كمال المطماطي : حين تُدفن أسرار الدّولة مع الضحيّة

"أحد المتّهمين لاذ بالفرار إلى فرنسا قبل بضعة أيّام". في ذلك اليوم الموافق لـ10 جويلية في قابس، كان المحامي مختار الجماعي يصرخ منفعلا مبيّنا للقاضي أنّ المدعوّ علي بوستّة، أحد المتّهمين الرّئيسيّين في قضيّة كمال المطماطي، النّاشط الإسلامي المفقود منذ أكتوبر 1991، قد غادر التّراب التّونسي هربا وإن لمحه العديد من الشّهود خلال الجلسة الأولى. جثّة مفقودة ومتّهمون في حالة سراح... في هذه المحاكمة الرّمزية، تُنتزع الحقيقة انتزاعا في الوقت الذي يسود فيه قانون الصّمت.
بقلم | 13 جويلية 2018 | reading-duration 20 دقيقة

متوفر باللغة الفرنسية
كانت قضيّة المطماطي بمثابة شارة انطلاق سباق طويل النفس من المحاكمات التاريخية التي تهدف إلى كشف الستار عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال فترة الحكم الدكتاتوري لكل من بورقيبة وبن علي. سواءً أكان ذلك في نابل أو الكاف وتونس وقابس وسوسة والقصرين وسيدي بوزيد... شرعت المحاكم التونسية في النّبش في ماض دفين. يوم الجمعة  13 جويلية 2018، عُقدت ثلاث جلسات جديدة قبل أن تغلق المحاكم أبوابها مع حلول العطلة القضائية.

"القتل العمد المسبوق بجريمة التعذيب والمتبوع بجريمتي طمس الأدلة وإخفاء جثة المجني عليه"، " التعذيب الناجم عنه الموت"، "الاختفاء والاحتجاز القسري"... لدى افتتاح محاكمة كمال المطماطي في قاعة محكمة تعجّ بالناس، سرد القاضي لائحة الاتهام الصادرة عن هيئة الحقيقة والكرامة، ذاكرا تباعا أسماء 12 متّهما، بشكل مباشر أو غير مباشر، دون أن يتقدم منهم أحد.  

لكن على مدى عدة ساعات، تداول الشهود على المنصة راسمين صورة مروعة ليوم توقف فيه الزمن بالنسبة لكمال المطماطي وعائلته وأقاربه.  

ترويع في الشركة التونسية للكهرباء والغاز

قابس، سنة 1991. منذ سنة خلت، تمّ تعيين محمد علي القنزوعي والذي يهابه الجميع على رأس المصالح المختصة المعروفة آنذاك بـ"البوليس السياسي". عيّنه في ذلك المنصب زين العابدين بن علي بهدف السيطرة على كل شكل من أشكال المعارضة للنظام القمعي الناشئ ومكافحتها.

ثم أُنشئت تدريجيا عدة فروع لهذه الوحدات المختصة في كامل التراب التونسي. في قابس مثلا، يرأس الفرقة المختصة المدعو سمير الزعتوري معولا على دعم زميله علي بوستّة، رئيس فرقة الأبحاث الخاصة. وفي هذا الإطار، كُرّس فريق كامل لتضييق الخناق على هدف النظام الرئيسي : النشطاء والناشطات من الإسلاميين والإسلاميات وأقاربهم·ـنّ.

في هذا السّياق أيضا، كان كمال المطماطي ذو الـ35 سنة آنذاك يباشر عمله كل يوم في مقر الشركة التونسية للكهرباء والغاز بقابس كمهندس مساعد وعضو نقابي صلب الشركة. علاوة على كونه منخرطاً في حزب النهضة الإسلامي.

"كنا نعيش حالة من الرعب لا توصف في الشركة التونسية للكهرباء والغاز"

يتقدم صلاح، أحد زملاء كمال المطماطي، لمنصة الشهود للإدلاء بشهادته. يذكر الرجل جيدا حالة الرعب التي فرضتها الشرطة في مكان عملهم."لم تكن شركة عمل بل شركة أمن دولة. كان لديهم مكتب بأكمله في مقر عملنا". وعلى مدى عدة أشهر، ضاعف·ـت الموظفون والموظفات يقظتهم·ـن، إلى درجة أضحى فيها موعد الصلاة مصدرا للقلق. يضيف صلاح مؤكّدا "في كل مرة، كنا نتوقع منهم أن يعتقلوا أحدنا".

رغم أن كمال المطماطي كان يخضع لرقابة المصالح المختصة، إلا أنه كان يحظى بتقدير زملائه وزميلاته. إذ كان يشغل خطة الكاتب العام للنقابة ويستميت في الدفاع عن الموظفين·ـات الآخرين والأخريات كاسباً بفضل ذلك احترامهم·ـنّ. زيادة على ذلك، فإن انتماء ربّ الأسرة الشاب إلى حركة النهضة وضعه نصب أعين السلطات المُترصدة. "كنّا نتوقّع منهم أن يعتقلوا كمال في أي لحظة".

اعتقال

8 أكتوبر 1991* تاريخ لن يمحى من ذاكرة نور الدين الذي يصف علاقته بكمال قائلا : "كانت تجمعني بهذا الرجل العظيم صلة وطيدة، كنا صديقين مقربين". في منتصف الظهيرة، كان كمال المطماطي يتواجد في الطابق الأول بصدد الوضوء قبل أداءالصلاة. "كان يمكنه قضاء ساعة كاملة وهو يتوضأ. كنت قد خرجت قبله"، يروي صلاح.

عند مغادرتهما الحمام نحو غرفة الصلاة، لمح نور الدّين وصلاح عونيْ أمن متمركزيْن على بعد بضعة أمتار. "كنّا نعرفهما حق المعرفة. كانا يعملان ويعيشان معنا في الشركة"، يروي صلاح مستحضرا الشكوك التي بدأت تخامره حينها.

"تساءلت إذا كان علي العودة لتحذير كمال، لكن الخوف كان يخنقنا في الوقت".

لم تمضِ بضع دقائق حتى تناهت لمسامع نور الدّين جلبة غريبة لكنّها لم تثنِه عن مواصلة صلاته. وعند خروجه، وجد زملاءه في انتظاره لإعلامه بالفاجعة الأليمة: "أخي، لقد اعتقلوا كمال".

في المقابل، شهد صلاح الواقعة برمّتها. لدى مغادرته الغرفة، رأى الشرطييْن يطوّقان زميله : "شدّه أحدهما من كتفه والآخر من حزامه وحملاه بعيدًا متلفّظين بشتائم". أجبر عونا الأمن كمال المطماطي على نزول الدرج باتجاه مأوى سيارات الشركة حيث كانت سيارة الشرطة في الانتظار. ثمّ حاولا إجباره على امتطاء السيارة لكنه قاوم بشدة متشبثاً بالباب.

في الوقت ذاته، أوقف سائق سيارة أجرة عربته وترجّل منها متوجها نحو الضحية. "إنه عبد اللّه"، حسب قول صلاح : "كنا نعرفه حق المعرفة، أسوأ مُخبر على الإطلاق". بمجرّد وصوله، تموضع السّائق خلف كمال المطماطي وبادره بضربة رأس على مستوى الظهر وهّنت مقاومته ومكنت الشرطة من السيطرة على الشاب.

شهد نور الدّين هذه الواقعة أيضا. ولم تستثنه مجسات الشرطة هو الآخر، حيث تم اعتقاله في غضون بضعة أيام في ظروف مماثلة. ومنذ ذلك الحين، لم يرَ صديقه مرّة أخرى.

تعذيب في مركز الشرطة

عمل علي عامر كطبيب في المستشفى الجهوي بقابس منذ سنة 1986. وقد أُوقف بدوره واقتيد إلى مركز الشرطة لانتمائه للحركة الإسلامية قبل يوم واحد من اعتقال كمال المطماطي.

تصف شهادة علي عامر أمام هيئة المحكمة معاناته هو ورفاقه من السجناء. بين جدران زنزانة واحدة، أجبره أعوان الأمن هو ومن معه من المعتقلين على الوقوف وأذرعهم مرفوعة للأعلى. كان على الطبيب البقاء في هذه الوضعية لأكثر من 36 ساعة متتالية، تخلّلها ضرب مبرح بالهراوة وإجباره على الجلوس على زجاجة وتجريده من ثيابه وتعليقه من يديه وقدميه طبقا لطريقة تعذيب تُعرف باسم "بولي روتي (الدجاجة المصلية)". تتداخل الذكريات في ذهن علي عامر فيعترف : "تمّ تحطيمي نفسيا".

في اليوم التالي، اقتيد كمال المطماطي إلى نفس الغرفة. لم يكن يُسمح لعلي عامر بالاستدارة خلفه حيث أجبره الأعوان على مواجهة الحائط، بينما ظلّ يسمع وقع ضربات الهراوة على جسد الضحية دون امتناع يُذكر.

بعد مرور بعض الوقت، نادى أحد الأعوان الطبيب. "قال لي : 'تعال انظر'. فذهبت". وحينها، رأى كمال المطماطي عاري الصّدر ولا يرتدي سوى سروالا، مغشيّا عليه وتغطي جسده عدة كدمات. "أكدت لهم أنّه مصاب بكسور على مستوى الذراعين فكفّوا عن تعذيبه وألقوا به في ركن ركين من الغرفة".

غير أنّ الفرصة لم تسنح لكمال المطماطي حتى يتمكّن من التقاط أنفاسه. إذ لم يطل الأمر حتى قدم رئيس الشرطة ليسأل أعوانه عن سبب توقفهم عن الضّرب. أعلمه هؤلاء بالتشخيص الذي قام به علي عامر، لكن بدون جدوى، حيث بادر من عرّفه الطّبيب لاحقًا على أنّه علي بوستّة، رئيس فرقة الأبحاث الخاصة، بالاستيلاء على الهراوة لينهال ضربا موحشاً على الضّحية الهامدة بنفسه.

معاينة حالة وفاة

أُمر علي عامر مجدّدا بمعاينة الأضرار التي لحقت بالجسد الخامد الملقى على الأرض. "وضعت أذني لأصغي إلى دقّات قلبه". بعد عدّة فحوصات، نهض الطّبيب قائلا لجلاديه: "لقد مات، لقد مات !".

إثر ذلك، شرع الأعوان الثّلاثة وقائدهم من فورهم بنقل جثة كمال المطماطي واختفوا. يوضّح الطّبيب في شهادته: "مصطفى ورياض وأنور هم الأعوان الثّلاثة الذين قاموا بتعذيبه رفقة علي بوستّة".

"عادوا بعد برهة وقال لنا أحدهم 'من حسن حظّكم أنّ صديقكم قد مات، سنحضر الليلة بعض الجعة احتفالا.'"

غير أنّ الكابوس الذي كان يعيشه علي عامر لم يتوقّف عند هذا الحدّ. ففي اليوم الموالي لوفاة كمال المطماطي، أُمر هو وسجناء آخرون بتنظيف الغرفة لإزالة آثار الدّماء والفضلات. وأُبقي عليهم هناك ثلاثة أشهر برمتها خشية انتشار الخبر.

وفي سنة 1999،أُطلق أخيرا سراح علي عامر بعد أن صدر في حقّه حكم بالسّجن لمدّة 20 عامًا تقريبًا في محاكمة صوريّة. منهول الصدمة، لم يجرؤ الرّجل أبدًا على إخبار عائلة كمال المطماطي بما شهده يوم 8 أكتوبر 1991* في مركز الشّرطة بقابس.

قانون الصمت

كان خليفة من ضمن أعوان الوحدة المختصة بقابس والتي كانت تحت إمرة سمير الزّعتوري آنذاك. تمثلت المهمة الموكولة إليه في رفع تقارير إلى رؤسائه، خاصّة بشأن الأشخاص الذين تقدّموا بطلب للحصول على جواز سفر. هذا ما وضّحه للقاضي من شقّ خلوة تخفي هويته : "كان عليّ تقصّي ما إذا كانوا ينتمون إلى حركة النّهضة".

جاءت إجابات خليفة على الأسئلة الموجّهة إليه مترددة وفضفاضة من قبيل: "لم أكن موجودا، لم أرَ شيئًا، بلغني فقط أنه كان يتم اللجوء إلى بعض العنف قصد استنطاقهم". "بعض الضّربات"، "استخراج الحقيقة"، هذه العبارات التي استعملها خليفة ليصف العنف المسلّط من قبل أعوان الأمن، رافضا مفردة "تعذيب" التي يعتبرها مبالغًا فيها، خاصة وأنه حسب قوله لم يتم تلقي أي تعليمات في هذا الاتجاه.

بعد شيء من التردد، اعترف أخيرًا أنّه سمع زملاءه يذكرون كمال المطماطي. وحسب تأكيده: "كانوا يقولون إنّه مات على أيديهم". في اليوم الموالي، علم أن جثة الضحية نُقلت إلى مستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى في الضاحية الشمالية للعاصمة. يؤكّد خليفة : "بقيت تحت وقع الصّدمة لمدّة ثلاثة أيّام"، قبل أن يدلي أخيرا بأسماء بعض المتهمين ممّن كانوا يأتمرون بإمرة علي بوستّة على إثر نقلهم مؤخّرًا من تونس العاصمة لتعزيز الوحدة المختصّة المُحدثة في قابس، ولمواصلة تدريبهم. لكن حتّى ذلك الحين، لم يقرّ خليفة بأيّ شيء. وصرّح متأسّفا "كان سمير الزّعتوري، رئيسنا المباشر، على علم بالعمليّة. ماذا كان بوسعي فعله؟ في ذلك الوقت، لم يكن بإمكاننا إخبار أيّ كان، ثم إننا يجب أن نكسب لقمة عيشنا".

فجأة تعالت قهقهات مجلجلة في قاعة المحكمة. المنجي، وهو عون آخر دُعي للإدلاء بشهادته، تظاهر بعدم علمه بأسلوب التّعذيب الشّهير المعروف بـ"المحمّرة" رغم أنّه كان قد ذكره قبل بضع ثوان. وتابع قائلا دون تردّد "إثر هذه الحادثة، أوقفنا الاعتقالات إذ خلّف ذلك صدمة في نفس الجميع".

"كنت مجرّد عون أمن، كان عليّ أن أكسب لقمة عيشي وكان يجب التكتم على المعلومات، ذلك هو عملنا. كان علينا أن نضمن قوت عيشنا".

ورغم الاستهوان باللّجوء إلى العنف وضآلة المعلومات المقدّمة، جاءت شهادات أعوان الأمن متوافقة : كان علي بوستّة، رئيس فرقة الأبحاث الخاصة، وثلاثة من أعوانه متواجدين في الغرفة التي يقبع فيها كمال المطماطي. ثم تولّى عونان آخران ينتميان إلى نفس الفرقة نقل الجثة إلى مستشفى المرسى ليلا في حين أشرف سمير الزّعتوري بنفسه على متابعة العمليات.

يؤكّد تسلسل الأحداث الوارد في الملف المقدم من قبل هيئة الحقيقة والكرامة هذه السّرديات. وفقا لهذا التّقرير، سمير الزّعتوري هو الذي أحاط حسن عبيد (المدير العامّ للاستعلامات) علما بوفاة كمال المطماطي. فطلب منه مدير الاستعلامات تكليف أمنيّين بنقل جثة الضحية إلى مستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى وتسليمها للدكتور أحمد الغطاس. وبالفعل، نُقلت الجثة ليلا دون أي إجراء يُثبت ذلك، ودون تحرير أي تقرير في الغرض في المستشفى خشية إفشاء أي معلومة حول مآل الضحية.

20 عاما من المعاناة

في اليوم الموالي لاختفاء زوجها، توجهت لطيفة المطماطي إلى مركز الشرطة رفقة حَميها، قائلة للعون: "جئنا من أجل كمال" فأجابها: "إنه ليس موجودا هنا". حينها، استغلت لطيفة لحظة غفلة من عون الأمن وألقت نظرة على سجل موضوع على مكتب الاستقبال. وردّت عليه قائلة "ها هو اسمه مدوّن هنا!". فقام العون بإغلاق السّجل بعنف وطلب منهما المغادرة.

كانت فاطمة، والدة كمال المطماطي، تقيم مع أقاربها في ذلك الوقت. وروت والعبرة تخنقها: "طُرق الباب، فأدركت أن شيئا ما أصاب كمال".

بعد مرور بعض الوقت، أوهم أعوان الأمن أفراد عائلة كمال المطماطي بأنه محتجز بالفعل لديهم. تقول زوجة الضحية: "طلبوا مني أن أُحضر له بعض الملابس". وفي يوم آخر، طلبوا إحضار بعض الطعام. لكن المسرحيّة السّخيفة لم تدم طويلا، إذ كان من البيّن أنّ أحدا لم يرتد الملابس التي أُرجعت إلى الأسرة لاحقاً، الأمر الذي أجّج شكوكها.

حرصا منها على كتمان السر، ادعت السّلطات بعد ذلك أن كمال المطماطي لا يزال محل تفتيش متّهمة عائلته بالتستر عليه. وبذلك تم تتبعه قضائيا أمام الدائرة الجنائية التابعة لمحكمة الاستئناف بقابس في جرائم مرتبطة بانتمائه للحركة الإسلامية، والحال أنّه متوفّى. وبتاريخ 20 ماي 1992، صدر ضده حكم غيابي بالسجن لمدة 17 سنة و 4 أشهر علاوة على إخضاعه للمراقبة الإدارية لمدة 4 سنوات.

على مدى عدة سنوات، جابت والدة كمال المطماطي سجون البلاد شمالا وجنوبا بحثا عن ابنها، تتلاقفها تارة الآمال الزّائفة وأخرى خيبات الأمل.

"في نهاية المطاف، قصدت سجن بنزرت، ذهبت مشيا، مشيت طويلا... لم يكن هناك أحد سواي. عندما وصلت أخيرا، أُغمي عليّ".

من جهتها، وجدت زوجة الضحية نفسها تحت المراقبة الإدارية، وتعين عليها تبعاً لذلك إعلام مركز الشرطة بجميع تحركاتها.

لم تعترف الدولة التونسية بوفاة كمال المطماطي إلا بعد اندلاع الثورة ومدت العائلة بشهادة وفاته. ورغم رفع شكوى لدى محكمة قابس، اعتبر القضاء أن حق التقاضي قد أُسقط بالتّقادم بتعلّة أن الجريمة ارتُكبت منذ ما يزيد عن عشرين عاما.

الختام

إثر إرساء آليات العدالة الإنتقالية، تعهدت هيئة الحقيقة والكرامة بالقضية. وتم في هذا الإطار سماع فاطمة ولطيفة المطماطي خلال جلسات السماع العلنية الأولى.

ثمّ أُحيل الملفّ إلى الدائرة القضائية المختصة التابعة للمحكمة الابتدائية بقابس، وانطلقت على إثر ذلك المحاكمة في موفّى شهر ماي 2018. وفي غياب استدعائهم، لم يحضر أحد من المتهمين، في حين أكد·ت العديد من الشهود والشاهدات أنهم·ـن لمحوا علي بوستّة في قاعة المحكمة.

يوم 10 جويلية، عُقدت جلسة سماع ثانية مع غياب المتهمين كذلك وإن تم استدعاؤهم بصفة رسمية هذه المرّة. في غضون ذلك، لاذ علي بوستّة بالفرار إلى فرنسا علما وأنه لم يصدر في شأنه قرار بتحجير السفر. ما دفع مختار الجماعي، المحامي الرئيسي للمدعين·ـات، للقول: "أخشى أن يكون تسليمه للسلطات التونسية أمرا معقدا".

في نهاية المطاف، حُجّر السّفر على بقية المتهمين المتواجدين بتونس، مع الإبقاء عليهم في حالة سراح. وتقرر عقد الجلسة القادمة بتاريخ 9 أكتوبر 2018. في غضون ذلك، ما زال جثمان كمال المطماطي مفقودا.