الولايات المتحدة: العنف الجنسي وسيلةً للتعذيب

غداة أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قررت إدارة بوش الاستخدام الممنهج "لتقنيات استجواب متقدمة" لكسر مقاومة سجناء "الحرب ضد الإرهاب". فتمّ تجريد هؤلاء الرجال من إنسانيتهم والإمعان في الاعتداء عليهم نفسيا وجسديا عبر الضّرب والإيهام بالغرق و ما خفي كان أعظم فضلا عن اعتماد وسائل أخرى من الإذلال المنهجي على غرار الاغتصاب والاعتداء الجنسي.
بقلم | 15 جانفي 2017 | reading-duration 15 دقيقة

متوفر باللغة الفرنسية

ان لور بينو و صوفي تاردي-جوبار | رسوم : داميان رودو
2017/01/15
كان خريف 2016 بمثابة صيف هندي في واشنطن، حيث تدّلت الهياكل العظمية و يقطين “الهالوين” من الأشجار المتوهجة في حدائق جورج تاون بالحي الراقي للعاصمة الفديرالية. وكان جون ريزو، المدعي العام السابق لوكالة المخابرات الأمريكية، يتمتع بتقاعد هادئ، و كان كل صباح يولي عناية كبيرة لاختيار جواربه حتى تتناسب مع قميصه اليومي ثم يذهب للتنزه في الشوارع الجميلة ذات المنازل الصغيرة من الطوب الملون. قبل أربعة عشر سنة، كان هذا الرجل الأنيق ذو الشعر الأبيض ضمن مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين قدموا، في كنف السرية، أسلوبا قانونيا جديدا للاستجواب في مقر وكالة المخابرات الأمريكية، وهي تقنيات متطورة غايتها “كسر مقاومة” أسرى الحرب ضد الإرهاب منذ البداية.

فمن سجن غوانتانامو وصولا إلى سجن أبو غريب أفضت هذه الوسائل إلى تغيير ملامح الولايات المتحدة وفتحِ الأبواب أمام استخدام العديد من أشكال التعذيب. ولئن كانت وسائل الإعلام تتحدث عن الإيهام بالغرق ( الغمر بالماء) باعتباره وسيلة تعذيب أمريكية بامتياز، فانّ الاعتداءات بالعنف والإذلال الجنسي ظلت أمرا ثانويا رغم أن هذا العنف الجنسي المستعمل كتقنية “متقدّمة” للاستجواب كان يستخدم بطريقة ممنهجة تهدف إلى كسر مقاومة الأفراد. 

كان المدعي العام السابق رجلا بشوشا و هادئ الطبع، وكانت تعلو وجهه نصف ابتسامة عندما صرّح يوم 20 أكتوبر 2016 قائلا:

“كلمة واحدة منّي فقط، ويتوقف كل شيء قبل أن يبدأ أصلا”، لكنه لم يصدر أية أوامر في الغرض، غير متورّع عن تحمّل مسؤولياته في ذلك “كان يتوجّب علينا (وكالة الاستخبارات الأمريكية) عدم السماح بتكرّر أحداث 11 من سبتمبر”.

وحتّى نتمكن من فهم كيفية ولادة “تقنيات الاستجواب المتقدّمة”، وفقا لأعراف الوكالة و المصطلحات الرسمية التي تستعملها، من الضروري العودة إلى الصدمة التي تلقتها الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع الألفية الجديدة التي تمثّلت في هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي لم يتمكن مسؤولو الاستخبارات من منعها. يضيف جون ريزو قائلا في هذا السياق: “كنا نحس بالخجل لعدم قدرتنا على معرفة ما كان يجري حينها”.

مُنتج خاص بوكالة الاستخبارات الأمريكية

يوم 17 سبتمبر، أي بعد ستة أيام من الهجمات الإرهابية، أعطى المكتب الرئاسي السلطة الكاملة لوكالة الاستخبارات الأمريكية للقبض على الإرهابيين المحتملين وإنشاء نظام استجواب جديد. يحدثنا جون ريزو متذكرا ذلك كما لو كان بالأمس: “نحن لم نفعل ذلك من قبل، أما خلال هذه المرة، فقد كان البرنامج غير محدد بزمن … وكان الاحتفاظ بعدد قليل من الأشخاص في كنف السرية أمرا خطأ”.

ميدانيا، لم يكن تعقب الإرهابيين على الميدان بالأمر الهين و كان العملاء يكافحون من أجل حل لغز العقل المدبر للحادي عشر من سبتمبر. و بعد مرور أشهر، تمكنت وكالة المخابرات الأمريكية أخيرا من القبض على أول متهم يمثّل “صيدا ثمينا” في الباكستان. كان ذلك ف شهر مارس 2002.

كان أبو زبيدة، السعودي الجنسية والبالغ من العمر ثلاثين عاما، من المشتبه في ضلوعه لوجستيا في تنفيذ الهجوم وربّما من المقرّبين من أسامة بن لادن. ويضيف المدعي العام السابق قائلا : “اذا كان هنالك شخص ما على علم بهجوم جديد، فسيكون على الأرجح أبو زبيدة (…) وحتى أكون صادقا تماما، لم يكن ذاك الرجل السمكة الكبيرة التي رغبنا في اصطيادها”. يضيف جون ريزو:

كنا (فريق المحققين) نواجه حالة من الصمت خلال إدارتنا للّعبة التقليدية المتمثلة في طرح الأسئلة وانتظار الأجوبة. وكان لدى [المحققين] قناعة بأنه يخفي أشياء كثيرة، فكان لزاما علينا إذن جعله يتكلّم“.

التزامات دولية صغيرة قذرة

قررت وكالة الاستخبارات الاعتماد على خبيرين اثنين في علم النفس، جيمس ميتشل وبروس جيسين، وهما محلّ ملاحقة قضائية بسبب شكوى مرفوعة ضدّهما من قبل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية. ولم يسبق لهذين الرجلين أن حضرا في عملية تحقيق مع المتهمين في ظروف حقيقية. فكان عليهما الارتجال معتمدين على علم النفس السلوكي و قد قاما، في الحقيقة، بتبني برنامج التدريب العسكريSERE1، وهي خطة مستوحاة من أساليب التعذيب التي اعتمدتها كوريا الشمالية المتمثلة في وضع [المعتقل] في وضعية غير مريحة لكسر إرادته” وفق ما صرّح به جون ريزو. خبيرا علم النفس كانا اقتراحا على المدّعي العام السابق قائمة من التقنيات منها :”تعرية الاسير” و “استغلال الرهاب الشخصي للمعتقل” و “استخدام وضعيات غير مريحة” أو “الاستجواب لمدة 20 ساعة”.

قأحس المدعي جون ريزو ذو الطبع البارد بالذعر وأضاف متحدثا: “لقد قلت لنفسي انه من غير الممكن الإقدام على فعل مثل هذا الشيء!”. كان الرجل يعرف جيدا أن هذه التقنيات تتعدى حدود القانون، سيما والولايات المتحدة الأمريكية كانت قد وقعت اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب، واتفاقية مناهضة التعذيب.

“التزامات دولية صغيرة قذرة “، هذا ما كتبه في ذلك الوقت جون ريزو في رسالة الكترونية توجّه بها إلى زميل له بوكالة المخابرات الأمريكية2، و من ثمة قرر المدعي العام تعدي هذه المحنة والاصطفاف وراء رأي خبراء علم النفس المفترضين، مصرّحا اليوم مستنتجا: “لقد كانت تلك المخاطرة أفضل من تحمّل مخاطر حدوث هجوم إرهابي آخر و مشاهدة المئات أو الآلاف من الأميركيين الأبرياء يقتلون”.

“و بناء على ما سبق، أصبح أبو زبيدة فأر مختبر3 الوكالة. فقد تم حبسه عاريا في صندوق بحجم التابوت و”تغذيته” شرجيا، وتركه عاريا لفترات طويلة فضلا عن اخضاعه لتقنية الايهام بالغرق 4 ثلاثة وثمانين مرة. وبالمقارنة بالإيهام بالغرق والحبس في التابوت، كان إجبار الشخص على التعري يبدو إساءة طفيفة.

لم تتحصل الوكالة على أي اعترافات، و كانت تعرف ذلك حق المعرفة.

” فقد خلص الخبراء إلى أنّ أبا زبيدة كان” نوعا ما منحرفا -يضيف جون ريزو بهدوء- فبالنسبة اليهم، إجباره على التعري سيقلل من شأنه و يسبب له إحراجا كافيا لتحطيم مقاومته”.

وكان المدعي العام على وعي تامّ بتجاوز الخطوط الحمراء : ” كنت أعلم تمام العلم أنّ سندفع الضريبة عندما سينكشف هذا الأمر”. هذه القناعة دفعت بالرجل للحرص دائما على إشراك البيت الأبيض في قراراته. وقد كانت التقنيات التي سيتم اتخاذها، وفقا لجون ريزو، موضوع اجتماعات يومية في مكتب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، و ذلك بحضور بعض أعضاء الحكومة المنتقين5 باستثناء الرئيس بوش.

كان يمكن للأحداث ان تكون عكس ما كنا ننتظره

كانت التقنيات تناقش كل واحدة على حدى. ووفقا لجون ريزو، كانت مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس، تشعر بالحرج الشديد بشأن قضية إجبار السجناء على التعري عند استجوابهم. فهل فهمت كوندوليزا رايس حقيقة الانتهاكات الخطيرة التي ستؤدي حتما إلى مثل هذا الإجراء؟ ربما، ولكنها لم تعبّر عن رفضها القاطع لمثل هذه الإجراءات. و اضاف المدعي العام المتقاعد مؤكدا: “و بالرغم من تسجيل اعتراضهم، رايس تجاه التعري القسري و باول تجاه الحرمان من النوم، الّا أنّهما اكتفيَا بالتعليق: (أنا لست مرتاحا لهذا الامر) ولم يقولوا أبدا أنه لا ينبغي علينا فعل ذلك”.

وافقت اللجنة المصغرة على التقنيات المقترحة من قبل علماء النفس. وفي يوليو 2002، أعطت كوندوليزا رايس 6 باسم الحكومة الأمريكية الضوء الأخضر لوكالة الاستخبارات الأمريكية. وتم فرض”التعري القسري” على الأفراد الذين تشتبه الوكالة في أنّ لهم صلة من قريب أو من بعيد بتنظيم القاعدة.

وبالفعل فقد تم إدراج هذه التقنية في المذكرات المتداولة بوزارة الدفاع جنبا إلى جنب مع “اللعب على المخاوف المرضية الفردية” التي تؤدي إلى ما يمكن تسميته “التعذيب الجنسي”. و باستثناء جون ريزو، لم يوافق أي شخص من المذكورين أعلاه على طلب إجراء مقابلة صحفية معنا. من جانبها أعلنت وكالة المخابرات الأمريكية، من خلال المتحدث باسمها ريان تراباني، في 7 أكتوبر 2016 بانه “ليس لديها ما تصرّح به بشأن هذا الموضوع” متمنية لنا “حظا سعيدا”.

أما وزارة الدفاع، فقد اختارت تجنب الرد على السؤال حول هذه الحقائق الخطيرة حيث صرح المتحدث باسم الوزارة، الكولونيل فاليري د. هندرسون، عبر رسالة بالبريد الالكتروني يوم 30 ديسمبر 2016، مؤكدا أنّ “الوزارة ملتزمة بأن تعامل جميع المحتجزين معاملة إنسانية، وفقا للقانون الاتحادي والالتزامات الدولية، والتي تشمل المادة 3 من اتفاقية جنيف، وأن التعذيب ممنوع بموجب القانون الأمريكي منعا مطلقا، كما هو منصوص عليه في قانون معاملة المحتجزين لسنة 2005 [الذي يضع حدا رسميا لتطبيق تقنيات الاستجواب المتقدمة ـ ملاحظات المحررـ]، و أنّ أي فرد تحتجزه الولايات المتحدة الامريكية أو تحت سيطرتها المادية (…) لا يمكن أن يخضع للعقاب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المسّ من كرامته”. وأضاف بأن: “الوزارة تقوم بالتحقيق في جميع المزاعم ذات المصداقية بشأن الانتهاكات و تتخذ الإجراءات المناسبة التي قد تشمل التتبعات الجنائية”.

معظم المسئولين في أروقة البيت الأبيض لم يكونوا يدركون البتة بأنّ وكالة المخابرات الأمريكية التي تعمل على مقربة من هناك، تحاول جاهدة بأن تدفع بالنظام الديمقراطي لشرعنة التعذيب. لورانس ويلكرسون، مثلا، كان يعتقد أنّه في صلب التوجهات السياسية السرية لبلاده، لسبب وجيه وهو انّ هذا المخضرم الفيتنامي كان رئيس ديوان كولن باول. وقد وافق على الإجابة على أسئلتنا يوم 20 أكتوبر 2016 حيث وجدناه جالسا في “ستاربُكس” في مركز للتسوق في ضواحي واشنطن وهو رجل مهذب يلبس نظارات مستديرة صغيرة، وسترة التويد الأنيقة المزينة بدبوس يمثل النسر الأمريكي. محدّثنا أجابنا مصدوما: “لقد علمنا من التلفاز بأننا خسرنا المعركة [بشأن الاستهانة باتفاقية جنيف]”.

“ انقلاب

لقد فهم المسؤول السامي اليوم أنه تم تهميشه معتبرا ما حصل “انقلابا” تم بمبادرة من نائب الرئيس ديك تشيني .. “فقد كان الإجراء الروتيني لمنصب نائب الرئيس، في الفترة الفاصلة بين 2001 و 2005، هو اتخاذ القرارات و الذهاب بها إلى المكتب البيت الأبيض لإقناع الرئيس بدعمه، ثم الذهاب بهذه القرارات و عرضها على بقية الديوان.” وعندما أدرك أن وكالة المخابرات الامريكية استخدمت برنامج “سار” SERRE لوضع تقنياتها، لم يستطع كبح جماح غضبه: “ركضت إلى باول قائلا: أنت مثلي في الجيش ويمكنك فهم كيف يمكن لهؤلاء الحمقى الذين هم في مستوى وزير الدفاع أن يؤمنوا بهذه الحماقة؟ انه لمن الجنون أن يقعوا في الفخ”.

وفوق كل اعتبار، فقد كان لورانس ويلكرسون يخشى تسرب تقنيات وكالة المخابرات المركزية إلى الجيش الذي يعي تماما ما يمكن ان يقوم به الجنود عند إعطائهم الصلاحيات الكافية، لا سيما و انه مجند في الجيش وابن لرجل عسكري. ما كان يخشاه ويلكرسون حصل بالفعل، فمنذ خريف 2002 تبنى الجيش التقنيات الاستثنائية التي ابتدعتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

كان قائد فصيل قوات المهام المشتركة في غوانتانامو، الجنرال مايكل دونلافاي (الذي حلّ محله ميلر في 9 نوفمبر 2002)، يرغب في كسر مقاومة سجين خاص يتميز بقدرته على المراوغة وهو السجين المسمى محمد القحطاني، شاب سعودي الجنسية يبلغ من العمر 22 سنة تمّ اعتقاله في نوفمبر 2001 و ترك على قائمة الانتظار بسجن غوانتانامو بأفغانستان لعدة أشهر.

و كان الجنرال يلح على إقناع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد للحصول على إذن منه لتطبيق “تقنيات الاستجواب المتقدمة” على السجين رقم 63، و في نهاية الأمر تحصل على هذا الإذن و كان عرضة للتعذيب لفترة دامت 49 يوما تعرض خلالها و بشكل منتظم للمساءلة و الاعتداء الجنسي لمدة 20 ساعة في اليوم كما قام المحققون بالجيش بإلصاق الصور الإباحية على جسده العاري وهددوه باغتصاب والدته و أمروه بالتنزه وهو يلبس حمالات صدرية وهي من الأساليب التي تم الاطلاع عليها في التقارير التي رفعت عنها السرية في ذلك الحين7 .

و شهر أفريل (نيسان) 2003، كان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قد ذهب إلى أبعد من ذلك وأعطى رسميا تفويضا مطلقا للجنود. ففي وثيقة توضّح كيف يجب أن تطبق هذه التقنياتيقول: “إنه من المهم للمحققين الحصول على المرونة المعقولة حتى تتلاءم التقنيات مع ثقافة 8المعتقل و نقاط قوته و ضعفه (…) و ذلك مراعاة (…) للحاجة الملحة للحصول على المعلومات التي يمتلكها المعتقل بشكل مؤكد”.

منذ ذلك الوقت أصبح بإمكان فعل الإهانة ان يذهب إلى ما هو أبعد من التعري القسري، حيث ما لبث أن أصبح الجيش يستغل ذلك “الصكّ على بياض” الذي مُنح له.

التناوب على الاغتصاب

كانت الغيوم تخيم على مدينة ليون و بدأت ملامح الخريف تظهر تدريجيا و كنا نرى على الطريق السريعة مباني أحياء “فينيسيو” وهي بارزة بنوافذها العديدة. هنا، في هذا المكان، ضرب لنا نزار ساسي موعدا بمقهى “لابريوش دوريه” الموجود بالمركز التجاري وهو يقول حذرا عبر الهاتف عند اتصالنا به :”هذه ليست أشياء نتحدث عنها بسهولة بالهاتف”.

نزار، 37 سنة من العمر أب لثلاثة أطفال، يمتهن إصلاح المصاعد في منطقة ليون. وتساعده هيئته التي تبدو كممثل سينما بالاضافة الى روتينه اليومي الهادئ على اخفاء حياة الأمس الحافلة بالأحداث. ولكنّ نظرته العميقة يمكن أن تشي بذكريات الماضي، فقد كان نزار واحد من ال مساجين الفرنسيين الستّة في غوانتانامو. وكانت الرغبة تحدو نزار ساسي للحديث عن الاعتداء الجنسي “الأسوأ” الذي تعرض له في السجن الكوبي وهي المرة الأولى التي سيتحدث فيها عن هذا الموضوع بكامله رغبة منه في فضح المسكوت عنه.

تأثر نزار بصبي في الحي الذي يقطن فيه عندما كان عمره 22 سنة، ثم التحق بمعسكر بن لادن في صيف 2001 مع صديقه مراد بن شلالي حيث تدرب هناك، ثم قُبض عليه في باكستان بينما كان يحاول العودة إلى فرنسا، واقتيد إلى معسكر قندهار في أفغانستان: “كنا المجموعة الأولى التي تمّ الامساك بها. وكنا نتعرض للضرب والاعتداء، ولكن أسوأ ما تعرضت له هناك هو الاغتصاب 9 “.

بعد تعرضه للضرب، اقتيد إلى خيمة مع مجموعة صغيرة تتكون من ثلاثين سجينا:

“كنا نقف طويلا في صف واحد مثل الطابور الهندي و أجبرونا على نزع سراويلنا (بنطلونات) ثم قاموا باغتصابنا الواحد تلو الآخر ولم أكن أعرف ماهو الشيء الذي وضعوه لنا أسفل الظهر، لكنه كان شيئا عنيفا إلى أبعد الحدود، لقد مزقّني فعليا، و بعد ذلك قاموا بغسلنا بخرطوم والقوا بنا على جبل من الرجال العراة، ثم قاموا بالتقاط صور لنا”.

مراد بن شلالي، رفيق نزار في محنته، التقيناه في باريس يوم 11 سبتمبر 2016 فلم يكن قادرا على التحدث عن هذا الموضوع رغم انه كان متعودا على الحديث في الفضاءات العامة: “هل تتذكّرون صور سجن أبو غريب و تلك الأهرامات من السجناء المكدّسين فوق بعضهم البعض؟ لقد عشت الشيء ذاته .. اهانة لا حدود لها”.

و بعد تجربة سجن قندهار، تم نقل الصديقين الذين يعيشان المحنة ذاتها، إلى غوانتانامو بتاريخ 6 جانفي-يناير 2002.أما في السجن الكوبي حيث بقيا حتى صيف 2004، فقد كانت عمليات التفتيش عن طريق الشرج، تحت ذريعة الأمن، عنيفةً ومتكررة.

يقول نزار ساسي موضحا في هذا الصدد: “في كلّ مرة كانوا يفتشون أعضائنا الخاصة، كانوا يصرّون ويتعمّدون التحسس وهو ما يبعث فيهم السرور”. و أضاف: “أما الضرب فيمكن تناسيه بالرغم من أنّه يظلّ محفورا بذاكرتنا”.

على مقربة منّا، في الطاولة المحاذية لنا، كانت إحدى العائلات بصدد تناول الشوكولاته الساخنة، صمت نزار برهة من الزمن وهو يشعر بالحرج حيث عجزت الكلمات عن التعبير عما يريد قوله، فهمس واصفا لنا ما حدث له مشيرا بثلاثة أصابع شارحا لنا كيف عمد أحد الجنود الى ادخالها في مؤخرته دون سابق إنذار.

أكبر فضيحة شهدها الطب الأمريكي

وفقا للسجناء الأربعة الذين تحدّثنا اليهم، كانت عمليات التفتيش غير المعقولة تنفذ أمام مرأى و مسمع الأطباء. ويعود نزار، السجين السابق، للنبش في تفاصيل ذاكرته متذكرا:

“لم يلمسنا أحد من الأطباء لكنهم كانوا يقفون وراء المصطبة صحبة كبار الضباط ينظرون إلى الجنود وهم يقومون باغتصابنا”.

بالنسبة الى السجون السرية لوكالة المخابرات المركزية فانّ الأطباء لم يقتصروا على الملاحظة فقط بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث شاركوا في استخدام الإجراءات الطبية المزعومة، حتى يتمكنوا من تغيير سلوك “الأسماك الكبيرة” التي من المفترض أن تسقط في شباكهم. ولا تزال أسماء الأطباء سرية إلى حد الآن وهم يتمتعون بالحماية من خلال تصنيف التقارير المختلفة للجيش.

أما مصطفى الهوساوي الذي يشتبه بتمويله لهجمات 11 سبتمبر، فقد حبس لمدة ثلاثة عشر سنة بين سجون المخابرات المركزية السرية 10 و معتقل غوانتانامو حيث لا يزال محتجزا حتى يومنا هذا. وقد أجرى عملية جراحية على تكاليف الولايات المتحدة فقد كان يعاني من مرض البواسير المزمنة و شقوق شرجية وتدلّي المستقيم. وقد صرح محاميه والتر رويز قائلا:

” ما كان يعانيه على وجه التحديد يتمثل في أن جزء من الأمعاء يبقى متدليا بعد ذهابه إلى الحمام 11 فيضطر إلى إعادته إلى مكانه بيده “.

وقد ظهرت هذه المشكلات لدى المعتقل منذ اعتقاله دون وجود أي سبب مرضي سابق ما يدعم فرضية هذه الآثار وفقا لمحاميه ناتجة عن تعرضه “الإماهة الشرجية”، وهو نوع من حقنة شرجية، بالإضافة إلى سبب آخر وهو “التغذية عن طريق الشرج”. ويضيف المحامي”إنّ تقرير مجلس الشيوخ حول التعذيب12يسلط الضوء على حقيقة استخدام الضباط “لأكبر الأنابيب التي بحوزتهم” 13 لتنفيذ ذاك الأمر وهو عبارة عن جنس شرجي (ايلاج في الدّبر). أما الأطباء الذين وضعوا أنبوب الضغط في شرج المساجين ما يزالون يمارسون الطب”.

ساره دوجيرتي الخبيرة في مسألة التعذيب الأمريكي والمختصّة في جمع الأدلة الجنائية للمنظمات التي توثق الجرائم ضد الإنسانية، صرّحت، من جهتها، لرابطة الأطباء والعلماء (أطباء حقوق الإنسان) قائلة: “لا وجود لهذه الأساليب في الإجراءات، إلا في حالة عدم وجود أمعاء غليظة أو أن يكون الشخص في حالة غيبوبة”،وهي تقدم كذلك”.

وأضافت الطبيبة غاضبة: “هذه واحدة من أكبر الفضائح في تاريخ الطب، اذا ما أضفنا الى ذلك وجود عدد قليل جدا من المحاولات التي قام بها الهيكل الطبي لمحاسبة المذنبين”.

لم يكن مجرد حادث

كانت أروقة سجن غوانتانامو تشي بقصص الاعتداءات الجنسية التي تعرض لها المساجين، إذ كانت قصص السعوديين واليمنيين والجزائريين هي الأسوأ حيث يلصق الحراس على ظهور المعتقلين صورا من المجلات الإباحية. وكانت الجنديات المحققات تفتقدن للّطف أو بالأحرى تتصرّفن بشكل لطيف مبالغ فيه تجاههم إذ كنّ يقمن بخلع ملابسهن ويستخدمن الملابس الداخلية و الحفاظات الصحية لحمل الأسرى على الكلام. ويقول نزار ساسي في هذا الصدد:

“كن يستعملن تقنيات الإهانة الجنسية على سجناء الشرق الأوسط”، فهؤلاء الرجال لم يسبق لهم التعامل مع المرأة الغربية ناهيك عن امرأة عارية توهمهم بأنّها ستهب لهم نفسها … كانوا مصدومين و كان هذا الامر يخيفهم أكثر من خوفهم من الضرب”.

ولكن ماذا عن أولائك النساء اللواتي كنّ يخلعن ملابسهن في غرف الاستجواب في سجن غوانتانامو؟ يتذكر مراد بن شلالي احدى هاته النساء وهي تستند عارية على الجدار، لتظلّ صامتة طوال مدة الاستجواب. وفقا للتقارير الداخلية، تلكمُ النساء اللواتي شاركن في عمليات التعذيب الجنسي التي قام بها الجيش في سجون غوانتانامو وأبو غريب كنّ من المجندات”.

و في تقرير شميدت 14 اعترف ضابط مخابرات أنه طلب من أحد مرؤوسيه شراء عطر امرأة ليغرق به يديه ثم يفركهما على سجين وهو يصلي لكسر مقاومته15.

وفي حالات أخرى، كانت هنالك نساء من الجيش اخترن استعمال أجسادهن كسلاح لإهانة المساجين عبر اغرائهم بغية الحصول على معلومات. و في كتابه “من وراء الأسلاك” قام المترجم السابق لدى الجيش، إريك سار، بكتابة تقرير ذكر فيه الاستجواب الذي كان حاضرا فيه جنبا إلى جنب مع الجندية بروك التي تعتبر أن الأسير يستمد صموده من الصلاة و فسرت قائلة أنّها سوف “تنجّسه” حتى لا يستطيع الصلاة 16 من خلال بعض الايحاءات الجنسية على غرار:

أنت لا تحب هذا الثدي الأمريكي الكبير؟. أرى أن عضوك الذكري بدأ بالانتصاب“.

كان ذلك بناء على نصيحة أحد الحراس، حيث تمادت المرأة الشابة في خداع المعتقل الذي لم يعد صامدا بالمرة و قامت بإيهامه برشّه بدم الحيض -يتذكر إريك سار ما حدث- علما أنّها كانت في الآن ذاته مصدومة من تصرفاتها. يواصل المترجم متذكرا: “لقد تطلعت بوجهي وأجهشت بالبكاء.. كانت تعتقد أنها فعلت ما بوسعها للحصول على المعلومات التي طلبها رؤساؤها منها17“.

لم يكن على الجيش احترام القوانين

كان مارك فالون مكلفا بالتحقيق مع المعتقلين في غوانتانامو إلى أن تتم محاكمتهم. وكان نائبا لقائد القسم الجنائي الداخلي في وزارة الدفاع الذي أنشئ بهذه المناسبة. يوم 19 أكتوبر 2016 ، وتحديدا في واشنطن، عاد هذا الرجل الذي أحيل على التقاعد بذاكرته إلى تلك الحقبة التي أرّقته، وهي الفترة التي كان يحاول فيها دق ناقوس الخطر مع عدد من كبار المسؤولين العسكريين 18 للتنديد بهاته الأعمال “المخجلة والمؤسفة”.

كان هذا الرجل الذي تبدو عليه علامات القسوة، يتمتع بخبرة واسعة بوصفه محققا و عميلا خاصا إذ أمضى سنوات عديدة في تقفّي الشبكات الإجرامية. وكان يتنكر في هيئة تاجر مخدرات أو صياد غير شرعي أو مهرب للأسلحة إذا لزم الأمر. وبما أنّه كان يتحرى عن تنظيم القاعدة منذ 1990، فقد كان من الطبيعي أن تلجأ إليه السلطات الأمريكية عندما تقرر إنشاء قسم للمعلومات حول المعتقلين في غوانتانامو.

وفي سياق ذي صلة، كان القائد العسكري فالون يشرف على فريق من 230 شخصا مهمّته العمل جنبا إلى جنب مع جنود الجنرال جيفري ميلر ، قائد قسم قوة المهام المشتركة في غوانتانامو جنوب شرقي كوبا19.

كثيرة هي الأشياء التي كانت مصدر اختلاف وتعارض بين هذين العسكريين. فمارك فالون لا يكنّ أي احترام للجنرال المتخصص في المدفعية و الذي لا يملك اي خبرة بشأن الاستخبارات العسكرية. و من جهته، يلُوحُ ميلر منزعجا من وداعة فالون. “لقد كان الأمر واضحا-يقول العسكري المتقاعد- فقد كانوا يريدون إيهام السجناء بالغرق، حيث خلع الجنود ثياب السجناء ثم عمدوا إلى إغراقهم بالماء، كان ذلك مهينا للسجناء أما الجنود فكانت هذه هي هوايتهم المفضلة. كانت صورا لا تزال عالقة بذهن المتقاعد، لقد كنت قلقا لأن الجنرال ميلر كان خبيرا في المدفعية ولم تكن له دراية لا بالمخابرات و لا بالاستجواب و استدعاؤه إلى هنا لم يكن إلا من أجل القيام بهذه الأعمال القذرة ومن ثمة تمت ترقيته”.

أهرامات من الرجال العراة

لم يتطلّب الأمر كثيرا من الوقت حتّى بدأ رجال مارك فالون في اطلاع قائدهم على الممارسات المقلقة التي تم تطبيقها تحت إمرة الجنرال ميلر. كانت صدمة القائد كبيرة للغاية فبعث العسكري رسالة بالبريد الالكتروني في 28 أكتوبر 2002 الى مجلس البحرية وهو المؤسسة المسؤولة عن قاعدة غوانتانامو البحرية. وقد تمكنّا من الحصول على الرسالة الإلكترونية التي يتمثل محتواها فيما يلي:

“يجب علينا أن نتأكد من أن قسم المدعي العام للقوات البحرية (ألبرتو مورا ـ ملاحظات المحرر) على علم بالتقنيات التي تبناها الفصيل 170 (بقيادة الجنرال ميلرـ ملاحظات المحرر)، فالتعليقات التي صرح بها (تحديد هذه التقنيات ـ ملاحظات المحرر) الملازم ديان بيفر على غرار “إذا مات المعتقل يعني أنكم تصرّفتم بشكل خاطئ” (…) أو “أن الطاقم الطبي يجب أن يكون موجودا لإسعاف السجناء إذا ما تعرضوا لحوادث محتملة” يبدو أنها تثبت بأن أعمالهم غير قانونية (…)”.

ثم كتب مخاطبا ايّاهم: “يجب أن يأخذ أحدكم بعين الاعتبار كيف سيروي التاريخ هذه الأحداث“.

وفي سبتمبر 2003، تم إرسال الجنرال ميلر الى العراق لإنفاذ نفس آليات تعذيب معتقلي “غوانتنامو على سجن “أبو غريب”، أي تصدير أساليب الاستجواب التي استخدمت في كوبا. “عندما علمت بأنه أُرسل إلى هناك، بعثت بواحد من رجالي لمواجهته، وكنت اعرف ان ذهاب ميلر إلى هناك سيكون بمثابة انتشار السرطان الخبيث وحدوث انتهاكات خطيرة “. يعلّق مارك فالون.

و بعد عام واحد فقط و في أبريل 2004 ، أدرك مارك فالون أن كابوسه قد أصبح حقيقة واقعة، إذ انتشرت بأرجاء العالم صور من سجن أبو غريب العراقي تظهر سجناء وهم عراة يتكدسون على شكل أهرامات و رؤوسهم إلى الأسفل، أو يجبَرون على ممارسة العادة السرية أمام الجنود او يتمّ توثيقهم بسلاسل في عنقهم و هم عراة من قبل النساء اللواتي ترتدين الزي العسكري.

كانت أمريكا برمتها في حالة صدمة. اما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد فقد نسب هذه الانتهاكات لعدد قليل من الجنود المعزولين الذين وصفهم بال”عدد القليل من التفاحات الفاسدة20".

نهاية القصة – أيام هادئة؟

بعد فضيحة أبو غريب تمت معاقبة الجنود الأكثر وضوحا على الصور بالإضافة إلى قائدة السجن جانيس كاربينسكي، وهم الوحيدون الذين وجهت لهم أصابع الاتهام. و تؤكد لورانس ويلكرسون وهي الساعد الأيمن السابق لكولن باول:

لقد قالت جانيس كاربينسكي، المسؤولة عن السجن بأنها لم تكن مذنبة وأنا أتفق معها لأنها كانت كبش فداء … ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص وجبت محاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب و أقل ما يمكن فعله هو فصلهم من مناصبهم و بدءا بديك تشيني“.

و لكن و إلى حدود هذا اليوم فإن بيروقراطية واشنطن تبلي البلاء الحسن وهو أمر من غير المرجح أن يتغير، ذلك أنه خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية سنة 2016 وعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب “بملء غوانتانامو بالأشرار” واستعادة استخدام الإيهام بالغرق 21 . ومادام الرئيس المنتخب لا يستقر على رأي22 فانّنا نراهن على أنه سيختار التطلع إلى المستقبل دون الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة لاسيما و أنها جعلت في وقت ما السلاح الجنسي أداة ضد الإرهاب.

كانت علامات مرور نزار ساسي بسجن غوانتانامو بينة على جسمه. أكمل نزار قهوته في “بريوش دوريه” مصرحا بأنّ مثله كمثل الخمسة الآخرين من معتقلي غوانتانامو السابقين، فقد حاول الحصول على اعتراف بالتعذيب والاغتصاب الذي تعرض له كجزء من شكوى جماعية، لكنّ حظوظ التوصّل لنتائج إيجابية تلُوحُ ضئيلة. وفي وقت ما تم استدعاء الجنرال ميلر، الذي كان يلقب ب “ملك غوانتانامو”، من قبل المحاكم الفرنسية في مارس 2016 لكنه لم يأت: “لم يكن هناك في الحقيقة ما يجبره على القدوم”، لذلك فقد نزار ساسي الأمل في الإنسانية شأنه شأن الكثيرين. وختم نزار بالقول : “أترك الحكم النهائي لحكم الإله”.

تنويه

موقع انكيفادا هو شريك في مشروع التحقيق الدولي "صفر افلات من العقاب" ZERO IMPUNITY. هذا المشروع المنشور على وسائط متعددة وفق إستراتيجية "ترانسميديا" يوثّق ويكشف سياسة الافلات من العقاب التي توفّر الحماية لمرتكبي العنف الجنسي خلال النزاعات المسلّحة.بالشراكة مع مُجمّع (كونسورسيوم) يضمّ عددا من المؤسسات الصحفية الدولية، ينشر موقع انكيفادا مجموعة من التحقيقات الكبرى والحصرية التي تكشف آليات الافلات من العقاب صلب المؤسسات العمومية والمنظمات الدولية وكذلك صلب المؤسسات العسكرية. مشروع "صفر إفلات من العقاب" هو في الآن ذاته عمل استقصائي آخذ في التمدد والتوسّع بفضل مبادرات مُواطنية فاعلة. تأسّس المشروع على أيدي نيكولا بلي و ستيفان هوبر-بلي و ماريون غوث. مزيدٌ من التفاصيل حول المشروع في الرابط التالي.

بمشاركة

موقع انكيفادا هو شريك في مشروع التحقيق الدولي "صفر افلات من العقاب" ZERO IMPUNITY. هذا المشروع المنشور على وسائط متعددة وفق إستراتيجية "ترانسميديا" يوثّق ويكشف سياسة الافلات من العقاب التي توفّر الحماية لمرتكبي العنف الجنسي خلال النزاعات المسلّحة.

بالشراكة مع مُجمّع (كونسورسيوم) يضمّ عددا من المؤسسات الصحفية الدولية، ينشر موقع انكيفادا مجموعة من التحقيقات الكبرى والحصرية التي تكشف آليات الافلات من العقاب صلب المؤسسات العمومية والمنظمات الدولية وكذلك صلب المؤسسات العسكرية. مشروع "صفر إفلات من العقاب" هو في الآن ذاته عمل استقصائي آخذ في التمدد والتوسّع بفضل مبادرات مُواطنية فاعلة. تأسّس المشروع على أيدي نيكولا بلي و ستيفان هوبر-بلي و ماريون غوث. مزيدٌ من التفاصيل حول المشروع في الرابط التالي.