فقد كان تقرير المنظمة الدولية لحقوق الانسان ( هيومن رايتس ووتش) الذّي يحمل عنوان “انهيار حاد فى حقوق الانسان” والمنشور في جانفي 2015 قد كشف عن تقهقر في مستوى الحريات وحقوق الانسان منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم. قمع عنيف للمظاهرات وايقافات و سجن عشوائي و قتل جماعي و كلّ محاولة للتعبير عن رأي مخالف تعرّض صاحبها الى خطر الموت.
أحكام الاعدام التي طالت وماتزال قيادات تنظيم الاخوان تسير وفق خطّ متوازي مع الوضعية المفزعة للحقوقيين والصحفيين والنشطاء التي تبعث على القلق.
محمود أبو زياد هو صحفي مصور مسجون منذ أكثر من 600 يوم، نشر رسالة يتحدّث فيها عن ظروف سجنه. وفي السياق ذاته كشف ايقاف ومحاكمة ثلاثة صحفيين من قناة الجزيرة سنة 2013 بتهمة ترويج أخبار كاذبة كيف يمكن للحكومة الحالية ان تتصرف مع الرأي الآخر. هؤلاء الصحفيون الثلاثة حُكِمَ عليهم بالسجن من سبعة الى عشر سنوات. وحتى بعد اطلاق سراحهم بكفالة فان الملاحقات الامنية لا تزال قائمة ضدهم.
محامون وصحفيون و مدونون و فنانون و نشطاء في مجال حقوق الانسان، كلّهم يشتركون في تقييم موحّد للمشهد العام في البلاد: لقد بات الأمر لا يطاق وضاقت الى حدّ بعيد مساحة الحريات.
ففي الوقت التي تحتلّ فيه المسألة الأمنية حيّزا كبيرا في الساحة المصرية، تتراجع حرية التعبير وحقوق الانسان ليصبحا دون أهمية. فالعنف و الخوف و الدعاية الامنية باتت تتضافر كلّها من أجل شرعنة عملية التضييق على الحريات وتسويقها بين افراد الشعب على أنّها معطى لا مفرّ منه. وبناء على ذلك بدأت منذ فترة نظرية “القليل من حريتنا من أجل امننا” تكتسح الخطابات السياسية والمنابر الاعلامية وتمحو امكانية انتقاد الوضع بالبلاد وتوجيه نقد للحكام. فبات من الصعب جدّا الحديث عن تجاوزات السلطة والقمع وما الى ذلك من خروقات أخرى طالت كل مناحي الحياة العامّة.
وائل عباس، تجربة 11 سنة من التدوين على صفحة “مصر الرقمية”، على دراية كافية بالوضع. فاليوم حرية التعبير فى مصر باتت تعاني هجمة مفزعة حسب تعبيره.
وائل هو الآن حر عكس علاء عبد الفتاح، المدون الشهير، الذّي سُجنَ من جديد بتاريخ 23 فيفيري (فبراير) بعد أن نال حكما بخمس سنوات سجنا. وضعية علاء تنسحب على عدد آخر من المناضلين الذّين يقبعون الآن وراء القضبان.
حرية التعبير في خطر
حسب تقرير المنظمة الدولية لحقوق الانسان، تعرّض اكثر من 41 ألف شخص للسجن سنة 2014 فى مصر. هم يمثلون فئة من المتظاهرين السلميبن و صحفيين بالاضافة الى مجموعة كبيرة من الشعب انتمت او اعلنت انتمائها الى جماعة الاخوان المسلمين.
فعودة الجيش سنة 2013 الى صدارة المشهد السياسي في مصر جعله في مواجهة فعلية مع ما تمّ تحصيله من مساحات قليلة من الحرية بعد ثورة 2011.
«لقد تحوّلت البلاد اليوم الى رهينة يُوجّه لها السلاح صوب الرأس وكل ما تستطيع القيام به فى هذه الحالة هو التعاون مع محتجز الرهينة حتى لا يطلق النار. همّنا الوحيد اليوم هو البقاء على قيد الحياة ».
هو يقاوم لنشر معلومات تم التعتيم الاعلامي عليها ويصارع التغطية الاعلامية المقننة لذلك فهو غير قادر على الصمت.
لينا عطالله هي ايضا صحفية على رأس موقع اعلامي “مدى مصر” ترفض الصمت ايضا. هذه المرأة الشابة التى تدافع عن الحقوق و الحريات منذ سنوات فى مصر تصف بلادها الآن باللوحة القاتمة:
« منذ سنتين حرية التعبير فى مصر تبدو فى أسوأ حالاتها فجيلي لم يعرف قط مثل هذه اللحظات الصعبة و الوضع القمعي».
وقد نشر الموقع منذ فترة مقالا حول احكام الاعدام فى مصر. ففي سنة 2014 اكثر من 1000 شخص تم اعدامهم مقابل 123 سنة 2011. و هذا المقال يسمح بالتعرف على حقيقة تطور القضاء وهي حقيقة طالما تم تلميعها من قبل وسائل الاعلام الرسمية.
من الصعب القيام بأي عمل
وائل عباس يواجه اليوم عدّة عراقيل في العمل. فقد أصبح عاجزا عن تصوير مقاطع فيديو وتنزيلها في مدوّنته التي أسّسها منذ سنة 2004 والتي كان كشف من خلالها خاصّة فساد نظام بن علي.
ولئن كان من الصعب، في السابق، العمل تحت نظام مبارك فانّ الأمر انقلب اليوم الى مغامرة غير محمودة العواقب على اعتبار أنّه من المستحيل تسجيل فيديوهات فى الشارع. فالدعاية الرسمية للنظام تروّج لفكرة مفادها انّ كل من يصوّر فى الفضاءات العمومية هو جاسوس. كل من يقوم بالتصوير في الشارع يعرض نفسه للايقاف بشكل آلي.
ولئن تَشي شهادة لينا عطالله بحجم المعاناة التي تصبغ ظروف العمل الصعبة وما انجرّ عن ذلك من مكابدة يومية للمخاطر من أجل ضمان استقلالية موقع “مدى مصر”، فانّها ماتزال تحتفظ بداخلها بشيء من الأمل في غد أفضل.
تقول لينا فى هذا الصدد:
«هي مرحلة سلبية جدا بالنسبة الى حريّة التعبير لكننا نشعر انّ افتكاك مساحة الحرية من جديد هو أمر ممكن، مع انّها ستكون هشة. فبعد الثورة تمّ اقتلاع مساحة من الحرية غير أنّه تمّ قمعها سريعا. و ما نلاحظه ان هذا الوضع غير ملائم و ان العودة التدريجية ممكنة. و اخر مثال يمكن ذكره هو موت شيماء الصباغ. فالاعلام قام بتغطية هذه الحادثة و تحدث عنها بل و طالب بالمحاسبة. فالشعب يريد معرفة الحقيقة».
المسألة الامنية تطغى على الساحة
بالنسبة الى لينا فان السلطة تقدّم العذر التقليدي وهو المسألة الامنية و حالة الطوارئ والارهاب. حجّتان استعملتا للاستحواذ على خانة الحقوق والحريات التي خارج أولويات المعركة. غير أنّ التخليّ عن بعض الحقوق مثل حرية التعبير لن يساهم في تحسين الوضع الأمني في البلاد في شيء حسب رأيها. ففي السنتين الاخيرتين سجّلت البلاد اكبر عدد من العمليات الارهابية مقابل أعنف عمليات قمع لحرية التعبيروهذا دليل على انّ الاضطهاد غير مجدي.
هذا القمع لم تقع تغطيته اعلاميا كما يجب حسب رأي وائل:
«من الممكن تداول ذلك عبر الانترنيت لكنّ ذلك سيعرّض الناشر حتما الى مخاطر عديدة قد تصل الى امكانية اعتقاله. وهو ما حصل فعلا لعدد كبير منّا».
حرية التعبير مكفولة في الدستور
حتّى تواجه القمع تحتاج مصر الى قوانين تحمي حرية التعبير وفق المحامي طاهر ابو نصر الذي يترافع فى قضية علاء عبد الفتاح والعديد من مناضلي حقوق الانسان، بالاضافة الى أنّه مستشار مركز الحقوق (هشام مبارك) واللجنة العليا لحقوق الانسان فى مصر.
“الى حدود سنة 2014 لم يكن هناك اشكال في كتابة النصوص.المشكل يكمن فى غياب الارادة السياسية لتطبيق حرية الرأي و الصحافة. فى مصر يوجد اليوم وضعيات سهلة تجيز معاقبة الكلمة الحرة و قمع الرأي”.
انّها وضعية غير محتملة حسب رأيه:
«الكلمة يجب ان تغادر دائرة الاتّهام».
دستور سنة 2014 يضمن الحقوق لكن مثلما هو الوضع فى تونس فانّ ترجمته الى حقوق تتقدم بخطى بطيئة. فالنص يحتوي على ضمانات لحرية الرأي و التعبيرو حرية الصحافة ويرفض الرقابة والعقوبات السالبة للحرية فى جرائم الصحافة. وهذا ما اكدته منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها الاخير عن مصر.
لكنّ االواقع عكس ذلك تماما حسب ما ورد فى التقرير: “ايقافات و اعتقالات و تتبعات عدلية بتعلات خاطئة. فالسلطات لا تتردّد البتة في لجم الافواه وضرب عرض الحائط بكلّ الضمانات الموجودة فى الدستور بما فى ذلك الفصل 71. هناك خمس صحفيين قتلوا و 125 تم ايقافهم اعتباطيا منذ 3 جويلية 2013”.
ويضفي عدم الاستقرار الامني الشرعية على هذه التجاوزات حسب طاهر ابو نصر. “كلما يحدث انفجار فى مصر و يخلف ضحايا يلجأ المواطن من جديد الى النظام. ومن خلال القانون الجديد في مصر هناك ارهاب دولة يعمل لهدف القتل المدني للمنظمات التي تمثل تهديدا حسب النظام”. هذه المنظمات يتم تجميد حساباتها ومعاملة أفرادها معاملة “خاصة” فيحبسون لثلاث سنوات متجددة دون مرافعات حسبما أورده المحامي.
رغبة فى التعتيم على الوضع الحالي
يقول وائل عبّاس انّ “هنالك رغبة فى خلق تعتيم اعلامي حول الوضع فحتى الصحفيون الاجانب لا يستطيعون العمل”، على اعتبار أنّ النظام روّج معطيات دعائية تدّعي أنّ كلّ من يصوّر في الشارع هو جاسوس.
اذا كان وائل و علاء لا يستطيعان العمل فلانهما يعتبران”أعداء” في نظر الدولة بسبب اعمالهم التي يتابعها الالاف من الناس عبر الانترنات وفق قول طاهر ابو ناصر. فالنظام يخشى قدرتهم الفائقة على التأثير في الناس فى الشارع حيث يبدو غير قادر على قادر على التفريق بين الحراك عبر المواقع الاجتماعية والقدرة على التأثير في الرأي العام في الشارع. “افسر ذلك بجهل السلطات الامنية التي لا تستطيع التفريق بين العالم الافتراضي و الشارع أي بين الناس التى نصل اليها حتى خارج حدود الوطن وبين المواطن المصري فى الشارع”.
احياءً لذكرى الثورة
قمع حرية التعبير هو في الحقيقة وسيلة اساسيو للتصدّي لكل انتفاضة جديدة. بالاضافة الى انّه طريقة ناجعة لاخراس الافواه واعادة كتابة التاريخ وفق ما تمليه آلة الدعاية النظامية.
بسمة حمدي مصممة واب تحاول حماية ذاكرة الثورة. هذه المرأة قامت بأرشفة تسلسل الاحداث في مصر منذ سنة 2011. اندلاع الثورة ثم وصول الاخوان المسلمين الى الحكم ثم بداية حكم الجنرال السيسي. وقد ألّفت بسمة حمدي مع الفنان دون كارل كتابا حول الثورة برؤية فنية للشارع المصري. بسمة قامت وفي هذا الكتاب الذي تمّ تأليفه بمعية مجموعة من الفنانين الجداريين والمصورين والذي يحمل عنوان “جدار الحرية”، بجمع الارشيف بطريقة دقيقة في اخراج فني.
هذا الكتاب صدر باللغة الانقليزية فى بداية السنة لكن تم حجزه من قبل الديوانة المصرية . حوالي 400 نسخة خضعن الى مقصّ الرقيب. وحسب هذه الفنانة فقد تمّ فتح تحقيق في الغرض غير أنّ السلطات الديوانية تعلّلت بأنّ الكتاب يحتوى على تحريض ضدّ الثورة.
وبعد التصريح بأنّ الكتاب سيكون متوفرا فى الاسواق يبدو انّ السلطات قد تراجعت و أخلّت بتعهداتها بما أنّ هنالك بحثا تحقيقيا جاري الى حدّ الآن. وفي الخارج يعمل الكثيرون على المحافظة على ذاكرة الثورة. فمن جهته، يقرّ أحمد عطار بأنه ليس فنانا ملتزما او ومسيّيا غير أنّ عمله المسرحي الذي يحمل عنوان ” أهمّيةُ ان تصبح عربيا” الذي تمّ عرضه على أحد مسارح باريس في مارس الماضي يجسّد قبل كل شيء رغبة في التعبير بحرية. فقد قام المخرج الكاتب منذ سنة 2009 بتسجيل جملة من المكالمات الهاتفية و تقديمها على المسرح. من نقاشات بسيطة مع والده الى اعتبارات ذات ابعاد سياسية حول التحرير. لقد كان يتكلّم دون توقف.
وقد صرح هذا الرجل المتواضع انّ مسرحه لا يدخله سوى ما يعادل متساكني عمارتين او ثلاث عمارات فى مصر و بذلك فهو لا يزعج السلطات عكس مشاهدة برنامج تلفزي يمكن أن يصل الى الملايين من المشاهدين. ولكن بالتوازي مع هذه التعبيرة الشعبية والقريبة من نبض الناس، يلازم أحمد الحذر. عندما بدأ بتقديم مسرحيته فى باريس طلب أحمد من مسؤولي ادارة الاتصال الاستفسار عمّا اذا كان هناك ممثلون عن السفارة المصرية في القاعة. “اليوم لست ملاحقا فى حياتي الخاصة لكن لا اريد الذهاب الى السجن بسبب مسرحية”.
و يضيف بأنّه بات يسكنه احساس بالعودة الى الوراء رغم انه يأمل ان يكون هناك تغيير ايجابي قريب. “عند اندلاع الثورة عاودني الحنين لقراءة الصحف و لكن الآن عادت الامور الى ما كانت عليه زمن مبارك. لذلك لم اقرأ و لا أشاهد التلفزة الرسمية”.
الى جانب التعتيم الاعلامي و نفور الفنانين فان ظاهرة الرقابة الذاتية تبدو واضحة لدى الصحفي حسب ما ذكرت لينا عطالله:
«نعم هناك قوانين و ممارسات رسمية تحدّ من حرية الصحافي لكن هناك ايضا الرقابة الذاتية نتيجة التخويف الذي مارسته السلطات ضد الصحفيين. ان الصحفي يخاف من الانعكاسات التي يمكن ان تنجر عن ممارسته المهنة. فلقد لقي العديد من الصحفيين مصرعهم السنة الفارطة عندما كانوا بصدد ممارسة مهنتهم».
دق ناقوس الخطر
وائل يشجب الوضعية الحالية خاصة بعد ان دعا المناضلون و المدافعون عن حقوق الانسان الى الزامية ادخال الاصلاحات.
« كانت الفرصة متاحة بعد الثورة لادخال التغييرات. لقد دعونا مثلا نقابة الصحفيين للتحرر فلقد اردنا القيام بأنشطة لدعم الاستقلالية . فلو كانت لدينا اذاعات و قنوات حرة لكان بالامكان بث افكارنا بكل حرية».
لا مكانة للحنين
لئن يبدو الوضع اليوم خطيرا بالنسبة الى المناضلين فانّه لم يكن سهلا ايضا فى عهد مبارك و لا احد يحنّ للرجوع الى تلك الفترة. “لا توجد مقارنة ممكنة بين وضعيتين مختلفتين. فنظام مبارك اتسم بالفساد لكن الفرق انه نجح في ادارة الوضع الامني” وفق تعبير طاهر ابو نصر.
«في الفترة الماضية لم تكن هناك ثقافة القتل اليومي للاشخاص. سيناء كانت هادئة و كان الوضع اقل توترا من الان. من الصعب جدّا مقارنة شيئين مختلفين تماما».
وائل عباس يرى ان الوضع اليوم لا يُحتمل لكن ليس له أيّ حنين للماضي . “ففي النهاية هناك حملة رعب ضد الشعب لاخماد الثورة او اي تفكير فى الانقلاب. وهي خطة وضعتها الدولة ضد عدو مجهول وهو الارهاب”.
الالتزام الفني
ماذا يمكن فعله كفنان ازاء هذا الوضع. حسب رأي حسان الجرتلي، يجب قبل كل شيء مواصلة بعث الرسائل في شكل تعبيرة شعبية تصل الى الجميع. فى مسرحيته “زوايا” التى عرضت في باريس وايضا فى مصر كل شخصية تشهد على الثورة برؤى مختلفة. الرجل الذى يمثّل يد البوليس و الجيش و ممثلة لمنظمة غير حكومية او ام لشاب قُتل بالرصاص.. كلهم يسردون على خشبة المسرح امام الجمهور حكايات مستوحات من احداث واقعية. و لاتقان الدور قابلت سفاحين فى خدمة السلطة الذين عبروا عن افكارهم و طريقتهم فى التعامل. كان هذا غير ممكن زمن مبارك لكن اليوم من بين آثار الثورة انها ساوت بين الجميع. هم يحسون تقريبا بالمدح عندما نسألهم عن رأيهم. هكذا تكلم الشاب سيف احد الممثلين.
دنيا التي تلعب دور ممثلة منظمة حقوق الانسان مصدومة من هول المشاهد اليومية للموتى في المستشفيات وهي تبدو اقل تفاؤلا. الناس كأنهم نيام. هذا ما نراه فى أعينهم. و حتى فى الاسكندرية تبقى الحياة اليومية صعبة حيث هناك نوع من الاستقالة و العزوف. هى تريد مواصلة الكفاح و هي تلعب على المسرح حتى تقول قبل كل شيء كنت هنا فى تلك الحظة و هذا ما رايته، هذه هي حكايتى. هو واجب حفظ الذاكرة، للجميع، لكل الممثلين الذين يقومون بأول خطوة فى اتجاه تاريخ ثورتهم.
بالنسبة الى حسان الجرتلي الذي جمع العديد من الحكايات بعد الاتصال بطبيبة نفسية و محلل اجتماعي، هذا العمل من هنا فصاعدا هو هو جزء لا يتجزأ من العمل المسرحي . سرد الاحداث اليومية للاشخاص ما بعد الثورة عبر خشبة المسرح و كرسي. مواجهات دامية فى بورسعيد و مباراة كرة قدم تنتهي بمواجهات مع الامن و كاريكاتور لمجلس الامن العسكري و كل المواضيع المحرمة يمكن طرحها الان لانها تخرج من افواه الفنانين كانها حقيقة منقولة و شهادات حقيقية.
«الكثير من الناس فى مصر يشعرون بالضبابية لان بعض وسائل الاعلام و الخطاب الرسمى يقدم لهم نسخة ليس من الضرورى ان تكون صحيحة. لم نعد نعرف من الذى يجب ان نثق فيه».
شهادة للتاريخ
الأمل موجود لاستعادة حرية التعبير فى مصر لكنّه هشّ. في كتابها، تصف بسمة حمدي الوضع الحالي كالآتي: ” كل ما يمكن ان نستخلصه هو أنّه لا شيء، يدوم اسم يمحى و صورة يقع اتلافها و حتى نفهم بوضح المسألة لا يجب مشاهدة الصور فقط التي نحتفظ بها و لكن يجب معاينة تلك التي تم ادخال تعديلات فيها و استعادتها و اتلافها”.
و يراهن طاهر ابو نصر على الصبر و يعتبر ان هذه القوانين سيتجاوزها الزمن يوما ما. قد يتجاوزها الزمن عندما يتحقق الاستقرار الامني.”هي ليست وضعية ملائمة لادارة الحكم فالنظام اختار المواجهة الامنية. اذا هو بحاجة لبعض الوقت دون وجود معارضة فهو يبحث بين القوانين للحد من المعارضة.
لكن من الممكن عندما تستقر الامور أن يتخلى عن هذه التشريعات التي سيكون مصيرها حتما النسيان”.
بالنسبة الى لينا من الصعب التفاؤل لكن التمكّن من انجاح وسيلة اعلام مستقلة عمرها الان سنتين وتجمع 30 متعاونا هو في حد ذاته تشجيع. هى تتذكر ما قبل الثورة انه من الممكن استقطاب العالم و خلق كتلة معارضة من جديد قادرة على القيام بثورة اخرى: “هو مسار يحتاج الى الوقت لاستقطاب الناس و القراء، كلما كنت واعية بالوضع كلما اتقنت العمل و ازداد مؤيدى الشق الذى انتمى اليه”.
وائل شأنه شأن لينا يترقب انضمام الاخرين اليهما .. كلاهما يواصل العمل من الاراضي المصرية التى يرفضان تركها بالرغم من التهديدات: ” نحن ننتظر الاجيال الجديدة بالرغم من وجود اختلافات بينها”. حسب رأي وائل فان مفهوم الحرية هو الان مزروع فى الارض المصرية. هناك قمع أكثر من ذي قبل و لكن هناك فى المقابل ناس اكثر تعبّر و تتكلم و ترفض الصمت. المعركة هي لنصرة حرية الرأي و التعبير و الدفاع عن الحقوق. هكذا تكلّم وائل.