الحياة السياسية

إطلاق سراح جورج عبد الله، أقدم سجين سياسي في فرنسا

قرر القضاء الفرنسي، يوم الخميس 17 جويلية، الإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله، المناضل الشيوعي اللبناني والمناصر للقضية الفلسطينية، بشرط مغادرته الفورية للتراب الفرنسي، وذلك بعد أربعين عامًا قضاها في السجن منذ تم اعتقاله سنة 1984.
بقلم | 18 جويلية 2025

اتخذت محكمة الاستئناف بباريس يوم الخميس 17 جويلية قرارًا مدوّيًا طال انتظاره يقضي بالإفراج المشروط عن جورج إبراهيم عبد الله بعد أربعين عامًا من الاعتقال قضاها في السجون الفرنسية. وسيُطلق سراح المناضل اللبناني والقائد السابق لـ'الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية'، وأحد رموز الدفاع عن الحق الفلسطيني، يوم 25 جويلية بشرط مغادرته الفورية للتراب الفرنسي نحو لبنان.

أقدم سجين سياسي في فرنسا

أُوقف جورج إبراهيم عبد الله في مدينة ليون سنة 1984، وصدر في حقه حكم بالسجن المؤبد سنة 1987 بتهمة "التواطؤ" في اغتيال المُلحق العسكري الأمريكي، تشارلز راي، ومسؤول الموساد الأول في فرنسا، يعقوب بارسيمانتوف، وهي عمليات تبنّتها 'الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية' سنة 1982 . ولم يُنكر عبد الله يومًا انخراطه في الكفاح المسلح ضد الاستعمار وظلّ وفيًا لقناعاته الماركسية اللينينية، واعتبر أن نضاله هو ردّ على الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وفلسطين.

ورغم أنه أصبح مؤهلًا للإفراج عنه منذ سنة 1999، إلا أن مطالب فريق الدفاع المتكرّرة –والتي بلغ عددها 10 مطالب– تم رفضها. ثم في سنتيْ 2003 و2013، وافقت المحاكم الفرنسية على الإفراج عنه بشروط، غير أن القرار ظلّ معلقًا بسبب الرفض السياسي المتكرر وخصوصا امتناع وزير الداخلية آنذاك، مانويل فالس، عن توقيع قرار ترحيله إلى لبنان، متعلّلا بـ "أسباب تتعلق بمصالح الدولة".

إفراج بشرط الطرد

قررت محكمة الاستئناف بباريس أخيراً الإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله، معتبرةً سلوك السجين اللبناني نموذجيًا داخل السجن وأنه لم يعد يشكّل "تهديدًا إرهابيًا جديًا". ووصف جان لويس شالانسيه، محامي جورج إبراهيم عبد الله، هذا الإفراج بأنه "انتصار سياسي" ، مذكّرًا بأنه جاء "رغم معارضة الولايات المتحدة". لكن هذا الإفراج مشروط بترحيل عبد الله الإجباري من التراب الفرنسي مع منعه نهائيًا من العودة. وتم إقرار ترحيل المناضل البالغ من العمر 74 عامًا إلى بيروت يوم 25 جويلية 2025.

وكانت الحكومة اللبنانية قد طالبت رسميًا بالإفراج عنه، بعد أن كلّف مجلس الوزراء اللبناني وزارة العدل لأول مرة، في جوان 2024، بتحريك الملف مع السلطات الفرنسية، معتبرا استمرار سجنه "غير مبرّر قانونيًا نظرا لانتهاء محكوميّته. وكلّفت السلطات اللبنانية سفارتها في باريس بتسهيل إجراءات ترحيله، بما في ذلك تجديد جواز سفره وترتيب نقله عبر رحلة دبلوماسية خاصة.

رمز للنضالات المناهضة للاستعمار

تمسّك جورج عبد الله بنفي صحة التهم الموجهة إليه، واعتبره مناصروه منذ بدايات اعتقاله سجيناً سياسيا. إلا أن العقوبة الصادرة ضده، واعتراض السلطات الفرنسية على أي محاولة إطلاق سراحٍ مشروط، بالإضافة إلى التأثير المعلن لجهات أجنبية مثل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، كلما عوامل ساهمت في تحويله إلى رمز.

أصبح جورج عبد الله بمرور السنوات شخصية بارزةً في النضال المناهض للاستعمار والإمبريالية، خصوصًا في الأوساط اليسارية الفرنسية والعربية والعالمية. وكانت المظاهرات المطالبة بإطلاق سراحه تُنظّم سنويًا أمام سجن لانميزان (في منطقة الألب العليا) أين كان يقيم، وكذلك في بيروت وتونس وأثينا.

وتدرج عدة منظمات حقوقية حالة جورج إبراهيم عبد الله ضمن من تعتبرهم يرمزون لـ "الانحرافات الأمنية" التي تشهدها أوروبا. وقد أدانت الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان في عدة مناسبات ظروف اعتقاله، والانتفاع السياسي من جراء توظيف قضيته.

توظيف سياسي ودبلوماسي

يُشكّل الإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله انتصارًا رمزيًا لمن تبنّوا قضيته طيلة مدة سجنه. لكن إطلاق سراحه المرتقب لا يُغلق فصلًا قضائيًا دام أربعة عقود فحسب، بل يُعيد أيضا إحياء التوترات المتعلقة بمعاملة السجناء السياسيين·ـات في فرنسا، ويُذكّر بأن بعض المحاكمات لا تُحسم فقط في قاعات المحاكم، بل تُدار أيضًا في السفارات وتخضع لموازين القوى الدولية.

يقول محامي جورج عبد الله، جان-لوي شالانسي، إن هذا القرار "هو في ذات الوقت انتصار قضائي وفضيحةٌ سياسية لكونه لم يخرج في وقت أبكر، بسبب تصرّف الولايات المتحدة وكل الرؤساء الفرنسيين المتعاقبين".
5 دقائق
Inkyfada Landing Image

منصة إعلامية مستقلة في طليعة الابتكار التحريري

أنشئ حسابك الآن وتمتع بميزات النفاذ الحصري ومختلف الخاصيات المتقدمة التي توفرها لك. تحصّل على عضويتك وساهم في تدعيم استقلاليتنا.

منصة إعلامية مستقلة في طليعة الابتكار التحريري. تسجيل الدخول