"أبناء المشروع " : السلسلة الجديدة لإنكفاضة بودكاست

"أبناء المشروع": السلسلة الجديدة لإنكفاضة بودكاست

جعل اكتساح قيس سعيد لمنافسيه في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 من قراءة أسباب هذا الفوز ومآلاته والمساهمين فيه مبحثا يستحق التأمل. من هذا المنطلق، تحاول إنكفاضة في سلسلة بودكاست  "أبناء المشروع" المتكوّن من أربع حلقات تقديم مجموعة من أعضاء حملته التفسيرية وممن يعتبرون أنفسهم "أبناء المشروع السياسي" الذي يمثله قيس سعيد وظهر جليا بعد 25 جويلية خصوصا سعيه إلى تحقيقه عبر تغيير الترسانة القانونية.
بقلم | 19 أفريل 2022 | reading-duration 4 دقائق

متوفر باللغة الفرنسية

تجدن وتجدون الحلقة الأولى من سلسلة البودكاست "أبناء المشروع" على إنكفاضة بودكاست انطلاقا من يوم الأربعاء 20 أفريل.

من رجل قانون متخصص في شرح المعضلات الدستورية ذاع صيته بإتقانه "المبهر" للتواصل باللغة العربية مستعينا بصوته الجهوري، إلى ثاني رئيس تونسي منتخب. صعد قيس سعيد إلى رئاسة الجمهورية مقدما نفسه كمفاجأة غير متوقعة، في الوقت الذي يعتبر أنصاره أن فوزه كان حتميا ومنتظرا، لولا قصر نظر منافسيه بناء على المشروع السياسي الذي يمثله وانتظارات التونسيين والتونسيات الذين سئموا فساد الطبقة السياسية القائمة.

غاب عن الحملة الإنتخابية لقيس سعيد البهرج ومظاهر التعبئة في الشوارع، بل وظهرت كجولة لمرشح محدود الحظوظ التف حوله مجموعة من المتطوعين·ات أغلبهم·ن من الفئة الشابة، حتى سميت بحملة "قنينة الماء وفنجان الإسبرسو" كدليل على التقشف وانعدام الموارد المالية.

بعد دخول قيس سعيد قصر قرطاج في 15 أكتوبر 2019، بات لأولئك المتطوعين والمتطوعات أهمية أكبر. حيث اعتُبر فوز قيس سعيد حالة مستوجبة للدراسات السياسية والاجتماعية، ما أعطى زخما بالغا لمحاولات فهم كل ما يتعلق بمن نشطوا ونشطن معه، خصوصا أنه قد اتضح بعد 25 جويلية في تعيينات الرئيس واختياراته، أن مرجعيته هي أن "لا يثق في غير أبناء وبنات المشروع".

لم يكن الوصول إلى من يتحمل مسؤولية الحديث عن أنصار الرئيس ومشروعه السياسي سهلا. ورغم أن جميع من قابلناهم تحدثوا باسم الشعب قائلين أنهم يحملون مشروعا وطنيا شاملا يحظى بالشرعية المطلقة، لا يزال الرأي العام يتفاجأ بقرارات الرئيس، رغم أن الأخير يعمل وفق الخطوط التي قضى سنوات يتحدث عنها.

عُرف المتطوعون·ـات في حملة قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية باسم أعضاء الحملة التفسيرية، ذلك أن الرجل اعتبر أن ما يقوم به ليس حملة انتخابية بل حملة لتفسير مشروعه السياسي. ورغم فوزه في الانتخابات الرئاسية واكتساح منافسه في الدور الثاني، ظل حضور أعضاء الحملة محدودا إلى حد ما، قبل أن يتولوا مناصب سياسية وإدارية مهمة إما وزراء أو ولاة أو حتى معتمدين بعد 25 جويلية 2021 – تاريخ إعلان سعيد تفعيل الفصل 80 عبر تأويل قانوني استفرد وفقه بجميع السلطات وألغى به أي دور للأحزاب والمنظمات.

لطالما اعتبر قيس سعيد سيدي بوزيد مهد الثورة وكلّل ذلك بتحويل عيد الثورة إلى 17 ديسمبر ليعيد إلى المدية رمزيتها. ومثلت الولاية إحدى أهم الحواضن الشعبية للرئيس رغم أن ذلك لم يتوضح إلا بعد وصوله إلى رأس السلطة.

رغم هذه القاعدة الشعبية، بالكاد وجدنا في سيدي بوزيد من يتحدث باسم الأنصار ويغوص في المشروع. وبدا لنا العثور على شخصية وازنة وفاعلة يمكنها الحديث أمرا يتطلب الكثير من الجرأة، إذ تمنع الكثيرون قبل أن يوافق زياد العبدولي على الجلوس معنا والإجابة عن أسئلتنا.

أردنا أن يكون منطلقنا في سلسلة مقابلاتنا مع عناصر مشروع الرئيس من سيدي بوزيد. ولئن كان الحديث عن تنسيقيات للرئيس يفترض وجودَ مكاتب ومقرات اجتماعات ومنسقين مسؤولين، فإننا في هذه الحالة وجدنا أفرادا مشتتين.

بعد محاولات عديدة تمكنّا من الحصول على موعد لمقابلة زياد. لم يكن اللقاء في مكتب أو في أي مكان آخر ذو بعد يحيل إلى شخصية تعمل ضمن نطاق تنظيم واضح البنية والنشاط أو يمتلك موارد مالية. انتظرنا زياد على أطراف مدينة سيدي بوزيد أين دعانا إلى أن  نتوجه إلى مقهى بعيد عن الأنظار.

كان التواصل عفويا وبسيطا. يظهر زياد كشخصية مألوفة في المقهى، ودودة ومرحة في نفس الوقت. بعد حوالي ساعة من الجلوس معه، طلبنا منه تنسيق مقابلات أخرى لنا مع زملائه أو زميلاته في الحملة التفسيرية. وهنا يهمنا أن نشير إلى أننا لم ننجح في مقابلة عنصر نسائي واحد من أنصار الرئيس.

من هناك أخذنا زياد إلى منزل أيمن غانمي، تقني في مجمع الصحة الأساسية وناشط سابق مع حزب العمال. استقبلنا أيمن رفقة صديقين آخرين من أبناء المشروع أحدهما ناجح صغروني المكلف بالشؤون القانونية في مستشفى سيدي بوزيد وناشط سابق كذلك في حزب العمال. كانت جميع المقابلات بعيدة عن الرسمية بل أشبه بلقاء لأصدقاء، إذ وُجهت لنا الدعوة أساسا لمشاهدة مباراة منتخب كرة القدم ضمن دور المجموعات لبطولة أمم أفريقيا.

الولاية الأخرى الأكثر نشاطا مع قيس سعيد وفق أنصاره هي صفاقس. هناك، على طريق الخروج من صفاقس باتجاه المهدية، قابلنا أحمد الماجري أحد الشباب العاطلين عن العمل الذين يعتبرون قيس سعيد قائد هذه المرحلة ودعموا ترشحه للإنتخابات ويناصرون قراراته في الوقت الحالي. علمنا مؤخرا أن أحمد الماجري عُيّن معتمدا على عين جلولة التابعة لولاية القيروان.

لم يكن العثور على ممثل لأنصار قيس سعيد في صفاقس أيضا سهلا. فهم في الحقيقة موجودون ولكن يتحاشون المقابلات الصحفية. ورغم تمسكهم بعدم وجود تراتبية في المسؤوليات والمهمات بينهم، إلا أنه يتجلى عدم التساوي بينهم في الحصول على المناصب أو الحديث عن المشروع.

إضافة إلى أحمد الماجري، قابلنا أحد قيادات المشروع بجهة صفاقس والذي كان خطابه سياسيا بامتياز. تعمق محدثنا في المشروع السياسي الذي يحمله قيس سعيد، ضاربا في الآن نفسه فكرة شخصنة فوزه في الإنتخابات. إذ يعتبر أن ما جمع الناخبين والناخبات حوله هو المشروع السياسي الذي يُعتبر رأس حربته فقط.

ويقدم محدثنا أساس هذا المشروع في إعادة إحياء الديمقراطية كشكل من أشكال الانتظام السياسي للمجتمعات بأن يعيد لها عنصرها الأصلي وجوهر وجودها وهو الشعب، "فالشعب هو مصدر الديمقراطية ومصدر السلط والسيادة. الديمقراطية في نهاية المطاف هي حكم الشعب نفسه بنفسه، وهو ما لم يعد موجودا في الديمقراطيات البرجوازية والديمقراطيات الليبرالية. ومن هنا جاء التفكير بأن أفراد الشعب متساوون مهما كانت مناصبهم ومواقعهم" وفق قوله.

في ما يتعلق بالاستشارة، يعتبر محاورنا أنها ركيزة من ركائز المشروع لكونها استشارة مباشرة لا تمرّ عبر وسطاء على غرار النواب أو الأحزاب أو المنظمات. ويرى فيها تحقق الديمقراطية المباشرة التي هي وفقه روح المشروع .

عدنا إلى تونس بعد جولتنا في سيدي بوزيد وصفاقس، وحاولنا قدر الإمكان التواصل مع عدد أكبر من أنصار المشروع ولكنّ المهمة لم تكن سهلة. فبعد محاولات متكررة على مدى أسابيع، التقينا أخيرا بكل من فوزي الدعاس وعبد الحميد ولاد علي.

تحدث فوزي وعبد الحميد عن لحظة اللقاء مع قيس سعيد، واستحضرا مساندته لاعتصاميْ القصبة 1 و2. ويظهر أن لحضور قيس سعيد مع جمعيات مدنية عديدة بعد 2011 كخبير قانوني قد ساهم كذلك  في انتشار اسمه في جهات البلاد وجمع حوله كثيرين من أنصاره الحاليين.

يتّسم جميع من قابلناهم بتواضع التجربة السياسية، ولكنهم يأتون من تجارب أقرب إلى اليسار من اليمين كما أنهم يرون في المنظومة السياسية السابقة معطى يجب محوه واستبداله بناء على تشريعات جديدة تتجاوز شكلية الديمقراطية إلى جوهرها من خلال "تشريك الشعب في القرار وتمكينه من محاسبة المسؤولين".

تسلط إنكفاضة الضوء من خلال هذا البودكاست على ملامح أعضاء الحملة التفسيرية لقيس سعيد وتغوص معهم في حوارات تلقائية بخصوص مشاركتهم في الانتخابات، حضورهم في التعيينات، موقفهم من الاستشارة ومن قرارات الرئيس بعد 25 جويلية وتمثلاتهم عن المشروع السياسي. وتكشف لنا هذه المقابلات فكرة أساسية تتمثل في وجود حلم جماعي مشترك بين هذه المجموعات التي تلتقي  حول شخصيةٍ تسعى إلى إخضاع الواقع إلى متطلبات هذا الحلم.

تجدون سلسلة "أبناء المشروع" المكونة من أربع حلقات، كل أربعاء على إنكفاضة بودكاست .