1 00:00:01,840 --> 00:00:05,640 انتشرت إشاعة أنّ هناك حظر تجوّل انطلاقا من السّاعة الخامسة مساءً. 2 00:00:05,640 --> 00:00:09,420 ونحن نمضي قدما، شعرنا وكأنّنا نمشي ضدّ التّيار : 3 00:00:09,420 --> 00:00:12,280 "تبّا، نحن نسير في الاتّجاه الخطأ". 4 00:00:12,280 --> 00:00:14,860 العديد من النّاس يجرون ويجرين نحونا. 5 00:00:14,860 --> 00:00:18,860 ونحن، كالحمقى، نعود إلى ذلك المكان. 6 00:00:18,860 --> 00:00:23,700 وهناك، أتذكّر جيّدا حرزلّي يصرخ بنا : 7 00:00:23,700 --> 00:00:24,860 "اجري!" 8 00:00:24,860 --> 00:00:26,140 ورحنا نعدو ونركض 9 00:00:26,140 --> 00:00:27,180 "قف!" 10 00:00:27,180 --> 00:00:28,320 فتوقّفنا. 11 00:00:32,420 --> 00:00:36,520 سمعنا زعزعة بوّابة ضخمة تُفتح 12 00:00:36,520 --> 00:00:43,260 وضجيج الأحذية على الدّرج. 13 00:00:43,600 --> 00:00:46,080 صعدوا، وأمرونا أن نقف في صفّ. 14 00:00:46,080 --> 00:00:49,020 من جهة الصّحفيّون·ـات، ومن الجهة الأخرى البقيّة. 15 00:00:49,020 --> 00:00:55,480 لا أدري كيف وجدت الشّجاعة لأنضمّ لجهة الصّحفيّين·ـات. 16 00:00:56,400 --> 00:00:58,420 قلت لصديقي أن يرافقني. 17 00:00:58,580 --> 00:01:01,240 رفيقي الذي عشت معه لحظات عظيمة. 18 00:01:01,840 --> 00:01:03,560 لكنه رفض. 19 00:01:03,560 --> 00:01:05,560 اصطففت في الصّفّ. 20 00:01:05,560 --> 00:01:07,860 وأمرونا بالنّزول. 21 00:01:07,860 --> 00:01:10,480 استجبت للأوامر ولكنّني ظللت أفكّر في من بقي. 22 00:01:10,860 --> 00:01:14,380 وسمعت الضّربات وصرخات الألم. 23 00:01:14,380 --> 00:01:18,460 وأنا الجبانة، واصلت طريقي نحو الباب. 24 00:01:18,460 --> 00:01:20,460 فُتحت بوّابة المبنى 25 00:01:21,060 --> 00:01:24,660 وكان أمامي شرطيّ ضخم القامة. 26 00:01:24,660 --> 00:01:27,180 نظر إليّ وقال :"ابنة عمّ صالح!". 27 00:01:28,800 --> 00:01:31,440 تبيّن أنّ والدي كان معلّمه في المدرسة الابتدائيّة. 28 00:01:31,440 --> 00:01:33,440 أمسك بيدي وسحبني ركضا. 29 00:01:33,440 --> 00:01:36,260 وكأنّي بنفسي في رسوم متحرّكة. 30 00:01:36,260 --> 00:01:39,580 هو يركض وأنا كالورقة في مهبّ الرّيح. 31 00:01:40,100 --> 00:01:43,760 كانت الفوضى تعمّ الأرجاء، ولم يعد هنالك شخص واحد في شارع الحبيب بورقيبة. 32 00:01:44,020 --> 00:01:46,700 رافقني إلى حدود جسر تونس البحريّة. 33 00:01:46,700 --> 00:01:48,700 تهشّم باب الشّقّة. 34 00:01:49,460 --> 00:01:58,280 ودهم فيلق من الشرطة بالهراوات بأزيائهم الرّسميّة والمدنيّة... 35 00:01:58,680 --> 00:02:00,760 يشتمون ويصرخون. 36 00:02:00,760 --> 00:02:04,420 قالوا لنا : "قفوا. ستخرج الفتيات ويبقى الفتيان". 37 00:02:04,420 --> 00:02:06,000 دفعونا نحو الباب. 38 00:02:06,000 --> 00:02:08,500 على الدّرج 39 00:02:08,500 --> 00:02:12,780 وعلى كلّ درجة شرطيّ ينهال علينا ضربا بهراوته. 40 00:02:12,780 --> 00:02:15,600 لم أدر كيف سنبلغ بوابة المبنى. 41 00:02:21,660 --> 00:02:27,640 كنّا على مقربة مقهى الأونيفير، وهجم علينا البوليس من كلّ صوب. 42 00:02:27,640 --> 00:02:31,360 زَين ينادي بنا أن ادخلوا إلى المبنى ولكن ذلك كان مستحيلا 43 00:02:31,360 --> 00:02:37,220 كان هناك عدد مهول من أعوان الشّرطة. 44 00:02:37,220 --> 00:02:41,120 صرخت بهم : "صحفيّة ! صحفيّة!" 45 00:02:41,120 --> 00:02:45,160 ظنّا منّي أنّه حين يسمع أنّي صحفيّة أعمل في شمس أف.أم, 46 00:02:45,160 --> 00:02:47,460 سيتركني أذهب في حال سبيلي. 47 00:02:48,560 --> 00:02:55,140 هجم عليّ الشّرطي بالهراوة التي كادت أن تقسم وجهي نصفين. 48 00:02:55,820 --> 00:03:01,720 لولا أن جذبني طارق. 49 00:03:01,720 --> 00:03:05,700 لا زلت أستحضر قوّة العصا إلى الآن.