حذف التراخيص: تعتيم حكومي على إجراء أملاه الاتحاد الأوروبي

يوم 20 جوان المنقضي، أعلنت الحكومة عن حذف التراخيص المستوجبة لممارسة النشاط في عديد القطاعات. في أعقاب ذلك، بادرت إنكفاضة بالتحري حول التطبيق الفعلي لهذا الإعلان والقطاعات المعنية بالإجراء والوقوف على أسباب اختيار هذا التوقيت بالذات الذي يبدو مرتبطا ببرنامج لدعم الميزانية من قبل الاتحاد الأوروبي... كل ذلك في كنف التعتيم التام الذي تـ·ينتهجه المسؤولون والمسؤولات السياسيون·ـات.
بقلم | 22 جويلية 2021 | reading-duration 10 دقائق

متوفر باللغة الفرنسيةالإنجليزية
"في البداية، أثار الأمر ارتيابنا لكن أردنا منح فرصة للحكومة". يوم 20 جوان، شهدت جمعية آلرت (ALERT) حالة غليان في أعقاب إعلان السلطة التنفيذية لتوها عن نية حذف أو تخفيف إجراءات إسناد 27 ترخيصا إلزاميا لتعاطي النشاط في قطاعات اقتصادية مختلفة. ترى هذه المجموعة التي تناضل ضد الاقتصاد الريعي، أن هذه التراخيص تقبع في قلب المشكل لكونها تقف حجر عثرة أمام صغار باعثي وباعثات المشاريع ومواصلةً بذلك احتكار كبار رواد الأعمال الناشطين للسوق.

ولكن بعد التقصي، سرعان ما أُصيب أعضاء الجمعية بخيبة أمل. من وجهة نظرهم ونظرهن، انتقت الحكومة في واقع الأمر عددًا صغيراً من التراخيص دون أهمية تُذكر على الصعيد الاقتصادي. وتم كل ذلك بمباركة الاتحاد الأوروبي الذي تعهد، من ناحيته، بدعم الميزانية بمبلغ يقدر بـ60 مليون يورو بنهاية السنة في صورة تفعيل الإعلان بمقتضى أمر يُنشر للغرض، وفقا للتفاصيل التي حصلت عليها إنكفاضة.

تضخيم الأرقام

في الحقيقة، تشمل التراخيص المعنية بالحذف أو بالتخفيف 14 نشاطا فقط. لا يخفي ضياء خلف الله، عضو آلرت، استنكاره قائلا "لو كانت الحكومة صادقة في نواياها، ما كانت لتتصرف على هذا النحو لا لهدف سوى لتضخيم الأرقام". كما أوضح أن الحكومة لجأت إلى استعمال الحيلة لبلوغ إجمالي 27 ترخيصا : دمج رخصتين في ترخيص واحد واحتساب ترخيصين متعلقين بنفس النشاط مرتين وحذف تراخيص موروثة عن العهد البائد لبن علي في حركة رمزية لا أكثر.

تشمل التراخيص المعنية بالحذف أو التعويض 14 نشاطا اقتصاديا، بما في ذلك حذف التراخيص المتعلقة بـ3 أنشطة ملوثة أو خطرة. المصدر: وثيقة داخلية لوزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار مؤرخة في17 جوان 2021 ومتعلقة بمشروع مراجعة تراخيص تعاطي الأنشطة الاقتصادية.

من بين ذلك، 7 تراخيص ستُحذف بصفة نهائية، تتعلق ثلاثة منها بأنشطة مصنفة كـ"خطرة أو ملوثة"، ما سيجعلها بالتالي أقل عرضة للرقابة مستقبلا. وهو خيار يعتبره ضياء خلف الله غير منطقي بالمرة: "بالنسبة لتعاطي بعض الأنشطة الصغيرة، عليك التفكير مليا واستيفاء جميع الشروط... أما إذا ما تعلق الأمر بصنع الإسمنت، فلن يُعرقل طريقك شيء يُذكر : يُمكنك تلويث البيئة كما يحلو لك والإفراط في استغلال البنية التحتية للكهرباء! "

علاوة على ذلك، سيقع تعويض 16 ترخيصا آخر بكراسات شروط. من الناحية النظرية، تبدو هذه الأخيرة إطارا تشريعيا مغايرا بيد أنها تشبه التراخيص إلى حد كبير على المستوى التطبيقي، كما تنطوي في غالب الأحيان على شروط إلزامية معقدة للغاية. حتى أنه غالبا ما ينص كراس الشروط نفسه على وجوب الحصول على رخصة، كما يؤكد ذلك أعضاء آلرت وكراسات الشروط التي اطلعت عليها إنكفاضة.

وفقًا لإلياس الجويني، الأستاذ الجامعي في الاقتصاد، يستوجب تحقيق تغيير ملموس "ألا تنص كراسات الشروط على شروط مجحفة كتلك التي تتضمنها التراخيص. كما ينبغي أن تكون الرقابة بعد بدء النشاط الفعلي وأن تكون مجرد رقابة إحصائية، بمعنى أننا لا نمنع الناشطين من العمل حتى في صورة عدم تسليط رقابة مسبقة عليهم. وإلا فإننا سنعود بالوراء إلى نفس النظام البالي ".

تقمص دور التلميذ النجيب للاتحاد الأوروبي

يُعد الاتحاد الأوروبي من ضمن الجهات المتدخلة في مشروع مراجعة التراخيص. ومن المتوقع أن يمنح تونس، خلال السنتين الجارية والقادمة، دعما للميزانية يقدر بعشرات الملايين من اليوروات في إطار برنامج دعم الحوكمة الاقتصادية (PAGE).

في هذا الصدد، أكدت صوفي فانهايفربيك، المسؤولة عن التعاون لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، أنه لن يتم صرف مبلغ 60 مليون يورو المقرر في غضون سنة 2021، إلا إذا بادرت تونس بحذف التراخيص بصفة رسمية من خلال إصدار أمر للغرض، ذلك فضلا عن استيفاء ثلاثة شروط أخرى.

أما فيما يتعلق بالقسط المتبقي لسنة 2022، فيبقى صرفه مشروطا بتطبيق الأمر، وفقًا لذات المصدر : "لن يتم صرف قسط آخر في العام المقبل إلا إذا ما تبين لنا بالدليل حذف التراخيص فعليا أو إصدار كراسات شروط."

كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ما فتئ شركاء اقتصاديون آخرون وهيئات أخرى يوصون تونس بضرورة مراجعة منظومة إسناد التراخيص - البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية... يضيف الخبير الاقتصادي إلياس الجويني: "من مصلحتنا في الوضع الراهن إعطاء صورة توحي بتعصير اقتصادنا والبرهنة على أننا نمضي قدما في تحقيق مزيد من الانفتاح... ولا تُستبعد إمكانية استخدام ذلك كأداة للحوار أو التفاوض".

إعلان مُبهم

هذا وإن كانت الحكومة قد ذكرت على صفحتها على فايسبوك حذف 27 ترخيصًا أو تعويضها بكراسات شروط، إلا أن عدة مصادر جاءت متضاربة مع هذا العدد، مع إجماعها على إجمالي 25 ترخيصًا فحسب.

نذكر منها أولا وثيقة داخلية لوزارة المالية مؤرخة في 17 جوان كانت إنكِفاضة قد اطلعت عليها. والوثيقة عبارة عن عرض تقديمي مكون من حوالي عشر صفحات يتناول مشروع مراجعة التراخيص، مع بيان أن تنفيذه ينضوي في إطار برنامج دعم الميزانية من قبل الاتحاد الأوروبي. وتحدد الوثيقة قائمة التراخيص التي تقرر حذفها أو تعويضها بكراسات شروط.

لا ترصد القائمة المذكورة سوى 25 ترخيصا، كما أن نوع المراجعة المزمعة لكل منها لا تتطابق دائما مع ما ورد في المنشور على الفايسبوك. فعلى سبيل المثال، أُعلن على شبكة التواصل الاجتماعي عن تعويض ترخيص توريد وتسويق الأجهزة والمنظومات الإلكترونية بكراس شروط فيما تُشير وثيقة وزارة المالية إلى أنه سيقع حذفه.

تحتوي وثيقة وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار بتاريخ 17 جوان 2021 في الصفحة 7 إلى 10 على قائمة الـ25 ترخيصا التي قررت اللجنة حذفها أو تعويضها بكراس شروط.

كما أكدت صوفي فانهايفربيك، المسؤولة عن التعاون لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، نفس الرقم أي 25 ترخيصا.

تجاه رفض مختلف الهياكل الوزارية المعنية التواصل حول الموضوع رفضا قاطعا، لم تتمكن إنكفاضة من الحصول على تأكيد رسمي واعتمدت القائمة التي تضمنتها وثيقة وزارة المالية والتي أجمعت على مرجعيتها المصادر الأخرى.

من جملة 25 ترخيصا تضمنتها وثيقة وزارة المالية، سيتم حذف ترخيصين ودمجهما في ترخيص واحد، علاوة على حذف 7 تراخيص أخرى وتعويض 16 بكراسات شروط. وتشمل التراخيص الـ23 التي ستُحذف أو ستُعوض بكراسات شروط 14 نشاطًا.

آثار محدودة على الانفتاح الاقتصادي

لسائل أن يسأل : هل سيسمح هذا الإجراء حقا بتعصير الاقتصاد وبتعزيز المساواة الاجتماعية من خلال رفع القيود عن قطاعات لطالما أُوصد باب النفاذ إليها والسماح بالولوج إليها للجميع؟ لا يمكن الإقرار بذلك حقا إذا ما وضعنا نصب أعيننا من ستكون الشريحة المستفيدة أساسا من إجراءات حذف التراخيص هذه.

يُلاحظ من خلال القائمة هيمنة الأنشطة التي تتطلب رأس مال أوليا كبيرا. يشمل ذلك، على سبيل المثال، إحداث مراكز تجارية ومساحات تجارية كبرى وجميع الأنشطة المتعلقة بالقطاع المصرفي والتي تستهدف بدرجة أولى كبار المستثمرين.

وفي هذا السياق، صرح إلياس الجويني بأن العديد من التراخيص المعنية بالحذف هي في الواقع إرث عن الأنظمة الاستبدادية السابقة. فعلى وجه الخصوص، لطالما احتكرت شركة "قرطاج للإسمنت" المملوكة لعائلة الطرابلسي قطاع إنتاج الإسمنت. "لقد كانت ممارسة هذا النشاط حكرا على المقربين من دوائر السلطة. إن حذف التراخيص المستوجبة في هذا القطاع بالذات لا يُعتبر من وجهة نظري إنجازا عظيما لدعم ريادة الأعمال في هذا المجال، لكنه يبعث في الواقع برسالة قطيعة مع نظام بن علي"، وفق تحليله. كما يندرج ترخيص توريد الأفلام ضمن هذه الفئة أيضًا، وهو يُعد من رواسب الرقابة في ظل النظام الدكتاتوري.

أما معظم التراخيص المتبقية (الإنتاج الذاتي للكهرباء من الطاقات المتجددة واستغلال الطائرات الجد خفيفة…) فإنها تعني قطاعات ذات أهمية لا تُذكر في الاقتصاد التونسي.

خلاصة القول، من وجهة نظر آلرت، لا يوجد سوى إجراء واحد من شأنه أن يعود بالنفع على صغار أصحاب وصاحبات المشاريع والحرفيين·ـات وهو المتعلق بحذف الترخيص لتوريد وتسويق الأجهزة والمنظومات الإلكترونية. وحسب تقدير ضياء: "يمكن أن تنجر عن ذلك تداعيات إيجابية للغاية في إطار مكافحة الاقتصاد الموازي من خلال إدماج كل العاملين في الأسواق حيث تُباع الأجهزة المنزلية والتلفزية والهواتف دون التصريح بها، صلب الاقتصاد الرسمي".

تجدر الإشارة إلى تغييب قطاعين من القائمة رغم تحديدهما كأولويين بحسب تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 2019 : نقل البضائع وتجارة الجملة والتجزئة اللذان وفرا معًا 18٪ من مواطن الشغل الرسمية في سنة 2017. "إنهما نشاطان مقننان للغاية. حاليا، الوسطاء هم الذين يحققون هوامش مرتفعة في هذين المجالين. يدفع المستهلك النهائي سعرًا مرتفعا في حين لا يتلقى المنتج سوى القليل من المال"، حسب توضيح إلياس الجويني. "إذا ما استهدفت هذه المراجعة هذين القطاعين، لكان لذلك حتما تداعيات واسعة النطاق. لكن يبدو أن الخيار وقع على الأنشطة التي لا تؤدي إلى عرقلة سير البلاد أو إلى إضرابات مهولة".

وبسؤالها عن كيفية انتقاء التراخيص التي تخص في الغالب قطاعات كثيفة رأس المال أو ثانوية من حيث أهميتها الاقتصادية، بينت صوفي فانهايفربيك أنه حتى وإن كان بإمكان الاتحاد الأوروبي تقديم اقتراحات، فإنه لا يمكنه التدخل في هذا الاختيار : "لا يمكننا التدخل في مثل هذه الأمور. لا شك في أنه من بين الـ25 ترخيصًا، هناك من ستحظى بوزن أكبر من غيرها على المستوى الاقتصادي. لكن يبقى الأمر مسألة توازن وإيجاد حلول توافقية. يبقى أهم شيء مواصلة الدرب في السنوات القادمة، وفي صورة تواصل موافقة الحكومة، سنواصل بدورنا دعم حذف المزيد من التراخيص".

على مستوى الحكومة، قانون الصمت

على مستوى الحكومة، يتقاذف الجميع المسؤولية أو يتعللون ويتعللن بانشغالهم·ـن. وبحسب دائرة الإعلام والاتصال التابعة للقصبة، فإن عبد السلام العباسي، المستشار الاقتصادي لدى رئيس الحكومة، هو الشخص المخول لمد المزيد من التفاصيل. لكن باتصالنا به هاتفيا، لم يُدل المستشار سوى بمعلومات فضفاضة ومقتضبة، دون تقديم عناصر ملموسة، مكررا أن كراسات الشروط ستكون "أكثر بساطة" ومؤكدا على أنه بوسع وزارة التجارة "مدنا بالمزيد من التفاصيل".

غير أن العديد من المستشارين·ـات وكبار المسؤولين·ـات صلب هذه الوزارة بعد أن كنا قد اتصلنا بهم·ـن بشكل غير رسمي التزموا والتزمن بالصمت مع الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات، بالضبط مثلما حدث مع مصالح رئاسة الحكومة. كما اعترف·ـت موظفو·ـات دائرة الإعلام والاتصال بكل من وزارتي التجارة والمالية وكذلك رئاسة الحكومة، إما بجهلهم·ـن بوجود مثل هذا الإجراء أو بأن لا علم لهم·ـن به سوى من خلال الإعلان عنه على شبكة فيسبوك.

وفي غياب رد رسمي من قبل المسؤولين السياسيين، لا يمكن كذلك معرفة متى سيُنشر الأمر لتفعيل الإعلان رسميا، وما إذا كان سيُنفذ بالفعل، علما وأن إجراء مشابهًا يعود إلى سنة 2018 لم يُنفذ بالكامل إلى يومنا هذا.

التراخيص، نُشوز تونسي

في معظم البلدان، لا تُستوجب موافقة الدولة إلا لممارسة أنشطة محددة متعلقة بمسائل تهم الصحة العمومية أو الأمن أو احترام البيئة. لكن في تونس، تظل مثل هذه الموافقة هي القاعدة المعمول بها. "يُعلل ذلك عموما بحماية المواطن والمستهلك وضمان جودة المنتجات والخدمات. غير أن ذلك يؤدي في الواقع إلى عرقلة الاقتصاد وتعزيز هيمنة الاقتصاد الريعي"، وفقا لإلياس الجويني.

لا يزال العدد الإجمالي للتراخيص سارية المفعول في تونس لغزا محيرا. إذ يرصد الأمر الحكومي عدد 417 لسنة 2018، والذي غالبًا ما يُعتبر كأطول نص تشريعي في القانون التونسي، 243 نشاطًا خاضعا لموافقة الدولة. بالإضافة إلى قائمة طويلة من كراسات الشروط والنصوص التشريعية التي تستوجب هي الأخرى موافقة مؤسسة ما للنفاذ إلى السوق.

وهكذا فإن التراخيص التي نص عليها الأمر الحكومي عدد 417 لسنة 2018 ليست سوى غيض من فيض. فعلى سبيل المثال، ينظم قطاع نقل البضائع ما لا يقل عن 133 نصا تشريعيا، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCDE.

كما أنه علاوة على طول الآجال، فإن حالات تضارب المصالح داخل المؤسسات المصدرة للتراخيص لا تُحصى ولا تُعد.

مثلا، يتعين على المنتج·ـة الصغير·ة الراغب·ـة في جني صابة التمور بنفسه·ـا إثبات خبرته·ـا في هذا المجال أمام لجنة... يتكون ثلثا أعضائها من الناشطين في السوق. يقول ضياء خلف الله، عضو آلرت، مستهزئا "باختصار، أنت مطالب بالمثول أمام منافسيك لطلب شهادة تأهيل".

كما أنه حتى في صورة تحديدها، غالبًا ما تكون الشروط المطلوبة ضبابية أو يصعب استيفائها. فعلى سبيل المثال، يُمنح ترخيص إحداث بنك اعتمادا على "سمعة" المتقدم بالطلب. كما يجب ألا يقل رأس المال عن 50 مليون دينار، وهو ما يُعتبر مبلغا ضخما لا يمكن لأي مبتدئ في هذا القطاع بلوغه، وفقًا لعضو آلرت.

وبالمثل، يستوجب إحداث شركة نقل البضائع بالشاحنات امتلاك ما لا يقل عن 18 عربة. كما يستوجب جني التمور توفر مستودع لا تقل مساحته عن 100 متر مربع.

خلاصة القول: يبدو الحصول على ترخيصٍ مهمة مستحيلة للعديد من التونسيين والتونسيات الذين غالبا ما يضطرون إلى التخلي عن مشاريعهم·ـن أو التوجه إلى القطاع الموازي. إذ يُبرز تقرير صادر عن مكتب العمل الدولي أن 85٪ من باعثي·ـات المشاريع في تونس كانوا ينشطون خارج الأطر القانونية في سنة 2015.

علاوة على ذلك، لمنظومة إسناد التراخيص تداعيات على المستهلك·ـة الذي يعاني من الأسعار المشطة المفروضة من قبل محتكري السوق. ويُشير إلياس الجويني في هذا المجال إلى أنه "متى تعددت التراخيص على جميع المستويات، يتراجع عدد المتدخلين في السوق وتقل المنافسة، ما يؤدي بالتالي إلى ارتفاع الأسعار بدلاً من تراجعها".

وفي الوقت الذي تشهد فيه القدرة الشرائية للعديد من المواطنين والمواطنات تراجعا، يستفيد كبار رجال الأعمال. يخلص ضياء خلف الله إلى أن "التحكم في السوق يقع في يد مجموعة صغيرة نظرا لاستحالة النفاذ إليها".

بالنظر إلى ضخامة المشكل، تعالت أصوات منادية بإصلاح هيكلي. إلا أنه بعد أكثر من 10 سنوات على إضرام محمد البوعزيزي النيران في نفسه، يبدو أن شيئا لم يتغير: الترخيص الذي رفضت الإدارة منحه والذي طالبته به الشرطة لا يزال مُستوجَبا لممارسة نشاط بائع متجول.