مجلس النواب: سحب مقترح قانون المحكمة الدستورية بعد أيام من إيداعه

يوم 11 أفريل 2025، ورد على مكتب الضبط المركزي بمجلس نواب الشعب مقترح قانون أساسي لتنظيم المحكمة الدستورية. أثارت المبادرة التشريعية جدلا كبيرا بعد إحالته إلى لجنة التشريع العام، مما أدّى إلى سحب خمسة نواب لإمضاءاتهم وسقوط المقترح.
بقلم | 29 أفريل 2025
5 دقائق
متوفر باللغة الفرنسية
لا تزال المحكمة الدستورية غائبة بعد قرابة عقد منذ أول محاولة لتركيزها. مبادرةٌ تشريعية برلمانية جديدة لتنظيمها سُحبت بعد أيام من تقديمها، مما أعاد الجدل حول أولوية تركيز هذه المحكمة ومدى إمكانية فرض رقابة دستورية على السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الجمهورية.

ما الذي حدث؟

في 11 أفريل 2025، قدّم عشرة نواب من كتل مختلفة من بينها "لينتصر الشعب" و"الوطنية المستقلة" مقترح قانون أساسي لتنظيم المحكمة الدستورية.

علل النواب مقترحهم "بأهمية تركيز المحكمة لتعزيز الثقة في القانون، ولكن منذ صدور دستور 2022 لم تتركز رغم يُسر تركيبتها".

لكن الجدل الذي أثارته بعض فصوله، خصوصًا تلك المتعلقة بـإعفاء رئيس الجمهورية، دفع خمسة نواب إلى سحب توقيعاتهم ما أدى إلى إسقاط المقترح.

لماذا الأمر مهم؟

رغم مرور نحو ثلاث سنوات على صدور دستور 2022، لم تُنشأ المحكمة الدستورية بعد، ما يطرح تساؤلات حول مدى احترام التوازن بين السلط، وفعالية دولة القانون، وأهمية فرض رقابة دستورية في نظام رئاسي بصلاحيات واسعة.

  "المحكمة الدستورية ليست لوي أذرع أو صراع مع السلطة السياسية، بل ضرورة"، وفق ما صرح به النائب مليك كمون، مقرر لجنة التشريع العام.

موضع الجدل: فصول إعفاء الرئيس

تضمنت الفصول 65 إلى 68 إمكانية إعفاء رئيس الجمهورية من منصبه في حالة خرق جسيم للدستور، وهو ما أثار ردود فعل حادة:

  • أعلن المجلس المحلي بالعمران الأعلى نيته تنظيم وقفة مساندة للرئيس.
  • رفض ياسر القوراري، رئيس لجنة التشريع العام، مناقشة المبادرة واعتبرها "اجتهادًا خاطئا خارجًا عن الدستور".
  • يرى مليك كمون، مقرر لجنة التشريع العام أن "المقترح ليس مخالفًا للدستور في مجمله، لكن فصول الإعفاء تتجاوز السقف الدستوري".

ماذا قيل حول المقترح؟

  • علي زغدود، نائب من الممضين·ـات على المقترح: "المحكمة مطلب شعبي وبرلماني، ويجب استكمال المؤسسات الدستورية التي نص عليها دستور 2022".
  • منال بديدة، نائبة: "المحكمة الدستورية ليست بدعة أو جريمة، لكن النواب سحبوا توقيعاتهم ولا أعرف الأسباب".
  • مليك كمون، مقرر لجنة التشريع العام: "المحكمة الدستورية في رأيي حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي، لكن المشهد السياسي يرى أنها ليست أولوية داخل البرلمان"
  • وحيد الفرشيشي، أستاذ القانون العام بجامعة قرطاج، عميد كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس يلخّص الوضع في تصريح لإنكفاضة:

تأجيل مستمر

مسار تكوين المحكمة معطّل منذ 2014:

جانفي 2014
الدستور ينص على ضرورة تشكيل المحكمة بعد سنة من الانتخابات التشريعية
ديسمبر 2015
إصدار قانون ينظم تركيبة المحكمة وطريقة سيرها
مارس 2017 إلى جويلية 2020
أربع دعوات لتقديم طلبات عضوية المحكمة، لم تفض إلى انتخاب أعضائها
أفريل 2021
قيس سعيد يرفض المصادقة على قانون يعدّل من عدد الأصوات الكافية لانتخاب أعضاء المحكمة، متعللا بتجاوز الآجال
جويلية 2021
قيس سعيد يفعّل الفصل 80 وحالة الاستثناء
جويلية 2022
الاستفتاء على دستور جديد
أفريل 2025
مقترح جديد يُسحب بسرعة

ما بين السطور

البرلمان الحالي يشهد "ديناميكية مختلّة تؤثر على العمل التشريعي والرقابي" على حد تعبير النائب مليك كمون. كما أن بعض النواب يرون أن المحكمة الدستورية ليست أولوية حالية.

  • لمدة سنة ونصف، لم يمرر المجلس أية قوانين صادرة من صلبه، ومعظم القوانين كانت للمصادقة على قروض باقتراح من الحكومة حتى نعته البعض بـ "مجلس القروض".
    • "مع رئاسة المجلس الحالية، وكأن المجلس بلا هوية"، يقول النائب محمد علي.
    • تبقى "فكرة المحكمة الدستورية مؤجلة" وفق النائب مليك كمون، في انتظار مبادرة تشريعية من طرف رئيس الجمهورية نفسه.

    ما التالي؟

    ما لم يقدّم رئيس الجمهورية مشروع قانون، أو يتم ملئ المناصب الشاغرة الضرورية (مثل منصب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب)، فإن تركيز المحكمة يبقى مؤجلًا إلى أجل غير مسمى، وبالتالي لا توجد هيئة رسمية تفرض رقابة على دستورية المراسيم والقوانين.

    Inkyfada Landing Image

    منصة إعلامية مستقلة في طليعة الابتكار التحريري

    أنشئ حسابك الآن وتمتع بميزات النفاذ الحصري ومختلف الخاصيات المتقدمة التي توفرها لك. تحصّل على عضويتك وساهم في تدعيم استقلاليتنا.

    منصة إعلامية مستقلة في طليعة الابتكار التحريري. تسجيل الدخول