متوفر باللغة الفرنسية

ريان، مترجم في شركة، 1800 دينار في الشهر



متوفر باللغة الفرنسية

07 أوت 2022 |
بين هشاشة التشغيل والبحث عن وظيفة أكثر استقرارا، يحاول ريان جاهدا إيجاد توازن في مصاريف حياته اليومية، وبناء مستقبله الذي لا يستطيع تحديد ملامحه بدقة خصوصا مع غلاء المعيشة المستفحل على حد تعبيره.

نشأ ريان في ظروف اجتماعية معقدة منذ نعومة أظافره. انفصل والداه وتخلي أبوه عنه وعن شقيقته التي تكبره بأعوام. وعاش الطفلان مع الأم التي تكفلت بمصاريفهما بدعم من والدها أي الجد.  

انتقل الشاب الذي ينحدر من أحد الأرياف إلى العيش في تونس منذ أن بدأ في سنوات دراسته الجامعية بتخصص الترجمة لما قُبل في إحدى الجامعات في العاصمة. وفور تخرجه لم يشأ أن يعود إلى مسقط رأسه نظرا لمزيد تعقد الظروف الاجتماعية لأسرته واضطرار والدته للانتقال والعيش مع عائلتها، ما دفعه إلى محاولة بناء حياة جديدة لنفسه. 

حاول ريان خلال دراسته الجامعية إيجاد فرصة عمل تخفف عبء مصروفه عن والدته وتوفر له مصدر دخل إلى حين تخرجه. "عملت كمعظم الطلبة في مركز نداء بمقابل مادي زهيد، ثم في مجال تحرير النصوص في شركة لم أقض بها الكثير من الوقت نظرا لكم العمل الهائل مقارنة بالأجر" يروي الشاب.  

استمرت تجارب التوظيف الهش مع ريان حتى بعد تخرجه من الجامعة، إذ بعد محاولات عديدة لإيجاد عمل في مجال تخصصه أي الترجمة، يوفر له الحياة الكريمة ويمكنه من مساعدة والدته، وجد نفسه مضطرا للعمل في المقاهي والكافتيريات ثم في مكتب خدمات دون عقد شغل وبأجر لم يتجاوز 500 دينار. بقي الحال كذلك لمدة 3 سنوات انتهت بأن وجد نفسه كما يقول "أعمل لساعات إضافية كثيرة بل أقوم بكل أعمال مكتب الخدمات دون عقد ودون أية حقوق".  

مع بداية أزمة كوفيد-19 التي كان تأثيرها فادحا على الفئات الهشة، وجد ريان نفسه دون أجر بتعلة أن المكتب اضطر للغلق خلال فترة الحجر الصحي الشامل، فاضطر الشاب أن يعود مرة أخرى للتعويل على مصروف يصله من والدته.

"قررت القيام بمحاولات بحث من جديد لإيجاد عمل آخر، فبعد انتهاء فترة الحجر لم أحصل سوى على نصف أجري الذي كان في الأصل زهيدا".  

"انتقلت إلى عمل جديد بأجر أفضل، وظروف أكثر استقرارا" يقول ريان الذي بدأ العمل في شركة خاصة، لكن هذه المرة بعقد شغل واضح وراتب أفضل مقداره 1200 دينار، ارتفع لاحقا بالزيادات السنوية. 

يعيش ريان حاليا مع صديقته، ويتقاسم الحبيبان مصاريف الحياة اليومية والسكن إضافة إلى قرض السيارة التي أقدما على شرائها لتسهّل حياتهم.  

فيما يلي لمحة عامة حول مداخيله ومصاريفه الشهرية: 

يبذل الشاب وسعه لتوزيع مصاريفه الشهرية بطريقة مدروسة، ومع ذلك يقول أنه "بعد الأسبوع الثاني من الشهر أصبح تقريبا مفلسا". وعلى الرغم من محاولته القيام ببعض العمل الحر في الترجمة للحصول على دخل إضافي إلا أن ذلك ليس كافيا.  

تصل قيمة القروض التي يسدد أقساطها بمبالغ شهرية تقتطع من راتبه إلى حوالي 35 ألف دينار، كما يرصد شهريا هو وصديقته جزءا من راتبيْهما لشراء حاجيات الأكل ومواد التنظيف المنزلي ومواد العناية الشخصية، إضافة إلى تخصيص بعض الأموال للترفيه والزطلة، بينما لا يعير اهتماما كبيرا لشراء الملابس التي لا يتبقى لها نصيب على كل حال بعد اقتطاع كل المبالغ السابقة من أجره.  

فيما يلي تفصيل مداخيله ومصاريفه الشهرية:

المنطقة الرمادية

يرغب ريان بشدة في تغيير عمله لأسباب تتعلق بعدم التأقلم مع بيئة عمله الحالية، والضغوط الكثيرة التي يتعرض لها العاملون والعاملات في الشركة من مسؤولهم. يفسر ريان تلقيه "عرض عمل في مكان أعتبره جيدا، وبيئة عمل أفضل لكنني رفضته لأن الدخل المادي المقترح أقل مما أحصل عليه حاليا" وهو عائد يعتبره مجديا على الأقل لسداد ديونه وقروضه.  

وعلى الرغم من مثابرته للحصول على عمل حر إلى جانب وظيفته، إلا أن عدم امتلاكه لمعرف جبائي "باتيندة" يحدّ من فرصه خاصة في التعامل مع المؤسسات الرسمية. كما أن استحالة الخلاص بالعملة تعتبر عائقا آخر في سبيله ويجعل أعماله مقتصرة على تعامله مع جهات داخل تونس فقط.  

مع عدم استقرار العمل الحر ومحدودية الدخل الذي يقتطع جزء كبير منه لسداد القروض والفواتير القارة، لا يجد ريّان المجال ليساعد والدته التي تعيش في وضعية مادية صعبة، كما أنه يود لو بإمكانه شراء الهدايا لصديقته.  

المستقبل 

يحلم ريّان بالسفر في إجازة إلى الخارج، ويرى أن تحقيق ذلك ممكن في المستقبل القريب خاصة مع اقتراب حصوله على ترقية في عمله، كما أن الزيادة السنوية القادمة في الراتب قد تقرّبه من تحقيق أمنيته. يعتبر الشاب أن انفراج حالته المادية ليس ببعيد، وأنه سيكمل تسديد أحد قروضه مع نهاية العام، ما سيتيح له متنفسا ماليا جديدا يساعده على ادخار بعض الأموال للسفر للمرة الأولى إلى الخارج ورؤية بلد جديد.