يحوم حولها ملعبه الجديد الذي يصفه بأنه لا يختلف كثيرا
عن الأحداث التي كان يغطيها في الماضي. يقول: "لقد وجدت جميع المكونات: أعمال الشغب والصراخ والشرطة التي تداهم على الساعة الواحدة صباحا…". أعاد المصور مذّاك الكرّة مرة أخرى عندما تمت دعوته إلى حفلات زفاف أخرى، وعلى أساسها واصل هذه السلسلة.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.