وفق المنظمة، تعرضت تلك المواقع للتدمير -كلياً أو جزئياً- في الفترة بين السابع من أكتوبر 2023 والثامن من أفريل 2024. من بين تلك المواقع المُدمَّرة موقع البلاخية "أنثيدون" الذي يضم بقايا ميناء غزة القديم.
في هذا التحقيق، نتتبع مسار استهداف الجيش الإسرائيلي للميناء المُدرَج على "القائمة الإرشادية التمهيدية لمواقع التراث العالمي"، ونكشف -عبر تحليل صور الأقمار الصناعية- عن حجم الدمار الذي لحق بالموقع، في مخالفة لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية.
البلاخية.. أقدم موانئ المتوسط
على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، في الركن الشمالي الغربي من قطاع غزة، يقع موقع البلاخية "أنثيدون" ويمتد على مساحة تقدر بكيلومتر مربع تقريباً، تشمل الجزء الشمالي الغربي من مخيم الشاطئ للاجئين، والمنطقة الساحلية المجاورة له -المعروفة باسم المشتل- وحتى حدود الشارع الذي يربط منطقة الشيخ رضوان بشارع البحر. ويرتفع الموقع عن مستوى سطح البحر من 17 إلى 20 متراً.
"أنثيدون"، هو أول ميناء بحري معروف في غزة، حيث كانت المدينة مأهولة بالسكان في الفترة بين سنة 800 قبل الميلاد وألف ومائة بعد الميلاد. وتعاقبت على الميناء سلسلة من الحقب والحضارات منها الآشورية الجديدة والبابلية والفارسية واليونانية والرومانية والبيزنطية والعصور الإسلامية المبكرة.
كان الموقع يضم -قبل تدميره- عدة معالم أثرية كالأرضيات الفسيفسائية، والهياكل المحصنة، والآثار المغمورة تحت المياه؛ ما أهّل الموقع للانضمام إلى قائمة اليونسكو التمهيدية للتراث العالمي، إثر طلب تقدم به الوفد الدائم لفلسطين لدى اليونسكو في أفريل عام 2012.
تصف اليونسكو "أنثيدون" بأنه "مثال بارز لخليط معماري مميز؛ إذ يعرض مجموعة متنوعة من مواد وتقنيات البناء". ورغم القيمة التراثية لهذا الموقع فقد طالته التعديات في الآونة الأخيرة.
كشف تحقيق أجرته "أريج" عام 2021، عن ثلاثة تعديات تعرض لها الموقع تمثّلت في تجريف أرضية فسيفساء كنيسة بيزنطية، قبل أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، وبناء مركز شرطة الشاطئ على أرض الموقع عام 2013، وبناء ملعب داخل الموقع عام 2018.
تلك التعديات لا تقارن بما تعرض له الموقع في الحرب الإسرائيلية الأخيرة؛ إذ تبين صور الأقمار الصناعية -التي جمعها "أولي بلانجر"، المحاضر في الحوسبة الجغرافية بمركز التحليل المكاني المتقدم بجامعة كوليدج لندن- تعرُّض الجزء الشمالي الغربي، والشمالي الشرقي من الميناء لأضرار تتراوح ما بين متوسطة إلى جسيمة.