متوفر باللغة الفرنسية

زهرة و طارق: 900 دينار شهريّا وحياة مثقلة بالقروض



متوفر باللغة الفرنسية

21 ديسمبر 2018 |
بدأت زهرة بالعمل كرئيس مطبخ في دار الشباب منذ ثماني سنوات بعد أن كانت قد تلقّت تكوينا في الطبخ لمدة ثلاث سنوات وتربصا داخليا بالمؤسسة لمدة ستة أشهر دون أجر للوصول إلى هذا المنصب. تحصلت زهرة على عمل وقتي، و قد كان أجرها يعتمد لسنوات على " ميزانية دار الشباب" و إرادة المدير" إضافة إلى عدم تمتعها بالتغطية الاجتماعية.
بدأت زهرة بالعمل كرئيس مطبخ في دار الشباب منذ ثماني سنوات بعد أن كانت قد تلقّت تكوينا في الطبخ لمدة ثلاث سنوات وتربصا داخليا بالمؤسسة لمدة ستة أشهر دون أجر للوصول إلى هذا المنصب. تحصلت زهرة على عمل وقتي، و قد كان أجرها يعتمد لسنوات على " ميزانية دار الشباب" و إرادة المدير" إضافة إلى عدم تمتعها بالتغطية الاجتماعية.     

وبعد ثلاث سنوات من العمل في تلك المؤسسة، تم انتداب شخص جديد يتمتع بالتغطية الاجتماعية وله نفس الأجر الذي تتحصل عليه زهرة.

"في الواقع، كان لي الحق في التمتع بالضمان الاجتماعي، ولكنني كنت أجهل تلك الأمور." و نظرا لإحساسها بهذا الظلم قررت زهرة النضال من أجل اكتساب حقوقها.

و بعد اتخاذ موقف حاسم ضد عقود العمل المؤقتة التي تأتي ضمن الآليات المؤقتة للتشغيل و خاصة منها "الآلية 16"، والإضرابات التي قامت بها زهرة مع نظيراتها، تحصلت "الشيف" أخيرا على الضمان الاجتماعي خلال تجديد عقدي العمل الأخيرين لكنها بقيت تعمل بعقد عمل محدد المدة و بقي راتبها الصافي في انخفاض حيث يصل الآن إلى 300 دينار شهريا.

و تقول ربة البيت: "لقد صرّحوا لي بأن العقود السابقة لن تنفعني في شيء، و اليوم وأنا في الثالثة و الأربعين من عمري و لا أزال إلى حد الآن غير مرسمة في عملي، فمتى سيتم هذا الامر؟

وبالإضافة إلى الطهي والإشراف على عمل زملائها، فهي تساعد النساء اللواتي يقمن بالتنظيف اليومي للمكان. وفي الإجمال، فإن زهرة تقضي ما يقارب 14 ساعة في اليوم في مكان عملها. تستيقظ ربة البيت كل يوم على الساعة الرابعة صباحا للاعتناء بمنزلها فتقوم بإعداد الفطور لأولادها الأربعة وزوجها قبل التوجه الى العمل و المشي لمدة 20 دقيقة للوصول إلى مكان العمل.

أما زوجها طارق فهو سائق سيارة أجرة يجوب الطرقات على متن سيارة مُلك أخيه، ولكن رخصة القيادة مسجلة باسمه ذلك أن دخله يختلف باختلاف المواسم و عدد الركاب وهو يكسب 600 دينار في المعدل شهريا إضافة إلى 40 دينارا مخصصة لدفع معلوم الانخراط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

و هذا ملخص لمداخيلهم و نفقاتهم الشهرية:

تحصل طارق سنة 2008 على قرض قدره 12000 دينار لبناء منزل يتم تسديده على 20 سنة. وبالإضافة إلى ذلك، تأخذ زهرة بانتظام قروض استهلاك قدرها 1500 دينار من مؤسسات التمويل الصغرى لتلبية احتياجات الأسرة ولكن أيضا لدفع مصاريف أشغال بناء المنزل.

فكل ستة أشهر، تدفع زهرة حوالي 300 دينار كفائدة على القروض التي تحصلت عليها مما يجعلها مكبلة اليدين.

"فما عساي أفعل ؟ فلو كان راتبي جيدا، لما غرقت في الديون، فأنا لا أنام الليل عندما يكون مطالبة بسداد ديني لأحدهم".

تتصرف "الشيف" زهرة في ميزانية الأسرة فهي تفضل صرف الراتب على بناء المنزل وتعليم أطفالها، الذين تتراوح أعمارهم بين 5-15 سنة.

تتجنب الأسرة في غالب الأحيان الخروج في رحلات والمصاريف غير الضرورية، و لكن عند الظهر يشتري طارق سندويتش ب3 دينار في حين تتناول زهرة وجبة الغداء في مكان عملها.

و تضطر زهرة كذلك إلى اقتناء مشترياتها مع تأجيل الدّفع من عند بقال الحي، " فالمصاريف لا تقل عن 350 دينارا شهريا خاصة مع الطلبات اليومية لأربعة أطفال، إذ لا إمكانية لاستهلاك اللّحوم فنحن نستهلك الدجاج فقط." من حين لآخر تمتطي زهرة سيارة تاكسي للعودة إلى المنزل و خاصة عندما تكون مثقلة بالمشتريات.

تحاول ربة البيت أيضا أن يكون أطفالها متساوون مع أترابهم فمعظم النفقات تدور حول المشتريات المدرسية و الدروس الخصوصية لاثنين من أبنائها وحضانة الابن الأصغر خلال العام الدراسي. و لكي يتمكن أولادها من تأدية واجباتهم المدرسية تضطرّ زهرة كل شهر لسداد معلوم استعمال أجهزة الكمبيوتر والإنترنت بمركز الإعلامية. أما أثناء العطل المدرسية وحتى لا تضطر زهرة لجلب مربية، فإن ابنتها الكبرى هي التي تهتم بأخويها الصغيرين.

اما بالنسبة الى ملابس الأطفال، وكما هو الشأن بالنسبة لخروف العيد الذي تقتنيه زهرة "لإرضاء أطفالها،" فلا خيار أمامها إلا التداين وتأجيل الدفع للتجار.

"الحياة مكلفة للغاية، فنحن لا نتنزّه البتة، لكنني تمكنت هذه الصائفة من أخذهم إلى البحر بالمرسى مرة واحدة فقط ". و يعود الفضل في ذلك إلى الرحلات الصيفية المنظمة حسب قولها.

وفيما يلي تفاصيل المصاريف الشهرية:

المنطقة الرمادية

في نهاية كل الشهر تجد زهرة نفسها صفر اليدين لتغطية جميع المصاريف، و غالبا ما تضطر إلى اقتناء قروض جديدة، فهي تشعر بالقلق حيال عدم ترسيمها بالعمل.

كما انها تخشى المواعيد النهائية لدفع القروض في كل سنة، مع خوف مستمر من الوقوع في وضع أكثر حرجا، عندما سيرفض احدهم في يوما ما منحها قرضا صغيرا.

ويبقى للزوجين الكثير من أعمال البناء لتنتهي الأشغال بالمنزل، فعلى الرغم من أنه لم يكتمل بعد فإن زهرة وطارق وأطفالهم يعيشون به منذ خمس سنوات حتى لا يضطرون لدفع الإيجار.

المستقبل

مستقبل الأبناء هو مصدر القلق الكبير بالنسبة الى زهرة فهي تخشى أن "تنحو ابنتها منحى سيئا او ان تتوقف عن الذهاب إلى المدرسة." اما في الوقت الحاضر فتعتبر نفسها محظوظة، فابنتها تلميذة جيدة. كما انها تحرص على ان يتعلم أبناؤها الذكور القيام بالأعمال المنزلية والطهي. و ترجو أن تكون زوجاتهم ممتنّات لها مستقبلا بما أنهن تزوجن من رجال يقظين."

و ترجو زهرة الزيادة في أجرها، و إكمال بناء منزلها حتى تمنح لأولادها فرصة أكبر "ليتمكنوا من النجاح في حياتهم، والعيش حياة كريمة". "فأنا أعمل من أجلهم حتى لا يمدوا أيديهم للغير."