بين المرزوقي و السبسي: العياشي الهمامي والصغير أولاد أحمد .. لكلّ خياره وحججه

العياّشي الهمّامي، محام وناشط سياسي.. الصغيّر أولاد أحمد، شاعر و اطار ثقافي. شخصيّتان ناضلتا ضدّ حكم بن علي. اليوم تفرّقت بهما السُّبُل: الأوّل اختار مساندة المرزوقي في الدّور الثاني، في حين اختار الثاني الانحياز لقائد السّبسي.
بقلم | 18 ديسمبر 2014 | reading-duration 10 دقائق

يتّجهُ الناخبون التّونسيّون يوم الأحد 21 ديسمبر 2014 الى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم في الدّور الثاني للاستحقاق الرّئاسي الذّي وضعَ رئيس الجمهورية المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي على خطّ المواجهة مع رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السّبسي بفارق طفيف يناهز الستّة بالمائة من اجمالي الأصوات التّي حصدها كلّ منهما.

هذا الدّور الثّاني انطلق ساخنا ومتشنّجا ومفعما بالتصريحات الصّدامية ما انعكس بالسّلب على قاعدة النّاخبين التي انقسمت بدورها الى شقّين رئيسيّين أوّلهما يساند المرزوقي وثانيهما يساند قائد السّبسي، بالاضافة الى بروز شريحة ثالثة، تلُوحُ ضئيلة الحجم، تدعو الى المقاطعة النشيطة للدّور الثاني للانتخابات من خلال التصويت الأبيض بدعوى أنّ كلا المترشّحين لا يمثّلها ولا علاقة له باستحقاقات الثورة وأهدافها وفق قولها.

مُعسكر المرزوقي يرى في هذا الأخير طوقَ النّجاة لانقاذ ما تبقّى من المؤسسات السياسية للدولة قصد قطع الطّريق أمام عودة ما يصفونه بالتغوّل السياسي لطرف حزبي واحد واستبداده بالحكم وبمفاصل الدّولة واحتكار جميع السلطات في اشارة الى حركة نداء تونس التّي فازت بالأغلبية في الانتخابات التشريعية ما أتاح لها الظّفر برئاسة السّلطة التشريعية (مجلس نوّاب الشّعب) ونصف السّلطة التنفيذية (الحكومة) في انتظار امكانية الفوز بالنصف الثاني للسلطة التنفيذية ونقصد به رئاسة الجمهورية.

مُعسكر قائد السّبسي يرى، من جهته، أنّ منصب رئاسة الجمهورية يجب أن يؤول لمرشّح حركة نداء تونس على اعتبار أنّ فوز المرزوقي -حسب قول النّدائيين- يشكّل خطرا على الديمقراطية ويُعدّ تهديدا للدولة ولمؤسساتها وللسّلم الاجتماعي بالاضافة الى أنّه -دائما وفق حُجج أنصار السبسي- سيفتح الباب على مصراعيه أمام المتشدّدين الدّينيين ودعاة العنف لاستباحة الدولة والاعتداء على مكتسباتها الحداثية.

هما شقّان متناحران لا يلتقيان، كلٌّ منهما يرى في مرشّحه الرّجل الأقدر على انقاذ البلاد واستكمال الثّورة وارساء الدّيمقراطية وقطع الطّريق أمام الاستبداد والوهَن السياسي والاقتصادي، ويرى في الآخر خطرا يتربّص بالدولة وشرّا مطلقا لابدّ من حشد الناخبين للتصدّي له قبل فوات الأوان. ولكلّ شقّ دائرةٌ من المتعاطفين تضمّ مثقّفين وفنّانين ورياضيّين وحقوقيّين وشخصيّات مستقلّة لها تاريخها النضالي و ارثها الرّمزي اختارت بعد تفكير طويل المجاهرة بدعمها لهذا المرترشّح أو ذاك خدمة للوطن.

في ما يلي شخصيّتان مستقلّتان ذاتَا ثقل رمزي على الساحة الوطنية، اجتمعتا خلال الدّور الأوّل من الرئاسية على التّصويت لمرشّح اليسار حمّة الهمّامي، وتفرّقتا خلال الدّور الثاني بين مرشّحيْ اليمين اللّيبيرالي واليمين المحافظ.

العيّاشي الهمّامي و الصّغيّر أولاد أحمد يشرحان دواعي التّصويت لهذا المترشّح دون ذاك:

العيّاشي الهمّامي: من أجل انقاذ الدّيمقراطية سأنتخب المرزوقي

الأستاذ العيّاشي الهمّامي، محام وناشط سياسي، عُرف قبل الثّورة بمعارضته الراديكالية لحكم بن علي ومنظومة 7 نوفمبر ما جعله محلّ هرسلة دائمة من قبل أجهزة الدّولة حيث تمّ منعه في مرّات عديدة من السّفر أو المشاركة في ملتقيات ذات صبغة سياسية داخل تونس وخارجها.

يُعرف الهمّامي في الساحة السياسية بأنّه أحد الفاعلين الأساسيين في هندسة ما يسمّى بتحالف 18 أكتوبر للحريّات الذّي ضمّ لأوّل مرّة في تونس أطرافا سياسية متصادمة ايديولوجيا على غرار حركة النهضة وحزب العمّال.

العياشي الهمامي، صوَّت خلال الدور الأوّل من الرئاسية، شأنه شأن الصغيّر أولاد أحمد، لمرشّح اليسار حمّة الهمامي ولكنّه اختار أن ينحاز خلال الدور الثاني الى المرزوقي لأنّه -وفق قوله- الضّامن الوحيد لانقاذ النموذج الديمقراطي في تونس وسدّ الباب أمام تغوّل حركة نداء تونس واحتكارها السّلطة و”استبدادها” بمفاصل الدّولة.

الصغيّر أولاد أحمد: من أجل انقاذ الدّيمقراطية سأنتخب الباجي قايد السبسي

الأستاذ محمد الصغيّر أولاد أحمد، اطار ثقافي وشاعر معارض، ناضل بقلمه وقصائده ضدّ نظام بن علي وهَجَا الانتخابات الصورية قائلا فيها “ذهبنا جميعا الى الانتخاب ولم ينتخب أحد من نجح” في اشارة الى عملية التزييف التّي كانت فاكهةَ كلّ استحقاق انتخابي طيلة فترة الحكم النوفمبري.

يُعرف الصغيّر أولاد أحمد في الساحة الفكرية والسياسية بكتاباته التّائقة للحريّة والمناهضته للاستبداد والدّيكاتورية، كما يُعرف بميولاته و أفكاره اليسارية التي تصل حدّ التطرّف اذا تعلّق الأمر بمن يصفهم ب”الظّلاميين” و”دعاة الارهاب والقتل” في اشارة الى الاسلاميين.

الصغيّر أولاد أحمد صوّت خلال الدور الأوّل من الرئاسية، شأنه شأن العياشي الهمّامي، لمرشّح اليسار حمّة الهمامي ولكنّه اختار أن ينحاز خلال الدور الثاني الى قائد السّبسي لأنّه -وفق قوله- الخيار الأمثل والأوحد القادر على دقّ المسمار الأخير في نعش ما يصفها بمرحلة حكم “الاخوان” و”دعاة العنف والارهاب”.