تقطن سارة في العصمة لدى خالاتها. هي بعيدة النظر فيما يتعلق بميزانيتها فهي ليست مبذرة وتميل الى توفير جانب من مالها ما أمكنها ذلك. دأب والداها على ارسال مبلغ شهري يناهز 200د الى خالاتها بعنوان حتّى يتسنّى لهنّ التكفل بها.
هذا تلخيص لمداخيلها و نفقاتها الشهرية :
إذا لم يكن لدى سارة أي إيجار للدفع فإن تكاليف مواصلاتها مرتفعة إذ عليها أن تتنقل للذهاب إلى الجامعة، وهي مجبرة أحيانا على أن تستقلّ سيارة أجرة في حال تأخرت الحافلة أو عند انتهاء الدروس في ساعة متأخرة من المساء.
تخرج الطالبة الشابة أحيانا رفقة صديقاتها لكنها لا تنفق كثيرا و هذا من طبعها.
" أحاول أن أقلّص قدر المستطاع من نفقاتي، فعلى سبيل المثال إذا كان بالإمكان أن أتقاسم ثمن سيارة الأجرة مع إحدى صديقاتي أو أجد شخصا ما له سيارة و يسلك نفس الطريق لا أفوّت الفرصة ".
اليوم، تتمثّل أهمّ مداخيل ونفقات سارة في الآتي:
المنطقة الرّماديّة
سارّة راضية نوعا ما عن وضعها : "أعيش مع خالاتي ممّا يعني أنّي لست وحيدة مع غرباء. أنا بصحبة عائلتي وليس لديّ فواتير أو إيجار للدّفع ".
وعند سؤالنا ايّاها عن مكانتها على المستوى الإجتماعي أجابت سارة :
"أعيش حياة سهلة ومريحة إلى حدّ ما وأرى نفسي محظوظة مقارنة بغيري من الطّلبة الذين أعرفهم والذين لا يقيمون بمدينة تونس. بعضهم يجب عليه السّكن في مبيت جامعي وآخرون يقضون نصف السّنة الدّراسية في البحث عن سكن يتلاءم مع ميزانيتهم".
رغم أنّها لا تدفع معلوم إيجار إلاّ أنّها تعاني من فقدانها لفضاء خاصّ بها، إذ عليها أن تتنقّل للعيش عند واحدة من خالاتها تناوبا كلّ شهرين أو ثلاثة ... عدم استقرار جغرافي يؤرق حياتها. أبناء خالة ليسوا دائما موجودين، خالة صارمة جدّا فيما يتعلّق بالنّزهات أو حتى الرغبة من الاقتراب من مكان إقامة صديقاتها، أسباب كثيرة تبرّر، بالنسبة الى سارّة، هذه التنقّلات المتكرّرة بين بيوت الخالات.
خلقت حالة عدم الاستقرار انعكاسا سلبيا على نتائج امتحانات الطالبة ومعنوياتها.
و تفسر سارة الوضع قائلة: "ليس لديّ مكان خاص بي أين يمكنني أن أترك كلّ أغراضي أو أن أقوم بالمراجعة للامتحانات بسلام. عديدة هي المرّات التي لم أتوصّل خلالها إلى التأقلم مع الحياة عند خالاتي ومع قواعدهن وأسلوب عيشهنّ حيث كنت أشعر أنني أختنق".
المستقبل
ليس لدى سارّة مشاريع مستقبلية تخطط لها على المدى القريب أو المتوسّط أو البعيد. "لديّ ميزانيّة محدودة إلى حدّ ما لكن في بعض الأشهر يمكنني أن أدّخر 30 أو 40 دينارا وفي أفضل الأشهر أدخر 200د. ولكن سرعان ما أنفقها على المواصلات في الأشهر اللاحقة، لذلك لا يمكنني أن أفكر فيّ أيّة مشاريع حاليا لأنني طالبة وليس لدي مداخيل. فعندما تتسنى لي فرص العمل سأفكّر في هذا الأمر".
رغم ميزانيتها الضيّقة وبعض الاشكاليات المتعلقة باقامتها عند خالاتها، سارّة راضية بوضعها نوعا ما بوضعها.