قضيّة سويسليكس: رحلة في عالم التهرّب الجبائي

وجد فرع الحسابات الخاصّة التابع لبنك HSBC نفسه بين فكّيْ فضيحة مالية تتعلّق ب"الترابح المالي والبنكي غير المشروع" و "تبييض الغشّ الضريبي".
بقلم | 11 فيفري 2015 | reading-duration 5 دقائق

متوفر باللغة الفرنسية
أخضعت السلطات القضائية الفرنسية، في شهر نوفمبر من سنة 2014، فرع الحسابات الخاصّة التابع لبنك HSBC للفحص على خلفية “الترابح المالي والبنكي غير المشروع” و “تبييض الغشّ الضريبي” في الفترة الفاصلة بين سنتي 2006-2007، حيث تبيّن أنّ الفرع البنكي أتاح لحرفائه، عبر هيكلة مالية معقّدة، الافلات من الضرائب. وقد تمّ رفع الستار عن هذه القضيّة بعد أن أقدم أحد موظّفي البنك على تسريب القائمات البنكية للحرفاء واحالتها الى السلطات الفرنسية.

تفجّرت القضيّة التي حملت اسم “سويسليكس” خلال سنة 2008 عندما عمد أحد موظّفي الاعلامية في المؤسسة البنكية ( HSBC Private Bank Suisse) الى تسريب القائمات البنكية للحرفاء واحالتها الى السلطات الفرنسية وفق ما يوضّحه اثنان من صحفي يومية لوموند الفرنسية، جيرار دافاي و فابريس لُومْ، اللذّان قادا التحقيق التحقيق الاستقصائي. ولئن كانت حسابات جزء من الحرفاء خاضعة لما ينصّ عليه القانون فانّ البقيّة ثبت تورّطهم في التهربّ الضريبي. اجمالا، تحتوي القائمة البنكية على نحو 106458 حسابا تعود بالنظر الى نحو 203 دولة.

المتهرّبون من الضّرائب

منذ أن بلغت الوثائق المسرّبة الى أجهزتها انكبّت السلطات الفرنسية على فحص الحسابات البنكية لتتمكّن من ضبط قائمة اسمية للمتهرّبين من الضرائب الفرنسية. ومثلما احتوت القائمة على أسماء لمواطنين عاديين فانّها لم تخلُ من أسماء تهمّ فنّانين ورجال أعمال وسياسيين.

القضيّة أخذت منعرجا سياسيا وقد “تمّ بذل كلّ شيء من أجل تعويمها” وفق ما صرّح به هارفاي فالشياني.

لم تدم الحكاية كثيرا حتّى اقترح نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي آنذاك، القيام بعفو عام مقابل أن تتمّ اعادة رؤوس الأموال المهرّبة وأن يقوم المتهرّبون من الضرائب بتسوية وضعياتهم مع الادارة الجبائية حالة بحالة. من لا يمتثل لهذه الاجراءات ولا يعيد الأموال يكون محلّ تتبّعات قضائية. 

الدّور الذّي لعبه البنك

من أهمّ الأشياء التي كانت تشغل بال المحقّقين، Renaud Van Ruymbeke و Charlotte Bilger ، الذين قادا التحقيقات القضائية المتعلّقة بالقضية، هو كشف الستار عن التخطيط الهيكلي الذّي كانت تتّبعه المؤسسة البنكية من أجل الترابح غير المشروع. وقد تبيّن انّ البنك كان يضع خطّة معقّدة لتركيب مسار مالي يقوم على الغشّ ويستند أساسا الى شركات واجهة (وهمية) مُوَطّنة في الجنّات الضريبية الهدف منها ايجاد صيغة تتيح للحرفاء الافلات من الضرائب.

تعرّف على الغشّ الجبائي لبنك HSBS في ثلاث دقائق فقط. الفيديو من انتاج زملائنا من صحيفة لوموند

اقترح عدد من متصرّفي الحسابات خلق شركات واجهة وأخرى غير مقيمة من أجل اتاحة الفرصة لحرفاء البنك للافلات من الضرائب. وتشير التحقيقات الى أنّ فرع الحسابات الخاصّة السويسري التابع ل HSBC كان قد حرّض نحو 3 آلاف دافع ضرائب فرنسي على التهرّب من دفع الضريبة. عمليّة الغشّ هذه كلّفت الجباية الفرنسية خسارة بنحو 4 مليار دولار.

السلطات البلجيكية هي الأخرى كانت قد وجّهت في نوفمبر 2014 اتّهامات الى الفرع البنكي ذاته ب”الغشّ الجبائي الخطير والمنظّم وتبييض الأموال”. وقد كشف القضاء البلجيكي عن تورّط أكثر من 1000 حريف من دفع الضريبة للخزينة البلجيكية.

قائمات بنكية تحوي أسماء لحرفاء من كل دول العالم

صحيفة لوموند الفرنسية تحصّلت على هذه القائمات المسّربة وقامت باحالتها الى المجمع الدولي للصحافيين الاستقصائيين من أجل تصنيفها وتوزيعها على عدد من الصحافيين الاستقصائيين عبر العالم. وبالفعل فقد تمّ الاختيار على 150 صحفيا يمثّلون 50 وسيلة اعلام من 45 دولة.

يمكن النفاذ الى الرسم البياني الذي أنجزه شركاؤنا في المجمع الدولي للصحفيين الاستقصائيين من خلال زيارة موقعهم الالكتروني. ويتيح هذا الرسم الغرافيكي التعرّف على الامتداد الجغرافي عبر العالم للأشخاص المعنيين بالتهرّب الضريبي بالاضافة الى حجم الأموال المهرّبة. ويحتوي الرسم كذلك على تلخيص للأرقام المفصلية لكلّ بلد بالاضافة الى ترتيب البلد وفق معيار الحرفاء المتهرّبين من دفع الضرائب أو وفق معيار حجم الأموال المهرّبة. كما يحتوي على ملمح دقيق لنحو 80 شخصية من حرفاء البنك فضلا عن تأمين رابط يقود مباشرة الى مجموع المقالات التي نشرها شركاء المجمع حول القضية ذاتها.