تشهد المملكة المغربية بداية من يوم 27 سبتمبر 2025 موجة احتجاجات شبابية غير مسبوقة، قادها ما يعرف بـ “جيل زاد 212” تنديدًا بما اعتبره المحتجون·ـات “أولويات خاطئة” للحكومة. وسرعان ما انطلقت الدعوات عبر المنصات الرقمية قبل أن تتحول إلى حراك واسع في مدن كبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، طنجة وأكادير. تلت هذه الاحتجاجات تدخلات من قبل قوات الأمن لتفريق التجمعات في عدد من المدن، مما أسفر عن إيقاف عدد من الناشطين·ـات والمشاركين·ـات، إضافة إلى منع بعض الوقفات بشكل كامل.
من هم الجيل Z؟
خلال الأسابيع الأخيرة، برز في المغرب جيل جديد من المحتجّين·ات يُعرف بـ"جيل زاد" (Gen Z)، أي الشباب·ات المولودين·ات بين أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، يتميّزون عن الأجيال السابقة لهم بارتباطهم·ن الوثيق بالعالم الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي. لم تكن هذه الظاهرة معزولة عن السياق العالمي؛ ففي بلدان أخرى مثل النيبال، برز "جيل زاد" كفاعل أساسي في موجات احتجاجية طالبت بإصلاحات سياسية وتعليمية، حيث نجح المتظاهرون·ات الطلاب·ات والشباب في إسقاط الحكومة يوم 9 سبتمبر الماضي.
اختارت هذه الشريحة التنظم خارج الأطر التقليدية للأحزاب والنقابات والجمعيات، واعتمدت بدلًا من ذلك على شبكات أفقية عبر منصات الاجتماعية مثل فيسبوك، تيك توك وديسكورد. هذا الطابع الأفقي ساعد على انتشار الدعوات بشكل واسع وسريع، رغم غياب قيادة مركزيّة أو برنامج سياسي موحد.
لكن النقاشات الرقمية سرعان ما تخطّت الشاشات لتتجسّد في مظاهرات ميدانية في كبرى المدن المغربية مثل طنجة، الرباط والدار البيضاء، حيث رفع الشباب شعارات تطالب بإصلاح شامل لقطاعي الصحة والتعليم، مكافحة الفساد، وضمان العدالة الاجتماعية.
جذور الحراك
في أوت الماضي، شهد المغرب خطأ طبيا هزّ الرأي العام، إثر وفاة ثمانية نساء حوامل بعد عمليات ولادة قيصرية في مستشفى الحسن الثاني بمدينة أغادير. أثارت الواقعة موجة غضب واستياء شعبية، ووُضع ملف تردّي الخدمات الصحية في البلاد على الواجهة، خاصة في ما يتعلق برعاية الأمهات والحوامل.
سرعان ما تحولت القضية إلى محور أساسي للنقاش على المنصات الرقمية وفي الشارع، حيث استهجن المتظاهرون·ـات المفارقة بين تعثر المنظومة الصحية والاستثمارات الضخمة التي ترصدها الحكومة المغربية استعدادًا لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 التي تستضيفها المغرب مع إسبانيا والبرتغال.
“التيرانات بأحسن تصميم، ولا صحة لا تعليم".. "التيران ها هو، والسبيطار فينا هو؟”..
– شعارات رُفعت في معظم التحرّكات
رد السلطات : مواجهات متوترة وحملة إيقافات
رصدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إيقاف أكثر من 70 شخصًا خلال احتجاجات دعت إليها مجموعة "جيل زاد 212" في العاصمة الرباط، فيما تدخلت قوات الأمن لتفريق سلسلة من المظاهرات في طنجة ومكناس والدار البيضاء.
أكد مشاركون·ات أن الإيقافات طالت شبابًا رغم سلمية التحركات، مع التأكيد أن الحركة الناشئة ترفض العنف وتسعى إلى خلق فضاء للنقاش العمومي حول قضايا جوهرية مثل التعليم، الصحة ومحاربة الفساد.
"المظاهرة سلمية، علاش باغي تجري عليّا؟"
– شعار انتشر على منصات التواصل