


تنطلق المسيرة من داخل كنيسة القديس أوغستان والقديس فيدال بقلب حلق الوادي التي يعود تاريخ إنشائها إلى منتصف القرن التاسع عشر، حيث يُرفع تمثال مادونا تراباني — أي العذراء مريم في عيد انتقالها — محمولًا على حاملة مزدانة بالزهور.



يختلط المصلّون·ـات حول الكنيسة بالمارّة وسكان الحي والقادمين·ـات خصيصا لهذه الشعيرة. بعضهم يرافق التمثال بنظراته، وآخرون·ـات يتبادلون الحديث أو يوثقون اللحظة بهواتفهم.


بعد انقطاع بدأ في ستينات القرن الماضي ودام سنينا، استُأنف هذا الطقس الكاثوليكي سنة 2017 وتواصل إلى اليوم بوجوه جديدة. إذ يذكّر حضور مهاجرين·ـات ومسيحيين·ـات قادمين·ـات من بلدان أخرى بأن المناسبة تحولت إلى فضاء للتعايش، يصل ماضي حلق الوادي المعروفة آنذاك بتعددية ثقافاتها الدينية بحاضر تونس اليوم.


جمع الحشد أجيالًا مختلفة من زوار وعائلات مسيحية تونسية، وأفراد من الجالية المهاجرة من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.

يسود المكان جو من التأمّل وشعور بالاستمرارية، في تقليدٍ ما يزال قائمًا رغم تقلّص أعداد أتباع الديانة المسيحية في تونس على مرّ السنوات.

تاريخيا، كان موكب المادونا يجوب مسلكا طويلا في حلق الوادي قبل العودة بالتمثال إلى الكنيسة، غير أن "الخرجة" منذ بضع سنوات صارت تجوب الأزقّة المحيطة فقط، بينما الترانيم تصدح والطقوس ذاتها تُكرّر: تمثال محمول على الأكتاف، زهور، وصلوات وسط حشود من الحاضرين·ـات الذين يشاهدون الموكب عن قرب أو بعد أو يحيّونه بحماسة.
تؤمن أطياف واسعة من المسحيين·ـات الكاثوليك والأرثوذكس حول العالم بأن مريم العذراء، لم تمت في ختام حياتها الأرضية بل "انتقلت بروحها وجسدها إلى الملكوت الأعلى". وقد ظهرت الاحتفالات بعيد "الانتقال" كل يوم 15 أوت منذ القرن الثامن على أقل تقدير، غير أنها صارت عقيدة إيمانية رسمية للكنيسة الكاثوليكية بإعلان بابا الفاتيكان، بيوس الثاني عشر، خلال عيد القديسين يوم غرة نوفمبر 1950 أن العذراء "لم تخضع لشريعة الفساد في القبر، ولم يكن عليها أن تنتظر إلى نهاية العالم لتنال فداء جسدها."

